|
الانسحاب الأمريكي من افغانستان. . دروس وعبر
ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)
الحوار المتمدن-العدد: 6997 - 2021 / 8 / 23 - 11:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الانسحاب الامريكي من افغانستان . . دروس وعبر
يمثل الانهيار السريع لحكومة أفغانستان وهروب الرئيس أشرف غني اكبر فشل لسياسة الولايات المتحدة في افغانستان ، وكذلك في العراق .
ويكاد يجمع المحللين على إن ما حدث في أفغانستان أسوأ بكثير مما حدث في فيتنام ، رغم نفي وزير الخارجية الامريكية هذه المقاربة الصائبة .
اذ يقول بلينكين لشبكة سي إن إن: "هذه ليست سايغون" ، في إشارة إلى سقوط العاصمة الفيتنامية عام 1975 ، وهي ذكرى لا تزال مؤلمة للولايات المتحدة . .
لطالما شكك العديد ممن هم في قلب الصراع - الأفغان والجنود ورجال الدولة - في وجهة نظر رئيس الولايات المتحدة بأن الحكومة في كابول يمكنها توفير الأمن للبلاد بمفردها .
حيث أدى انتشار الفساد والمحسوبية إلى تآكل الروح المعنوية للقوات الافغانية بشكل قاتل . وكثيرا ما اشتكوا من نقص الدعم وحتى الذخيرة والطعام . استغلت حركة طالبان هذه الإحباطات وعدم استعداد تلك القوات المتزايد للموت دفاعًا عن حكومة فاسدة وغير كفؤة ، بعد علمهم بالانسحاب الأمريكي الوشيك نتيجة مفاوضات مباشرة جرت بينهما في قطر ، مما تسبب في هذا النصر السريع لطالبان .
وهذا كان شبيها جدا مما شاهدناه من احتلال داعش للموصل ومحافظات اخرى في العراق نتيجة الفساد والفكر الطائفي المحاصصاتي للاحزاب التي نصبتها امريكا لادارة العراق
بعد 18 عامًا من غزو العراق ثبت عدم فاعلية ، بل كارثية سلوك الولايات المتحدة وتدخلها في حكم العراق . ان ماجرى في افغانستان على مدى عشرين عاما ثم تركها فريسة لطالبان دروس وعبر للعراق ، حيث تسببت الولايات المتحدة بالفعل في الكثير من سوء الادارة ، والبؤس للشعب العراقي ، اضافة الى تدمير العديد من مدنه الوادعة ، وأطلقت العنان للعنف الطائفي والتعصب الديني الذي ولد القاعدة ودولة الخرافة الاسلامية داعش فيما بعد ، وكما جرى في افغانسان تماما . وهكذا يعترف بايدن بقوله "لم تكن مهمتنا بناء دولة أو خلق ديمقراطية مركزية" وبذلك يكشف زيف الادعاءات الامريكية بتخليص الشعب الافغاني من التطرف الديني وتأسيس دولة مدنية. او تحرير الشعب العراقي من الديكتاتورية وتطبيق الديموقراطية ، وضمان حقوق الانسان كما كانوا يدعون !
لكن بالنسبة لـ 40 مليون عراقي ، كما هو الحال بالنسبة لـ 40 مليون أفغاني ، فإن أكثر ساحات المعارك الأمريكية فوضوية هي بلادهم ، وهذه ليست قصة عرضية ، بل انهم يعيشون حياتهم كلها في ظل الآثار المستمرة لحرب الدمار الشامل التي تشنها الولايات المتحدة وحلفاءها العلنيين والسريين .
وكنتيجة طبيعية لذلك فقد نزل الشباب العراقي إلى الشوارع في عام 2019 للاحتجاج على تدمير البنية التحتية خلال 16 عامًا عجافا من حكم الاحزاب الفاسدة ومن الفاشلين والفارغين فكريا الذين جلبتهم امريكا من اصقاع الارض . وكذلك ضد التدخلات الاجنبية التي تخدم المصالح الذاتية للولايات المتحدة وإيران على حد سواء .
ان مايجري في أفغانستان من أحداث ستنعكس بالتأكيد على منطقة الشرق الاوسط وخصوصا الوضع الأمني والعسكري في كل من العراق وسوريا ، حيث مازالت التنظيمات الاسلامية المتطرفة نشطة في هاتين الدولتين . وقد تأخذ زخما اكبر في المستقبل نتيجة استمرار السلوك الطائفي والتغيير الديموغرافي . وكذلك من خلال الرسائل الخاطئة التي ترسلها واشنطن ، والفوضى التي رافقت عملية الانسحاب من كابول ، وربما مابعد الانسحاب ايضا . خصوصا وان بايدن قد صرح بان مايجري في سوريا وغرب المتوسط هو اخطر بكثير من تهديدات طالبان للولايات المتحدة . وهذا يلقي بظلال من الشك حول الانسحاب الفعلي للولايات المتحدة من العراق ، ويحاول رئيس الوزراء العراقي تجنبه من خلال استبدال قوات الولايات المتحدة بقوات حلف الناتو في العمليات التدريبية ، وفي الطلعات الجوية ، لمواجهة تهديدات تنظيم "داعش" المستمرة في العراق .
كما وظفت الولايات المتحدة القاعدة ثم طالبان لتحقيق أغراضها في مواجهة الاتحاد السوفيتي السابق . فانها ستوظف طالبان من جديد لتحقيق اهدافها ولكن هذه المرة من خلال انسحابها وخلق الفوضى او الحرب الاهلية او الاصطدام مع روسيا والصين .
ففيما يتعلق بروسيا ، فاننا سنشهد تشجيع الحركات الاسلامية المتطرفة الكامنة فيها ، ولذلك قامت روسيا على عجل باجراء مناورات محاذية للحدود مع افغانستان ، خشية امتداد التطرف الاسلامي .
وفيما يتعلق بالصين فانها تشترك مع افغانستان في حدود طولها 80 كليومتر تقريباً ، مع اقليم شينجيانغ ذو الاغلبية الايغورية المسلمة الذي يعيش في الاصل اضطرابات بسبب سياسة الصين تجاه الايغور .
واي فوضى في المنطقة الشمالية ستقطع طريق الحرير الجديد المسمى "حزام واحد طريق واحد" الذي يمر عبر افغانستان ، وتريد الصين من خلاله تسريع وصول منتجاتها إلى الأسواق العالمية، بما في ذلك آسيا وأوروبا وأفريقيا وأميركا الجنوبية والوسطى.
كما ان انسحاب الولايات المتحدة من افغانستان في هذا الوقت بالذات سيشير بوضوح الى نية واشنطن لإعادة التوازن باتجاه ايران والضغط عليها لتقليص نفوذها من منطقة الشرق الاوسط واضعاف تأثيرها على العراق وسوريا ولبنان ، وكذلك للحد من اصرار ايران على مواقفها تجاه السلاح النووي .
واخيرا فان انسحاب الولايات المتحدة من افغانستان سيكون درسا بليغا للاحزاب العميلة في العراق ، ولكل اولئك الساعين لايذاء الشعب العراقي من خلال تدخلاتهم بشؤونه الداخلية . واننا على يقين من ان الشعب العراقي قادر لوحده على الخلاص من الظلم والجور نتيحة هذه التدخلات وتنصيب حكام غير جديرين بحكم العراق تحت لافتة الديموقراطية المزعومة . ادهم ابراهيم
Sent from my Galaxy
#ادهم_ابراهيم (هاشتاغ)
Adham_Ibraheem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الناصرية مدينة الحضارة والادب والبطولة
-
تأثير العقل الباطن في حياتنا
-
تونس ليست الاولى ولا الاخيرة في مواجهة الاسلام السياسي
-
التهافت والتجهيل في الفضائيات العراقية
-
المواجهة المحتملة بين الولايات المتحدة والفصائل الولائية في
...
-
الواقع والامل في رواية غلمان الكرات الطائشة
-
اخلاقيات الذكاء الاصطناعي
-
كتاب موجز تاريخ العراق الحديث
-
القضية الفلسطينية. . المشكلة والحل
-
التواصل الانساني من الإيماءات الى الهواتف الذكية
-
رسالة مفتوحة الى السيد رئيس الولايات المتحدة الامريكية جو با
...
-
فاجعة مستشفى ابن الخطيب اسبابها وتبعاتها
-
الاستغلال السياسي للدين والطائفة
-
فنجان القهوة . . وماوراءه
-
العلمو نورن
-
في ذكرى الغزو الأمريكي للعراق
-
هل سيكون بايدن غورباتشوف امريكا؟
-
استبداد الاغلبية
-
الدين التوحيدي الجديد
-
الصراع العثماني الفارسي على ارض العراق من جديد
المزيد.....
-
مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-.
...
-
إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
-
صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق
...
-
الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف
...
-
سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
-
ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي
...
-
مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا
...
-
أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
-
كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|