أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - تدوس على الخطوط الحمراء ولا تشرب من كوكتيلات الترقيع














المزيد.....


تدوس على الخطوط الحمراء ولا تشرب من كوكتيلات الترقيع


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 6998 - 2021 / 8 / 24 - 13:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أريد أن أنصفها، وأثبت أننى لست جاحدة، بل على الملأ، ولمنْ يهمه الأمر، أعترف والموجة الحارة المستحدثة تخنقنى، بأنها الهواء المنعش، الذى حال بينى وبين الجنون، أو الانتحار.

كانت ولا سواها، السلوى والعزاء، عندما لا تأتى الرياح، بما تشتهيه سفينة أحلامى، ودقات قلبى المسكونة بألف عفريت، وطرقات روحى المحتلة بالأشباح، وخيالات من أزمنة لم أعشها، تتآمر على هدوئى، وكيمياء مخى.

صديقتى الحميمة الوفية، الوحيدة التى أسمح لها بالنوم بجانبى، على سريرى النظيف من الخرافات والأساطير، وشهوات موروثة لا تعنينى، تحتضننى، تغنى لى، تمنحنى بلا مقابل ميراثها، تعطينى بدون مخدر حقنة حكمتها الأخيرة.

الحكيمة، المتأملة، المفكرة، الممتعة، الجسورة، الشجاعة، المبدعة، المعطاءة، تثير الشك، تحرض على الجدل، تدوس على الخطوط الحمراء، تهدم البيت المتصدع لتبنى بيتا قويا، تسكب الماء الملوث لتضع ماء نقيا، لا تشرب من كوكتيلات الترقيع، والتبرير، ولا تأكل من فضلات التضليل، والتدليس، بحثا عن طوبة مقدسة... «الفلسفة».

قالت أمى، إننى نزلت من أحشائها «فيلسوفة بالفطرة»، لا أرضع الا عصارة الفلسفة، ورحيق الفلاسفة. هما الحواس الألف، بهما أدركت جوهر الوجود، وأسرار الكون. هكذا عرفت حقيقتى، العازفة عن صحبة البشر، الزاهدة فيما يلهثون إليه.

فى إحدى مجموعاتى القصصية، «الحب مع مغامر مرتبك»، قصة بعنوان «لست للرجال الأحياء»، فيها أعترف أن العشق الوحيد الحقيقى فى حياتى، هو علاقاتى مع فلاسفة أحببتهم، وأحبونى، من عصور مختلفة، وكلهم فى ذمة الموت.

كتابات ليس فيها فلسفة، لا أقرؤها. فن بدون فلسفة، لا أقربه. نقاشات خالية من الفلسفة، أجرى بعيدا عنها. رجل لا يتفلسف، لا يخفق له قلبى.

وإذا كانت البشرية قد حققت شيئا «مفيدا»، «نافعا»، «راقيا»، فهو بفضل «الفلسفة» التى انحازت إلى العقل الناقد، والعدالة، وحرية الإنسان، لأن

هناك فلسفات عرفها التاريخ، قامت على قتل العقل المفكر المتسائل، وأسست مبادئها على العنصرية والاستعلاء والقتل والدم، بأسماء براقة، لتصنع الإنسان «المهزوم»، إلا من بطولات وهمية مزيفة، واقع حتى النخاع تحت القمع، والوصايا.

وما أكثر الأفكار الشائعة المدمرة المختلة المخربة، التى تحاصرنا. فكرة شائعة تقول إن «الذكورية» تكريم للمرأة، فكرة تقول إن «التمرد» جنون، وأخرى تقول إن «أسلمة كوكب الأرض الكافر» جهاد ضرورى، لإرضاء الله، وإتمام مكارم الأخلاق.

وبالنسبة للفلسفة، فالفكرة الخاطئة الشائعة، أنها «رفاهية»، وأن فعل التفلسف من الكماليات الهامشية، تقوم به قلة مستريحة، منعزلة عن الحياة، والواقع المعيش.

لكن التفلسف، شئنا، أو أبينا، جزء لا يتجزأ، من الحياة. والفلسفة، هى المنارة التى ترشدنا إلى الفهم، والمعرفة. والفهم والمعرفة، هما ضرورة للتغيير، والتقدم، والتحرر، والسعادة.

أليست الأمثال الشعبية، التى نرددها من حين لآخر، «حكمة فلسفية»، عميقة، صنعتها تجارب البشر المختلفة؟.

أبسط الأشياء تحتاج إلى فلسفة، وإن كانت إعداد فنجان قهوة، أو رد تحية الصباح، أو ركوب المترو.

حتى لو أردنا «عدم التفلسف»، و«هجر الفلسفة أو دفنها»، فإن هذا أيضا، يحتاج إلى فلسفة.

إن التفلسف، هو السؤال عن أصل الأشياء. كلمة «لماذا»، هى جوهر التفلسف، فى أى تجربة تمر بنا. لا توجد تجربة «هامة»، وأخرى «تافهة».

القضية هى كيفية النظر إلى التجربة. كيف نتعامل معها، كيف نتجاوز ما هو جزئى، وشخصى، وعابر، إلى ما هو كلى، وغير شخصى، وغير عابر.

و«لماذا»، هو السؤال الذى يحرمه، ويجرمه، ويكفره، «الأوصياء» من كل شكل، ولون، على مدى التاريخ.

هل نطلب من الإنسان الفقير، المظلوم، المقهور، أن «يتفلسف»؟.

إذا كان التفلسف هو التأمل العميق، من أجل الفهم، والمعرفة، فإن الإنسان الفقير، المظلوم، المقهور، يكون أحوج الناس للتفلسف. بمعنى أن يتساءل عن وضعه الخاص. لماذا أنا فقير؟. لماذا أنا مظلوم؟. ولماذا أنا مقهور؟. وبالتالى، يستطيع أن يرتد الى أصل الأشياء. فيتعمق التساؤل، ويمتد إلى الإنسانية بأكملها، فيصبح لماذا الفقر، والظلم، والقهر فى العالم؟.

إن التفلسف، والتساؤل عن أصل الأشياء، عملية مستمرة، تنمو مع الممارسة. وهذا ما قصده الفيلسوف الألمانى، إيمانويل كانط، 1724 - 1804 حين قال: «نحن نتعلم التفلسف من خلال التفلسف».



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيطرة على - ألم البشر والسيطرة على - حرية - البشر
- قصيدة نختبئ تحت الغطاء
- ثلاث قصائد
- - أسلمة - الموجة الحارة بضاعة فاسدة قاربت على الافلاس
- أديب يكتب لنا من تحت التراب
- 3 أغسطس ... ميلاد رجل يفرحنى
- نقد الاجماع المتواتر للفكر العلمانى
- امرأتان
- التوأم الفاسد
- أحوال الفن والأدب بعد 69 عاما من ثورة 23 يوليو 1952
- الحب الديمقراطى والحب الديكتاتورى
- عالم يمرضنا بالاكتئاب ثم ينهب فلوسنا بمضادات الاكتئاب
- لا أحد يستطيع خنق الحرية
- - أسمهان - ... أصل الغِناء وُلدت وماتت فى الماء - أصل الحياة ...
- نحب الوطن لكن على الوطن أيضا أن يحبنا
- شاعرة رهن الاعتقال
- انتصار 30 يونيو 2013 لن يميت الحلم الاخوانى
- بناء مصر الحديثة بين السلفية الساكنة والديناميكية المتغيرة
- عقد الزواج فى الأساس هو عقد نكاح طاعته واجبة
- النهضة الثقافية عندما يفخرالرجل العربى أن زوجته أو ابنته راق ...


المزيد.....




- شاهد.. -غابة راقصة- تدعوك لإطلاق العنان لمخيلتك في دبي
- بعد مكاسب الجيش في الخرطوم.. هل تحسم معركة الفاشر مآل الحرب؟ ...
- هواية رونالدو وشركاه .. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
- أكثر من 20 مرتزقا أمريكيا في عداد المفقودين بأوكرانيا
- باكستان قلقة من الأسلحة الأمريكية المتروكة في أفغانستان وتحذ ...
- وزير الدفاع السوري يتفقد ثكنات الجيش بصحبة وفد عسكري تركي (ص ...
- تركيا.. شاورما تنقذ حياة -مسافر الانتحار- (صور)
- من أمام منزل السنوار.. تحضيرات إطلاق سراح 3 رهائن إسرائيليين ...
- سوريا.. من هم القادة العسكريون الذين شاركوا الشرع -خطاب النص ...
- وارسو.. اجتماع وزاري أوروبي لبحث الهجرة والأمن الداخلي وترحي ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - تدوس على الخطوط الحمراء ولا تشرب من كوكتيلات الترقيع