أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حنان بديع - بقلم قطة














المزيد.....

بقلم قطة


حنان بديع
كاتبة وشاعرة

(Hanan Badih)


الحوار المتمدن-العدد: 7034 - 2021 / 9 / 30 - 17:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من يشعر بقطة تقطع الشارع أو تمشي على رصيف أو تبحث في حاوية قمامة، اعتدنا نحن القطط على الشعور بأننا غير مرئيين حتى بتنا لا نتوقع الرحمة، هذه "الرحمة" يبدو أن مفهومها نسبي لدي البشر.


كان جسدي يرتجف وروحي تذوب تحت جلدي، كنت بحاجة للصراخ لكن صوت موائي لا يصل لأحد، افتقد أمي التي ذهبت لتبحث عن طعام ولم تعد، لم يبحث عنها أحد سواي، من يشعر بقطة تقطع الشارع أو تمشي على رصيف أو تبحث في حاوية قمامة، اعتدنا نحن القطط على الشعور بأننا غير مرئيين حتى بتنا لا نتوقع الرحمة، هذه "الرحمة" يبدو أن مفهومها نسبي لدي البشر، جلست وقت طويل تحت جذع الشجرة لا أعرف كم مر من الوقت، بدأ الجوع يقطع أحشائي وأدركت أن لا رضاعة بعد اليوم، لم يكن عمري يتجاوز الشهرين وكان صغر حجمي وسني يغري الأطفال بالإقتراب مني واللعب معي أو بي!
لاحقا اكتشفت أنه لا فرق، فقد التقطني طفلة كانت تلهو أمام باب المنزل المجاور للشجرة التي كنا نختبئ تحتها أنا وأمي وأخوتي الذين ماتوا واحدا تلو الآخر، في المرة الأخيرة التي شدتني فيها من ذيلي تألمت كثيرا وصرخت بشدة ودون أن أشعر حاولت أن أعض يدها لتتركني لكنها بكت وصرخت وذهبت تشكو لأمها، غضبت الأخيرة وطردتني، ذهبوا بي بعيدا في السيارة ، تركوني في منطقة لا أعلم ما هي، أناس غرباء، أطفال أشقياء، سيارات وأصوات، دخان وقمامة، ما هذا المكان الغريب؟
بدأ الجوع يعصرني فأنا لا أجيد البحث عن طعام فقد كانت صديقتي الصغيرة رغم شقاوتها وقسوتها تضع لي بعض الطعام، عدت أشعر بالخوف، الجوع والرعب، فقد أصبح المشي في الشارع أمام البشر مغامرة أخشاها، فإما يرميني الأطفال بالحجارة أو أن يضربني أحدهم بقدمه أو أن يرمي على جسدي السجائر ليرى إن كان يجيد الرماية وفي أحسن الأحوال يتجاهلون وجودي وموائي.
مرت أيام من عمري لا أدري عددها لكنها قليلة جداً بدت قاسية وطويلة، اعتدت فيها على الإختباء خلف أي شيء والمشي حين تخلو الشوارع منهم..
ثم لا أدري كيف حدث أن تجرأت على قطع الطريق، كنت آمل أن أجد مكانا آخر تكثر فيه القمامة لعلني أجد شيئا ما صالحا للأكل،، أو غير صالح.
لكن سيارة مسرعة قذفتني إلى الجهة الأخرى من الشارع فوقعت على رصيف الإشارة الضوئية، كنت أنزف وحدي وأصرخ وأنازع ثم أحاول أن أرفع رأسي فلا أرى سوى عجلات السيارات وأضواء الإشارة الضوئية التي أذكر أنها كانت حمراء..
كان المطر يهطل بشدة، وكنت غارقة في بركة من ماء المطر الممزوج بدمي، انتبهت إلى أن الإشارة أصبحت خضراء، ضاع معها الأمل في أن يلاحظني أحد رغم أن مئات العيون كانت تنظر من نوافذ السيارات، بدأت أطرافي تبرد وشعرت بروحي تتلاشى، كل ما كنت أذكره هو صوت الرعد والمطر، وعبق القسوة، ورائحة باردة غريبة..
كان جسدي الصغير يموت، وموائي يضعف، ورعبي يتحول إلى دموع..
و.. وبداوكأن المكان فارغاً ومزدحماً..وكأن لا أحد يراني على الإطلاق!



#حنان_بديع (هاشتاغ)       Hanan_Badih#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إليك أيها المتقاعد  
- حياة بلا شغف هي حياة بلا معنى
- الزواج ام العزوبية؟ 
- كن مستعداً لدفع الثمن
- كن مستعدا لدفع الثمن
- هل يجب أن نستيقظ من سباتنا الرقمي ؟؟
- بعض الكسل مطلوب
- مجاملة فن أم نفاق
- فيك انطوى العالم الأكبر؟
- هل نحن أشرارا أم خيرين بالفطرة؟
- لماذا نختلف ونتفرد؟
- حملة (القالوفة) الوحشية هل من يثور لأجل الأرواح المعذبة؟
- الوعي البيئي رفاهية أم ضرورة؟
- حرب الهاشتاغات في العالم الإفتراضي
- هل جعلتنا التكنولوجيا أكثر سعادة؟
- الإنجازات الطبية بين العلم والأخلاق
- هل مهمة إنقاذ الصحافة المطبوعة ممكنة أم مستحيلة؟
- الفائدة التطورية للنوم
- الصيام طقس ديني متأصل منذ آلاف السنين
- دلالة الكعب العالي


المزيد.....




- -أسر غواصة تجسس أمريكية في كمين إيراني-.. هذه حقيقة الفيديو ...
- -سرايا القدس- تقصف مستوطنات في غلاف غزة
- إسرائيل تقوم بـ-تجزئة- غزة.. ومظاهرة جديدة ضد حماس في القطاع ...
- ترامب يلقي -القنبلة-.. رسوم جمركية على دول في مختلف القارات ...
- -أسوشيتد برس-: الولايات المتحدة تنشر المزيد من قاذفات -بي 2- ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي من موقع في جنوب لبنان: -حزب الله- لم ...
- الأوقاف المصرية والأزهر يحذران من اقتحام بن غفير للأقصى: است ...
- محللون: نتنياهو يضع المنطقة على الحافة وترامب يساعده على ذلك ...
- غزة في لحظة فارقة.. هل تتحرك روسيا والصين؟
- تامر المسحال يكشف آخر تفاصيل مفاوضات الهدنة بغزة


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حنان بديع - بقلم قطة