محمد فياض
الحوار المتمدن-العدد: 7029 - 2021 / 9 / 24 - 02:34
المحور:
الادب والفن
يَعيشُ الإنسان حياته وفق خطة كلاسيكية التي تصبح فيما بعد روتينية تماماً ، فتفقد اغلب الامور حقوقها المعنوية وجمالها الروحي نتيجة التشبع وانتقالها بصورة غير محسوسة الى العقل اللاواعي .
في الحقيقة إنَّ النظام الآلي للفرد يُضيع عليه الجمال المعنوي لتلك الاشياء المعتادة ، فالتكرار على مدى الزمن يُجرد الحدث من روحانيته الكامنة فيصبح جميع ما كان يبدو فائق الحُسن والاعجاب سلوكاً طبيعاً اعتيادياً خالياً من أيّ دلالة معنوية ظاهرة او باطنة .
كأنَّ انتقال البيانات من العقل الواعي الى اللاواعي انتقالاً مادياً بعيداً عن الارضية المعنوية الروحية المُترسخة في لبّ السلوك او الحدث المُنتَقِل.
وكذلك بالضبط يحصل مع بني البشر ، ففي السلوك البشري الانساني قانوناً ثابت التحقق بصورة لا واعية والذي ينص على انّ :(شدة القرب تورث الحجاب ) فالاعتياد على من هم حولك والاختلاط معهم باستمرار سيفقد وبشكل لا محسوس تلك المميزات الجميلة التي رأيناها في اللقاء الاول .
لذا تناقل السلف عن بعضهم قولاً يُحسب حديثٌ من التراث النبوي : (( أزهد النّاس بعالم اهله وجيرانه ))
ففي هذا الكم الهائل من الانشغال وتراكم المشاعر المُستهلكة يحتاج الانسان ان يُعيد برمجة عقله اللاواعي وتشكيل أُسس إدراك جديدة تنطلق من رؤية حكيمة بجرعة حكمة اكثر من المعتادة (( جرعة زائدة))
نعم ، جرعة مضاعفة من الحكمة لِتُدرِك انَّ اغلب ما تحسبهُ واقعي وطبيعي ليسَ بالواقعي ولا الطبيعي ابداً.
إنَّ جُرعة الحكمة الزائدة سَتَجعلُكَ تدرك حقاً إنّ منزلك الصغير مُكتمل الاركان هو اقصى احلام مُشرد يتسول على الارصفة .
وإنّ طفلك الشقي كثير الحركةِ والدلال هو اسمى أماني زوجين كتب عليهم القدر ان يُحرم دارهم من الاولاد.
فهذه الجرعة الزائدة ستُزيل عن عينيكَ الغمام وتتجلى لك الحقائق ، سترى كلّ الاشياء بنظرة معنوية جديدة وستعلم قدر النعم التي تُحيط بك طوال اليوم
لا الدار ولا الاهل ولا الاصحاب ولا حتى الورقة والقلم الذي في يميني الان لن ترهم كما كُنتَ تراهم في الامس.
#محمد_فياض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟