لماذا كره سقراط الديمقراطية؟

خالد محمد الزنتاني
كاتب
(Khaled M. Zentani)

الحوار المتمدن-العدد: 7012 - 2021 / 9 / 7 - 11:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

إعتدنا الرفع من قيمة الديمقراطية وبالذات ديمقراطية أثينا القديمة والحضارة التي جاءت بها وجعلت من الباراثينيون نموذجا يحتذى للقيم الديمقراطية ما دعي كثير من قادة العالم أن يحرصوا على أخذ الصور التذكارية أمامه.
ولهذا فمن الصادم جدا أن تكتشف بأن أحد الإنجازات العظيمة لأثينا القديمة وهي الفلسفة كانت متشككة بقوة في أحد إنجازاتها الأخرى إلا وهي الديمقراطية!!
الأب المؤسس للفلسفة اليونانية سقراط تم تصويره في حوارات أفلاطون كمتشائم بشكل كبير من كل شيء متعلق بالديمقراطية.
ففي كتابه الجمهورية يصف أفلاطون الفيلسوف سقراط وهو يتحاور مع شخصية تدعى إدمانتوس محاولا جعله يرى عيوب الديمقراطية عن طريق مقارنة المجتمع بسفينة – سأل سقراط الرجل : إذا كنت خارجا في رحلة بحرية من برأيك يمكن أن يكون قبطانا للسفينة؟ هل تكلف أي من الركاب أم تعين من هو على دراية أكثر بقواعد الإبحار؟ رد الرجل : طبعا بالتأكيد الأخير!فرد سقراط بالقول : إذن لماذا نستمر في الإعتقاد أن أي شخص مسن هو القادر على إختيار من سيكون حاكما للبلاد؟ ملاحظة سقراط هي أن التصويت في الإنتخابات هو موهبة وليس حدس عشوائي وهي مثل أي موهبة نحتاج تدريسها للناس بإنتظام وبشكل منهجي.
التصويت بدون تعليم ومعرفة أمر غير مسؤول يصفها سقراط بوضع مجموعة من المواطنين وسط مركب بثلاث مجاديف والإبحار إلى جزيرة ساموس وسط عاصفة هوجاء.
كان سقراط يختبر أول تجربة كارثية لغباء الناخبين.
في عام 399 قبل الميلاد تمت محاكمة سقراط بتهمة إفساد عقول شباب أثينا وتكونت هيئة محلفين من 500 مواطن أثيني قرروا إدانته بفارق بسيط ونُفذ فيه حكم الإعدام بتجرعه لسم الهيملوك القوي في مأساة تشبه طريقة إدانة المسيح بالنسبة إلى المسيحيين لكن سقراط لم يكن نخبوي بالطبيعة ولم يصدق أن قلة قليلة فقط يجب أن تدلي بصوتها لكنه أصر بأن الذين يفكرون بعقلانية هم فقط من يجب أن يصوتوا في الإنتخابات.
لقد نسينا هذا الفرق بين الديمقراطية المثقفة المتعلمة والديمقراطية بالولادة
لقد منحنا الديمقراطية للجميع من دون أن نربطها بالحكمة وقد عرف سقراط تماما أننا بذلك سنصل إلى نظام كان يرتعب منه كل الشعب اليوناني ألا وهو الديماغوجية والفوضى.
عرف سقراط كيف يمكن للأشخاص الذين يسعون للانتخاب أن يستغلوا رغبتنا بسهولة في الحصول على إجابات سهلة
لقد طلب منا أن نتخيل مناظرة سياسية بين مرشحين إحداهما طبيب والآخر بائع حلوى، سيقول بائع الحلوى عن الطبيب أنظروا! هذا الشخص سيقدم لكم أسوء الأشياء وسيتسبب لكم بالألم ويمنحكم جرعات مُرة المذاق ويطلب منكم التوقف عن أكل وشرب كل ما ترغبون به ولن يقدم لكم الأطباق الشهية واللذيذة مثلما أفعل معكم.
يسأل سقراط عما سيكون عليه رأي الحاضرين للمناظرة هل سيتمكن الطبيب من الرد بشكل مؤثر؟ الإجابة هي : أنا ورطتكم ووقفت ضد رغباتكم حتى أساعدكم" ألا تعتقد أن ذلك سيسبب بين الناخبين؟
لقد نسينا كل تحذيرات سقراط المهمة ضد الديمقراطية وفضلنا أن نصدق أن الديمقراطية خالية من الغموض وليس كونها مؤثرة كتأثير نظام التعليم الذي يحيطها وكنتيجة لذلك أصبحنا ننتخب كثير من بائعي الحلويات وقليل من الأطباء.

عن موقع مدرسة الحياة – The school of life

#خالد_محمد_الزنتاني (هاشتاغ)       Khaled_M._Zentani#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات