رزان الحسيني
كاتبة ادبية وشعرية، ومترجمة.
الحوار المتمدن-العدد: 6987 - 2021 / 8 / 13 - 11:58
المحور:
الادب والفن
يختلط الأمر علينا، حين يتعلق الأمر باصطلاح الكتابة والتأليف. فلطالما ظن الكثير منا أنهما وجهان لعملةٍ واحدة، أي لا فرق جوهريّ بينهما فعلاً. فأن من يستطيع تأليف القصص والروايات والمشاهد، يستطيع الكتابة. ومن يستطيع كتابة الخواطر والنصوص النثرية، يستطيع التأليف. وهذا الأمر خاطئٌ جداً.
إن الكتابة بمعناها العام: هي فعلُ تعبير، ونقل مشاعر وأفكار الإنسان على الورق. بغض النظر عن الإسلوب والمستوى، من أضعفهما حتى أعمقهما. لأن الكتابة هي كتابة، مهما تباين كاتبها، ولغتها ومضمونها. أما التأليف: فهو فعل إبداع، يتضمن تكثيف فكرة قضية ما وتركيزها ضمن إطار خياليّ وإبداعيّ، والخروج منها بخُلاصة، تُمتّع أو تفيد القارئ. مثل الروايات والقصص، حيث تتطلب موهبة وجُهداً ذهنياً لتأطير القيم الأدبية أو الإجتماعية ضمن فنية عظيمة وخيال عالي، على عكس الكتابة، فهي لا تتطلب جهداً أو موهبة لتدوين الفكر والشعور، يكفيك أن تمسك قلماً.
أن جدّاتنا وأجدادنا، حين كانوا يخترعون قصص ما قبل النوم، وحكايات الشتاء حول المدافئ.. كانوا مؤلفين أيضاً، على الرغم أنهم لم يدوّنوا تأليفهم على الورق، إلا أنهم أنتجوا -بفعل الإبداع والفطرة واتّقاد الذهن- أعمالاً شفهية جميلة، لا زالت تنتقل من جيلٍ لآخر، ترويها الأمهات لتنويم أطفالهنّ، كل يومٍ، في مكانٍ مُختلف في العالم. فالتأليف عملية واسعة، تشمل كل ما يتعب الذهن بتفصيله، ولا تشترط الورق، مثل الكتابة. برغم أنه أعظم الأعمال المؤلفة كانت مكتوبة، لأنها وسيلة لوصولها، وضمانٌ لعدم ضياع المحتوى أو تشوهه.
إن ما يملئ المكتبات والسوق اليوم من الكُتب، التي تُكتب على غلافها "مجموعة نصوص" أو "مجموعة قصصية" او حتى "رواية" من الكُتب التي لا تتضمن إبداعاً ولا إضفاءً على قيمة الأدب من حيث الأسلوب والأفكار، لا تُعتبر أعمال تأليفية، بل كتابة. لأن التأليف قضية سامية، تتضمن طرح فكرة بأسلوبٍ فنيّ كبير، وأدبية عميقة وحساسة. لذلك فأن المؤلفَ كاتبٌ دوماً، أما الكاتب فليس بالضرورة مؤلف، وليس كل ما يلمع ذهب.
#رزان_الحسيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟