|
السلطة و الطائفة التي تشكل الأكثرية
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 7031 - 2021 / 9 / 27 - 14:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
.
فيما يلي محاولة أولية لتلمس إجابات على المسألة الطائفة الدينية أو العرقية و سلطة الحكم . من البديهي أن البحث لا يتناول من الطائفة جميع المسجلين في القيد الطائفي إلا الذين يتبوأون منهم مراكز زعامة رئيسية أو ثانوية ، وراثية أو مكتسبة ، سياسية أو إرشادية .بكلام آخر لست هنا بصدد مقاربة تداخل الحكم و الدين فيما بينهما و تأثيرهما في كينونة الدولة و لكني في سياق إنشاء برهان على استحالة قيام دولة و طنية تحت سلطة طائفة تمتلك أغلبية عددية حيث تتعدد الطوائف، انطلاقا من النموذج اللبناني الذي كشفت التجارب الذاتية و الضغوط الخارجية ، هشاشة بنيته ، و محدودية ديمومته . فمن نافلة القول أن نظام الطائفة الواحدة هو نظام يجسد غلبة هذه الطائفة الأخيرة على الطوائف الآخرى ما يعني ضمنيا عداوة مضمرة لدى هذه الأخيرة ضد السلطة ، في حين أن النظام الطائفي هو نظام محاصصة بين الطوائف على اساس وزنها العددي و أحيانا على اساس ميزان القوى الذي يتأثر بعوامل خارجية . لا يمكن في الحاتين النظر إلى دولة الطائفة أو دولة الطوائف كدولة وطنية تمثل أمة واحدة ، و أنما إلى مشروع دولة مصطنعة أو موقته .
أنتقل بعد هذه التوطئة إلى النموذج اللبناني تحديد ا ، حيث نرى بوضوح المصير الكارثي الذي آلت أليه دولة الطوائف في مراحل تفككها النهائي و انعكاس ذلك على اللبنانيين جميعا نتيجة تخلي هذه الأخيرة عن كل وظائفها أو معظمها التي تبرر بحسب مفهوم الدولة ، علِّة وجودها والغاية منه .
لقد مرت الدولة في لبنان في ثلاث مراحل توالت على حكمها الطائفة الواحدة . أمسكت الطائفة المارونية ( القصد هنا زعامتها ) بزمام السلطة ، فكانت الطائفة المهيمنة ، إستنادا إلى أنها الطائفة الأكثر عددا مقارنة بالطوائف الأخرى و إلى دعم من دولة الانتداب التي اورثتها بشكل من الاشكال هده السلطة عندما اعلن عن استقلال البلاد . لا نجازف بالكلام أن الخلخلة أصابت قواعد دولة الطائفة الأكبر بعد حوالي عشر سنين تقريبا ثم تفاقمت الأمور تدريجيا طيلة عقدين من الزمن أشتعلت أثناءهما حرب دموية و مدمرة في داخل البلاد ، أعقبها كما هو معروف غزو اسرائيلي بغرض تنصيب سلطة موالية . و لكن هذا لم يتحقق فكان الغزو و القتل و تجميع الناس في المخيمات والتعذيب و الإذلال العنصري ، دون مردود .
لا شك في أنه نجم عن الحرب الأهلية و احتلال القوات الإسرائيلية لمناطق واسعة في جنوب البلاد ، متغيرات و متبدلات كثيرة ، على الصعيد السياسي وفي اساليب ووسائل عيش اللبنانيين ، و لكن هذا الأمر ليس في صلب الموضوع هنا .ما أود قوله هو أن ارتباك السلطة المارونية و ضعفها وفر الظروف الملائمة لولادة سلطة الطائفة السنية أنطلاقا من فرضية أن الأكثرية صارت أسلامية ( سنة و شيعة ) ترافق ذلك مع استجرار أموال هائلة من المملكة السعودية ، وزعت كما هو معروف بسخاء غير محدود على أصحاب النفوذ من كل الطوائف ، و نال منها بالمناسبة قادة القوات السورية في لبنان نصيبهم .
مجمل القول ان السلطة في شبة الدولة اللبنانية آلت في سنوات 1980 إلى زعامة سنية ، على اساس أن المسلمين يشكلون الأكثرية و أن المملكة السعودية قدمت الأموال الطائلة إلى السنة من أجل دمج لبنان و سورية في الخطة الأميركية المعدة للشرق الأوسط الجديد . بكلام آخر كانت سلطة السنة في لبنان أداة للمملكة السعودية في خدمة المشروع الأميركي ، حتى سنة 2005 حيث و قع أغتيال زعيم هذه السلطة و مؤسسها السيد رفيق الحريري . خلاصة القول ، في إطار هذا البحث ، أن السلطة السنية لم تكن مختلفة جوهريا عن السلطة المارونية إلا بمرجعيتها ، حيث أن فرنسا كانت مرجعية الثانية في حين أن أميركا كانت مرجعية الأولى , و بالتالي لم تحقق تقدما نحو ترسيخ الدولة الوطنية اللبنانية .
الرأي عندي أن السلطة آلت بعد 2005 ، إلى حلفاء المرحوم رفيق الحريري من زعماء الشيعة الذين ورثوا في الواقع شبه دولة مهترئة إلى جانب مجتمع مدني تضرر كثيرا نتيجة بضعة العقود الماضية ( 1970 ـ 2005) فكريا و نفسيا ، حيث امّحى تقريبا من المخيال مفهوم الوطن و المواطنة ، و غلب سلوك النجاة بالذات كيفما أتفق على تصرف الفرد . قامت سلطة الشيعة على ركيزتين : الإعتداد بانهم يشكلون الطائفة الأكبر أضف إلى أنهم الاقوى نتيجة تصديهم للمحتلين في الجنوب و انضمامهم إلى محور تقوده ايران بما هو أفضل السبل للتصدي للخطة الأميركية في لبنان و سورية و العراق و ايران ( بين البحر المتوسط بحر قزوين ) .
من نافلة القول أن زعماء الشيعة سلكوا في ممارسة السلطة النهج الطائفي ذاته الذي سار فيه قبلهم زعماء الموارنة و السنة ، فزادوا الطين بلة ، كما تشهد الأوضاع في لبنان على ذلك و ليس من حاجة إلى أدلة و براهين . أن زعماء الطائفة في بلاد متعددة الطوائف ليسوا بناة دولة وطنية .
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صحيفة الميدان السودانية في عيد الإيمانيتي الفرنسية
-
الخريف العربي 3
-
الخريف العربي 2
-
الخريف العربي
-
سلوك القوي المختل عقليا .
-
العصابة و العصبية و مذلة العيش في لبنان
-
الدولة الوطنية المحلومة 3
-
شبه الدولة غير وطنية 2
-
سلطة شبه الدولة و سلطة الدولة الوطنية
-
قراءات في زمان الوباء 2 الحلرب الصحية .
-
قراءات في زمان الوباء 1
-
فن التعجيل في انقراض شعب مستعمَر
-
الحروب العبثية
-
يا أهلا بالمعارك
-
الدولة الموظَّفَة
-
عسكر السلطة
-
سلطة الدين و الثروة
-
مفارقات المشهد اللبناني من خلال تفليسية 2020
-
الإحتلالات المشروعة و الإحتلالات المرفوضة
-
خرابيش في مقهى هافانا الدمشقي
المزيد.....
-
معلقا على -عدم وجوب نفقة الرجل على علاج زوجته-.. وسيم يوسف:
...
-
مشتبه به يشتم قاضيا مرارًا وسط ذهول الأخير وصدمة متهم آخر..
...
-
نائب رئيس الوزراء الصربي: لست -عميلا روسيا-
-
-نيويورك تايمز-: التدريبات المشتركة بين روسيا والصين تثير قل
...
-
بالضفة الغربية.. مقتل 5 فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية
...
-
-معاناتي لم تنته بخروجي من السجن، لكن فقط تغير شكلها- - أحد
...
-
شاهد: الرضيعة ريم أبو الحية الناجية الوحيدة من عائلتها الـ11
...
-
صحيفة SZ: بولندا لم تقدم أي مساعدة في تحقيق تفجيرات -السيل ا
...
-
بولندا والولايات المتحدة توقعان عقدا لشراء 96 مروحية -أباتشي
...
-
-إسرائيل ترغب في احتلال سيناء من جديد-.. خبراء: لا سلام مع ت
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|