|
الثقافة بين المفهوم والمصطلح
عادل كوركيس
الحوار المتمدن-العدد: 1645 - 2006 / 8 / 17 - 07:21
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لا أدعي أن ما سيرد هنا يأخذ شكل بحث علمي بحت ، بل يمثل وجهة نظر قابلة للجدال والنقاش . ذلك أني اشعر بضرورة مراجعة استخدام الكثير من المفاهيم والمصطلحات المنطلقة من المفاهيم الأساسية لها أو غير المنطلقة منـها ، بهدف إزالة الخلط الحاصـل بينهما لدى البعض ـ وليس الجميع بالطبع ـ والتي نجدها في الكثير من النقود خاصة . وهذا الخلط يترك أثره السلبي على المتلقي ، غير الدارس ، أو المبتدأ خاصة .. خاصة إذا علمنا أن اللغة اليوم باتت على وجه التقريب اصطلاحية في معظمها ..والموضوع هذا هو حلقة في سلسلة بدأتها منذ فترة .. آمل أن يساهم آخرون ممن هم أقرب إلـى البحث العلمي والاختصاصي مني ، بغية توضيح ما يغمض ، خاصة ونحن نمر في فترة حرجة هي أحوج ما يكون إلى الوضوح والدقة في إيصال الفكرة والمعلومة .
والذي دفعني إلى ذلك كثرة استخدام مصطلح الثقافة في مجاله أو غير مجاله ، بدلا من اصطلاحات أو مفاهيم أخرى مثل " آداب " أو " سلوكيات " أو ما شابه ذلك . من جهة ثانية اعتدت أن أرى في مفهوم أو مصطلح الثقافة ، أيا كان ، جانبا إيجابيا ، في الوقت الذي باتت كلمة " ثقافة " تلحق بكل نشاط تقريبا ، فأنا لا أدري كيف يكون للعنف ثقافة ، مثلما لا أدري كيف يكون للإرهاب ثقافة ، ولا أدري كيف يكون لتعاسات البشر ثقافة ، ولا لكيت وكيت من الأمور المدمرة والسلبية ثقافة ؟ فهل يقوم العنف أو القائمين على العنف بتحسين وتطوير أنفسهم من أجل عنف أو إرهاب أفضل وأرقى وأحسن ، ومـا إلى ذلك مـن الصفات الإيجابية ؟ لقد شاعت كلمة " الثقافة " في كتاباتنا ، حالها حال الكثير من الاصطلاحات العشوائية الأخرى في الآونة الأخيرة كما انتشار الفطر لتقوم من ثم بتوصيف ما شئت وما لم تشأ من المسميات . قد يكون تعبير ثقافة الطبيب أو الطالب ، ثقافة الشارع أو المجتمع ، أو غير ذلك من المجالات ، أمرا مقبولا نوعا ما ، وإن كان الأولى قول " سلوك " أو " آداب " كذا وكذا .. لكن كيف يكون مقبولا أو مقنعا قول " ثقافة السلب والنهب " أو ثقافة القتل والاغتصاب " ، ثقافة العصيان " ، ثقافة التدمير " .. !! لم أتعرف على الثقافة إلا كونها صفة إيجابية تهدف إلى التشذيب والتهذيب والتربية والصقل من أجل إزالة الشوائب الضارة المؤذية وغير النافعة للحصول على نتائج بأحسن الدرجات والنوعيات الممكنة . ولأجل توضيح ما أقصد رأيت ضرورة للعودة إلى القواميس لأتناول من خلالها ثلاث كلمات ذات صلة بما اهدف إليه ، قبل طرح الموضوع قيد التناول ، والكلمات هـي : المفهوم ، المصطلح ، الثقافة .. 1 - يخبرنا لسان العرب تحت الجذر " ثقف " بأنه " يقال ثقف الشيء وهو سرعة التعلم … ويقال ثقفتُ الشيء حذقته ، وثقفته ظفرت به … تثقيفها : تسويتها … الثقاف خشبة تسوى بها الرماح … " . أمـا المنجد فيخبرنا تحت الجذر " ثقف " أن " ثقفا وثقافة وثُقوفة الكلام : حذقه وفهمه بسعة … ثقفَ الرمح : قوّمـه وسواه || وثقف الولد : هذبه وعلمه فتهذب بتعلمٍ فهو مثقف … الثقافة : التمكن من العلوم والفنون والآداب .. " . 2 - تحت الجذر " فهم " يخبرنا لسان العرب بأن " الفهم : معرفتك الشيء بالقلب . فهمه فهما .. : علمه … وفهمت الشيء : عقلته وعرفته . . " . أما المنجد في اللغة فإنه يخبرنا تحت الجذر " فهـم " أن " فهم فهما .. الأمر أو المعنى : علمه وعرفه وأدركه … الفهم : تصور الشيء وإدراكه .. " 3 - تحت الجذر " صلح " نجد في لسان العرب أن " صَلُحَ : الصلاح ضد الفساد … وهذا الشيء يصلح لك أي هو من بابتك … والصلح : تصالح القوم بينهم . والصلح : السلم . وقد اصطلحوا وصالحوا واصّلحوا … " . كما نجد في المنجد أن " صالح صِلاحا ومصالحة.. صالحه : وافقه … تصالح .. واصطلح واصّلح القوم : خلاف تخاصموا واختصموا … الاصطلاح ج اصطلاحات : العرف الخاص أي اتفاق طائفة مخصوصة من القوم على وضع الشيء أو الكلمة .. " . من ناحية أخرى نجد في الإنكليزية كلمات تقابل الكلمات أعلاه ، نراها إما تقترب كثيرا أو تتوازى ، أو تشكل صلة بنوع أو بآخر مع مقابلاتها العربية : فالثقافة تقابلها في العادة كلمة culture التي تعني حسب المورد 2004 صفحة 238 " (1) حراثـة (2) تثقيف ، تهذيب (3) ثقافة (4) حضارة أو مرحلة معينة من مراحل التقدم الحضاري (5) استنبات … " أما " الفهم فتقابله كلمات عدة حسب المعنى الذي تقصد إيه الجملة أو العبارة ، ومنها : understanding , perception , comprehend , conception ، والمعتاد هو استخدام conception كمقابل للمفاهيم ، على حد متابعاتي . والمصطلح يقابله أيضا كلمات عدة نورد منها agreement , convention , customary , term كل حسب المعنى الذي تقصد الجملة إليه . من المصادفات أن تكون كلمة " ثقافة " في العربية قريبة في مفهومها من culture في الإنكليزية .
ـ 2 ـ
لابد لنا من تلمس التداخل الحاصل بين الكثير من المفاهيم والمصطلحات التي ابتكرتها أيضا حضارات غير حضاراتنا وشعوب وأقوام غير شعوبنا وأقوامنا ( ويمكن القول أيضا ثقافات غير ثقافاتنا ) كنا بحاجة إلى اقتباسها والعمل بها عبر استخدامها كل في مجاله وحسب ظرفه ، وذلك عبر التجارة أو الحروب أو عبر اختلاطات أخرى قامت ومازالت تقوم بين مختلف الأقوام والشعوب والأمم على مدى فترات تاريخية طويلة ، من خلال أي شكل من أشكال الترجمة .. ومن الجدير هنا الإشارة إلى ما لعبته وتلعبه الترجمات أو النقولات من لغة إلى أخرى من دور في خلق عدم اتفاق دقيق في تحديد كلمة مقابل كلمة ، أو مصطلح مقابل مصطلح ، بل حتى مفهوم مقابل مفهوم ، إلى درجة أن مجمعات اللغة العربية في بلدان مختلفة اختلفت فيما بينها بهذا الخصوص … من هنا يتبين أيضا أن الثقافة ذات مفهوم شامل تقريبا ، لا ينحصر في باب من أبواب إلا إذا حولناها إلى مصطلح خاص بهذا الباب أو ذاك . لذلك اعتدنا أن نقرأ ونسمع عن الثقافة ، من البعض طبعا ، كونها محصورة في فئة من الناس ، هم في الغالب أدباء وكتاب .. وفنانون . وحتى الفنانين ، مأخوذين من زاوية محددة ، يقصد بهم الرسامون والنحاتون والموسيقيون والمسرحيون وما شابه ذلك ، متناسين أن المهن والحرف تقع هي الأخرى تحت خانة الفن ( فالطبابة والهندسة والتجارة والحدادة والنجارة .. بل حتى السياقة والتعامل الاجتماعي ، والبقالة و .. الخ إنما هي في واقعها فن من الفنون ، شئنا أم أبينا ) لذلك سيكون غريبا أن نقرأ هنـا وهناك : الثقافة البصرية ، الثقافة القانونية ، الثقافة الطبية ، الثقافة الليبرالية ، ثقافة السلاح ، خطاب ثقافي تسعيني ، ثقافة الهندسة ، الثقافة الشعبية ، ثقافة الصورة ، ثقافة العنف ، ثقافة الانتخاب ، ثقافة الكلمة ، ثقافة السلام ، ثقافة المطبخ ، ثقافة المائدة ، والقائمة تطول .. لكننا نستشف من ذلك أن من السهل تبديل كلمة " ثقافة " في كثير من تلك المسميات بكلمة " آداب " أو " تربية " أو " أخلاقيات " ( مثل آداب المائدة وآداب الانتخاب على سبيل المثال ) ، مما يدل على أن " الثقافة هنا استخدمت كاصطلاح وليس كمفهوم ، دون توضيح أبعاد المصطلح الذي انتقل بكل سهولة من الإيجابي إلى السلبي . والثقافة ليست ، من ناحية ثانية ، محصورة بكل من تعلم القراءة والكتابة ، أو نال شهادة من الشهادات ، أيا كانت درجتها ، إنما هي/الثقافة تشمل وتعم الجميع ، في حال نال التقويم والتسوية ، وتعلم وتثقف وتهذب ـ أكان في مدرسة الحياة أم في المدارس التقليدية المتعارف عليها ـ و " تمكن من العلوم والفنون والآداب " أو " حذقها .. وظفر بها .. " ونضيف : على أن يستفاد منها من أجل الصالح العام والخاص بالتوازن الموضوعي . والثقافة تطال جميع مجالات الحياة ( الفلسفية ، الدينية ، الأخلاقية ، التربوية ، السياسية وغيرها.. ) ، ذلك أنه مـن الواجب التمييز ، هنا ، بين الثقافة كمفهوم يطال جميع جوانب الحياة ، والثقافة كمصطلح خُصَ به قطاعا معينا . وإذن هناك فارق بين مجال وآخر ، إلا أن المصطلحات العلمية أيسر في الاصطلاح مما هي عليه الحال في العلوم الإنسانية ، التي يقوم الخلاف فيها بالدرجة الأولى . وعليه ( آخذين تثقيف العصى كمثال ) نستطيع القول ـ وحتى أن نعرّف الثقافة تعريفا أوليا ـ بأنها عبارة عن تحويل مادة خام ذات طبيعة ووظيفة معينة إلى مصنوع أو منتج سيكون له ـ انطلاقا من طبيعته الأولية ـ طبيعة ووظيفة ، ولربما وظائف ، لهدف معين . بذلك سيكون للغصن المثقف وظيفة جديدة ، كأن يقاد به الإبل أو لردع الوحوش وكش أخرى وللدفاع عن النفس بها ، أو دعامة تنصب عليها خيمة ، أو تشكل جزء من مقعد أو قطعة أثاث وما شابه.. ويشمل الأمر البشر أيضا بالطبع حين تشذب وتهذب طباعهم ، ويجري تأديبهم وتعليمهم كيف يحذقون الحياة وممارستها اجتماعيا .. الخ . وعلى هذا يكون البقال والعامل ( على سبيل المثال ) مثقفا بعدما يكون قد تعلم ومر بالتشذيب والتهذيب وحذق ما حذق ، ليصلا بأعمالهما وطريقة تعاملهما مع مهنتيهما ومع الحياة إلى ما هو أفضل وأحسن ، وليعود ذلك عليهما وعلى الآخرين باليمن والبركة ، والحصول على فائدة أكبر ، وكذلك من أجل فهم أكبر لهذه السيرورة وتطويرها وتقدمها إلى الأمام . ومن البديهي أن يأتي هنا الابتكار والإبداع ، فذلك تحصيل حاصل لتراكم الخبرة ، بـل هما مطلوبان ضمن قوانين التطور والتقدم ، لأن الحياة في حركة دائبة تستوجب متغيراتها وتراكم خبراتها مثل هذه التبدلات ، الإيجابية طبعا ، دون أن ننسى إمكانية وجود الجانب السلبي في الأمر كله . فنحن نجد أيضا من يكتسب معرفة ويتعلم أمورا كثيرة ، لكنه يستغلها أو يوظفها لأغراض ذاتية أنانية مؤذية اجتماعيا . ولنا أن نشير هنا إلى أن المعارف والتعلم لوحدهما لا يشكلان ثقافة ، وإن كانا يشكلان أركانا مساعدة وهامة ، انطلاقا من أن الثقافة ـ باعتقادنا ـ لابد أن تأخذ الوجه الإيجابي النافع اجتماعيا . لذلك سيكون غريبا أن نقول أن للعنف أو للسلب والنهب أو القتل المجاني أو ما شابه ذلك ثقافة ، حيث ستصبح جميع هذه الآفات الاجتماعية مقبولة لدى البعض لا لشيء إلا لأنها ثقافة . ويا له من أسلوب جميل نشوه به الثقافة . وبالتالي يمكننا التعريف بالثقافة ـ من وجهة نظرنا في الأقل ـ على أنها كل تعديل ( تشذيب ، تهذيب ، تأديب .. ) نافع اجتماعيا ، جار على الأحياء والجمادات في جميع مناحي الحياة .
ـ 3 ـ
بالنظر إلى " المفهوم " وجذره " فهم " ، فإنهما يحيلانا إلى إدراك الشيء واستيعابه ، ماديا كان أم معنويا أم تجريديا أم صوريا وما إلى ذلك . والإدراك والاستيعاب إنما يعنيان بلوغ ماهية الشيء ( بمادته ، سلوكه ، وظيفته ، الهدف منه أو هدفه ، ومجالات الإفادة منه لقبوله أو رفضه .. الخ ) وذلك بعد وعيه تماما . وما دام " الشيء " هذا قائما ، يبقى المفهوم عنه قائما ( كمثال مادي على ذلك : الماء ، الهواء ، النبات ، الحيوان .. الخ ) . فهذه ثوابت يتحدد ثباتها بالظروف القائمة في حناياها وحولها ، وإذ تتغير ظروفها ومواقعها ومحيطها كميا ونوعيا ( مثل النوعية في الهواء والماء ، الضغط الجوي ، الجاذبية … ) فإنها تتغير هي الأخرى وقد تنقرض .. غير أن هناك " ثوابت " ، أو شبه ثوابت في الواقع ، انطلقت من مفاهيم صارت تجريدية ، مثل العدل والصدق والأخلاق والأعداد والأرقام وما إلى ذلك ، التي كانت السبب في تأسيس الفكر المطلق ، الذي جمد عبر وغوله في تجريدات غير علمية أكبر ، اعتمادا على خيال تأملي منفصل عن جذوره الأولى ، بانيا عالما خاصا به ، لافتقاره الارتباط بالعالم المحسوس والواقع غير المدرك ، تصورا منه أنه بذلك يحل ما استعصى عليه بأي شكل من الأشكال . لكن هذه الثوابت متغيرة في واقع الحال ، وتخضع لاجتهادات شتى عند النظر فيها بتمحص . من هنا يكون " مفهوم " الثقافة العلم بـ ، أو تعلم وإدراك واستيعاب ( مادي حسي وصوري تجريدي ) ، وعقل الأشياء عامة ، أي في جميع مناحي الحياة لأن أمر الثقافة يشملها جميعا .
ـ 4 ـ
أما " المصطلح " ، فقد تبين أنه من الاصطلاح على شيء ، وإقامة اتفاق بشأنه . هذا الاتفاق غير مقيد بثبات ظرفي دائم ، لأنه مرتبط بمتغيرات شروط أو موازين الاتفاق حسبَ إما وجهات نظر ، أو مصالح ، أو مستجدات قـد تثير الخلاف من جديد ، عندها لابد من اتفاق ، أو حل جديد للخلاف ربما كان العنف ، عند البعض ، أحد أوجه الحل . قد يرتبط المصطلح بالمفهوم الذي انطلق منه ، وقد ينفصل عنه جزئيا أو بدرجة كبيرة ، غير أنه نادرا ما يفقد ارتباطه بالمفهوم المنطلق منه بالمرة . كذلك قد ينال المصطلح استقلالية تحوله إلى اسم متداول يتسمى به اتجاه فني أو أدبي أو مدرسة أو مذهب أو ما شابه ( كمـا يحصـل ذلك فـي السياسة وعلـوم الاجتماع وغيرهمـا أيضا ) مثل الواقعية والرمزية .. الخ . وفي كل الأحوال لابد من الانتباه إلى أن لهذه الاستقلالية خصوصيتها المرتبطة بحيثيات وقت الاصطلاح على الشيء أو التسمية ، ووقت نشوئه والظروف والأسباب الدائرة فيه وحوله ، ومن ثم لابد من الحذر من تعميمه في غير مكانه ، فالاتفاق الاصطلاحي غير مقيد بثباته إذن ، فما أن تختل موازين الاتفاق على ضوء المتغيرات الحاصلة ( كما سبق وذكرنا ، لأن الحياة عموما والاجتماعية خاصة في تغير متواصل ) حتى يقوم الخلاف من جديد ، عندها لابد من اتفاق جديد ـ اصطلاح جديد على ضوء المتغير .. من هنا " المصطلح " الثقافي ( ثقافة الـ … ) مقصورا على قطاع معين ، ضمن ممارسة معينة ، نون مانع من تداخل قطاعين أو أكثر ، عندما تكون ثمة صلة تجمع بينها .
إن هـذه الفروقات التي تبدو للبعض جزئية أو غير ذات أهمية قد تشكل لخبطة وإيهام ـ خاصة عند إهمال هذا التمييز بين المصطلح والمفهوم بالشكل المطروح هنا ، في مجالات النقد والدراسة والبحث خاصة ـ حيث يؤديان إلى خلط الأوراق ( وهذا ما يحصل لدى البعض ) .
ـ 5 ـ
نقول هذا في وقت باتت فيه كثرة من المفاهيم والمصطلحات ، التي ابتكرتها هذه الحضارة أو تلك ( هذه الثقافة أو تلك ضمنا ) المتداولة في موقعها الذي نشأت فيه ، لتتعدى من ثم حدودها الجغرافية ، نتيجة التداخل والاحتكاك المتبادلان بين الحضارات ، وقيام ضرورة لاقتباسها والعمل بها عبر استخدامها كل في مجاله حسب الحاجة . غير أن هناك فارق بين مجال وآخر ، فالمصطلحات العلمية هي أيسر في التعامل بها مما في العلوم الإنسانية . وليس لنا أن ننسى دور الترجمة في هذا التباين .. لكن الحديث قد يطول .
ولا أدري لماذا نغفل العودة إلى أصول المفاهيم كي نرى المسيرة التي جالت بها عبر تطور اصطلاحاتها التي فرضها تقدم استخدام اللغة تبعا لتطور أو تدهور الحال الاجتماعي وغيره . كما لا أدري لماذا يأخذ بنا الشطط حتى نتقافز على المفهوم الكامن في المصطلح اللاحق واللاحق ، بحيث ترانا في اغتراب مريع بعض الأحيان . ولا أدري إن كان هذا الاغتراب متأت عن ضعف ونقص في الأداة أم عن قوة . هذا ما عنّ لي وأنا أقرأ الكثير الكثير من مسميات " الثقافة " ، التي يأتي بعضها في مكانه الصحيح ، ويأتي اعتباطا في أماكن قد تكون أكثر من الأولى، وتأخذ تحديدات تبتعد أحيانا عن جذر مفهومها أو لا تتماشى مع ما تود اعتباره اصطلاحا لكلمة " الثقافة " في المجال المعني . أضف إلى ذلك الكثير الكثير من الاصطلاحات الدائرة حول مفهوم أساسي واحد ، والتي باتت تستخدم جزافا ، كأنها تجريدات قائمة في ذاتها نبتت من غير جذور ، أو هبطت من السماء بجاهزيتها ، علما بأنه ليس من بأس أن يتحول المصطلح إلى اسم علم أو صفة أو ما شابه ، له خصوصيته وتحديد ما أطلق عليه ، فهذا من شأنه أن يثري اللغة ، ولكن ليس على حساب عدم الوضوح .
#عادل_كوركيس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من
...
-
عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش
...
-
فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ
...
-
واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
-
هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
-
هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
-
-مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال
...
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|