أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - ربنا يستر














المزيد.....

ربنا يستر


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 7031 - 2021 / 9 / 27 - 02:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ربنا " يستر " !!
-------------------------------------------------

من أكثر المقولات التى تتردد على ألسنة النساء والرجال فى مجتمعاتنا ، هى
" ربنا يستر " ، " استر يا رب " ، " مستورة ان شاء الله " ، " يسترنا دنيا وآخرة " ، " استرنى ربنا يسترك ".
نحن بلا منافس ، بلا شك ، بلا تردد ، مجتمعات عاشقة للستر ، واقعة فى غرامه منذ الميلاد وحتى التستر بالكفن .
ماذا تطلب من الدنيا ؟ . ماذا تطلبين من الدنيا ؟. الجواب النموذجى للغالبية من رجال، ونساء مجتمعاتنا، هى «لا أطلب إلا الستر».
لكن ماذا يعنى «الستر» ؟ . إن الشىء «المستور»، هو الشىء «المحجوب»، «المخفى».. «المستخبى».. لا تراه عين ، ولا تسمعه أذن. الشىء «المستور»، شىء لا يعرف أحد عنه شيئًا. نحن نقول «الليل ستّار».. بمعنى أن الليل بظلامه، وعتمته، يخفى «الأسرار».. و«العيوب».. و«الملامح».. و«الحركات». و«كل شىء» يفضحه، ويكشفه، ويظهره الصبح أو النهار.
هناك عادة مذمومة قبيحة ، لدى الكثيرين ، أنه عند تراكم التراب على أرض المنزل ، لا يواجهونه بالتنظيف ، وانما بوضع سجادة فوقه تخفيه عن الأعين ، سواء لأصحاب المنزل ، أو للضيوف .
مة «الساتر» تعنى الحاجب، الذى نستخدمه حتى لا يرانا الآخرون، فى مواقف نعتبرها غير لائقة.. فى مجتمعاتنا، تحتل قيمة «الستر» مكانة عظمى فى تعامل الناس مع الحياة. إذا سألنا امرأة، أو رجلًا، عن الأحوال، والصحة والشغل، والعيال، والفلوس، فيكون الرد: «مستورة». وفى جميع المواقف نسمع «استرها يا رب». وأقصى الطموح، والأمنيات، والأحلام، هو «الستر».. من البداية، وحتى النهاية.
رأيى الشخصى أن مقولة «لا أطلب إلا الستر»، هى أحد العوائق الأساسية المعطلة للتقـدم، واقتحام تجارب الحياة دون خوف، والمخاطرة لاكتشاف المجهول، والجديد، والمبتكر.
إن الحضارات تصنع نفسها، ليس بـ«الستر».. ولكن بـ«كشف المستور».. والإبداع الخالد، ذو المكانة العالية فى الشكل والمضمون، ليس الإبداع الذى «يستر» التناقضات، والكذب، والزيف، والقهر، والظلم . لكنه الإبداع، الذى «يفضح» كل هذه الأمور.. والأفكار الرائدة التى تبقى فى ذاكرة الشعوب، وعلى صفحات التاريخ، هى التى تثور، وتتمرد، على «الستر» فى السياسة، والأخلاق، والثقافة، والاقتصاد، والموروثات المكبلة للتحرر.
إن البشر، وكذلك المجتمعات، التى لا «تطلب إلا الستر».. تحتوى فى أجسادها على الكثير، والعديد من الأمراض الحضارية المتوطنة، والأورام الأخلاقية المنتفخة، والدمامل الثقافية المزمنة. ولذلك، فهى تخاف «الكشف».. وترتعب من «الفضح».. ولا شىء يربكها، ويلخبط كيانها، ويزعج منامها، قدر «الوضوح»، و«الصدق»، و«الفضيحة».
إذن «الفضائح»، ليست إلا «الحقيقة الغائبة»، التى يفشل الناس فى تجنبها.
إن الرجل الذى لديه الكثير من الفساد الأخلاقى، والخوف من الناس، نجده دائمًا فى حاجة إلى «الستر».. وأفضل أنواع «الستر»، أو التخفى، التى تضحك على العقول بجدارة، هو «الستر» باسم الأديان.. و«التخفى» باسم شرع ربنا.. أو كلام الله، أو حكمته.. والمرأة أيضًا، التى لديها الكثير، والعديد، من الفساد الأخلاقى، والخوف من الناس، تحتاج دائمًا، إلى «ستارة» مادية، أو معنوية، لإخفاء ما تخشى كشفه.
والمجتمعات، كلما زاد فسادها، ولصوصيتها، وتناقضها، وكذبها، وظلمها، وقهرها ، زاد ميلها إلى «الستر» و«التخفى».. و«التغطية».
إن «الستر» موقف الضعيف.. الخائف.. العاجز.. الذى يشعر بالإحباط، والدونية، والعبودية.
و«الكشف» أو «الفضح».. موقف القوى.. الشجاع.. القادر، الذى يشعر بالتحقق والتفوق والحرية.
إن القضاء على كل أنواع الفساد الأخلاقى ، يستحيل دون فضح مظاهره ،
وجرائمه، وتورطاته، ولجوئه إلى «التستر». إن الأفراد وكذلك المجتمعات، المستقيمة أخلاقيًا، ليست لديهم «أسرار» تستوجب «الستر»، و«التخفى».
إن «الشفافية»، التى نطالب بها، ليست إلا حربًا موجهة ضد ثقافة «التستر»، وحضارة «التغطية».
نحن نقول دائمًا: «البداية من أول السطر». وأنا أقول: «البداية من أول الستر».
ان عدم الستر ، وعدم التستر ، ، يبين لنا النظيف من الملوث ، والحقيقى من المزيف ، والجوهر من الشكل ، والأصل من الصورة ، والحميد من الخبيث .



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تزوجتك أيها القلم قصائد
- - أريد امرأة حرة - هكذا يتكلم الرجل الحر
- - رائحة الوطن - بينى وبين - نوال - أمى
- ابحث عن امرأة غيرى ........ قصائد
- المجتمع المدنى وحرية الاعتقاد أو عدم الاعتقاد
- - رَجُلْ - أهم وأجمل وأرقى من الحب قصة قصيرة
- راحلة فى - الخريف - الى حضارة - البحر - و زمن - الماء -
- الانسان أهم من رأس المال
- السيد درويش البحر .. اسرار وعنفوان وطزاجة وخلود - البحر-
- الفقر والمحتل الأجنبى وسُلطات الذكور
- السنبلة الممتلئة بالقمح
- القٌبلة اختصار
- هيا يا مصر افعليها ولا تخافى خفافيش الليل وخفافيش النهار
- عقليات وأخلاق بعض أصحاب التعليقات على الكُتاب والكاتبات
- أربع قصائد
- كلمات الرئيس السيسى عن اعادة التفكير فى المعتقد الدينى
- قصة حب ترقص على ايقاعات المستحيل
- أسلمة أوروبا وخدعة فصل الدين عن الدولة
- قصيدة ما أحتاج اليه
- تدوس على الخطوط الحمراء ولا تشرب من كوكتيلات الترقيع


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - ربنا يستر