أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسماعيل موسى حميدي - المنهج الخفي وخطر التسلل الى النفس














المزيد.....

المنهج الخفي وخطر التسلل الى النفس


اسماعيل موسى حميدي

الحوار المتمدن-العدد: 7033 - 2021 / 9 / 29 - 01:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المنهج الخفي والتسلل الى النفس
المنهج الخفي او الصامت او المستتر ،هكذا يسمونه أهل التربية ، وهو مصطلح يطلق على عملية تعلم الفرد واكتسابه لقيم وسلوكيات من طريق التشرب بدون قصد او شعور بما يتعلم،إنما تتسرب له الثقافات بخفاء وتستتر في نفسه ثم تبان على سلوكه النمطي فيما بعد.
ويأتي هذا النوع من التعلم نتيجة المخالطة داخل اطار المجموعة التي ينتمي اليها الفرد، وهذه المجموعة قابلة للتوسع والانكماش ،فربما تقتصر على مستوى الاسرة او مجموعة اصدقاء، او تتسع لتكون العالم بأسره.
على سبيل المثال ينشأ الجيل في المدارس بطريقة لم يخطط لها الاباء ويكتسب الطلبة صفات غير صفاتهم من خلال ما يزج لهم بالخفاء يستميل نفوسم ويستقر بداخلها وبصورة مخالفة لأهداف المنهج الرسمي الذي تلقوه داخل المؤسسة التربوية، وثبتت الدراسات ان الطلبة يكتسبون من المنهج الخفي ما مقداره 70%،من العادات والقيم والثقافات الغير مخطط لها.
مثلا، يتلقى احد الطلبة ضمن المنهج الرسمي ان التدخين مضر بالصحة ولكن هذا الطالب يرى معلما في المدرسة يعده إنموذجا وهو يجاهر بالتدخين، فيتسرب الى ذاته سلوك التدخين من طريق الاعجاب بهذا المعلم رغم مخالفته القيمية
وعلية لابد من الوقوف عند حيثيات هكذا نوع من المناهج ،ليس ضمن اطار التربية فحسب انما تناوله من منظور اجتماعي وسياق حياتي ، لان علماء النفس يتفقون على ان المنهج الخفي هو اخطر انواع المناهج لانه الاكثر رسوخا في النفس ويتوغل بداخلها من طريق المرونة والقناعات الطوعية للفرد بالاشياء التي تتلقفه دون شعور، ولذا يصنف بانه الاخطر على الانسان من حيث تغيير مسار السلوك والقناعات بالاشياء والايمان بالقيم ،وبالنهاية الفكر الذي يترسخ في النفس بهذه الصورة لايمكن زواله او تغييره الا بمنهج خفي آخر مضاد له .
ولو راجعنا سلوكياتنا لوجدنا اننا جميعا قد تملكنا هذا النوع من المنهج دون شعور في مفاصل كثيرة من حياتنا ،تمخض عن نظرتنا للحياة بعين قيمنا الاجتماعية او الدينية اوالعشائرية والتأثر بالمواقف التي نالت الاستحسان في الذات،وبات الفرد منا يؤمن ايمانا مطلقا بقيمه تلك وان كانت قيما مغلوطة او منحرفة عن المسار الانساني الصحيح ،ومن هنا ولد الفكر المتعصب والمنحرف او حتى الشاذ.وهكذا تولدت ثقافات الشعوب وتشعبت مسالكها القيمية .
وعليه يزداد القلق في المجتمعات المحافظة من هذا الطارئ الغير محسوس الذي يتجسد فكر النشء ويتملكهم ولا تظهر آثاره الا بعد سنوات على شكل مظاهر قيمية ربما تتمثل بفكر منحرف لايمكن معالجته. وهنا يدخل المنهج الخفي بنوعية التربوي والاسري في صراع مرير مع المنهج الرسمي "المقصود" والبقاء للاقوى.
المنهج الخفي منهج طويل الامد، ولذا بات جزءا حيويا من سياسات كثير من الدول(وهنا هو الاخطر) من حيث المعالجات الثقافية التي تضعها للشعوب المتضادة مع سياساتها بدراسة تلك الشعوب ومحاولة التأثير في أفكارها وتغيير ثقافاتها.
فلربما تكون طريقة المنهج الخفي باعلان تلفزيوني او بعلامة توضع في بنطال ،اوفلم كارتون ،او فكرة داخل رواية ،او تسريحة شعر لنجم ،او مقطع مؤثر في مسلسل لنجم هولييودي،وهكذا..
واخطر سبل المناهج الخفية هي تلك التي تقف وراءها ايد خفية كالماسونية او الحركات السرية والمنظمات العالمية، فتلجأ الى الاسلوب العلمي في ترويج منهجها ،مثال على ذلك ترويج لتسريحة شعر للشباب عن طريق نجم لكرة القدم لتصبح صفة عالمية وهنا عمل المنهج الخفي عن طريق النمذجة وهو اسلوب تعليمي شائع في علم النفس وبالنتيجة فان التقليد لايقتصر على تسريحة هذا الرمز فقط انما يتعدى ذلك تقليد سلوكياته الاخرى.
او تمرير ثقافة معينة وتجسيدها عن طريق افلام كارتون تعرض للصغار ،وهنا استخدم اسلوب الحاجة الى التعلم .
او التسلية بلعبة تتطلب كثيرا من الاشخاص مثل البوبجي،وهنا استخدم اسلوب التعلم التعاوني.
او متابعة مسلسل بحلقات متباعدة فيها احداث تعمل على المحفزات عن المشاهد وترتبط باستجابة سريعة للمتلقي وهنا استعمل اسلوب التعلم بالاقتران.
وهكذا تولد المجتمعات وتولد معها ثقافات معقدة تحركها ايدي خفية بايدلوجيات بعيدة المدى.والشعوب الذكية هي التي تسخّر هكذا نوع من المناهج ضمن نطاقها القيمي داخل ساحتها الاجتماعية وهذا يتطلب ذكاء مؤسسي تقوده اجندات متماسكة بقوة بعيدة المدى.



#اسماعيل_موسى_حميدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوريات الاسلام السياسي
- دكاكين الدراسات العليا
- رسالة الى الخليج
- الجندي الذي قاد انقلابا ضد البعثيين
- الصندوق الابيض
- العالم في محجر
- حاشية الظل
- إقالة الطرف الثالث
- الكتلة الاكبر
- ملا عليوي
- هذه ليلتي
- تموز الأكثر إحباطا في ساحة التحرير
- كربلاء ...ورقصة السامبا
- زمالات تالفة
- ياخسارة ..كلهم رحلوا
- اليوم الثالث
- الموظف الغثيث
- الحشد الشعبي ..وفائزة احمد ..ووجع المستنصرية
- السؤال الثاني
- صدى المعاني


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسماعيل موسى حميدي - المنهج الخفي وخطر التسلل الى النفس