أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - العودة إلى بابل














المزيد.....


العودة إلى بابل


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7032 - 2021 / 9 / 28 - 11:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
٩١ - عودة إلى بابل

الصوفية اليهودية
( ان بابل كأس ذهب بيد الرب تسكر كل الارض . من خمرها شربت الامم)
(التوراة ـ أيرميا 51 : 7)

القلق كحالة نفسية وإجتماعية، تتعلق بالفرد أو بمجموعة من الأفراد، هو ظاهرة عامة يمكن تتبع آثارها في جميع الثقافات القديمة والحديثة. ولقد قادنا البحث عن جذور العدم للإهتمام بهذه الظاهرة، والتي يمكن إعتبارها في العصر الحديث ظاهرة تتعلق بالثقافة الغربية والإنسان الغربي عموما، ويمكن ملاحظتها ودراستها من خلال الفلسفة الغربية والإنتاج الفني والأدبي منذ بداية القرن العشرين. ومنذ البداية ظهر إسم كييركجارد والتيار الوجودي عموما كممثل ومنظر لفكرة القلق. ثم أكتشفنا أن أول من أهتم بهذه الظاهرة ليس كييركجارد وإنما الفيلسوف الألماني شيلينج. وأثناء التدقيق في أعمال شيلينج، نكتشف أن نظريته في الخلق قد تأثرت بطريقة مباشرة بالتيار الصوفي اليهودي الكبالي وبالذات بفكرة التسيمتسوم المتعلقة بالتقلص أو إنكماش النور الإلهي ليترك الفراغ الكافي لخلق العالم. وعند دراسة كتاب التوراة والذي هو أساس الديانة والثقافة اليهودية الأول، نكتشف أن هذا الكتاب قد كتب في بلاد النهرين وفي بيئة بابلية وباللغة المستعملة والسائدة في بابل في ذلك الوقت. وهكذا نعود مرة أخرى من حيث بدأنا، نعود إلى أوروك وقلق جلجامش وبحثه المستحيل عن نبتة الخلود.
إن المتمعن في تاريخ الشعب اليهودي يكتشف أن ظاهرة القلق تكاد تكون جزءا من هويته وسمة بارزة في شخصيته على مدى العصور والأزمان. ذلك إن العلاقة بين الله والإنسان في الثقافة اليهودية ليست جامدة، بل تتطور دائما وتنمو، فهي في الوقت نفسه رسمية ورهيبة كالعلاقة بين السيد وعبده، وحميمة في الوقت نفسه كالعلاقة بين محبين متآلفين، وحسب معتقداتهم فقد أختار الله هذا الشعب من بين شعوب الأرض قاطبة، وهذا الإختيار سبب قلق ميتافيزيقي لا يحتمل، نظرا لثقل المسؤولية وصعوبة أن يكون الإنسان جذير بهذا التفضيل وهذه الميزة لإلهية. إن الكلمتين التوراتيتين اللتين تعبران بشكل واضح عن تعقيد العلاقة بين المطلق والمتناهي هما الهوى أو الحب والتفضيل أو العشق في الصوفية الإسلامية، والرعب والخوف والذي يتحول مع الوقت إلى القلق. فالهوى يعني الألفة والمودة، بينما الرعب يعني الذعر الشديد الذي يشعر به الكائن الفاني في أثناء وقوفه أمام أكبر قوة في الوجود حسب إعتقاده. تطابق هاتان الكلمتان اللفظتين المذكورتين عند الحديث عن الرحمة والعدل - الدين - كصفة من صفات الله. وربما يمكن الرجوع إلى الأعمال الأدبية والفلسفية للمثقفين اليهود لمعرفة عمق هذا القلق المبهم الذي يعاني منه الإنسان اليهودي، والذي تمثله أعمال فرانز كافكا خير تمثيل، مثل القصر والمحاكمة والمسخ .. إلخ.
المتمعن في تاريخ الشعب اليهودي يكتشف ان العراق - بابل - كان الموطن الاول الذي تأسست فيه وتطورت الديانة اليهودية كعقيدة كتابية وكدين مكتمل بنصوصه وشرائعه وأنبياءه، ومن هذه البيئة الثرية بالأساطير والآلهة والأديان أخذت الجزء الاعظم من مصادرها الثقافية والدينية. وفي بابل أكتشف اليهود الكتابة التي تميز بها العراقيون طيلة تاريخهم، وفي بابل أيضا نشأ العدد الاكبر ممن يسمونهم أنبياء ومؤسسي العقيدة اليهودية. ‎وكما يقول المؤرخ الفرنسي جان بوتيرو Jean Bottéro : " منذ عام 1872 بعد أن تم التمكن من قراءة الكتابة المسمارية والكشف عن كنوز الكتابات العراقية القديمة، فقد "الكتاب المقدس" أهميته العظمى باعتباره أقدم كتاب عن تاريخ البشرية، وتحول الى كتاب أدبي ديني"، ذلك أن أغلب القصص والأساطير الدينية اليهودية، توجد مصادرها الأصلية مسجلة على الألواح الطينية في بلاد النهرين. وقد أخذ هذا التكوين لهذا الصرح الضخم عدة قرون، فاليهودية مثلها مثل بقية الاديان، لم تتكون بين يوم وليلة كعقيدة كاملة واضحة ومحددة، بل هي في تطور مستمر على مدى التاريخ.
فلقد تطورت الديانة وممارستها عبر آلاف السنين منذ كتابة التوراة في المرحلة البابلية ثم فترة تدمير الهياكل والعصور الوسطى إلى العصر الحديث. وقد كانت اليهودية تتأقلم دائما من أجل تلبية حاجات الشعب اليهودي الدينية والفكرية والثقافية ابتداء من تقديم القربان في الهيكل إلى الصلاة في المعبد، ومن القيادة والممارسة الكهنوتية إلى القيادة والممارسة الحاخامية - الربانية. فلهذا يرى الإصلاحيون أنه من الطبيعي أن تستمر الديانة اليهودية في التطورحسب حدود وشروط البيئة الخاصة التي تحيط بها. ومن هنا الخطأ الكبير الذي وقع فيه العديد من المؤرخين والباحثين ممن تعاملوا مع موضوع الديانة اليهودية، حيث خلطوا بين نوعين من الديانة اليهودية :
ـ اليهودية الاصلية، أي يهودية العهد القديم والتلمود، وهي اليهودية الرسمية التي نشأت في بابل وبقيت محصورة لحوالي ألف عام بين الجاليتين اليهوديتين في العراق وفلسطين، وهي يهودية بابلية دنيوية وغير توحيدية.
ـ اليهودية الحديثة، أي اليهودية الروحانية العرفانية التي نشأت خصوصاً في الاسكندرية وعالم البحر المتوسط. وتعود جذور هذا التحول الى فلسطين والعراق مع السيطرة اليونانية على المنطقة منذ القرن الرابع ق.م، وقد تعزز هذا التحول نحو الروحانيات والفلسفة في الاسكندرية التي تحولت الى مركز أساسي للنشاط الثقافي اليهودي. وقد بلغ هذا التطور الروحاني ـ الفلسفي ذروته في العصر الاسلامي في بغداد أولاً ثم في الاندلس مع مذهب الكبالا، وهو المذهب الروحاني التصوفي السماوي والتوحيدي المتأثر إلى حد ما بالتصوف الاسلامي.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تعذبوا القطط
- الموت ومعرفة الله عند الغزالي
- وغرق البحر في الرمال
- الموت عند الغزالي
- الموت في الفلسفة الإسلامية
- عودة إلى فكرة الموت
- دوستوييفسكي والعبث
- القطيعة بين الفن والفلسفة
- عن العبث والحرية
- العلاقة بين العبث واللامبالاة
- نسبية العبث النظري
- براءة القاتل
- محاكمة القاتل
- نفس المواطن السيء الحظ
- الجريمة والعبث
- رواية الغريب
- كامو الغريب المنتمي
- شكوى مواطن سيء الحظ
- سعادة سيزيف
- ألبير كامو


المزيد.....




- توقيع اتفاقية تعاون عسكري بين مصر والكويت
- مشاهد من تحرير الجيش الروسي نوفوفاسيليفكا في جمهورية دونيتسك ...
- حريق مفاجئ في مطار رفيق الحريري من دون تسجيل إصابات
- الشرع يناقش مع ولي العهد السعودي تعزيز العلاقات ومستقبل سوري ...
- بوندسليغا.. ليفركوزن يفوز بعشرة لاعبين ويواصل مطاردة بايرن ا ...
- روبوت سداسي الأرجل صيني يؤدي مهمات في القطب الجنوبي
- بوتين: نخب أوروبا ستخضع لأوامر ترمب
- إيران تزيح الستار عن صاروخ -اعتماد- الباليستي بمدى 1700 كيلو ...
- -تلفزيون سوريا-: ظهور شقيق للرئيس أحمد الشرع علنا في السعودي ...
- الرئيس البنمي يعلن إنهاء مشاركة بلاده في مبادرة الحزام والطر ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - العودة إلى بابل