|
رحيل الشاعرة الفرنسية الكبيرة اوديل كارادَك Décès de la poétesse française Odile Caradec
رابحة مجيد الناشئ
الحوار المتمدن-العدد: 7030 - 2021 / 9 / 26 - 22:19
المحور:
الادب والفن
رحيل الشاعرة الفرنسية الكبيرة اوديل كارادَك Décès de la poétesse française Odile Caradec
رَحلَت عن هذا العالم صديقتي الشاعرة الفرنسية الكبيرة أوديل كارادَك في يوم21 سبتمبر 2021, تاركة غصة في القلب لكل محبيها.
Mon ami, la grande poétesse française Odile Caradec, a quitté ce monde le 21 septembre 2021, laissant un crève -cœur à tous ceux qu ils l aiment. الشاعرة أُوديل كارادَك، لم يساورها الخوف يوما من الموت، حيث تقول: ‹‹ الموت قيثارة متوَحِدة وعليَّ أن أعزفها في يومٍ من الأيام››، وكانت تحدثنا عن أمنياتها ليومِ وفاتها قائلة : لا أريد مأتَماً حزيناً، بل حفلاً جميلاً وهاجاً. وسوفَ يحقق بيت الشعر لمدينة ﭘﻭاتيه ، هذه الأماني لأحد أعمدته ، الشاعرة الرائعة أُوديل كارادَك، في يوم الخميس القادِم. اليكم قصيدتها الرائعة في هذا الشأن : Vœux pour une mise en bière أُمنيات للوضع في النعش أُريد موسيقيين أُريد شُعراء والكثير من الضجيج والغضب أُريد مُهرجينَ على القبور المفتوحة أُريد كذلك هللويا وَأبواق
أريد أيضا أن يضعني أحدهم في الڤيولونسَل و يضعه على الوركين الرقيقين فلطالما غنى على بطني ثُمَ في تربةٍ حلوةٍ ناعمة
أُريد كذلك فراشات وَمواكب من اليقطين في داخلها الأضواء
وَحتى لا ينسى أحد مَباهج الحياة أُريد أَيضاً مَزامير، وطبول والجلجلة المخنوقة التي تحدثها ألأرض بِهضمها للجسدِ ألأمين. وهناك قصيدة اخرى، تطرح فيها الشاعرة سؤالاً، اخترت لكم مقطعاً منها :
هل صحيح بأننا لا نعرف نهاية النهاية إلّا في الثانية الأخيرة ؟ Est-il vrai que nous ne savons la fin de la fin ?qu’à l’ultime seconde أَنا التي تعشق الأشجار السوداء ليلاً وَتعشق الضباب بينَ فروعها، لقد ولدتُ لتوضيح هذا اللغز الكلي. وَبطانية الموهير الصفراء الضخمة التي تغطيني حين يشتد البرد هل تنتمي ايضا الى عالمٍ مرصع بالنجوم الى عالمٍ في امتدادٍ أبدي... في الليل انا عاشقة أنام بانتظار العندليب.. سيبقى سؤالك مفتوحاً عزيزتنا الراحلة أُوديل كارادَك.....
ولدت الشاعرة أُوديل كارادَك، في بريست عام 1925، وقضَت طفولتها وصباها في كاماريه، وقبل اكثر من اربعين سنة جاءَت الى مدينة ﭘﻭاتيه، وعملت كموثقة للكتب في احدى ثانويات هذه المدينة لمدة 22 سنة، اي الى حد سن التقاعد، وبقيت في هذه المدينة التي أحبتها الى حين وفاتها. أوديل كارادَك ليست شاعرة فقط، انها موسيقية رائعة ايضا، تعزف على " اﻠﭬﻳﻭلونسَل" ، الذي بدأت دراسته والتمرن عليه منذ سن السابعة من عمرها، وهو شغف ورثته عن والدتها. أما الشعر، فقد التقت به في سن الخامسة عشر ولم تتركه ابدا، ومنذ ذلك الوقت وهي تزرع الولادة دون انقطاع.
عن بداياتها الشعرية تتحدث لنا أوديل: ‹‹ كُنت اعيشُ في بريست التي ضُربَت بالقنابل في بداية الحرب العالمية الثانية من قبل الألمان، واهلي وضعوني عند الراهبات، وهناكَ اكتشفتُ شجرة كستناء رائعة، لقد سحرتني بجمالها واحببتها كثيرا، فكتبتُ قصيدة لهذه الشجرة، ومنذ ذلك الوقت رافقني الشعر طيلة حياتي››. نشرَت أوديل كارادَك 27 ديواناً شعرياً، أغلبها مترجمة الى اللغة الألمانية، حيث أنها مختصة باللغة والثقافة الألمانية. وقد نُشرَ ديوانها الأوَل عام 1969، وتحت عنوان: "جَناح القمر″، وبقيت معطاءة ويشغل الشعر كل حياتها، الى حد وفاتها عن عمر 96 سنة، وكل واحد من دواوينها، هو لقاء جديد مع الحياة.
عن الشعر، تقول شاعرتنا: ‹‹ الشعر يأتي في ايةِ لحظة، في أي مَكان، وحولَ اي شيء أو اي انسان...، لأنَ الشاعر في حالةِ تأهب، في حالةِ يقظة دائمة " : كُل الأقلام، كل أقلام الرصاص في تيَقُّظ والأصابع التي تمسك بها تتابع مَجرى الدَم والنَسغ والأحلام ثمَ تضيف الشاعرة : ‹‹ هناك ايام ملائمة لإزالة التجمد عن القصيدة، وهناكَ ساعات ملائمة، حين تصفر الريح في الأشجار، الأشجار المجنونة بالشعر، كل الأشجار، ولكن على الخصوص ″ الصنوبريات″، التي هي الأكثر اثارة على الأرض ››. وهكذا نجد ان موضوع الاشجار يتكرر في دواوين اوديل كارادَك. ومن الموضوعات الأخرى المتكررة في دواوينها، موضوع الموت وموضوع الشيخوخة. أما الشيخوخة، والتي تسميها أوديل "العمر الفوسفوري"، فقد أفردت لها الشاعرة الكثير من القصائد التي كتبت غالبيتها بأسلوب النكتة والفكاهة الذي تتميز به، فبالرغم من قساوة هذه الموضوعات، نجد ان حدتها تخف في شعر اوديل، وذلك بالمواجهة مع الدعابة التي تولج شيئاً فشيئاً بين الكلمات والأسطر، من أجلِ ازعاج السكون والعبودية والعزلة والألم، وطرد عذابات الشيخوخة، جاعلة منها مرحلة شبه لذيذة:
« Cinq heures du soir » الخامسة مَساءً، هي ساعة غلق النهار لأَبوابه حَيثُ لاشيءَ يصبحُ ملموساً نقتَرِبُ مِنَ الجدار، نتلمَسُ طريقَنا، بأَيادٍ شاحبةٍ ننطوي، أمواتاً بعض الشيء الخامسة مَساءً، هي ساعةُ تموضع الألم القلبُ يَزِنُ عَشرةَ أَطنان في جسَدٍ شفاف الخطوات تصبَحُ أخفافاً، والكفوف قفازات لكنَ حيوية هذه المرأة المبدعة والمعطاءة تجعلها تنادي بصوتٍ عالٍ في اكمال قصيدتها : لا، نحنُ غيرَ متسمرين في الأسرة، في المنازِل، وفي التوابيت نحنُ كَبارٌ جداً مَقاساتنا لا حدود لها. في قصيدة اخرى تقول : Dents provisoires أسنانٌ مؤقتة أيها الشعر ! يجب أن لا يلحظ المستمعونَ بأن لي أسنان كاذِبة حيث يمكنهم الاستنتاج بأن قصيدتي غير مُكتملة وتفتقِدُ لنعومة الطبيعة الفطرية والتوابل السحرية الخالقة للقصائد الحقيقية قَصيدة بدون كل أَسنانها قَصيدة عَرجاء ولكنني واثقه ما دمتم بشر فإنكم تعرفون جيداً بأَنَ جميع الأَسنان وَقتية
الشاعرة أوديل كارادَك متفردة في كتاباتها وفي اسلوبها الشعري، تَكتب بحيويةٍ وَبصراحةٍ جميلة، انها تستطيع أن تقول كل شيء دون أن تجعل قارئها يُصاب بالأسى أو فقدان الأمَل، بل انها تجعله مفتوناً بسحرِ الكلمة وإنصافها، وَبالنغم والصورة. شعرها يتميز أيضاً بالطرافة والأصالة، فبشعرها تنشد العالَم وتنشد المشاعر الانسانية، وجمال الكلمات وبشعرها تبتهج بطعم الأرض والشجر. كما أنَ الشيخوخة والموت، حاضران دائما في شعر أوديل، مع البساطة والاناقة الممتزجة في الغالب بالنكتة والدعابة. عزيزتنا أُوديل كارادَك، لا نقول لكِ وداعاً لأَنكِ تعيشين في أعماقِ قلوبنا ولن ننساكِ أبداً.
Chère Odile Caradec, on ne te dit pas au revoir Parce que tu vis au fond de nos cœurs et nous ne t oublierons jamais.
#رابحة_مجيد_الناشئ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
Voltaire – فولتير
-
أربعينية الشاعر العراقي سميع داوود الناشئ
-
أَربع نساء اشتركنَ في ولادة كِتاب : - الدورادو لاﻣ
...
-
العيدُ، فترة زَمنية لا مَثيلَ لَها La fête, n Moment pas com
...
-
الشاعِر الفرنسي آرثَر رامبو Le poète français Arthur RIMBAD
-
الشاعر العراقي بلند الحيدري رابحة مجيد الناشئ
-
الشاعر الفرنسي جان كلود مارتا Le poète français Jean Claude
...
-
صدور كتاب
-
الشاعرة الفرنسية أَستَل فَنزي La poète Française Estelle Fen
...
-
ﭘول ايلوار شاعر المقاومة والحب والسلام Paul Ềlu
...
-
بيت الشعر لمدينة ﭙواتيه يحتفي بالشاعر الفرنسي جان- لو
...
-
عيد اللومانتيه، واحة للمحبة وللتضامن الأممي ومدرسة لقيم العم
...
-
الشاعرة الجزائرية حَبيبة جَحنين ضيفة بيت الشعر لمدينة ᤢ
...
-
احتفاء بالأعمال الشعرية لأوديل كارادَك Hommage à l’œuvre poé
...
-
″ الاسكاﻣﭙيت الجديدة - ضيفة بيت الشعر لم
...
-
الصَمَم ليسَ إعاقة - نحنُ نتَكَلَمُ بأيدينا، وَ نَسمَعُ بِأع
...
-
الشاعرة كوليت كلاين وَ الشاعرة كلارا ريجي في بيت الشعر لمدين
...
-
8 آذار... اليوم العالمي للاحتفاء بنضال النساء
-
احتفاء بالشاعرة السويسرية فرنسواز ماتيه - Hommage à la poète
...
-
لُغتنا العربية تَحتَفل بيومها العالمي
المزيد.....
-
العراق ينعى المخرج محمـد شكــري جميــل
-
لماذا قد يتطلب فيلم السيرة الذاتية لمايكل جاكسون إعادة التصو
...
-
مهرجان -سورفا- في بلغاريا: احتفالات تقليدية تجمع بين الثقافة
...
-
الأردن.. عرض فيلم -ضخم- عن الجزائر أثار ضجة كبيرة ومنعت السل
...
-
محمد شكري جميل.. أيقونة السينما العراقية يرحل تاركا إرثا خال
...
-
إخلاء سبيل المخرج المصري عمر زهران في قضية خيانة
-
صيحات استهجان ضد وزيرة الثقافة في مهرجان يوتيبوري السينمائي
...
-
جائزة الكتاب العربي تحكّم الأعمال المشاركة بدورتها الثانية
-
للكلاب فقط.. عرض سينمائي يستضيف عشرات الحيوانات على مقاعد حم
...
-
أغنية روسية تدفع البرلمان الأوروبي للتحرك!
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|