أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مظفر النواب - أقسمت باسمك ياعراق















المزيد.....

أقسمت باسمك ياعراق


مظفر النواب

الحوار المتمدن-العدد: 7004 - 2021 / 8 / 30 - 22:26
المحور: الادب والفن
    


ــــــ أقسمت باسمك يا عراق ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مظفر النواب .





يا موجَعَاً رِئَةً
بما أَسنَدتَ صَدركَ
للبنادقِ والبَراري
لا يُزعِجَنَّكَ أَنهُ ليلٌ تكَعَّبَ
واستَفزتكَ الضواري
خَوِّض
فقَبلَكَ خَوَّضَ الأَجدادُ في دمِهِم
لِتَسلَمَ رَملَةٌ عَجفاءُ
يابِسَةُ اللّهاةِ
تَشِفُّ في عطشِ الصحاري
واقَحَم..فإن لم تَقتَحِم
سَيُخيفُكَ المُتخاوِفونَ
بأَن أَشباحاً هنالكَ
في الضبابِ وفي الغبارِ
أُكذوبةٌ..أُكذوبةٌ
أَتخافُ يا قحطُ بن جَدبٍ
أَن تموتَ وأَنت عاري؟
وبأَن يوماً شائكاً
سَيُزيدُ جُرحاً بالمخيمِ
والرَّسيسِ مِن الطِمارِ
سَمِّ الصغارَ خناجِراً
موتاً.. سكاكيناً
وعلِّمهُم سكاكيناً
وكَتِّبهم سكاكيناً
وخَلّيهم يرونَ العشبَ سكيناً
وأَذِّن بالخناجِرِ في النهارِ
ما عالمٌ هذا
ولكن فِريَةً سَمَّوهُ عالَماً
إنهُ ماخورةٌ شَمّاءُ
في عِزِّ الزِنا
ومُقامِرونَ ونحنُ أَوراقُ القمارِ
إحمل سِلاحَكَ
لا أَقولُ نبوءَةً
أَن الكبارَ تفاهَموا
لكن أَقولُ نبوءَةً
أَنّا وضِعنا أَول الذبحى
بقائِمةِ الصغارِ
أَنّى تَكُن فانسِف
فإن بقاءَنا
رَهنٌ بفلسفةِ الخرابِ
ولا يُخِفكَ
مُغادِرٌ صَفَّ الخراب
فمَعدنٌ يَصفو
وشائِبةٌ تذوبُ بِلَفحِ نارِ
سَمِّ الصغارَ قنابلَ يدويةً
قُدساً..سكاكيناً
وعَلِّق فوق مَهدِ الطفلِ سكيناً
وخلَّهِم يرَونَ العُشبَ سكيناً
وأَذِّن بِاسمِكَ اللهمَّ يا سكينُ
نرجِع للديارِ
نَثَّت على دِمَنِ الكرامةِ مِزنَةٌ
فتَنَفسَ الصُعداءَ
كوزٌ يابِسٌ هَجرٌ
وبَلّلَ ريقَهُ إبريقُ شايٍ
ثَقَّبَتهُ رصاصَةٌ
وتَقافَزَت عصفورةٍ
بين الخرائبِ والحجارِ
واهتاجَني نَفسَ الترابِ
فقلتُ: يا بَرقاً على الأَغوارِ
إني سامِعٌ أَصواتَهُم
جَشّاءَ كالصُّبيرِ خافِتةً
وأَلمحُ شارِباً زَغِباً وقُبَّرةً
وشارات انتظارِ
وعَبَرتُ تُمسِكُني المقابرُ
أَن أُحدِّثَها عن الأَحبابِ
في أُم القرى
وعن البيوتِ
وعن الجوامعِ والمساجدِ والحَواري
ويكادُ قبرٌ أَن يقومَ ويرتَجيني
أَن يَشدَّ لِصَدرِهِ رشاشَتي
ويُمَسِّحُ الوعثاءَ بالأَكفانِ عنها
في حنانٍ وانبِهارِ
ويكادُ يلتصِقُ
الفَراشُ البرتقاليُّ الحزينُ بلِحيَتي
وأَنا أَجوزُ برهبَةٍ
قبراً جماعِياً شديدَ الأزوِرارِ
ويصيحُ بي جَدَثُ فتىً
لم يزَل غَضّاً
ويَطرفُ بين عينيهِ النّدى
خَبِّر مُعسكرَنا
عليٌّ ما يزالُ مُخَندِقاً في الغَورِ
ينتظرُ الإشارَةَ والصواري
هَوِّن أَبا الهيجا
لقد رحلَ المُعسكرُ
لاجِئَاً كاللاجئين
وأَنت تنتظرُ الإشارةَ في البراري
يا مَيتاً لمّا يُوارى
إن بعضَ العارِ
أَن الأَرضَ ما عادت تُواري
غَضبى على أَبنائِها
تركوا أَبا ذَرٍّ
يُنافِحُ في الهَجيرِ بلا جِوارِ
هذا هو الفصلُ الأَخير
سيخلعُ المُتَقَنِّعونَ قِناعَهم
ويُرى الذين وراءَ ثالوث الدعارةِ
يُمسِكونَ الكيسَ في كَفٍّ
وبالأُخرى ادعاءَاتِ اليسارِ
ولسوفَ تنقَسِمُ الأُمور
لغيرِ هذي الإنقساماتِ
الشبيهةِ بَعضَها
ويجيئُ يومٌ لا ينامُ على انتظاري
يا جائِعاً..يا جائِعاً..يا جائِعاً
ليس البَلِيَّةُ أَن تجوعَ
وأَن تجوعَ
وأَن تَشدَّ على المِعى كَومَ الحجارِ
وبأَن تُرى عيناكَ
جاحِظةً كصحنِ الجائِعينَ
يُزيدُها كَلَحاً وجومٌ صارِمٌ كالإنتحارِ
إن البَلِيَّةَ أَن تُرى مُتثاقِلاً
مُتناعِسَ العينين
أتخَمَ بَطنكَ المتفاهِمونَ
مع القواداتِ الكبيرةِ والجَواري
أَقسَمت باسمكَ يا عراق
بأن أُحارِبَ
حيثُما وجِدَ المُحاربُ
أَو أَموتَ محارِباً وحدي
على كلّ الشِّفارِ
عِرقٌ بهاتيكَ الجزيرةِ
عَضَّني سجنُ العراقِ فما استطاعَ
وحاولتني كلّ ريحٍ أَن أُجاري
يومَ انتميتُ إلى الرَّحى
مِن قُطبِها
ووجدتها بيدٍ تُدار
رفضتُ طاحنةً تُدارِ
حُرٌّ بوجهِ الريحِ لا أَلوي
ولا خَدَعَ السرابُ
تَقَحُمي ولَوى مَساري
يا نخلَ أَهلي بالعراق
أَشُمُّ رائِحةَ العراقِ
على الغُبارِ
يا نخلَ أَهلي
شاقَني ثَغوُ النعاجِ
وشربُ ماءِ اللهِ
بالطلعِ الغَبوقَ مِن النهارِ
يا نخلَ أَهلي لم أَذق ماءً
كذاكَ الماءِ عافيةً
يَشُفُّ عن الدقيقِ مِن السُّرارِ
يا نخلَ أَهلي
يا نخلَ أَهلي
يا نخلَ أَهلي
بالعَشِيِّ أَعِد لوجهي
خُضرةَ السَّعفِ الحنون
عن الجَنِيِّ مِن الثمارِ
قلبي خَفيٌّ بالعراقِ
بِرُغمِ ما قد ماتَ مِن جسدي
على كلّ الموانيءِ والبِحارِ
وطني.. إذا البحّار لم يَهلِك
على صدرِ السفينِ
تحدياً للبحرِ والميناءِ
لا تُقِمِ الصواري
سَمِّ الصغارَ خناجراً
لوثاً… سكاكيناً
وكَبِّر بالخناجرِ في النهارِ
حسبي أَشُمّكِ يا بيوتَ الطينِ
أَطبعُ أَضلعي مِن طيبِ ما شَمَّت
على وحَلِ المجاري
يا شامُ رُبَّ صراحةٍ
حاشاكِ موجِعَةٍ
ورُبَّ مصارِحٍ
أَغراهُ أَنكِ ذاتُ نارِ

طالَ الوقوفُ بمفترقِ الطريقِ
وإنّ عاصفةً على الآفاقِ
تُنذِرُ بانفجارِ
لا يخدَعَنّكِ ما يقالُ تَوازُنٌ
فالعَزمُ ميزانُ الأُمورِ
وجَرأَةٌ لغةُ الحِوارِ
إني أَرى أَن الأُمورَ تَجَزأَت
وكأَننا سِلَعٌ بأَسواقِ
الرخيصِ مِن الخُضارِ
يا ليتَ أَن الصاعِقاتِ
تَدُرُّ مِدراراً
ولا أَلقاكِ ساكتةً كما أَلقى
ومطفأَةَ الفَنارِ
أَنا لم أَقُل بَرَدى قليلاً
إنما قد هالَني
ما فيهِ مِن وسَخٍ
كأَنّ النهرَ شَحَّت منابِعُهُ العظيمةُ
واستَبَدَّ بهِ الجفافُ
استَفرَدتهُ يدُ المجاري
للهِ ما صَدَقَ الوشاةُ ودبَّجوا
حتى لقد ضاقَ السِّجِلُّ الضخمُ
بالأَوراقِ يا بَردى
وما عَتبٌ قرأتُ ظلامَ
مصيرهِم عذباً
كما ذَبحوا نَهاري
سافرتُ في الوطنِ الحزينِ
أَلمُّ في زَوّادَتي
طيناً مِن الطرقاتِ
أَنساني افتِخاري
أَتلمّ طيناً واحداً أنتَ المُجَزأُ؟
قلتُ يا وطني اعتذاري
إني لأَنتظِرُ القيامةَ
واندلاعَ الصبرِ
يذرُفُ ما يُجَذِّرُهُ
احتلالٌ سافِرُ النِّياتِ
في أَرضي سَيَلتَهِم الترابُ جُذورَهُم
فهو العراق
ما العراق بِهَيِّنٍ
رغمَ الكواسِرِ والجوارحِ والضواري.



#مظفر_النواب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رهان ...
- قف بما فيك
- قصيدة لم تنشر ...
- فتى جنين
- نارا ... من قصائد الانتفاضة الفلسطينية
- ثلاث اقتباسات ..
- واهراه ..
- ذكريات فرح حزين
- وأنت المحال الذي لايباع
- فراس ..
- قصيدة الفرات
- سرير ..
- وحشة
- كاتيوشا
- مرثية عباس الموسوي
- قصيدتان من رباعيات الصمت الجميل ...
- قصيدتان من رباعية لوجه القمر ...
- من رباعيات مظفر النواب
- عبر الخابور
- لا ترحلوا ..


المزيد.....




- بتقنية الخداع البصري.. مصورة كينية تحتفي بالجمال والثقافة في ...
- ضحك من القلب على مغامرات الفأر والقط..تردد قناة توم وجيري ال ...
- حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
- فنان عراقي هاجر وطنه المسرح وجد وطنه في مسرح ستوكهولم
- بالسينمات.. فيلم ولاد رزق 3 القاضية بطولة أحمد رزق وآسر ياسي ...
- فعالية أيام الثقافة الإماراتية تقام في العاصمة الروسية موسكو
- الدورة الـ19 من مهرجان موازين.. نجوم الغناء يتألقون بالمغرب ...
- ألف مبروك: خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في ...
- توقيع ديوان - رفيق الروح - للشاعرة أفنان جولاني في القدس
- من -سقط الزند- إلى -اللزوميات-.. أبو العلاء المعري فيلسوف ال ...


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مظفر النواب - أقسمت باسمك ياعراق