حمزة الذهبي
كاتب وباحث
(Hamza Dahbi)
الحوار المتمدن-العدد: 7015 - 2021 / 9 / 10 - 20:45
المحور:
الادب والفن
" قرأت كتابا في يوم ما فتغيرت حياتي كلها "
- أورهان باموق
فريدريك نيتشه ، فيلسوف ألماني، ولد في منتصف القرن التاسع عشر ، قوبل بتجاهل شبه تام في الفترة التي كان فيها سليم العقل. بيد أنه بعد أن تدهورت صحته العقلية، وأضحى طريح الفراش، بدأت شهرته تزداد شيئا فشيئا الى أن وصلت الى ما هي عليه اليوم ، إذ يعتبر في وقتنا الراهن، على رغم من مرور أكثر من مائة سنة على رحيله عن هذه الأرض، من بين الفلاسفة الأكثر شهرة، الأكثر قراءة والأكثر لفت للانتباه وإثارة للإعجاب . فالرجل الذي يرى أن مهنته هي تحطيم الأصنام وكشف الأوهام، له العديد من المعجبين – والمريدين - الذين يزداد عددهم يوما بعد يوم .
هناك نوع من الهوس، والافتتان حول الرجل، بلغ ويبلغ حد التقديس من طرف البعض. نيتشه نفسه كان متخوفا من أن يتم تقديسه في المستقبل، إذ قال من بين ما قال : " لدي خوف رهيب من أن يتم اعتباري مقدسا يوم ما".
هذا الفيلسوف بسبب كتاب، عثر عليه بالصدفة، تغيرت حياته وصار فيلسوفا.
كيف ذلك ؟
إذ أنه في عمر الحادية والعشرين، وقد كان طالبا آنذاك، ولج بالصدفة إلى إحدى المكتبات التي تبيع الكتب المستعملة وهناك، بينما يبحث عن ما يطلع عليه، حمل بالصدفة، مثلما يدعي، كتاب للفيلسوف المتشائم شوبنهاور " العالم كإرادة وتمثل" .
يقول عن ذلك :
(وضعت ( كتاب شوبنهاور) في يدي وكان مجهولا تماما بالنسبة إلي وبدأت في تقليب الصفحات، لا أعلم أي روح حارسة كانت تهمس لي : " خذ هذا الكتاب إلى المنزل" . في جميع الأحوال هذا ما حدث، مع أنه كان مناقضا لعادتي بعدم التعجل بشراء كتاب أبداً .)
أخذ الكتاب معه ، وصل الى المنزل وبدأ في قراءته فأحس بأن شوبنهاور قد كتب الكتاب من أجله ، وعندما انتهى من قراءة الكتاب ، دوّن في أوراقه متحدثا عن الكتاب : "هنا يصرخ كل سطر عن رفض ونكران زاهد للذات وترويض للنفس، هنا رأيت مرآة لمحت فيها العالم والحياة وروحي في تمجيد رهيب" .
فأضحى تلميذا له، مؤمنا به وبما يقوله، ومبشرا بمذهبه. قبل أن ينقلب على معلمه، ويشق لنفسه فلسفته الخاصة التي تمجد الحياة وتنتصر للجسد.
#حمزة_الذهبي (هاشتاغ)
Hamza_Dahbi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟