أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حاتم بن رجيبة - علي بن أبي طالب، قديس أم مهووس سلطة؟؟















المزيد.....

علي بن أبي طالب، قديس أم مهووس سلطة؟؟


حاتم بن رجيبة

الحوار المتمدن-العدد: 7058 - 2021 / 10 / 26 - 17:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد نشأنا وترعرعنا على الإعتقاد بقداسة علي بن أبي طالب إمام الشيعة والخليفة الرابع، الإعتقاد بمهاراته الحربية الخارقة للعادة ، بعصمته عن الخطأ وكماله مثل النبي محمد وخاصة كونه مظلوما وضحية غدر الآخرين و خيانتهم: عائشة و القراء و معاوية و أشراف الكوفة و العراق . في عهده نشبت الفتنة الكبرى التي كانت حادثة مفصلية في التاريخ الإسلامي اللتي انتهت بموت علي وانتصار معاوية بن سفيان. انتهت الخلافة ،،الديمقراطية،، لتترسخ الملكية الوراثية، انتهت الحوكمة الرشيدة ليحل التعسف والظلم والجبروت.

ما يسطع في شخصية علي هو جنونه المحموم على السلطة. فرغم صغر سنه وقت موت الرسول و وجود عمالقة من صحابة محمد اللذين ضحوا بأنفسهم وأموالهم وذويهم من أجل الدين الجديد أمثال أبي بكر وعمر وعثمان والزبير وغيرهم فإنه لم يتورع ولم يستح و طالب بخلافة محمد صاحب الدعوة مباشرة بعد موته ولولا مباغتته باختيار أبي بكر لما كان منشغلا بتأبين محمد لكان صراعا محموما وعنيفا بينه وبين بقية الصحابة على السلطة ولكانت الفتنة والإنقسام مباشرة بعد موت محمد. لقد تشبث بوعد أطلقه محمد بأن يكون خليفته ولولا صرامة عمر وبقية الصحابة لاستحال الحكم وراثيا في أهل محمد من الوهلة الأولى.

قبل علي بأبي بكر على مضض وبقي يتربص. قبل مرغوما رغما عن أنفه وإرادته ورغبته.

حسب رأيي هذه الرغبة الملحة في خلافة محمد مباشرة رغم اعتراض المنطق والعقل لذلك: حداثة سنه، وجود قامات قيادية شامخة تفوقه كفاءة وأحقية لقدمهم في النظال والجهاد، وتلك الثقة الهائلة في النفس حتى وإن كان محمد هو من بث الأمل في نفسه بإعلانه أحقيته في الخلافة، تقدم دليلا على شخصية علي: الغرور والطموح الكبير، الهوس بالسلطة وإرادة القيادة كلف ذلك ما كلف . فهو إنسان متسلط ، يريد قيادة الآخرين بطبعه وسليقته ويكافح بكل قواه من أجل ذلك. هو ليس بخادم القوم، بالمتواضع و الذي يضحي من أجل المجموعة بل بالمتعطش للسلطةو باللاهث خلفها يطاردها دون هوادة ، بالماكر والصبور والمثابر من أجل تحقيق حلمه وهدفه في أن يصبح الرجل الأول والزعيم الأعلى.

قمة الدهاء والمهادنة والتربص وحتى النذالة والخسة تجلت بوضوح وبشكل سافر وفاضح في حادثة قتل الخليفة عثمان بن عفان. فالقراء كانوا مرابطين زمنا بالمدينة، لم يهاجموا غرة وبشكل خاطف ويقتلوا الخليفة بل رابطوا وحاصروا منزل عثمان زمنا طويلا وتناقشوا معه وكانت جريمة بطيئة على مرأى ومسمع من علي بن أبي طالب و من سكان المدينة كلهم. كان له الوقت الكافي كشخصية سياسية مرموقة للذود عن الخليفة خاصة عندما أقر هذا الأخير بأخطائه وذنبه من محسوبية ومحاباة وظلم. لم يتدخل حتى للتهدئة، بل كان كالحيوان المفترس، كالنسر الغادر يحلق حول الفريسة بكل هدوء، يختفي ويحبس أنفاسه وينتظر بكل دهاء وصبر وعند ورود الفرصة السانحة ينقض على الفريسة: كرسي الخلافة= السلطة والجاه والقيادة. هو لم يثر في عهد أبي بكر أو عمر أو عثمان لأن فرصه في الفوز كانت منعدمة. فهو سياسي ذكي وحاذق. ترك القراء الخوارج يجهضون على غريمه ويفتحون أمامه الطريق نحو العرش، حلمه الأبدي وهدفه الأكبر.

علي بن أبي طالب بعيد كل البعد عن القداسة و عن الصورة النمطية التي ورثناها كونه ضحية لغدر وخيانة الآخرين، هو أيضا خان عثمان وتركه فريسة للقراء ينكلون به أبشع تنكيل أمام أنفه و على بعد خطوات من داره.

أما بعد اعتلاء الحكم فإن علي الذكي والداهية اقترف خطأ ثانيا قاتلا، الخطأ الأول هم إحجامه عن نجدة عثمان، أما الخطأ الثاني فهو تسرعه وعدم انتظار التئام مجلس الشورى الذي يضم الأشراف والأعيان ليعينوه رسميا خليفة للمسلمين، أعماه زهوه عن بروتوكول محوري، هذا الخطأ وظفه معاوية المهووس الآخر بالسلطة أحسن توظيف للطعن في شرعية تعيين علي.

لكن عكس هذا الوجه القاتم لشخصية علي فقد برز مدة حكمه وخلال أكبر محنة عرفها الإسلام في طور نشأته: الفتنة الكبرى كسياسي فذ و استراتيجي رائع وقائد يتقد ذكاء وفطنة وبراغماتية وليونة وحلم.

لقد وظف علي في محنة الفتنة الكبرى كل قدراته ومواهبه أحسن توظيف ، فعل أحسن وأكمل ما يمكن فعله . فالخسارة لم تكن بسببه بل كانت لعوامل خارجة عن سيطرته . العامل الأكبر كان فقدان الخليفة لجنود تحت تصرفه، فالجيوش لم تكن قارة بل تجمع من القبائل قبل الشروع في الحروب.

حقيقة مدهشة هي قدرة علي على مواكبة التغيرات ومجابهة العقبات : يواجه عائشة بعد نقاشات وجدال مضني لحقن الدماء ولم يلجأ إلى العنف و مجابهتها في موقعة الجمل إلا مكرها، لكن حينما يضطر لخوض الحرب فإنه يقودها ببسالة وبكفاءة عالية. قضى على عائشة وقضى على الخوارج المتشددين وكاد يقضي على معاوية لو كان له جيشا قارا ومركزيا . لكنه كان رهينة لعرب العراق من أشراف وعشائر ، هم من يتكرمون عليه بالجنود والسلاح، فكان شبه أعزل بينما كان خصمه معاوية قائد جيش قوي ومعزز ودائم التأهب. علي الخليفة الأعزل يحارب على ثلاث محاور: معاوية والخوارج وعائشة ولكن لا ينهزم البتة، ينتصر مرتين وتتوقف معركة صفين ضد معاوية حتى لا يبيد العرب بعضهم بعضا وتنتهي الخلافة تماما.

حقيقة سياسي عظيم وقائد محنك واستراتيجي فذ يمكن أن يكون قدوة لكل سياسي يحارب ضد جهات عدة مثله مثل السياسي بسمارك الألماني الذي كان يحارب الإمبراطورية الروسية والنمساوية والبولونيين والنرويج و فرنسا وانتصر عليهم كلهم. كان علي يمزج بكفاءة باهرة مثل بسمارك التفاوض والسياسة مع الحرب والعنف. لم تكن الحرب غايته بل كانت آخر وسيلة لحل صراع ، كانت آخر حل . كان مرنا يتنازل دون أن يبالغ في المرونة فيكون ساذجا غرا. كان يفعل كل ما يمكن فعله قصد تجنب الحروب والتقاتل بين فصائل الأمة الواحدة. كل ذلك قيم نبيلة وخصال حميدة.

هذا هو علي بن طالب : إنسان بعيوبه وخصاله: داهية ومتعطش للسلطة والقيادة مستعد للسير فوق الجثث من أجلها وبعيد كل البعد عن القداسة والعصمة لكنه أيضا سياسي واستراتيجي فذ يحارب أعداء كثر وينتصر في الغالب رغم شح الموارد وانعدامها أحيانا. صبور ومثابر ويستميت ليجنب أمته التقاتل فيما بينها. بارع كمحارب وكقائد حربي وكسياسي يجيد التفاوض والسجال.



#حاتم_بن_رجيبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دروس من الفتنة الكبرى ونهاية الحوكمة الرشيدة
- لماذا كل هذا الخوف من طالبان؟؟؟
- الإقتصاد الريعي
- ماذا يريد قيس سعيد؟؟
- ماذا تريد قطر ؟؟؟ok
- عشر سنوات من حكم التنين الإخواني
- تونس: كابوس انزاح!!
- الإستعمار العربي البشع لشمال إفريقيا
- ،،الطاعون،، لألبار كامي أو الحرب ضد الموت
- رواية ،،الموت السعيد،، لألبار كامي تحليل
- كيف نصنع مجتمعا ثريا؟
- سبل التوزيع العادل للثروة
- مدن الملح ،،بادية الظلمات،، لعبد الرحمان منيف أو تأسيس الممل ...
- رواية شرق المتوسط لعبد الرحمان منيف أو أي نوع من الكفاح نحتا ...
- مدن الملح ،، الأخدود،، تحليل
- ،أولاد حارتنا،، أو،، الله مات،، لنجيب محفوظ
- مدن الملح ،،التيه،، لعبد الرحمن منيف : تحليل
- العالم الإسلامي ما بعد الخلافة
- الأحزاب التونسية الفاشلة
- في ذكرى المحرقة !


المزيد.....




- بايدن يعترف باستخدام كلمة -خاطئة- بشأن ترامب
- الصين تستضيف اجتماعا للفصائل الفلسطينية
- برلماني روسي: موسكو لن تشارك في أي قمة سلام بشروط أوكرانيا أ ...
- نيجيريا والإمارات تتفقان على استئناف الرحلات الجوية وإصدار ا ...
- أوربان يدعو رئيس المجلس الأوروبي إلى استئناف العلاقات مع روس ...
- بايدن ينتقد مرشح ترامب لمنصب نائب الرئيس ويتهمه بالتملق للأث ...
- السلطات الأمريكية ستجري تحقيقا في تعامل الأجهزة الأمنية مع م ...
- عدد المصابين بفيروس حمى النيل في إسرائيل يحطم رقم قياسيا مسج ...
- دونيتسك: أكثر من 189 ألف قذيفة أطلقتها قوات كييف منذ فبراير ...
- أوربان: في حال فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية سيعمل فورا كوس ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حاتم بن رجيبة - علي بن أبي طالب، قديس أم مهووس سلطة؟؟