أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الكريم يوسف - محكومون بالأمل















المزيد.....

محكومون بالأمل


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 7039 - 2021 / 10 / 6 - 10:51
المحور: الادب والفن
    


محكومون بالألم


هل جربت يوما أن تعيش بلا أمل ؟
هل خطر ببالك أن تعيش يوما بلا طموح أو رؤية أو رسالة؟
هل جربت يوما طعم المرارة واليأس ؟
هل خطر ببالك يوما في لحظة يأس أن تطفئ النجوم حزنا على حبيب؟

ربما كان الرحيل الأول لأبينا أدم وأمنا حواء واصطدامهما بصخور هذه الأرض هو أول ألم يعانيه الزوج المقهور ثم يأتي شظف العيش و قسوة الحياة ومرارة الأيام ليكمل حكاية الأمل والألم التي يعيشها الإنسان منذ الخروج الأول في سفر الحياة الأبدية وتجرع لحظات التعب وطعم العلقم وألم الجراح . ثم تبدو الحياة وكأنها رحلة العبث تنبع من عدم لتنتهي إلى عدم ويظن المرء في هذه الرحلة أنه وحيد .
يخطر ببالك أن الحياة رحلة ألم لا ينتهي أو أن القدر لا يريد لها أن تنتهي . وتنسى أن أجمل لحظات العمر هي التي رافقها ألم وأنك لا يمكن أن تزيل الألم من حياة الناس إلا بعد أن تمر برحلة تتألم فيها كثيرا ثم تتعافى وتشفى من رحلة الشقاء الأبدية .
وحده الأمل ... والألم هو من يعيننا ويساعدننا في التغلب على الشقاء . وحده الأمل ...والألم من ساعد المجنون في حبه لليلى . وحده الأمل ...والألم من ساعد الأنبياء على السير قدما في رسالاتهم .وحده الأمل ...والألم من ساعد المكتشفين والمخترعين والمستكشفين للتغلب على الصعاب ومغالبة الضنى والعذاب والشقاء والتجارب والاحتمالات .
يحكى أنه في الأساطير الإغريقية حكاية بندورا التي تعيش مع زوجها في جنان الأرض بلا همّ ولا خوف . وفي يوم من الأيام أراد زيوس أن ينتقم منها فبعث إليها بصندوق من الخشب المطعم الثمين واشترط عليها ألا تفتحه إلا بإذنه .
وحيث أن الإنسان عدو ما يجهل بدأت بندورا رحلة التساؤل عما يحتويه الصندوق وصعب عليها أن تصبر قليلا . حاولت أن تفتحه أكثر من مرة لكنها لم تستطع وزاد فضولها أنها سمعت من داخله أنين أصوات غريبة . وفي لحظة من لحظات الفضول الجارف ألقت الصندوق على الأرض فانكسر وانطلقت في أجواء الغرفة خفافيش مجنونة هوت على بندورا وأوسعتها عضا بمخالبها الحادة . يعضها الأول صائحا " أنا المرض " ويعضها الثاني مناديا " أنا الفقر " ويهاجمها الثالث باعقا " وأنا الجوع " والرابع قائلا " وأنا النفاق " والخامس مناديا " وأنا القحط" والسادس هازجا " وأنا الذل " وكأنها في حفلة هرج ومرج . حاولت بندورا أن تغلق الصندوق لكنها لم تستطع وفي النهاية أغلقته فقط على الروح الطيبة الوحيدة المسكينة الساكنة بهدوء داخله " الأمل " . ثم سكنت بندورا طريحة الفراش على السرير تتألم وتلملم جراحها الكثيرة في حين انطلقت الخفافيش في الفضاء الواسع توزع البغضاء والنميمة والحقد والنفاق والقحط والجوع والمرض والفقر على الناس . وحين عاد الزوج مساء إلى المنزل فتح الصندوق مرة ثانية ليعلم ما حدث لزوجته الحزينة فانطلقت منه الفراشة المسكينة ترفرف فوق بندورا تلثم جراحها وتداويها وكانت " فراشة الأمل " .
ومنذ ذلك اليوم ترفرف فراشة الأمل فوقنا ، ترافقنا في حياتنا وتأسو الجراح .
ويحكي أن فتاة مريضة ﺳﺄﻟﺖ ﺃﺧﺘﻬﺎ : ﻛﻢ ﻭﺭﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ؟ ﻓﺄﺟﺎﺑﺖ ﺍﻷﺧﺖ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﺑﻌﻴﻦ ﻣﻠﺆﻫﺎ ﺍﻟﺪﻣﻊ :ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﺴﺄﻟﻴﻦ ﻳﺎ ﻋﺰﻳﺰﺗﻲ ؟ ﺃﺟﺎﺑﺖ ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ ﺍﻟﻤﺮﻳﻀﺔ : ﻷﻧﻲ ﺃﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺃﻳﺎﻣﻲ ﺳﺘﻨﺘﻬﻲ ﻣﻊ سقوط ﺃﺧﺮ ﻭﺭﻗﺔ . ﺭﺩﺕ ﺍﻷﺧﺖ ﻭﻫﻲ ﺗﺒﺘﺴﻢ : ﺇﺫﻥ ﺳﻨﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﺤﻴﺎﺗﻨﺎ ﻭﻧﻔﻌﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﺮﻳﺪ .
ﻣﺮﺕ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﺍﻟﻄﻔﻠﺔ ﺍﻟﻤﺮﻳﻀﺔ ﺗﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﺤﻴﺎﺗﻬﺎ ﻣﻊ ﺃﺧﺘﻬﺎ ، ﺗﻠﻬﻮ ﻭﺗﻠﻌﺐ
ﻭﺗﻌﻴﺶ ﺃﺟﻤﻞ ﻃﻔﻮﻟﺔ ... ﺗﺴﺎﻗﻄﺖ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﺗﺒﺎﻋﺎً ﻭﺑﻘﻴﺖ ﻭﺭﻗﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺮﻳﻀﺔ ﺗﺮﺍﻗﺐ ﻣﻦ ﻧﺎﻓﺬﺗﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺭﻗﺔ ﻇﻨﺎً ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺘﺴﻘﻂ
ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻮﺭﻗﺔ ﺳﺘﻨﺘﻬﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺮﺿﻬﺎ .
مر ﺍﻟﺨﺮﻳﻒ ﻭﺑﻌﺪﻩ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﻭﻣﺮﺕ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﻟﻢ ﺗﺴﻘﻂ ﺍﻟﻮﺭﻗﺔ ﻭﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﺳﻌﻴﺪﺓ ﻣﻊ ﺃﺧﺘﻬﺎ
ﻭﻗﺪ ﺑﺪﺃﺕ ﺗﺴﺘﻌﻴﺪ ﻋﺎﻓﻴﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺣﺘﻰ ﺷﻔﻴﺖ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻣﻦ ﻣﺮﺿﻬﺎ .
ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺃﺧﻴﺮﺍً ﺃﻥ ﺗﻤﺸﻲ مشية طبيعية ، ﻓﻜﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ ﺃﻧﻬﺎ ﺫﻫﺒﺖ ﻟﺘﺮﻯ ﻣﻌﺠﺰﺓ ﺍﻟﻮﺭﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺴﻘﻂ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ، ﻓﻮﺟﺪﺗﻬﺎ ﻭﺭﻗﺔ ﺷﺠﻴﺮﺓ ﺑﻼﺳﺘﻴﻜﻴﺔ ﻣﺜﺒﺘﺔ ﺟﻴﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ، ﻓﻌﺎﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﺧﺘﻬﺎ ﻣﺒﺘﺴﻤﺔ ﺑﻌﺪﻣﺎ أدركت ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ أختها ﻷﺟﻠﻬﺎ ..
والكتب والقصص التاريخية حافلة بالقصص عن الأمل وأهميته في حياتنا رغم أنه دائما مجبول بالألم . هناك جمل تستوقفنا دائما في الروايات والقصص لأنها تختصر الحزن الإنساني بكلمات صغيرة وهنا سأورد بعضا منها :
" هنا يكمن سري. إنه بسيط جدا. إنه هذا القلب الصغير الذي يستطيع أن يرى أشياء لا تراها العين ." ( قصة الأمير الصغير ).
" يمكن أن نجد السعادة والأمل في الأوقات المدلهمة إذا تذكرنا أن نشعل النور ." ( قصة هاري بوتر وحجر الفيلسوف) .
" عدني أن تتذكر دائما: أنك أكثر شجاعة مما تعتقد ، وأنك أقوى مما تبدو عليه ، وأنك أذكى مما تظن نفسك ." من حوار كريستوفر روبن مع بو . فيجيبه (بو) قائلا: " لا أشعر أنني أشبه بو اليوم." فيعلق بيغلت ( الخنزير الصغير ) قائلا : " هناك هناك...وأنا لن أحضر لك الشاي والعسل حتى تصبح قويا ." (قصة ويني الدبدوب)
" داخلنا يوجد الأمل . داخلنا يعيش الخوف . داخلنا تسكن المغامرة . هناك في داخلنا شيء متوحش ." ( قصة أين تسكن الأشياء البرية )
" لا تفعل أنصاف الأشياء. افعل الأشياء كاملة إذا كنت تريد أن تنجح . كن شجاعا مسكونا بالأمل . وتأكد بأن كل ما تفعله كامل وخارق للمألوف." ( قصة ماتيلدا)
" شاركت سمكة قوس قزح الماء حراشفها اليمينية واليسارية . وكلما أعطت أكثر شعرت بالسعادة الغامرة أكثر . وعندما امتلأ الماء الذي يغمرها بالحراشف اللامعة، شعرت سمكة قوس قزح وكأنها في بيتها وبين أهلها ." ( قصة سمكة قوس قزح)
" لا يمكن أن يبدو صاحب الأفكار الطيبة قبيحا . قد تمتلك أنفا كبيرا وفما مجعدا وذقنا طويلة وأسنان متلاصقة نافرة ومقززة إلا أن الأفكار الطيبة تخفي كل العيوب وتشع من الوجه مثل نور الشمس بحيث يبدو صاحبها جميلا ." (قصة التغريدات)
" في اللحظة التي تشك فيها أنك غير قادر على الطيران ستتوقف عن القدرة على الطيران ." (قصة بيتر بان)

والآمال تختلف طولا وعرضا من شخص لآخر وتختلف ألوانها وزخارفها . هناك من يتعلق بالنجوم وهناك من يمخر عباب المحيط وهناك من يؤسس لفكر يتبعه مئات الملايين وهناك من يحرق السفن خلفه وهناك من يحارب قوى الإرهاب حتى لو اجتمعت عليه مئة وأربعون دولة مثل بلدي الحبيب سورية والآمال ألوان قد تكون كاسحة وقد تكون كسيحة وقد تكون وقحة وقد تكون كلها تحدٍ .
والأمل يمنحنا القوة لنستمر رغم امتزاجه بالألم في كثير من الأحيان . الأمل الايجابي الخصب الخصيب هو ما يستحق أن نذبح له قلوبنا ....قلبي وقلبك...لأننا محكومون بالأمل والألم ....
ألستم معي في ذلك ؟



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ينجو الادب من السياسة؟
- المرأة المتواضعة
- المرأة الفاضلة
- إذا كان هذا كل شيء
- ذاكرة
- الآخرة
- التائب
- صلاة الملحد
- المرأة الواثقة من نفسها
- كيف نوقف التغير المناخي
- الأزمة السورية في الاعلام المعاصر
- عباقرة من الشرق والغرب
- الماضي الذي أمامنا
- دمشق عام 1070م
- المجد الحقيقي مثل الحب الحقيقي يرضى بالقليل
- الديمقراطية: تعني موتنا
- أخر لماذا
- الأمن الاقتصادي أثناء الحروب
- أليست سفرة الألف ميل تبدأ بخطوة ؟
- تدمر - النسخة الثانية، توماس لوف بياكوك


المزيد.....




- المترجم سامر كروم: لماذا ينبض الأدب الروسي بحب العرب؟
- العمود الثامن: زعيم الثقافة
- التورنجي يتحدث عن تجربته الأدبية والحركة الأنصارية في جبال ك ...
- الكشف عن الإعلان الترويجي لفيلم -المشروع X-.. ما قصته؟
- فلة الجزائرية: تزوجت كويتيا ثريا أهداني طائرة خاصة ومهري لحن ...
- الكشف عن الإعلان الترويجي لفيلم -المشروع X-.. ما قصته؟
- مصر.. جدل بسبب اللغة الثانية وقرار وزير التعليم أمام القضاء ...
- -معرض الكتاب- في الرباط يتذكر -السي بن عيسى- رمزا ومثالا يحت ...
- إسرائيل زيف الرواية: الجيش يحقق مع نفسه
- بعد وفاة الراحل سليمان عيد .. فيلم فار ب 7 تراوح يتصدر أعلى ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الكريم يوسف - محكومون بالأمل