أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج منصور - عروض التعازي طقوس درامية














المزيد.....

عروض التعازي طقوس درامية


جورج منصور

الحوار المتمدن-العدد: 7007 - 2021 / 9 / 2 - 09:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كل عام يُقيم الشيعة في العراق وايران وفي مناطق مختلفة من العالم مراسيم في ذكرى استشهاد الإمام الحسين في معركة كربلاء، التي يطلق عليها أيضا واقعة الطفّ، وتستمر هذه الطقوس عشرة أيام من غرة شهر محرم الحرام، وهي تحمل في طياتها معاني التضحية والحقّ والحرية، باعتبار ان الواقعة تُعدّ رمزاً لثورة المظلوم على الظالم، وقد اصبحت تمثل قيمة روحية لدى الشيعة واسهمت في تبلور ثقافتهم. وكما قال عالم الاجتماع الدكتور علي الوردي " إن مقتل الحسين باق يجالد الأيام والليالي، وسبب ذلك أن الحسين يمثل الثائر المظلوم وهو أذن دائم ما دام في الدنيا ظالم ومظلوم".

إن التعازي والعروض التي تقدم في هذه الأيام، تعيدني الى مقال ذي مغزى عميق وله علاقة وثيقة بصُلب المناسبة، خاصة في جانب التعازي، كتبه الباحث واللغوي الإيراني المعروف يحيى آريان بور في كتابه الموسوم (من صبا الى نيما- 150 سنة على تاريخ الأدب الفارسي) الجزء الأول، الفصل الخامس: النصوص المسرحية. قمتُ بترجمة المقال الى اللغة العربية وأضفت اليه بعض الهوامش اللازمة:

إن العروض والمسرحيات، بالمفهوم الأوروبي، لم تكن موجودة في إيران. بيد أن فن العروض المقتصر على (التشابيه)، كان منذ أمد طويل إذ يقام في الأيام العشرة من شهر محرم من كل عام. ويطلق العامة على هذا الشكل من العروض الفنية ب "عروض التعازي"، والتي هي عبارة عن تجسيد وتمثيل لاستشهاد الإمام الحسين في المأساة المتمثلة بواقعة كربلاء. هذه التراجيديات الدينية تشبه تماما المسرحيات الدينية، أو الأخلاقية والتي كانت تعرض بأوروبا في القرون الوسطى.

وللتعازي وعروض التشابيه، في الواقع، جذور أعمق وأقدم في إيران. إذ كان الديلميون*، من ملوك إيران الشيعة، يُجسّدون ظلم الخلفاء ومأساة الحسين بصورة التشابيه. وكانت هذه المسرحيات صامتة، يرتدي أفرادها الملابس المناسبة، وهم يصورون المشاهد راجلين أو ركبين، الى أن أصبحت "عروض التعازي" التي يرافقها الشعر والغناء نوعاً من الميلودراما شيئاً طبيعيا.

في عهد ناصر الدين شاه (1869 – 1934م) أخذت التشابيه الناطقة تُعرض في إيران. وإذا افترضنا أنها سبقت العهد المذكور، فإنها قد تألقت فيه أكثر. ووجدت عروض التشابيه جاهزة (ملا حسين امام خوان، ميرزا غلام حسين عباس خوان، وجهانكَير مسلم خوان)*.
ويبدو أن مشاهدات الملك (ناصر الدين شاه) في أسفاره للمسرح الأوروبي*، كان لها تأثير ملحوظ على تطور عروض التعازي والتشابيه. فقد انشأ لدى عودته سنة 1916م تكية الدولة لهذا الغرض، وراعى في تصميمها المعماري أن تكون شبيهة بمسرح (آلبرت هول) في لندن.

وبسبب معارضة الملالي العروض والمسرح، حوَّل المسرح الى تكية ومكان لعروض التعازي. (التكايا الأخرى التي انشئت فيما بعد: تكية نائب السلطنة، تكية عضد الملك، تكية صاحب الديوان، تكية سيد اسماعيل، تكية الخلج، وتكية منوجهر خان).

وكانت أكبر برامج عروض التشابيه تقام في تكية الدولة، بمساحته الواسعة وطابقيه الاثنين. إذ إن الطابق العلوي كان يضم غرفا عديدة، وكل غرفة من الغرف كانت خاصة بملك أو بملكات الحرم والحاشية. ويوجد في فناء التكية مكان كبير لعارضي التشابيه، يتوسطه مرتفع مبني من الجصّ والطابوق، يجلس فوقه عارضو التعزية، ويقومون بأداء ادوارهم. وكان " معين البكاء" ، وهو مدير العرض ومخرجه يدخل حاملا أبياتا شعرية لكل قرّاء التشابيه، وبمصاحبة ألحان الموسيقى الملكية، يعطي الإيعاز ببدء التعزية.

وفيما عدا الشهداء، كان للأنبياء والملوك والملائكة والجن وحتى أحياناً لشخص أوروبي بإسم (سلطان قيس) دور في العرض، وشارك في أحد العروض أسد. وهذه المشاهد تعني أن هذا المصاب الجلل ليس مصاب الشيعة وحدهم، بل هو مصاب الجن والإنس والكفرة والحيوانات أيضا.

وقد هُيئت نصوص التعازي في فترات متأخرة نسبيا. ولم تكن تُكتب فيها المواضيع عادة، بل تسجل الأشعار والحضور فقط على ورقة صغيرة مليئة بالملاحظات، وفيها إشارة الى دور كل واحد ووقت شروعه بالتمثيل، ولهذا بقيت لنا اسماء المؤلفين مجهولة.
****************************************************************
* الديلم قبائل إيرانية كانت تسكن ديلمستان، ووجدت حتى القرن الثامن الهجري. وديلم الحالية هي احدى مناطق بوشهر في الشمال الغربي منها، حيث مناخها حار ورطب- المترجم.
* خوان بالفارسية من أصل خواندان، وتعني القراءة. مثلاً روضة خوان، والتي اشتهرت باللهجة العامية العراقية: الروزخون، وتعني الخطيب- المترجم.
* لقد جمع علماء اوروبيون بعضا من نصوص التعازي هذه، وقاموا بترجمتها وطبعها. وفيما يتعلق بمجموعة "فتحعلي" ملك القاجار المتألفة من ثلاثة وثلاثين مجلساّ، فقد تُرجمت وطُبعت من قبل الكسندر خودسكو، وشارل فيروليود، وروبر هنري. كما تتألف مجموعة اخرى من خمسة عشر مجلسا صورها ويليام ليتن وبقيت بغير ترجمة، وكذلك مجموعة مؤلفة من سبعة وثلاثين مجلسا ترجمها الكولونيل لويس بيلي الى الانجليزية وصدرت بمجلدين. وإضافة الى ذلك ل (كريمسكي) و (ببرتلس) و(وليام بنيامين) مؤلفات حول التعازي في إيران.



#جورج_منصور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار لم يُنشر مع شيركو بيكه س
- لقاء في قم
- بغداد 2003: عندما كشّر الموت أنيابه*
- الفنان الآشوري هانيبال ألخاص كما عرفتهُ
- حكايتان من الجبل: الساقية والبغل
- عن الهجوم الكيمياوي على حلبجة كًلستان*
- مشياً على الأقدام بإتجاه الوطن: من موسكو الى قرية نائية .. ه ...
- هل رفع خيم المتظاهرين تفكيك لإنتفاضة تشرين؟
- حكاية لقائي مع غائب طعمة فرمان وزهير الجزائري في موسكو
- مع مصطفى الكاظمي (ذاك يوم.. وهذا يوم)
- ليس رثاءً.. في رحيل الصديق علي شبيب (أبو بدر)
- ما أوجعنا يا صديقي هشام الهاشمي
- العراق: لماذا العنف ضد المرأة؟
- هل تجيز إيران بيع ألاعضاء ألبشرية؟
- هل تضمد زيارة البابا جراح مسيحيي العراق؟
- العراق... ويسألونني عن هيبتك؟
- هل تصلح العلمانية نظاما لإدارة الحكم؟
- العراق: دولة الظل العميقة؟
- العراق: هل نرفع الرايات البيضاء؟
- صفارة إنذار اياد علاوي


المزيد.....




- فيديو يُظهر لحظة وقوع أعنف هجوم روسي على كييف منذ أشهر
- في ظل التوتر مع باكستان.. نتنياهو يتصل بمودي ويكشف ما ناقشاه ...
- إعلام إسرائيلي: معارك ضارية تدور في شمال غزة وحديث عن كمين ق ...
- تفاعل واسع بعد استخدام محمود عباس تعبيراً -نابياً- في مخاطبت ...
- مقتل 9 أشخاص وإصابة 63 آخرين في غارات روسية ليلية على كييف
- تماثيل مسروقة ومخدرات في قبضة الأمن خلال مداهمة في جزيرة كري ...
- تدهور صحة الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو بعد جراحة معقدة ...
- بسبب منشوره حول نزع سلاح حزب الله .. لبنان يوبخ سفير إيران
- السفارة الروسية في لندن: العقوبات البريطانية الجديدة عدائية ...
- إعلام: واشنطن تسعى لإقناع موسكو بقبول حق كييف في امتلاك جيشه ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج منصور - عروض التعازي طقوس درامية