أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهاء عبد الكريم طاهر - كورونا وثقافة التفاهة رؤيا في واقع المجتمع العراقي















المزيد.....


كورونا وثقافة التفاهة رؤيا في واقع المجتمع العراقي


بهاء عبد الكريم طاهر

الحوار المتمدن-العدد: 6996 - 2021 / 8 / 22 - 09:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دخلت جائحة كورونا العراق مثلما اجتاحت كل دول العالم، وهذا الامر ليس الجديد. لكن الجديد والذي يحتاج الى الكثير من الدراسات سواء الاجتماعية او السياسية والنفسية هو ماذا انتجت كورونا من أزمات اجتماعية واقتصادية وثقافية وما الأثر المترتب لما بعد هذه الجائحة.
والمجتمع العراقي واحد من المجتمعات الذي تعرض لهذه الجائحة، وأن لم تكن أزمة كورونا ليست اشد الازمات التي تعرض لها المجتمع العراقي، كون أزمات الحروب والحصار في القرن الماضي وما تبعها من احتلال وما نتج عنه من حرب طائفية وغياب الأمن وما تبع ذلك من أثار اجتماعية ونفسية على بضلاله على الثقافة العامة للمجتمع، ومن الناحية السياسية تغيير في شكل النظام وانفتاح افاق الحرية في التعبير عن الرأي وانطلاق أكثر من ٦٥ فضائية عراقية خاصة إضافة الى مئات الصحف والمجلات وقد واكب ذلك تطور سريع في استخدام الانترنيت وسائل الاتصال الحديثة. ولكل واحدة منهن لها تأثير على نمط الثقافة العراقية وسلوك الفرد العراقي وبشكل مباشر فالثقافة التقليدية لم تعد تستطيع ان تقف بوجه التطور في ظل غياب واضح من قبل المؤسسات المعنية في ان تجعل الثقافة العراقية تواكب التطور دون احداث خلل في نمط القيم المجتمعية، وظهور وسائل التواصل الاجتماعية بداء يزيد من حجم الشرخ ما بين ما انتجه التطور والثقافة التقليدية، فوسائل الاتصال الحديثة فرضت عالم جديد مبني على السرعة معتمداً في ذلك على التقنيات الالكترونية(الانترنيت). ولهذا النمط تأثيرهُ على واقع حياة الفرد العراقي. وبداء ذلك بشكل تصاعدي منذ عام ٢٠١٠ حيث انتشرت بشكل واسع جداً. وقد استخدمت في مجلات عدة ليس فقط في التواصل بل كانت بوابة للدعاية والاعلانات التجارية والسياسية. فقد كسرت القيود الزمانية والمكانية في التواصل، ولم تعد القيود الاسرية والاجتماعية تجدي نفعاً في التصدي لهذا التطور خاصة وأنها(القيود) تلاشت او اختفت فلم يكن امام الشاب او الفتاة أي رقيب في استخدام هذا البرامج، إضافة الى عدم التنشئة الصحيحة المبنية على القيم والمثل العليا، وهذا مسؤولية الاسرة اولاً والمؤسسة التعليمية ثانيا. التي تساعد في تنشئ جيل يحمل من الثقافة ما يمكنه من الحفاظ على المورث الثقافي للمجتمع العراقي. وبالتالي يقوم بالاستخدام الأمثل لها. لكن الذي حدث شيئ مختلف تماماً حيث برزت لنا نوع جديد من الجرائم وهي الجرائم الالكترونية ويخضع الضحية الى الابتزاز مقابل دفعه المال الى الجاني او المبتز. وكل الضحايا هم من المراهقين وقليل الثقافة (وغير المتعلمين). والاهم الاستخدام الأمثل للتقنيات الحديثة فلم تستخدم في العراق مثلها مثل باقي دول العالم لزيادة الثقافة والمعرفة بل اقتصر على قضاء الوقت لتكون نوع من أنواع المخدر وهناك فئة ممن يغرقون في الألعاب الكترونية ويقضون ساعات طويلة ومتواصلة في التصفح.
وفي مطلع عام ٢٠٢٠جائت جائحة كورونا وتطبق انفاس العالم، وتفرض نمط من الحياة الجديدة والقائمة حظر التجوال الصحي خشية من انتشار الوباء وهذا ليس فقط في العراق بل في كافة دول العالم ليكون واحدة من طرق الحد من انتشاره إضافة الى أنها زادت من وقت الفراغ لدى الفرد العراقي وهذا ما جعله يقضي أوقات طويلة في التصفح وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا الفراغ ترك أثره السلبي على الفرد العراقي من خلال الاستخدام السيئ لهذا المواقع في ظل غياب الرقابة على تلك المواقع من قبل هيئة الاعلام والاتصالات والمؤسسات المعنية بحماية الاسرة والطفل مع غياب مؤسسات التنمية الاجتماعية. التي لها الدور الكبير والفعال في بناء الشعوب وثقافتهم والحفاظ عليها المدخلات التي تشوه معالمها ولا ترتقي بيها نحو الأفضل.
وفي مقدمة هذه البرامج هو البرنامج برنامج التيك توك الذي أصبح أكبر منصة يستخدمها الشباب العراقي مقارنة بمستخدميها من الشباب العربي. والمفارقة في هذا البرنامج انه بات منصة لنشر التفاهة وجعل من اشخاص غير بسطاء الى مشاهير من خلال ما يقدمون من محتوه، وكل ذلك المحتوة هو تافه لا ينم بصلة الى ثقافة المجتمع العراقي لا من بعيد ولا من قريب ليجعل منهم مشهورين بالصدفة وتحت عدة مسميات منها الإعلامي والفاشينيستا والمودل، وبطريقة سهلة وسريعة، وهذا يختلف بشكل أساس مع المشاهير الحقيقين ومنهم الممثلين والفنانين (الموسيقيين، الرسامين، والنحاتين والرياضيين...الخ) وغيرهم من صناع المحتوى الثقافي ومنتجي الثقافة بصورة عامة الذين يعملون سنوات عديدة حتى يصلوا الى ما يطمحون اليه. فلم يبقى أي خصوصية لدى مستخدمي او مشاهير التيك توك فحياتهم أصبحت مباحة في ظلهِ، كونهم يوثقون كل لحظة منها، ومن ولعدم التجديد في الأفكار ومحدودية فكرهم عمدوا الى نشر محتوة تافه لأجل حصد المزيد من المتابعات والمشاهدات، وتحقيق أرباح من خلال الإعلانات التي يقدموها. من جانب اخر أصبح لدينا تضخم في مفردة الإعلامي لكثرة استخدامها من قبلهم. حتى بات خريجي كلية الاعلام يشعرون بالسوء عند سؤالهم عن تخصصهم العلمي او عن طبيعة عملهم في الصحف او القنوات الفضائية. ويكتفون بعنوان الصحفي كونها لم تخدش من قبل مراهقي التيك توك، وان غالبية مستخدمي هذا البرنامج في العراق هم من المراهقين من عمر ١٤٢٥ سنة وكذلك الباحثين عن الشهرة من اجل تعويض حالة النقص والفشل التي يعانون منها اضافة الى انها وسيلة سهلة لجني الأموال.
وهذا الضعف في نتاج المحتوى الذي يطرحه مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لم ينبع من العمق التاريخي الثقافي للمجتمع العراقي وانما نابعة من ثقافة الانحطاط التي لم تبنى على أسس صحيحة، والتراجع في مستوى الثقافة العراقية لدى الفرد لم تكن وليدة اللحظة وانما لها جذر تاريخية بدأت فقد كانت بداية التراجع في المستوى الثقافي منذ بدايات ثمانينات القرن الماضي نتيجة الانشغال في الحروب اولاً وعمل مؤسسات التنشئة الاجتماعية اقتصر بتجاه واحد ( تمجد الحزب الحاكم) ثانياً لتأتي فترة التسعينيات ليترك الحصار بحمله الثقيل على المجتمع العراقي وينتج لنا نمط من الثقافة البائسة القائمة على عسكرة المجتمع والخوف من اقتناء كتاب او تبني فكر او رأي يختلف او يبتعد قليلً او كثيرة عن ثقافة الفكر الحاكم (الحزب الأوحد) وهذا ما جعل المجتمع يعيش في حالة من الكبت الرهيب والصمت المطبق على أفكاره. لتأتي مرحلة التغيير بعد ٩نيسان ٢٠٠٣ لتنتج لنا العملية السياسية الجديدة أنماط مختلفة من الثقافة وتفتح الأفق أمام المجتمع في ظل غياب واضح لمؤسسات التنشئة الاجتماعية والثقافية وهذا الأفق أوسع وأكبر من افق أقدم واعرق الدول الديمقراطية لينتج لنا أفكار مشوهة ومظللة للثقافة العراقية وعلى كافة مستوياتها وانواعها ولم يقتصر الأمر على برامج التواصل الاجتماعي وما تنتجه من ثقافة.
والثقافة المجتمعية من أخطر المهددات الى نسيج الدولة المجتمعي وهي واحدة من مؤشرات الدولة الفاشلة. كونها تأتي بسهولة ووقت قصير ومحو اثارها يحتاج الى جهد كبير من قبل الدولة ومؤسساتها ووقت طويل وهي نوع من أنواع الغزو (غزو ثقافي) كما يطلق عليها الكاتب العراقي الدكتور عزيز الحاج في كتابه الغزو الثقافي ومقاومته او ما يسميها جوزيف س. ناي بالقوى الناعمة وعدها وسيلة النجاح في السياسة الدولية وهي موازية للقوى الصلبة واشد تأثيراً منها.



#بهاء_عبد_الكريم_طاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إليسا تشيد بحملة هيفاء وهبي ونور عريضة في مواجهة التحرش الإل ...
- ماذا قال أحمد الشرع في أول خطاب له كرئيس لسوريا؟
- حماس تؤكد مقتل القائد العسكري محمد الضيف، فماذا نعرف عنه؟
- عاصفة قوية تضرب البرتغال وسيول من رغوة بيضاء حملتها الفيضانا ...
- ما دور الهلال الأحمر المصري في دعم غزة؟
- أمير دولة قطر في دمشق للقاء الشرع وبحث التعاون بين البلدين
- تدريبات قوات الحرس الوطني الخاصة
- مصر.. وزارة الطيران المدني توضح سبب تصاعد الدخان في صالة الس ...
- العراق يؤكد دعم مصر ويرفض مخطط تهجير الفلسطينيين
- ترمب: نتواصل مع موسكو حول كارثة الطائرة


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بهاء عبد الكريم طاهر - كورونا وثقافة التفاهة رؤيا في واقع المجتمع العراقي