|
الكلمات المفترسة
سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي
(Saoud Salem)
الحوار المتمدن-العدد: 6993 - 2021 / 8 / 19 - 14:58
المحور:
الادب والفن
… ) تذكر رائحة المساء المشبعة بالملح وطعم السمك المشوي وصوت البحر( ... ) كحيوان خرافي ضخم يلعب بأحد أظافره دون أن يحس بنا ( ... ) ويغني الصيادون أحزان الأسماك المسسجونة في شباكهم ويغرقون حزنهم وبردهم في سكرة أبدية ( ... ) لم يغرق في البحر كما لم يذبحه الجزار الذي هرب منه جمله المقطوع الرقبة ولم يأكله الغول في حكايات العمياء ولم يمت من الجوع ولا من الخوف ولم يمت مشويا بالنار أو بالحب ( ... ) لقد تحاشى كل هذه المصائب المعهودة ( ... ) ليجد نفسه في نهاية الممرشجرة ميتة على حاشية الطريق تتنفس غبار السيارات العابرة ودخان البترول المحترق ترقص اغصانها المتكسرة على ضجيج احتكاك الحديد ( ... ) يتنفس رياح البلدان البعيدة محملة بالتراب الأحمر الساخن ( ... ) شجرة ميتة تمد يدها إلى أسلاك الكهرباء التي تجتاز الفضاء فوق رأسها وتمس أغصانها ( ... ) تمد يدها في الفراغ شجرة محترقة عمودا من الفحم على حاشية الطريق ( ... ) حجرا باردا على الشاطئ تلتقطه إمرأة تغني ( ... ) فردة حذاء قديمة مقلوبة أمام باب المدينة ( ... ) عاصفة رملية ( ... ) وليمة ( ... ) دخان هزيمة ( ... ) أرض رمادية سماء رصاصية حضارة من الإسمنت والزجاج والحديد، حضارة بلا عقل عمياء صماء ( ... ) الكلمات تظل افقية ( ... ) ضجيج ضجيج ضجيج ضجيج ضجيج ضجيج ضجيج ضجيج ضجيج ضجيج ضجيج ضجيج ضجيج ضجيج ( ... ) تختنق الاغفاءة تنعكس الصرخة في المرآة المستلقية على السرير( ... ) يننتفخ اللحاف شراعا متسخا يتأرجح وسط البحر الهائج ( ... ) السمكة العارية ترتعش بين الأصابع الباردة للبحار العجوز عائدا مع شروق الشمس إلى قريته النائمة في رأسه تدور تلك الفكرة المجنونة التي تسكن جسده منذ سنوات ( ... ) أن يجد الحجر السحري أو مصباح علاء الدين الذي يمكنه من تحقيق كل ما يشتهي كل ما يريد ( ... ) يعطيه قوة إلهيه خارقة ومطلقة على الناس والأشياء والحيوانات والأسماك وعلى الزمان والمكان ( ... ) حلم تحول إلى حقيقة ليلية يعيشها كلما وجد نفسه وحيدا محاطا بمياه البحر ينتظر الأسماك الغائبة ( ... ) على الشاطئ المقابل إمرأة متعبة ترتمي على كومة من تبن البحر تدفن جهها في التبن الجاف ( ... ) تختلط دموعها مع رذاذ البحر المالح ( ... ) تختنق برائحة السمك المتعفن ( ... ) ترتفع في السماء طائرة كنورس جريح ثم تسقط على الشاطئ يرتطم جسدها بسطح الورقة الأبيض ( ... ) تتسارع حولها الكلمات ( ... ) كالنمل ( ... ) كالطيور الجارحة كالضباع الجائعة تفترس الجسد المسجى في لحظات وتتركه هيكلا عظميا مطبوعا على التراب ( ... ) حفرية مدفونة في صندوق زجاجي صغير على طاولة صغيرة في أحد المتاحف الطبيعية ( ... ) ترتعش أصابعه لحظة ملامسة الحديد البارد وتجري في جسده موجة ثلجية ترتطم بعظامه وتتكسر وسط جمجمته وفي خلايا دماغه ( ... ) يستيقظ مذعورا ويفتح عينه باصابعه المرتعشة ( ... ) يدق مسمارا في جفونه وينظر إلى وجهه في المرآة المكسورة فيرى وجها مذعورا تتوسطه فجوة مظلمة ( ... ) وقبل أن يفتح عينه من الخوف وجد نفسه في كهف مظلم وسط الصحراء في جزيرة حجرية ضخمة محاطة بكثبان الرمال المتحركة من جميع الجوانب ( ... ) في الدهاليز الحجرية الواسعة موسيقى كونية بعيدة وأصوات غريبة يتردد صداها في أروقة الأرض ( ... ) صوت الرياح وارتطام حبات الرمال بالحجارة الأزلية واصوات خطوات عديدة تجتاز الصحراء أبواب تفتح وتقفل أقدام مسرعة تنزل درجات خشبية صوت محرك سيارة وأصوات بشرية تتصايح في ميدان ما في مدينة إنسية أصوات وأصوات تتراكم على جدران ذاكرة القلم الذي لا يكف فقدان حبره ( ... ) أصوات يرتطم بعضها ببعض ( ... ) ضجيج ضجيج ضجيج ضجيج ضجيج ( ... ) العاصفة الرملية تزداد عنفا وضراوة وحبات الرمال تخترق الجلد المحترق ( ... ) ويتصلب جسده يستحيل إلى حجر مرمي وسط الصحراء منذ ملايين السنين ( ... ) يعم الصمت فجأة ( ... ) تختفي الرياح والأمطار وألأشباح والأسماك وبرد الليالي المظلمة ( ... ) وفي رأسه تدور الكلمات الهائجة تتدحرج من جانب إلى آخر في وسط دماغه الملتهب ( ... ) هل أنا أحلم ( ... ) استيقظ لحظتها على صوت محرك سيارة تحت النافذة فلبس ملابسه بسرعة والتقط الحقيبة الصغيرة من تحت السرير وتنفس بعمق وخرج إلى الشارع ( ...
#سعود_سالم (هاشتاغ)
Saoud_Salem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هايدغر والسقوط في تفاهة العالم
-
بين الأسود والأبيض
-
بين فكي القلق
-
صلاة لهُبل
-
مقدمة لمفهوم القلق عند هايدغر
-
بين الفلسفة والعلم
-
الرسم بالحروف المنتحرة
-
كييركجارد ومفهوم القلق
-
مرة هي قهوة الصباح
-
كييركجارد .. القسيس الكئيب
-
الكلمات فقدت سطورها
-
الشرخ في ذات الله
-
السفر مع أليس
-
الكلمات الغائبة
-
عن الفن والدولار والرأسمالية
-
تمتمة الشفاه المعقمة
-
الله والقلق
-
فلتحترق الملائكة
-
شيلنج وقلق الله
-
ونجرجر هزيمتنا
المزيد.....
-
الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس
...
-
رابطة المؤلفين الأميركية تطلق مبادرة لحماية الأصالة الأدبية
...
-
توجه حكومي لإطلاق مشروع المدينة الثقافية في عكركوف التاريخية
...
-
السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي
-
ملك بريطانيا يتعاون مع -أمازون- لإنتاج فيلم وثائقي
-
مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
موسكو ومسقط توقعان بيان إطلاق مهرجان -المواسم الروسية- في سل
...
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. -تعريفة- ترامب وتجارة الكلمات بين ل
...
-
-يا فؤادي لا تسل أين الهوى-...50 عاما على رحيل كوكب الشرق أم
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|