|
تشنجات الحبل المتأرجح
سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي
(Saoud Salem)
الحوار المتمدن-العدد: 6994 - 2021 / 8 / 20 - 13:36
المحور:
الادب والفن
) حبل يتدلى في الفراغ ( ... ) والشمس تحترق وتحرق السحب ( ... ) ترسل جمرا أحمر في الافق البعيد ( ... ) ترسم الشمس ظلالا على جدران المدينة المتعبة ( ... ) حروفا ورقية الطعم تلعب بها الريح في الشارع تطير في السماء مع حبات الرمل الدقيقة ( ... ) الحبل المتدلي يتحرك يمينا ويسارا يتحرك شمالا وجنوبا يتحرك في جميع الاتجاهات حسب تشنجات الجسد المتدلي وارتعاشاته الأخيرة ( ... ) الجسد الساكن يتأرجح في الفضاء يدور حول نفسه في صمت ( ... ) العيون الباردة تحدق في الفراغ ( ... ) تتمنى لو تستطيع أن تحيله حرفا ورقيا يطير مع الريح وحبات الرمال تتمنى لو يتلاشى الجسد المتأرجح في الفراغ يذوب من حرارة الشمس يتبخر ويختفي مثل دخان سيجارة ( ... ) تحترق ( ... ) تحترق الشمس وتحرق الأرض المحروقة ( ... ) وآلاف البشر يخرجون من قبورهم وأيديهم على رؤوسهم يستجدون قطعة خبز من جلادهم قبل أن يسلخ جلودهم ( ... ) على شاشات التلفزيون ( ... ) تحترق الشمس وتحترق القلوب وتطفئها كؤوس الويسكي والشامبانيا وحليب النياق على موائد الجنرالات والرؤساء والملوك والشيوخ والأباطرة والقياصرة وأصحاب البنوك ورؤوس المال وذيوله ( ... ) يساومون نصرهم وهزيمتهم ويعدون القتلى والمحروقين ويحجزون شققهم المفروشة وفيلاتهم في الجنة ويسبحون الله ويحمدونه ( ... ) يتبرعون بقطعة نحاسية يقذفونها أمام المغني الأعمى في الشارع ويطلبون منه في المقابل أن يغني ( ... ) آه ( ... ) ويغني ( ... ) لو أجد الفكرة التي من أجلها أستطيع أن أحيا وأموت ( ... ) أحرقت البخور ليلة ميلادي ( ... ) الجاوي والفاسوخ وعدة أشياء أخرى نسيتها ونسيت رائحتها في جمر الكانون ( ... ) غسلت لساني بالماء المالح لبست صباطي وفتحت الباب وانطلقت في أصقاع الدنيا ( ... ) بدون خارطة وبدون جي بي إس ( ... ) سرت في السهول والجبال وأجتزت البلدان والبحار والقارات حافيا مدمى القدمين جسدي يقطر بدم الحيض الساخن ( ... ) أجرجر خلفي الحبل السري الذي يربطني بشجرة زيتون كبيرة وسط ساحة بيتنا القديم ( ... ) أتدحرج من شارع لشارع ومن مدينة لمدينة أسقط في المجاري والأنهار والبحار أسقط مرات ومرات اسقط وأنهض وفي راسي ورم بحجم رمانة ( ... ) أصرخ بملء رئتي ( ... ) أصرخ كما يصرخ كل الأطفال حين يولدون ويرون لأول مرة في حياتهم هذه الوجوه والعيون والرؤوس الغريبة( ... ) يا لهذا المخلوق الغريب ( ... ) يا لهذه الكارثة( ... ) ماذا نفعل في هذه الحفرة في منتصف الليل ( ... ) لماذا اليوم والآن لماذا ليس أمس أو غدا أو بعد غد أو بعد ألف عام ولماذا هنا وليس هناك ( ... ) ويواصل المغني الأعمى ( ... ) يواصل النواح ( ... ) بسكين صدئ قطعت الحبل السري الغليظ الذي حملته معي عشرات السنين قطعته بضربة فأس كحية مسحورة ( ... ) سقط على الأرض يزحف ويزحف حتى اختفى في شق ضيق في جدار مسود في دهاليز الذاكرة ( ... ) اغمض عيني وأضع يدي في جيوبي وأتجه نحو السماء (
#سعود_سالم (هاشتاغ)
Saoud_Salem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكلمات المفترسة
-
هايدغر والسقوط في تفاهة العالم
-
بين الأسود والأبيض
-
بين فكي القلق
-
صلاة لهُبل
-
مقدمة لمفهوم القلق عند هايدغر
-
بين الفلسفة والعلم
-
الرسم بالحروف المنتحرة
-
كييركجارد ومفهوم القلق
-
مرة هي قهوة الصباح
-
كييركجارد .. القسيس الكئيب
-
الكلمات فقدت سطورها
-
الشرخ في ذات الله
-
السفر مع أليس
-
الكلمات الغائبة
-
عن الفن والدولار والرأسمالية
-
تمتمة الشفاه المعقمة
-
الله والقلق
-
فلتحترق الملائكة
-
شيلنج وقلق الله
المزيد.....
-
مشاهدة مسلسل تل الرياح الحلقة 127 مترجمة فيديو لاروزا بجودة
...
-
بتقنية الخداع البصري.. مصورة كينية تحتفي بالجمال والثقافة في
...
-
ضحك من القلب على مغامرات الفأر والقط..تردد قناة توم وجيري ال
...
-
حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
-
فنان عراقي هاجر وطنه المسرح وجد وطنه في مسرح ستوكهولم
-
بالسينمات.. فيلم ولاد رزق 3 القاضية بطولة أحمد رزق وآسر ياسي
...
-
فعالية أيام الثقافة الإماراتية تقام في العاصمة الروسية موسكو
-
الدورة الـ19 من مهرجان موازين.. نجوم الغناء يتألقون بالمغرب
...
-
ألف مبروك: خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في
...
-
توقيع ديوان - رفيق الروح - للشاعرة أفنان جولاني في القدس
المزيد.....
-
خواطر الشيطان
/ عدنان رضوان
-
إتقان الذات
/ عدنان رضوان
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
المزيد.....
|