خالد محمد الزنتاني
كاتب
(Khaled M. Zentani)
الحوار المتمدن-العدد: 7021 - 2021 / 9 / 16 - 02:05
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
نحن نعتقد أننا محور الكون وأننا مهمين وأن أعمالنا لها معنى، لكن مثلما لم يبقى من أسلافنا شيء إلا صورة خافتة عنهم وذكرى باهتة في الوجدان فإننا وكل ما نعيشه في الحاضر سيتلاشى بعد رحيلنا ويصبح سراب.
الحياة جملة تناقضات ومعظمها صراع مع هذه التناقضات، لكن المشكلة أن في الحياة كثير من التعقيدات ومن هذه التعقيدات التي لا حصر لها التكرار المُمل والعجيب .. لا شيء مميز أبدا مجرد الروتين والتكرار .. رئيسا كنت أم وزيرا أم حارس مبنى، كل يوم إستيقاظ، أكل، شرب، عمل، نوم، تفصلها عطلة نهاية الأسبوع وهكذا ..
الحياة شبهها كثيرين بـ (أسطورة سيزيف) وهو شخصية من الميثولوجية الأغريقية إستطاع الإيقاع بإله الموت بجعله يرتدي الأغلال ومن ثم قام بتقييده ومنعه من أخذ أرواح الناس .. وعندما علمت الآلهة حُكم على (سيزيف) بتمضية حياته الأزلية التي أرادها في عمل مكرر لا طائل من ورائه يدحرج صخرة من أسفل الجبل إلى القمة حتى تعود من جديد إلى الأسفل ويدفعها مجددا دائما وأبدا هكذا بلا نهاية.
عبثية هذا المشهد تفسر عبثية الحياة وأنها غير مهتمة بتاتا بتحقيق رغباتنا ولا بالعمل وفق معاييرنا وكلما تقبلت هذه الفكرة مبكرا كنت أفضل في التأقلم مع وضعك في هذا العالم الفوضوي.
أنت أمام خيارين : إما أن ترى نفسك وأنت تدحرج الصخرة من منظور تشاؤمي وعندها تقف عاجزا عن الإستمرار وتنتهي غالبا إما إلى الجنون أو إلى الإنتحار، وإما أن تتقبل عبثية حياتك وخلوها من المعنى وتستمر في التحدي بروح راضية والمضي في تقبل حياتك رغم تناقضاتها لتصبح في النهاية مقتنعا بمصيرك فجمال الإستجابة لحياة العبث هي أن تكون صريحا مع نفسك ومدركا لغموض هذه الحياة وثق أن فكرة تحقيق الذات والنجاح على الدوام هي مجرد كذبة إختلقناها للإقتراب من السعادة، لكن السعيد فعلا هو من يمتلك القدرة على مجابهة الواقع ويكون مستعد في أي وقت للخروج من هذه اللعبة غير أسف على شيء.
هذه ليست دعوة للإستسلام بقدر ماهي الأسلوب الوحيد الذي يتناسق مع هذا الوضع العشوائي الذي وجدنا أنفسنا فيه رغما عنا وبغير رغبة منا مهما حاولنا التبرير وتجميل الواقع بكل الصور وشتى الوسائل.
#خالد_محمد_الزنتاني (هاشتاغ)
Khaled_M._Zentani#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟