أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الهلالي - الفلسفة والإلحاد: 4 - كارل ماركس















المزيد.....

الفلسفة والإلحاد: 4 - كارل ماركس


محمد الهلالي
(Mohamed El Hilali)


الحوار المتمدن-العدد: 7011 - 2021 / 9 / 6 - 00:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"كتب كارل ماركس Karl Marx (1818 – 1883) سنة 1844 ما يلي: "التاريخ البشري جزء حقيقي من التاريخ الطبيعي الذي هو تاريخ تحول الطبيعة في اتجاه الإنسان. فعلم الطبيعة سيتضمن فيما بعد علم الإنسان، مثلما سيتضمن علم الإنسان علمَ الطبيعة، وحينها لن يكون هناك إلا علم واحد"(1). وقال إنجلز Friedrich Engels (1820 – 1895) في رثائه لماركس إبان دفنه: "كما أن داروين قد اكتشف قانون تطور الطبيعة العُضوي، فإن ماركس قد اكتشف قانون تطور التاريخ البشري"(2).
إن كارل ماركس فيلسوفٌ فهمَ أهمية الثورة الناتجة عن اكتشاف التطور البيولوجي، تلك الثورة التي أثرت على تصورنا للعالم. وسوف يعيدُ ماركس وإنجلز التفكير في التاريخ البشري باعتباره تكملة للتاريخ الطبيعي، دون فصل التاريخ البشري عن التاريخ الطبيعي.
اعتقد ماركس أن مسألة الإلحاد(3) قد وَجَدتْ حَلا لها مِن قِبل المُفكرين الذين سبقوه، وليس هناك بالتالي أي مبرر للعودة إليها. لذلك لن نجد عند ماركس تبريرا فلسفيا للإلحاد، كما كان الأمرُ معمولا به حتى حدود القرن الثامن عشر. لذلك سوف يستعيد ماركس النقد الذي قدمه فويرباخ للدين:
"يُعتبر نقد الدين الشرط الأول لكل نقد (...) إن أساس نقد الدين هو ما يلي: أنشأ الإنسانُ الدينَ وليس الدينُ هو الذي أنشأ الإنسانَ. إن الدين في حقيقة أمره هو الوعي الخاص بالإنسان، هذا الإنسان الذي إما أنه لم يعثر بعد على نفسه، وإما أنه فقد نفسه من جديد (...) الإنسانُ هو عالمُ الإنسان والدولة والمجتمع. هذه الدولة وهذا المجتمع يُنتِجان الدين، أي يُنتِجان وعيا خاطئا عن العالم، لأنهما يصنعان عالما خاطئا وباطلا. إن الدين هو النظرية العامة لهذا العام، هو المُوجز الموسوعي للعالم، مَنطِقُه الشعبي، كرامتُه الروحية، حماستُه، عقوبتُه الاخلاقية، تكملتُه، مدحُه الجليل، سببُ مواساته وتبريراته. إنه الإنجاز الخارق للماهية الإنسانية، لأن الماهية الإنسانية لا تملك واقعا حقيقيا. لذلك، فمحاربة الدين هي، بطريقة غير مباشرة، محاربة هذا العالم الذي يعتبرُ الدين عطره الروحي (...) إن البؤس الديني هو، من جهة، التعبير عن البؤس الواقعي، وهو، من جهة أخرى، الاحتجاج ضد البؤس الواقعي. إن الدين هو تأوّه الإنسان الذي أرهقه وأذلّه البؤس، روحُ عالمٍ بلا روح، كما أنه روحُ عصرٍ بدون روح. إنه أفيون الشعب"(4).
يفسر ماركس تشكل اليهودية كما فسره فويرباخ، أي بطريقة سيكولوجية (...) كتب ماركس في هذا الصدد قائلا: "لنهتم بدراسة اليهودي الحقيقي، يهودي الحياة اليومية وليس اليهودي المتدين (الذي يقدس يوم السبت، الشابات)، كما يفعل بَاوْرْ (Bauer). لا ينبغي أن نبحث عن سر اليهودي في الدين، ولكن ينبغي أن نبحث عن سر الدين في اليهودي الحقيقي.
ما هو الأساس الدنيوي لليهودية؟ إنه الحاجة العملية، المنفعة الشخصية. ما هو التعبّد اليومي لليهودي؟ إنه التجارة بالتقسيط. وما هو إلهه الدنيوي؟ إنه المال. لذلك يقولون إن تحرر التجارة بالتقسيط والمال، أي تحرر اليهودية الواقعية سيكون هو التحرر الذاتي لعصرنا.
إن تنظيم المجتمع بكيفية تلغي شروط التجارة بالتقسيط، أي تلغي إمكانية ممارسة التجارة بالتقسيط، قد تجعل وجود اليهودي مستحيلا. فوعيه الديني، الذي يشبه بخارا باهتا، سيتبخر في الهواء الحقيقي والحيّ للمجتمع"(5).
"إن المجتمع البرجوازي يُنجب اليهودي بشكل مستمر من أحشائه الخاصة. ما هي القاعدة الذاتية للدين اليهودي في الماضي؟ إنها الحاجة العملية والأنانية. إن مذهب التوحيد اليهودي هو في الحقيقة دينُ تعدد الآلهة الذي يُستعمل لقضاء حاجات متعددة، دينٌ يجعل من المراحيض موضوعا للشريعة الإلهية. إن الحاجة العملية والأنانية هما مبدأ المجتمع البرجوازي وظهرَ في شكله الخالص بمجرد ما أنشأ المجتمع البرجوازي الدولة السياسية منفصلة عنه كليا. إن إله الحاجة العملية والربح الشخصي هو: المال. إن المال هو إله إسرائيل الغيور... إن المال يحقّرُ كل آلهة الإنسان ويحوّلها إلى سلع (...) ولهذا السبب اختلس المالُ قيمة العالم والإنسان. إن المال هو ماهية العمل الإنساني والوجود الإنساني الذي صار غريبا عن الإنسان، وهذه الماهية الغريبة تسيطرُ عليه، وهو، أي الإنسان، يصلي لها. صار إله اليهود دنيويا، تحول إلى إله للعالم. كما أن الصّرافة هي الإله الحقيقي لليهودي. إن إلهه هو فقط الصّرافة الوهمية"(6) (...).
هناك نص لماركس يتطرق فيه أيضا لمسألة الإلحاد، وهو نص يعود لمرحلة شبابه (مخطوطات سنة 1844، والمعروف أيضا بالمخطوطات الاقتصادية والفلسفية لسنة 1844): "لا يعتبرُ كائنٌ نفسه مستقلا (مكتفيا بذاته) إلا إذا كان هو المسؤول شخصيا عن وجوده. لكن إنسانا يعيش بفضل نعمة إنسان آخر فإنه يَعتبر نفسه كائنا تابعا لغيره. لكن أعتبر نفسي أنني أعيش كليا بفضل نعمة إنسان آخر إذا كنت أدين له بالحفاظ عل حياتي، وإذا كان، فضلا عن ذلك، قد خلق حياتي، إذا كان مصدر حياتي، وإذا كان أساس حياتي يوجد خارجها، إذا لم أكن أنا الذي خلقت أساس حياتي. لهذا السبب يُعتبر الخلق تمثلا يصعب انتزاعه من الوعي الشعبي. لذلك يظل الوجودُ الذاتي للطبيعة والإنسان أمرا غير قابل للفهم من طرف الإنسان، لأن الوجود الذاتي يتناقض مع كل المعطيات الملموسة للحياة العملية"(7) (...).
يلاحظ ماركس أنه من الصعب انتزاع فكرة الخلق من الوعي الشعبي، وقد يعود سبب ذلك لكون العمال اعتادوا على اعتبار أنّ كل شيء مصنوع يشهد على وجود أحد صنعه. فالمواضيع الناتجة عن تجربة العمل تشهد على أنها توجد ذاتيا. وهذا يعني أن الوعي الشعبي، الناتج عن تجربة العمل، مخطئ. وعلى الفلسفة أن تبين أن فكرة وجود ذاتي للطبيعة وللإنسان هي فكرة معقولة (...) وسوف يقدم ماركس مبررا عقلانيا وفلسفيا لرفض فكرة الخلق:
"تلقى فكرة خلق الأرض دفعة قوية من طرف العلم الذي درس تكون الأرض وتحولها كسيرورة، وكتكوّن ذاتي. إن "التكون الذاتي" هو الدحض الوحيد العملي لنظرية الخلق"(8).
يمكن تقديم الملاحظة النقدية التالية على موقف ماركس: بينت علوم الأرض وعلوم الطبيعة عموما كيف تشكلت الأرض تدريجيا وكيف تكونت الطبيعة برمتها تدريجيا. إن التطور الكوني والفيزيائي والبيولوجي هو أمر واقعي درسته العلوم. لكن معرفة السيرورة التي تتكون وفقها الأرض، والتي تتطور وفقها الطبيعة عموما لا تمكن (خلافا لما قاله ماركس) من القول بأن هذه السيرورة وهذا التطور هو "تكون ذاتي". فالقول بأن هذا التكون يتم ذاتيا، يتم وحده، لا علاقة له بأي عامل آخر، هو جواب عن السؤال الانطولوجي الذي يطرحه التطور الكوني والفيزيائي والبيولوجي، ولكنه لا يمكن اعتباره تحليلا للسؤال. فالجواب بهذه الكيفية هو جواب وثوقي، أي ينقصه التحليل. لقد تم إدخال الأنطولوجيا خفية إلى العِلم. فعلم الحياة والأرض (البيولوجيا والجيولوجيا) لم يبرهنا بكيفية قطعية على أن تطور الحياة والأرض هو تطور كافٍ أنطولوجيا، لأن تأكيدا من هذا القبيل لن ينتج إلا عن تحليل أنطولوجي.
لكن ماركس لم يدرس هذه المسألة من هذه الزاوية. لقد قدم جوابا عن السؤال دون أن يعالجه بالدراسة والتحليل، فهو اعتمد على العلوم التجريبية في جوابه، بينما هذه العلوم عاجزة عن الجواب بالسلب أو بالإيجاب عن هذه المسالة (مسألة الخلق). فالسؤال ينتمي لمجال الانطولوجيا (...).
يقول ماركس بصدد مسألة الخلق: "من السهل أن نقول للفرد ما سبق لأرسطو أن قاله: لقد وُلدتَ من أب وأم ، وبالتالي توجد فيك مزاوجة فرديْن من النوع البشري، وبالتالي، ففعل توليد الكائنات البشرية أنتج كائنا بشريا. وها أنت ترى، كنتيجة لذلك، أن الإنسان رهين في وجوده الفيزيائي بالإنسان. وعليك ألا تتصور فقط جانبا واحدا من هذه المسألة، التطور اللامحدود الذي تتساءل بناء عليه: من أنجب أبي؟ ومن أنجب جدي؟ إلخ... عليك أن تهتم أيضا بالحركة الدائرية الواضحة حسيا في هذا التطور، الحركة الدائرية التي يتكرر من خلالها الإنسان في عملية التطور، ويظل دوما ذاتا.
"- لكنك ستجيبني: لقد أقررتُ لك بهذه الحركة الدائرية. فأقرّ لي بالتطور الذي يدفعني دوما إل أبعد نقطة، حتى أتساءل: من أنجب الإنسان الأول ومن أنشأ الطبيعة عموما؟ - لا يمكنني إلا أن أجيبك بما يلي: إن سؤالك هو نفسه نتيجة التجريد. اسأل نفسك كيف توصلت إلى هذا السؤال؟ اسأل نفسك هل هذا السؤال لا يصدر عن وجهة نظر لا يمكنني الإجابة عنها، لأن وجهة النظر هذه خاطئة وباطلة. اسأل نفسك هل هذا التطور يوجد بالنسبة لفكر عقلاني؟ لما تطرح أسئلة بصدد خلق الطبيعة والإنسان، فإنك تفترض عدم وجود الإنسان والطبيعة. إنك تفترض أنهما غير موجودين، وتريد مع ذلك أن أبرهن على وجودهما. أقول لك الآن ما يلي: تخلَّ عن تجريدك، وهكذا ستتراجع عن طرح سؤالك – عليك إذا اردت التشبث بتجريدك أن تكون منسجما مع نفسك، وإذا كنتَ (أنت الذي تفترض إمكانية عدم وجود الإنسان والطبيعة) تفكرُ، ففي هذه الحالة، فكرْ في نفسك على أنك غير موجود، أنت الذي تُعتبرُ مع ذلك طبيعة وإنسانا. توقفْ عن التفكير، لا تسألني، لأنك بمجرد ما تفكر وتسأل: فلن يكون هناك معنى لتعاملك مع الإنسان والطبيعة على أنهما غير موجودين.
" إنك أناني بما أنك ترى كل شيء عدم (فكرة إمكانية عدم وجود الإنسان والطبيعة) من جهة، وتريد أن توجد أنت من جهة أخرى!
"يمكنك أن تجيبني: لا أريد أن أفترض أن الطبيعة عدم إلخ... أسألك بخصوص ظهور الإنسان في العالم واستمراريته فيه، مثلما أسأل مُشرّحا (العالِم المتخصص في التشريح) بخصوص تكون العظام إلخ...
"ولكن تاريخ العلم ككلية (كما يرى ذلك الإنسان الاشتراكي) ليس شيئا آخر سوى تكوّن الإنسان عبر العمَل (الشغل) الإنساني، أي تحول الطبيعة لخدمة الإنسان، وهكذا فإن الإنسان يملك الحجة الحدسية، التي لا تُدحض، والتي تثبت ميلاده: إنه وُلِد ذاتيا – من السيرورة التي مكنته من البزوغ في الوجود (سيرورة تكونه، بزوغه). انطلاقا من الخاصية الأساسية للإنسان في الطبيعة يصبح موضوع حدس عملي ومحسوس، انطلاقا من هذا الأمر صار الإنسان مرئيا بالنسبة للإنسان، وصار محسوسا بكيفية عملية باعتباره وجودا للطبيعة، وفي الطبيعة بالنسبة للإنسان كوجود إنساني – وانطلاقا من هذا الأمر أيضا طُرحت مسألة وجود كائن غريب، كائن فوق الطبيعة والإنسان – مسألة تستلزم أن ننظر إلى الطبيعة والإنسان باعتبارهما غير أساسيين. لكن هذه المسألة صارت مستحيلة عمليا.
إن الإلحاد هو نفي لوجود لله ويطرح من خلال هذا النفي وجود الإنسان، لكن الاشتراكية لم تعد في حاجة لهذه الوساطة: إنها تبدأ بالوعي الحسي النظري والعملي للإنسان وللطبيعة وللوجود. إنها وعي الإنسان الإيجابي بذاته، وليست الوعي الذاتي للإنسان (...)"(9).
عالج ماركس بهذه الكيفية مشكلة الخلق، أي المشكلة الرئيسية التي تتحكم في الحسم لصالح الإلحاد أو التوحيد، مشكلة الوجود والطبيعة والإنسان.
الحجة الأولى التي قدمها ماركس: هي أن الإنسان يُنجب الإنسان، وبالتالي فإنه مدين بوجوده للإنسان، وينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار تسلسل الأجيال، السلالة الجينية. وهو ما قد يؤدي إلى طرح أسئلة وجود هذه السلالة. ينبغي التفكير أيضا في السيرورة الدائرية التي يعيد الإنسان من خلالها إنتاج نفسه. وكنتيجة لذلك، فالإنسان ذات أي أنه خالق ذاته (...).
الحجة الثانية التي قدمها ماركس: هي التي تتعلق بمسألة الأصول. فمسألة الأصول أو الخلق تفترض تجريدا. لكي نطرح مسألة الأصول البشرية ينبغي أولا وقبل كل شيء أن نفترض عدم وجود الإنسان، ثم بداية وجوده، ولطرح مسألة العالم (أو الطبيعة) ينبغي أن نفترض أن العالم لم يكن موجودا ثم تحقق وجوده. لكن هذا التجريد حسب ماركس غير مشروع لأنه عبثي: فلا يمكن للإنسان أن يفكر أنه غير موجود كما لا يمكنه أن يفكر أن الطبيعة غير موجودة، فلما يفكر الإنسان بأنه غير موجود يكون موجودا هنا يمارس التفكير. وإذا أردنا أن نتسلى بافتراض عدم وجود الطبيعة، ينبغي أيضا أن يكون الإنسان موجودا للقيام بذلك. فنفي الإنسان لوجود الطبيعة عملية مستحيلة، وكنتيجة لذلك، فإن مسألة الأصل –التي تفترض عدم وجود الطبيعة والإنسان- هي مشكلة خاطئة.
يمكن أن نقدم لماركس النقد التالي: إن استدلاله يشبه النقد الذي سيقدمه هنري برغسون للعدم المطلق في كتابه (L évolution créatrice, 1907)، (ترجم إلى العربية تحت عنوان: "التطور الخالق، ترجمة محمد محمود قاسم، مراجعة نجيب بلدي، المركز القومي للترجمة، القاهرة، 2015).
يستنتج ماركس من نقده لفكرة العدم أن وجود بداية للعالم أمر مستحيل، لأن الوجود الوحيد في نظره هو العالم (أو الطبيعة). وإذا كان العالم (أو الطبيعة) هو الوجود الوحيد فإن بداية العالم لا يمكن تصورها أو التفكير فيها. وإذا كان من المستحيل على الإنسان أن يفترض أنه غير موجود مادام يفكر، فمن الصعب القول أن نتيجة ذلك هي عدم وجود بداية لوجود الإنسان وأنه خالد وأبدي (...).
يبدو أن فكرة بداية للعالم (أو للطبيعة) لن تكون فكرة عبثية إلا إذا تم التسليم مسبقا بأن العالم (أو الطبيعة) هو الوجود في كليته، الوجود الوحيد، الكينونة المطلقة(...).
الحجة الثالثة التي قدمها ماركس: هي التي تتعلق بفعل البداية. يسأل الشخصُ الذي يحاوره ماركس (افتراضيا) هذا الأخير عن الفعل المسؤول عن تكون الطبيعة. يجيب ماركس بأن تاريخ العالم، بالنسبة للإنسان الاشتراكي، ليس إلا عملية ولادة الإنسان بفضل العمل الإنساني. ففي تجربة العمل هذه يحصل الإنسان على التجربة الحدسية الخاصة بميلاده الخاص به، أي أنه يوجد من ذاته، فالإنسان يتمتع بالقدرة على الاكتفاء بذاته في عملية وجوده، والاستقلال الوجودي الذاتي، مثله في ذلك مثل العالم (أو الطبيعة) (...).
يقول ماركس أنه ينبغي الاعتراف بأن الإنسان والطبيعة يملكان خاصية اساسية (وهي ضرورة وجودهما) وهو الأمر الذي يلغي الفرضية غير المجدية القائلة بوجود موجود غريب والذي هو إله اللاهوتيين. فماركس يُنسبُ للطبيعة ما ينسبُه اللاهوتيون لله، أي خاصة الوجود الضروري. وكنتيجة لذلك، إذا نسبنا للطبيعة الوجود الضروري، وبكيفية ذاتية، فلن يكون من المفيد البحث عن موجود آخر لفهم وجودها. فإذا أوجدت الطبيعة ذاتها، إذا كان وجود الطبيعة تَستلزمه ماهيتُها، فإن فرضية الله الخالد الأبدي لن تكون مفيدة". (ترجمة: محمد الهلالي).

♦ هوامش:

1) K. MARX, Nationalökonomie und Philosophie, in Die Frühschriften, éd. Landshut, Stuttgart, 1953, p. 245.
2) Wie Darwin das Gesetz der Entwicklung der organischen Natur, so entdeckte Marx das Entwicklungsgesetz der menscblichen Geschicbte... (Marx-Engels, Ausgewählte Schriften, Π, Moscou, 1950, p. 156).
3) Sur les origines et la genèse de l athéisme de Marx, on lira: G. M. M. COTTIER, L Athéisme du jeune Marx, ses Origines hégéliennes, Paris, 1959.
4) K. MARX, Contribution à la critique de la philosophie du droit de Hegel, trad. Molitor, Œuvres complètes de Karl Marx, OEuvres philosophiques, I, p. 83.
5) K. MARX, Zur Judenfrage, éd. S. Landshut, Die Frühschriften, p. 201.
6) K. MARX, Zur Judenfrage, p. 204.
7) K. MARX, Nationalökonomie und Philosophie, p. 246.
8) Ibid., p. 246.
9) K. MARX, op. cit., p. 247-248.

♦ المرجع:
- Claude Tresmontant, Les problèmes de l’athéisme, éditions Seuil, 1972.



#محمد_الهلالي (هاشتاغ)       Mohamed_El_Hilali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة والإلحاد: 3 - لودفيغ فويرباخ
- الفلسفة والإلحاد: 2- نيتشه
- الفلسفة والإلحاد: 1- جون بول سارتر
- سمير أمين: النهضة العربية الإسلامية، عن التحديث، التراث، الق ...
- حزبُ سبينوزا: علاقة اللاهوت بالفلسَفة (كانتْ هذه التجربَة مُ ...
- كارل ماركس: مفهومُ الوَعْي الطبَقي (تَجدُ الفلسفة في العُمال ...
- جاك إيلول: الأحزاب السياسية هي مجرد آلات ضخمة تمكن من الوصول ...
- الفيلسوف كانط: نقد العقل العملي (الأفكار الأساسية للكتاب)
- جاك دريدا: هل للفلاسفة حياة خاصة؟ (لا أقول أنه ينبغي إنجاز ش ...
- نيتشه: أخْلاقُ الأسياد حَسَبَ نِيتْشه (إنَّ دمقرطة أوروبا تُ ...
- إلياس صنبر Elias Sambar: الصداقة، الأصدقاء، الإخوة والرفاق ( ...
- جورج سيمل: فلسفة المال (لم يَعُد المالُ وسيلةً وإنما صارَ غا ...
- الفيلسوف ألان باديو: مفهوم الشعب (24 ملاحظة حول الاستعمالات ...
- فرنسيس فوكوياما: نهاية التاريخ ومَقدمُ الإنسان الأخير (تفوقُ ...
- الفيلسوف أندريه كونت سبونفيل: ما هو الدين من الناحية السوسيو ...
- الفيلسوف نيتشه: العبيد وأخلاق العبيد (كيف ظهرت أخلاق العبيد ...
- الفيلسوف ألان باديو (Alain Badiou) : لا أحب إيمانويل كانط، ل ...
- الفيلسوف كيركجارد: القلقُ يكشفُ عن عظمة الإنْسانِ
- كانط: نقد العقل الخالص (الأفكار الأساسية للكتاب)
- الفيلسوف نيتشه: ما هي الجينيالوجيا؟ (لا توجد ظواهر أخلاقية ع ...


المزيد.....




- -جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال ...
- مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش ...
- ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف ...
- ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
- حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر ...
- البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
- -أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك ...
- ملكة و-زير رجال-!


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الهلالي - الفلسفة والإلحاد: 4 - كارل ماركس