أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - كيفية الحياة في عالم يحتضر














المزيد.....

كيفية الحياة في عالم يحتضر


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7013 - 2021 / 9 / 8 - 22:16
المحور: الادب والفن
    


صوت الخطوات الآف الخطوات في دهاليز المترو يتغلغل في دماغه مثل تغلغل السم في الدم كل صوت يقتل شيئا ما في جسده وكل خطوة موت مركٌز يتسائل أحيانا لمجرد قتل الوقت كيف يستطيع انسان ما أن يهرب من زنزانته حيث الجدران تزداد إلتصاقا بعضها بالبعض يوما بعد آخر والغرفة تزداد ضيقا ورائحة العفونة تزداد قوة وحالة التحجر صارت وباء يكتسح البشرية باسرها والكذب والدجل والتفاهة والجري حتى الموت وراء الدولارات قاعدة عامة ورياضة عالمية رائحة الموت تنتشر والطاعون والإيدز والكورونا والكوليرا تنخر أجساد هؤلاء البشر هو لايريد أن يموت قضيته واضحة لديه الشمس والبحروألق الضوء في ركن منزو من ذاكرته انه يكتفي بذلك الآن السحر والسماء والقمر والكلمات والألوان والأشكال التي ترقص بين عينيه لديه اشياء كثيرة مخزونة في قلبه اشياء يحبها ويحلم بها ويخلقها لايريد ان يموت الآن على الأقل لديه مئات الأشياء التي تنتظر الإنجاز لا يريد أن يموت متسمما بالكحول في محطة المترو رغم نبوءة المغني الأعمى الذي قال له ذات يوم : سوف تموت مثل كلب على ارصفة احدى المدن الموبوءة، فاهرب اهرب من المدن إذا كنت تريد الحياة أطول مما كتب لك قد يحدث أن أموت على احد الأرصفة المبللة بالمطر وبول السكيرين غير أن ذلك لن يكون انتحارا ذلك ان إرادتي وعقلي الباطن والظاهر يدفعونني باستمرار نحو جزر بعيدة جزر ليس فيها أحد جزر مهجورة تخلو من المكاتب ورجال الشرطة والمباحث وكلابهم جزر لا تعرف طعم الرماد ولا رائحة اللحم البشري المشوي جزر تمتلئ بالالوان والاضواء ، جزر لا تعرف الجوع والبرد والصخب وتعاسة البشر لم تكن هناك احداث مهمة في حياته ولكن ما هي الأحداث المهمة ومهمة بالنسبة لمن حياته لم تكن تشكل في أي حال من الأحوال قصة مثيرة يمكن سردها فالحلم كان بالنسبة اليه مسرح حياته الحقيقية غير ان الحلم كان يقوده ايضا إلى حضور مروع لكل الأشياء الي تمسه في العالم الجوع واليأس والقهر والكراهية والعنف والتفاهة وفقدان المعنى والغربة هذه الغربة التي تجري في عروق الدنيا حاضرة في ذهنه كل لحظة من حياته وتقف حاجزا صلدا بينه وبين بقية البشر الذين يعيشون في ظل هذه الفضائع دون أن يفقدوا توازنهم ويسقطوا في آبار الذاكرة يدرك فظائع الحروب الجهنمية التي تمزق الكرة الأرضية يدري الحرائق والمجازر التي يرتكبها كل عسكر الدنيا، ويدرك جرائم السلطات القمعية والديموقراطية الليبرالية الرأسمالية ويحس بآلام كل سجين في آلاف السجون التي تملأ الأرض يدرك الآم الأطفال الذين يعيشون في خرارات - مجاري العالم يحس بأنه قد عاش عدة سنوات في المقابر مع ملايين البشر وأنه يبحث عن قطعة خبز يأكلها في المزابل العملاقة على حاشية المدن الاسمنتية الجهنمية يحس بجسده يمتليء بالمسامير الصدئة المغروزة في كل سنتيمتر في جلده إحساسه بالآم البشر واحدا واحدا يمنعه عن التعبير عن حب أهله أمه أو اخته أو صديقه أو صديقته أو وطنه أو ثقافته وجه أمه أصبح وجها يشمل كل الوجوه التي يعرفها والتي لا يعرفها ولكن الحلم في النهاية لا يكتمل وهو يعرف بأن الألم والتعاسة هما مصير العالم اليوم وغدا ومع ذلك يثور يثور على نفسه كيف يستطيع أن يعيش ويتنفس ويأكل ويشرب ويضحك ويتكلم ويمارس الحب والجنس والكتابة والرسم وعشرات الأشياء اليومية دون أن يفقد توازنه هو الآخر ويسقط في غياهب الجنون الحلم يتراءى أمامه كباب مفتوح على أفق رحب ملون يعرف حدوده وجغرافيته وتاريخه يعرف شوارعه وأزقته ويعرف كيف يعود في كل لحظة الحلم إذا سبب مباشر في أجهاض الثورات الماضية والقادمة الحلم نار نراقبها تدفئ قلوبنا وتحكي لنا القصص كي ننام



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياة، حادثة مميتة
- الشاهد
- مسقط الرأس
- بيكيت ونفي العدم
- الزنزانة رقم ٢٢
- ثلاثية بيكيت
- ويتقشر الليل
- بيكيت والنازية
- لماذا كل هذه التفاهة
- صامويل بيكيت
- عقم التفكير السليم
- العدم أفق البشرية وليس نهايتها
- القلق عند سارتر
- جنية البحر
- عن الخوف والقلق وما بينهما
- تشنجات الحبل المتأرجح
- الكلمات المفترسة
- هايدغر والسقوط في تفاهة العالم
- بين الأسود والأبيض
- بين فكي القلق


المزيد.....




- الحلقة الاولى مترجمة : متي يعرض مسلسل عثمان الجزء السادس الح ...
- مهرجان أفينيون المسرحي: اللغة العربية ضيفة الشرف في نسخة الع ...
- أصيلة تناقش دور الخبرة في التمييز بين الأصلي والمزيف في سوق ...
- محاولة اغتيال ترامب، مسرحية ام واقع؟ مواقع التواصل تحكم..
- الجليلة وأنّتها الشعرية!
- نزل اغنية البندورة الحمرا.. تردد قناة طيور الجنه الجديد 2024 ...
- الشاب المصفوع من -محمد رمضان- يعلق على اعتذار الفنان له (فيد ...
- رأي.. سامية عايش تكتب لـCNN: فيلم -نورة- مقاربة بين البداوة ...
- ماذا نريد.. الحضارة أم منتجاتها؟
- 77 دار نشر ونحو 600 ضيف في معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب


المزيد.....

- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - كيفية الحياة في عالم يحتضر