الدولة الاسلامية: استبداد او سراب

زياد ملكوش
كاتب
(Ziyad Malkosh)

الحوار المتمدن-العدد: 7000 - 2021 / 8 / 26 - 21:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يرغب كثير من المسلمين وعدد من التنظيمات اقامة دولة اسلامية، وعند البحث عن ماهية ومفهوم هذه الدولة لدى الناس وفي ادبيات هذه الجماعات في العصر الحالي لا تجد سوى انها دولة فيها الحاكمية لله اي بمفهومهم تطبق الشريعة الاسلامية وبخصائص لا تعدو كونها مجرد كلام انشائي، والشريعة غير المذكورة في المصحف ولا حتى في احاديث النبي/ إن صحت/ هي ما جاء به عدد من فقهاء السلاطين الاوائل وبنى عليه كثير بعدهم الى ان استقرت انها الأحكام المأخوذة من القرآن والسنة والاجماع والاجتهاد والقياس. وعند مراجعة الاحكام التي تنظم حياة الناس وسلوكهم وتعاملاتهم في المصحف نجد انها قليلة ولا تغطي جميع مناحي الحياة فقد اقتصرت على معاملات البيع بعمل العقود والزواج والطلاق والميراث والزكاة وطبعا بعض العقوبات للقتل والسرقة والزنا والاعتداء على الممتلكات بالاضافة الى دفع (الجزية) لغير المسلم و(الجهاد) بغزو البلاد الخرى/ إن استطاعوا / واجبار سكانها على الاختيار بين قول الشهادة او الجزية او القتل . اما باقي الاحكام فهي في مئات المجلدات التراثية التي حاولت تغطية الباقي بمجموعة من الفتاوى اكثر مافيها العقوبات والتي اسموها الحدود محولين معنى الكلمة الاصلي/ قبل وفي المصحف/ من فواصل الى عقوبات، وقمع موجه بالدرجة الاولى للمرأة التي يبدو انها العدو الاول لكل الاسلاميين وتنظيماتهم الذكورية. وقد قامت معظم الدول الاسلامية بتبني معظم هذه الاحكام في كثير من القضايا عن طريق المحاكم الشرعية وترواحت بين الوحشية كما كانت عند داعش وطالبان وقاسية جدا كما في النظام السعودي في الجزيرة العربية ونظام الملالي في ايران، وغير عادلة ومنحازة للذكور في باقي هذه الدول خاصة ما يتعلق بميراث المرأة وبحالات الزواج بالقصر وباربع وبالطلاق والنفقة وحضانة الاولاد.طبعا جميع مايسمى بالاحكام الشرعية على كثرتها لا تغطي جميع القضايا المجتمعية التي تغطيها عادة القوانين الوضعية المدنية الماخوذة من القوانين الانجليزية والفرنسية.

لا يوجد في المصحف اطلاقا اية اشارة الى الدولة او طريقة الحكم وقول الله انه جاعل في الارض خليفة ليس لها علاقة بدولة الخلافة فهي تعني ان الانسان هو سيد الارض، واصلا كلمة خليفة جاءت بعد وفاة النبي فلقب ابوبكر بخليفة رسول الله وعنما تولى عمر الحكم من بعده لقب بخليفة خليفة رسول الله، لكن عمر رأي ان ذلك اللقب طويل فاصبح يسمي امير المؤمنين. اما وامرهم شورى بينهم فهي سلوك عام لأحوال كثيرة. وحتى لو اعتبرناه طريقة للحكم فهو يعني الديمقراطية بمفهوم اليوم. هذا وباستثناء دولة النبي في المدينة والتي يمكن اعتبارها دولة مدنية عادلة فالتاريخ الاسلامي كله لم يشهد دولة اسلامية عادلة. ربما كان عصر العمرين والى حد ما زمن عثمان وعلي مع ما كان فيهما من فتن وحروب حكما راشدا نسبيا، غير ان جميع الحكام المسلمين فيما بعد كانوا مستبدين في دول حكمها فردي وراثي الخليفة او امير المؤمنين او السلطان فيها الآمر الناهي في كل شيء ويتحكم في الناس وفي المال وكانت قصور الحكام الفاسدين الفاسقين في الغالب مليئة بالجواري والغلمان من معاوية ويزيد الى هارون الرشيد و عبد الحميد، هذا مع ان بعض الفترات شهدت ابداعات ادبية وعلمية وعمرانية مميزة، على ان الحضارة الاسلامية في فترات قوتها العسكرية والاستبدادية غير العادلة يُحسب لها حفظ الحضارة الاغريقية ونقلها الى اوروبا الامر الذى اسس للحضارة الاوروبية بعد الثورة الفرنسية.

الصحيح انه لا يوجد مفهوم للدولة الاسلامية غير دولة الخلافة وهي كما يتصور افضلهم واقلهم تشددا نظام يتم فيه انتخاب الخليفة ومجلس الشورى ولكن بمواصفات تخول فقط المتدينين ومايسمون برجال الدين المشاركة فيها ولن تكون فيها احزاب او مؤسسات مجتمع مدني او وسائل اعلام حرة ، ويجب ان يكون الجميع مسّلمين بما يسميه علماء دينهم الشريعة الاسلامية، وهم ليسوا بعلماء ولم يُؤتوا من العلم إلا (لاشيئا)، وغالبا سيجبرون الناس على الصلاة والصوم ويلزموا النساء بلباس النينجا ، بالطبع لا توجد لديهم اية استرتيجيات وخطط تنمية وكيفية ادارة الاقتصاد وهل ستكون الدولة راسمالية بسوق حر او مع ظوابط معينة او دولة رعاية اجتماعية او غير ذلك. بعنى ان هذه الدولة ستكون مستبدة شمولية اوليغاركية.

ان الدولة الاسلامية هي استبداد او سراب ولا حل للمجتمعات العربية للخروج من التخلف الا دولة علمانية مدنية ديمقراطية تُحترم فيها حرية الافراد وآرائهم ومعتقداتهم الدينية وغيرها.

#زياد_ملكوش (هاشتاغ)       Ziyad_Malkosh#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات