أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - حوار مع الدكتور ميثم الجنابي حول رؤية مس بيل للعرب! 1 & 2















المزيد.....



حوار مع الدكتور ميثم الجنابي حول رؤية مس بيل للعرب! 1 & 2


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 1642 - 2006 / 8 / 14 - 10:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نشر موقع الحوار المتمدن بتاريخ 12/8/2006 مقالاً للسيد ميثم الجنابي تحت عنوان "الدكتور كاظم حبيب مس بيل" يطرح فيه رأيه في ما كتبته حول انطباعات وتشخيصات مس بيل العامة للشخصية الشرقية أو العربية. وكم كان بودي أن يلتزم الدكتور ميثم الجنابي الأسلوب العلمي الهادئ في الحوار وتفنيد الرأي الذي طرحته باعتباره درس الفلسفة وتخصص بها ويقوم بتعليمه للطلبة أيضاً, وأنه يكتب للآخرين ولا يحاور نفسه. حتى العنوان يعبر عن ذهنية غير ودية لا تريد الحوار بل العراك. كم كان بودي أن يكون الرجل موضوعياً ليتواصل الحوار بيننا, سواء اتفقنا على رأي أم اختلفنا بشأن هذه القضية موضوع البحث أو غيرها. ولكن يبدو للسيد حسابات قديمة لا أعرفها أراد بهذا المقال تصفيتها, ولكنه زاد في الطين بلة.
أحاول ابتداءً أن أسجل بعض الملاحظات حول ما جاء في مقاله من آراء قبل الولوج بالحوار حول الموضوع ذاته:
1. من المؤسف حقاً أن الرجل لم يقرأ مقالي بشكل جيد, وبالتالي اعتبرني أتحدث عن العرب وكأني لست منهم, في حين أن جملة واضحة جاءت في مقالي تقول:
"ليس هناك من تشخيص مطلق, ولا يعني أن ليس في هذا التشخيص من لا يخرج عن إطاره من العرب, ولكن من حقي أن أتساءل, وكلنا يواجه أحداث العراق ولبنان حالياً, هل كانت هذه الآنسة البريطانية الذكية صادقة وموفقة في تشخيصها للفرد العربي أو الشرقي وفي وضع يدها قبل ما يقرب من 90 عاماً على الجرح الحقيقي الذي ينزف عند العرب دون توقف منذ مئات السنين, ويبقى ينزف ما دامت شخصيتنا مكبلة بهذه السمات الغريبة؟". وحين أشير إلى شخصيتنا, أفلا يعني ذلك أني أحدهم وليس غريباً عنهم!
لم ادع أن العرب جميعاً يتسمون بذلك, بل هناك أكثر من جملة تؤكد أن هذا التشخيص غير مطلق ولا يشمل الجميع, كما جاء في النص السابق أو النص التالي:
"أشعر بأنها لم تكن مخطئة في تقديرها, بل يفترض إضافة سمة جوهرية أخرى هي أن العرب عموماً, وليس الجميع طبعاً, يستخدمون العاطفة قبل العقل, وكانت وما زالت لهذا الواقع, عواقب وخيمة على العرب". لاحظ ليس الجميع طبعاً.
2. يبدو لي أن الباحث لا يقدر معنى الإنسان. فأنا إنسان أولاً, وعربي عراقي ثانياً. احترم قوميتي ولكن لا أراها تتميز عن القوميات الأخرى ولا تفوقها ولا أفتخر لكوني عربي فقط بل لكوني إنسان, إذ أن احترام القومية هو غير الفخر بها وتمييزها عن غيرها من القوميات. ولا يغيظني بأي حال أن يقال عني بأني فارسي أو كردي أو ألماني, أو أي قومية أخرى. ولكن البؤس يبرز حين يحاول البعض لمز وغمز الآخرين بقوله أنه يكتب وكأنه من قومية أخرى.
3. في المقالات التي كتبها ميثم الجانبي ورد فيها على بعض ما جاء في مقالاتي أو ناقش بعض أفكارها بدا لي وكأنه يهرب من تاريخه الشخصي شاتماً بمناسبة أو بدون مناسبة الشيوعية والماركسية, وأخر تسمية أطلقها هي "الشيوعية المتهرئة والشعوبية المبطنة. من يقرأ كتاباتك يا سيد ميثم يدرك تماماً بأنك لم تعد ماركسياً ولا شيوعياً وبالتالي لا تحتاج إلى المزيد من تقديم صك البراءة منهما. ولكن القارئ لكتاباتك يعرف أيضاً أنك كنت عضواً في الحزب الشيوعي العراقي, وأنك درست في الاتحاد السوفييتي بزمالة من الحزب الشيوعي العراقي, فلِمَ هذه المحاولة للتهرب من جهة والتقرب من لقوميين اليمينيين والمسلمين المتطرفين من خلال شتمك للشيوعية والماركسية من جهة أخرى, فأنت لا تحتاج إلى ذلك. الماركسية والشيوعية يا سيد الجنابي, وأنت قد درست الفلسفة, شيء, والتطبيقات البائسة والباهتة والمشوهة لهما في الاتحاد السوفييتي أو في البلدان الاشتراكية الأخرى أو حتى تطبيقات كثرة من الأحزاب الشيوعية والعمالية شيء آخر. ولست معنياً الآن بشرح ذلك.
4. شنت القوى القومية اليمينية على امتداد عقود حملة ظالمة ضد الأحزاب الشيوعية في الدول العربية متهمة إياها بالشعوبية. وقتل تحت التعذيب الكثير من الشيوعيين أو عذبوا بشراسة نتيجة اتهامهم بالشعوبية. وهجر مئات ألوف العرب الشيعة من الوسط والجنوب وكذلك الكرد الفيلية في زمن نظام البعث الدكتاتوري متهمة إياهم بالشعوبية, وقتل تحت التعذيب جمهرة كبيرة من الناس بتهمة الشعوبية, وها هو السيد الجنابي, القومي العربي, يوجه لي تهمة الشعوبية المبطنة. اشعر أن الكلمات الجارحة التي وجهها في مقاله, كان سيتحول إلى رصاصات توجه إلى صدري متهماً إياي بالشعوبية المبطنة والحاقدة. كم كنت أتمنى أن لا يتورط الماركسي ودارس الفلسفة إلى هذا الأسلوب في الحوار. فهو يدعو القوى القومية العربية وأهل السنة المتشددين إلى قتل كاظم حبيب, هذا الرجل الذي مارس سياسة شيوعية متهرئة وسياسة شعوبية مبطنة (إذ أن اسم الكاتب تكشف عن هوية ولادة معينة يقتل بسببها في العراق, كما يقتل آخرون بسبب الهوية ايضاً), فهو يقول أن كاظم حبيب , يبدو وكأنه من أصل فارسي أو كردي أو حتى كاتب ألماني من أصول شرقية إسلامية, وهو بالتالي شيوعي متهرئ وكافر وشعوبي مبطن!
5. كم هو معيب أن يتجرأ أستاذ جامعي وباحث علمي ويقول "... ولا أعتقد أن الدكتور كاظم حبيب على قدر من الدراية في التاريخ العربي والثقافة العربية الإسلامية يؤهله للاقتراب منها", وهو كما يبدو لي لا يعرفني جيداً ولا يعرف دراساتي أو محاضراتي الجامعية أو ثقافتي الشخصية, فمن أين جاءك هذا الاعتقاد؟ رجل العلم يا سيد ميثم لا يتقول ولا يتحدث إلا بما يعرفه جيداً ولا يشكك بما لا يعرفه. لا أدعي المعرفة بكل شيء ولكني أستطيع أن أحدد الدائرة التي يحوم حولها وما يريد قوله, ولكن هذه طريقة بائسة في تصفية الحسابات التي لم أفكر بها حين وجهت أول نقد لمواقفه حين طرح القضية الكردية بصورة مقلوبة.
6. يتحدث السيد ميثم في مقاله عن الارتزاق الثقافي. إنها تهمة كبيرة يوجهها بالارتباط مع موضوع "قوى المقاومة اللبنانية والمحتل اليهودي الصهيوني". ويرى أنه "مجرد "موقف سياسي" يندرج ضمن سياق ما أدعوه بظاهرة الارتزاق الثقافي". لو درس موقفي من القضية الفلسطينية ومن دولة إسرائيل, سواء أكان في الكتاب الذي أصدرته مع الدكتور زهدي الداوودي تحت عنوان "فهد والحركة الوطنية في العراق" أو كتابي الموسوم "اليهود ومحنة المواطنة العراقية", أو كتابي الموسوم "الاستبداد والقسوة في العراق" وعشرات المقالات التي كتبتها عن هذه الموضوعات لتبين له أن من يرتزق الثقافة ليس كاظم حبيب, بل من يعتاش على تهييج العواطف دون العقل, وهو, كما يبدو لي بوضوح وبهذه القضية, أحدهم. لقد نشرت قبل فترة مقالاً حول إسرائيل والولايات المتحدة تحت عنوان لا لإرهاب الدولة الإسرائيلية, لا لقتل الأبرياء في لبنان, لا للعدوان!
نشر في جريدة المدى البغدادية في ركن الرأي الآخر, وهذا نصه:

"ها نحن نقترب من نهاية الأسبوع الثالث والماكنة العسكرية الإسرائيلية تحصد يوماً بعد آخر حياة المزيد من الأطفال والنساء والرجال في مجازر بشرية وحشية, كما حصل في 30/7/2006 في قرية قانا حيث سقط أكثر من 60 قتيلاً (منهم 37 طفلاً) وعشرات الجرحى والمعوقين. وكلما طال أمد الحرب ازداد عدد ضحايا السكان الآمنين واتسع نطاق تدمير البنية التحتية والدور والعمارات السكنية على رؤوس الساكنين فيها. وترفض إسرائيل حتى الآن إيقاف عدوانها الهمجي على لبنان وتتحدى الرأي العام العالمي والغالبية العظمى من دول العالم التي تطالب بالوقف الفوري للقتال. ولم يكن في مقدور إسرائيل أن ترفض إيقاف القتال وتتجاوز المطالبة المتعاظمة بوقف القتال دولياً لولا التأييد المطلق الذي تجده من جانب الولايات المتحدة الأمريكية إزاء عدوانها الإرهابي على لبنان. وها نحن أمام الجلسة الطارئة لمجلس الأمن الدولي التي عجز فيها الأعضاء الدائمون عن الاتفاق على وقت القتال, فخرج القرار هزيلاً يعلن عن أسفه فقط للضحايا اللبنانية البريئة لا غير, وليس فيه أي إدانة مباشرة لإسرائيل. والسؤال الذي يلح علينا جميعاً هو: لم هذا الموقف العدواني الشرس من جانب إسرائيل ضد الشعب اللبناني من جهة, ولم هذا التأييد المطلق لإسرائيل من جانب الولايات المتحدة في المعارك الجارية في لبنان من جهة أخرى؟
لا يمكن لأي إنسان عاقل أن يتصور أو يصدق أن عملية أسر جنديين إسرائيليين لغرض استبدالهما بأسرى لبنانيين تكون سبباً لمثل هذه الحرب التي تمارسها إسرائيل ضد لبنان منذ ما يزيد عن أسبوعين والتي قادت حتى الآن إلى سقوط مئات القتلى والجرحى ومئات ألاف المشردين من مناطق سكناهم في لبنان, وإلى سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى في الصف الإسرائيلي, صواب الذريعة التي قدمتها إسرائيل لشن الحرب ضد حزب الله ومن ثم ضد لبنان كله, إذ أنها حجة بائسة لا تصدق ولا تصمد أما الحقائق القائمة على الأرض. فما السبب إذا وراء هذه الحرب وجرائمها الشنيعة؟
يبدو لكل متابع للأوضاع في الشرق الأوسط إن التحالف الإسرائيلي الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط يقود حرباً مشتركة ضد إيران وسوريا في لبنان, باعتبارهما من الدول التي تثير الإرهاب في المنطقة وتتخذان من علاقة حزب الله والمقاومة اللبنانية بهاتين الدولتين ذريعة لمواصلة الحرب بحجة تدمير حزب الله واقتلاع جذورة من جنوب لبنان ومنع تسرب الأسلحة عبر البلدين إليه. وبهدف تحقيق هذا الهدف جرى توزيع العمل بين الدولتين المتحالفتين إسرائيل والولايات المتحدةً, فإحداهما تمارس العدوان المباشر وتخوض القتال ضد حزب الله مباشرة, والذي تحول عملياًُ إلى حرب مدمرة ومجازر بشرية مريعة ضد الشعب اللبناني كله, والثانية تقوم بتزود إسرائيل بالسلاح والعتاد وبالموقف السياسي الرافض أو المؤجل باستمرار لقرار يفترض أن يصدر عن مجلس الأمن الدولي يفرض على إسرائيل إيقاف القتال فوراً بعد أن أبدت حكومة لبنان وكل القوى الممثلة فيها, بمن فيها حزب الله, التزامها بنقاط سبع يتم تنفيذها بعد صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي بالوقف الفوري للقتال. فهل من العدالة أن تجري الحرب ضد إيران وسوريا على الأرض اللبنانية وتحصد بنات وأبناء وأطفال شعب لبنان بهذه الوحشية والتطرف الإرهابي الشرس.
لقد كان وما يزال على إسرائيل والولايات المتحدة أن تدركان بأن السياسة التي تمارسانها في لبنان ستساهم في تعقيد الأوضاع في الشرق الأوسط وليس إلى حلها, فهي ستساهم في:
• زيادة التوتر العام في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط وإلى احتمال توسع القتال إلى مناطق جديدة.
• تعزيز مواقع حزب الله على الأرض اللبنانية وفي صفوف المجتمع اللبناني, وخاصة في صفوف الوسط الشيعي, ولكن الإسلامي عموماً, بسبب مقاومته وتحديه وإنزال الضربات القاسية بالجيش الإسرائيلي, وبسبب امتلاك حزب الله لأسلحة متقدمة نسبياً.
• تعزيز وتطوير العلاقة بين حزب الله من جهة, وإيران وسوريا من جهة أخرى, وزيادة تأثير الدولتين على حزب الله وعلى الوضع السياسي في لبنان.
• تنامي أصوات الاحتجاج والعداء للسياسات الإسرائيلية والولايات المتحدة في العالم العربي وعلى الصعيد الأوروبي والدولي, وهي تقود إلى عزلة فعلية لإسرائيل وإلى كراهية متزايدة لسياسات الولايات المتحدة.
• تنامي قدرات قوى الإسلام السياسي الإرهابية المتطرفة من تنظيمات بن لادن والظواهري وغيرهما من التنظيمات السياسية الإرهابية المسلحة في منطقة الشرق الأوسط.
• إضعاف فعلي لقوى التيار الديمقراطي الذي يدعو إلى الديمقراطية ومعالجة مشكلات الشرق الأوسط بالطرق السلمية وبآليات ديمقراطية.
إن التحالف السياسي والعسكري بين إسرائيل والولايات المتحدة لن يكون قادراً على معالجة المشكلات بين إسرائيل والدول العربية دون إيجاد حلول واقعية وعملية عادلة بين إسرائيل والدول العربية, وخاصة مع الشعب الفلسطيني بتنفيذ خارطة الطريق بشكلها الصحيح والتزام الطرفين بها وتعجيل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة, واستعادة لبنان لمزارع شبعا, إضافة إلى استعادة سوريا لمرتفعات الجولان المحتلة منذ ما يقرب من أربعة عقود.
لن تهدأ إسرائيل ولا منطقة الشرق الأوسط حين تبقى المشكلات بينها وبين الدول العربية دون حلول عادلة تساهم في استتباب السلام في المنطقة, عندها فقط يمكن إبعاد إيران عن التدخل في شؤون وأوضاع الدول العربية. لا يمكن محاربة الإرهاب في المنطقة دون محاربة إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل, سواء في فلسطين المحتلة أم في لبنان في الوقت الحاضر أم في احتلالها المتواصل للأراضي العربية.
إن على إسرائيل والولايات المتحدة أن تدركا جيداً بأن استمرار القتال في لبنان وسقوط المزيد من الضحايا لن يحقق لهما مكاسب سياسية على الأرض, بل أنه يزيد من النقمة عليهما ودفع المنطقة إلى مزيد من التطرف وإلى أتون حرب مدمرة.
من هنا تزداد حاجة شعوب وبلدان المنطقة للنضال المتعاظم من أجل الإيقاف الفوري للقتال وإلى انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية المعتدية من الأراضي اللبنانية وتشكيل لجنة تحقيق دولية بالجرائم التي ارتكبت في لبنان من قبل القوات الإسرائيلية وبدء مجلس الأمن الدولي بمعالجة القضايا المعلقة مع لبنان بسرعة, وخاصة موضوع تبادل الأسرى واستعادة مزارع شبعا واستعادة سوريا لمرتفعات الجولان وتعويض الخسائر التي تحملها لبنان بسبب الغارات والقصف والتدمير الإسرائيلي للبنان" انتهى نص المقال. نشر في الأول من آب/2006

ولكن وبعد أن كتبت هذا المقال وغيره بنفس الاتجاه وفي الصحف العراقية التي أنشر فيها, كان عليّ في الوقت نفسه, كإنسان وكعربي. أن أبين المخاطر التي جلبها حزب الله على لبنان نتيجة سياسات متهورة مورست في ظرف غير مناسب وفي ظل موازين قوى غير مناسبة وبتأثير قوى غير لبنانية. الصراحة والمجاهرة والشفافية مع شعوبنا وقوانا السياسية يا سيد الجنابي ليست ارتزاقا, بل أن الارتزاق هو السكوت عن الأخطاء والنواقص.
13/8/ 2006 كاظم حبيب

*************
كاظم حبيب
حوار مع الدكتور ميثم الجنابي حول رؤية مس بيل للعرب!
2-2
أشرت في الحلقة السابقة إلى الأخطاء الجدية التي يرتكبها ميثم الجنابي في ثنايا مقالته وبعيداً عن جو المقالة التي كتبتها والموضوعات التي استهدفت الإشارة إليها. ففي الوقت الذي يتهمني بسوء قراءة نص جيرتروود بيل, وجدت أنه أخطأ في قراءة النص الذي كتبته وأساء فهم وتفسير مضمونه الأساسي وما أرمي إليه, أو أنه كتب ما كان يريد أن يكتبه حال توفر فرصة مناسبة, إذ ما يزال جرح المقالات حول المسألة الكردية نازفاً لديه. وكم كان بودي أن يدمل جرحه بالاعتراف بما مارسه البعث ضد الشعب الكردي من جرائم بشعة وما مارسه من اضطهاد وتعريب قسري وتهجير أكثر قسرية وعنفاً وأكثر همجية. ويبدو لي ـن الرجل لم تحركه حتى كارثة الأنفال وحلبچة, عندما كان يتحدث عن المسألة الكردية في العراق وما فعله النظام العربي الدموي بالكرد وبالعراقيين الآخرين, نظام صدام حسين الذي سيقدم هو وابن عمه على حسن المجيد الكيماوي إلى المحاكمة في الحادي والعشرين من الشهر الثامن من هذا العام 2006.
كنت أتحدث عن العرب والشرقيين عموماً, ولكن عن السياسيين الشرقيين, والعرب منهم على نحو خاص. فجيرتروود بيل كانت لها علاقات اجتماعية وسياسية واسعة ومصالح مشتركة مع ثلاث فئات في المجتمع العراقي, مع شيوخ العشائر ورجال الدين ومع السياسيين. وهكذا كانت علاقتها أيضاً في السعودية وفي مناطق عربية أخرى وفي الهند. وكانت تنطلق في تحديدها للسمات بأولئك العرب بشكل خاص. ولكن السمات التي تحدثت عنها تنطبق على الكثير والكثير جداً من العرب حتى الوقت الحاضر, وخاصة من الحكام والسياسيين وشيوخ العشائر ورجال الدين.
أعرف أن مس بيل كانت تمثل الحكومة البريطانية ووزارة المستعمرات وأجهزة التحقيقات البريطانية في العراق, وأعرف مهماتها الاستعمارية في المنطقة أيضاً, وأن حبها لبريطانياً بالأساس, رغم تعلقها بالآثار العراقية القديمة ودراستها لهذا الاختصاص. وهؤلاء الناس الذين يحتكون بشكل خاص بفئات واسعة من المجتمع العراقي ويستطيعون التعرف على نفسيات الأفراد والجماعات بسبب قربهم منهم وتشابك المصالح في ما بينهم, يفترض أن نستفيد من ملاحظاتهم المهمة لمعالجة ما فينا من نواقص, وهذا لا يعني بأي حال مسألتين:
1. أن كل ما يقولونه عن عيوبنا صحيح, أو أن علينا أن نأخذ به أو أن نثق به دون تمحيص.
2. وأن الآخرين من أبناء القوميات الأخرى لم تكن لهم عيوب مماثلة في فترات ومراحل تاريخية أخرى مروا به أو ما زالوا يعانون منها.
ولكن العيب يا سيد ميثم أن لا نمسك بتلك العيوب ولا نعالجها بأمل التخلص منها لصالح مجتمعاتنا والدول القائمة فيها. إن الإنسان العاقل والموضوعي يفترض فيه أن يستفيد حتى من ملاحظات من لايثق به أو له مشاكل معه, عندما يجدها مطابقة للحقيقة حتى لو كانت تلك الحقيقة نسبية, وهي نسبية طبعاً. وما أشرت من ملاحظات حول العرب هي الأخرى نسبية وليست مطلقة.
ليس هناك أي إنسان عاقل وسوي الطوية يريد إهانة شعبه وقومه, ولكن السكوت عن أخطاء الشعوب أو قادتها أو ساستها أو السمات السلبية في هذه الشعوب لا يساعد على تقدمها, بل إلى تغطية تلك العيوب واستمرار المأساة. لقد شخصت الراحلة جيرتروود بيل فينا نحن العرب ما يلي:
• إن الكلمات عندنا, نحن العرب, جوفاء لا تحمل مضامين جدية وفاعلة.
• وأن الفرد العربي مصاب بازدواج الشخصية.
• كما يتسم بعدم الثبات والتقلبات المستمرة في الرأي.
• والعرب فوق هذا وذاك لا يشعرون بقيمة الحياة, بل يفضلون الموت دفاعاً عن كلمات فارغة جوفاء.
وأضفت أنا إليها بأننا نمارس العاطفة قبل أو أكثر من العقل, وهي مقولة يتحدث عنها أكثر الكتاب العرب بصواب حول سلوك الحكام العرب وكثرة غيرهم. وكل هذه الملاحظات الواردة في أعلاه تجلت يا سيد الجنابي في كامل المقالة التي كتبتها رداً على مقالتي ابتداءً من براءتك من الماركسية والشيوعية "المتهرئة" التي كنت تصول وتجول فيها في موسكو واليمن والشام, وكنت, كما أذكر جيداً, إذ كنت مسؤولاً عن تنظيم الخارج للحزب الشيوعي العراقي عندما كنت أنت عضواً في تنظيماته, وانتهاء بحديثك ورغبتك في الكتابة عن الارتزاق الثقافي, الذي يفترض أن تضع اسمك في أول القائمة. ذاكرتي مع الأسف ما تزال قوية ولم تنس المواقف المثبتة في المحاضر أو حتى في السلوك اليومي لبعض "الرفاق", وأنت منهم.
هذه قراءتي التي أراها معقولة للنص أولاً, ولا تبتعد عن حقيقة سلوك أغلب السياسيين ورجال الدين وشيوخ العشائر ثانياً, إضافة إلى جمهرة من الناس, ومنهم من يتنكر لهذه الحقيقة ولا يريد رؤيتها ويدفن رأسه في الرمال خشية منها بدلاً من مواجهتها ومعالجتها.
بقي السيد ميثم يدور في كلماته التي حاول إضفاء الفلسفة عليها, وذكرني بأسلوب الراحل ميشيل عفلق, الذي اتسم بالمنطق الشكلي الفارغ من أي محتوى حقيقي ودورانه في حلقة مفرغة من الكلمات الرنانة والطنانة التي لا معنى لها. ولكن السيد ميثم حتى في مجال الفلسفة, الذي هو موضوع اختصاصه, أعطانا فلسفة جوفاء بائسة في هذه المقالة ولا أعمم الأمر على كل كتاباته, إذ فشل في الوصول إلى نتيجة مرضية, ولكنه كان شجاعاً في توجيه الشتائم, التي لا تمت للبحث أو الموضوعية أو العقلانية أو حتى الروح الأكاديمية وروح الزمالة بصلة, متهماًُ إياي بالشيوعية المتهرئة والشعوبية المبطنة والعقلانية المتهرئة أيضاً. ويبدو لي بوضوح أن الرجل مصاب بذات العلل النفسية التي يعاني منها البعض الكثير من العرب والمشار إليها في أعلاه. المثل القديم يقول بصواب: غالباً ما يرى الإنسان نفسه جميلاً في المرآة!
لم أتنكر لانتمائي للفكر الماركسي, ولم أتنكر لتاريخي الشيوعي النظيف, وهو حلقة صغيرة جداً في تاريخ الحزب الشيوعي العراق ي النظيف, وقدم هذا الحزب عير عشرات السنين الأعمال الجليلة في نضاله من اجل الاستقلال والسيادة الوطنية ومن أجل التنوير السياسي والاجتماعي وقدم أغلى التضحيات في سبيل الشعب. وليس هناك من لا يرتكب الأخطاء, سواء كنت أنا شخصياً أم الحزب الشيوعي العراقي, ولكنها لا تقاس بما قدم هذا الحزب الجليل لشعبه ووطنه العراق. وكم كان حرياً بك أن تقدر ذلك ولا تتهم التحليلات الماركسية بالشيوعية المتهرئة, فأنت أدرى من هو المتهرئ. الأخطاء التي ترتكب , يركبها الأفراد وليس المنهج العلمي, والفارق كبير بين المنهج كأداة تحليلية وبين المحلل الذي يمكن أن يرتكب الخطأ في ممارسته لتلك الأداة العلمية التي هي خير ما لدينا من أداة تحليلية, رغم أنها بحاجة إلى إغناء وتطوير. عندما يترك الإنسان حزب ما, ينبغي له أن لا يتجنى على الحزب الذي عمل فيه, وعندما ينتقد هذا الحزب, يفترض فيه أن ينطلق من مواقع المسؤولية بتطور هذا الحزب وتحديثه لا الإساءة إليه, إلا إذا ارتد على الفكر الماركسي كله, وهذا من حق كل إنسان طبعاً. ولا يجوز له تحميل الفكر الشيوعي أو الماركسي مسؤولية ما أكتب, فأنا رجل مستقل وأعلنت ذلك صراحة لكي لا أحمل أحداً مسؤولية ما أكتب, وأنا أكتب ما أراه صحيحاً, وليس هناك من هو مسؤول عما أكتبه إلا ضميري وقدرتي المتواضعة على التحليل والتأويل والتفسير.
كنت قد أشرت في مقالتي إلى أننا سنبقى نعاني من السمات اللصيقة بنا طويلاً ما لم نبادر إلى معالجتها في شخصيتنا العربية, وهي ليست بسبب جينات فينا ولدت معنا ودون إرادتنا, بل هي ناجمة عن سياسات وأساليب حكم استبدادية لنظم غير عقلانية سادت الأمة الإسلامية والعربية على مدى قرون وقرون وبسبب ثقافة العنف والاستبداد التي عشنا تحت وطأتها. فتاريخنا الإسلامي العربي الشرقي حافل , في ما عدا فترة الأندلس الغنية الحافلة بقيم حضارية وروح تسامح ديني بشكل خاص, ورغم ما أنتجه للمجتمع البشري من منجزات حضارية وقيم إنسانية, مليء بالاستبداد والعنف والقسوة وعدم التسامح. ومن يدرس تاريخ العراق وحده ومنذ القدم سيدرك حقيقة ذلك وسيدرك أيضاً الأسباب الكامنة وراء ما نعانيه اليوم في العراق. لقد كان نص جيرتروود بيل هو المدخل للحديث عما يجري في العراق أو في لبنان أو في سوريا, أو في أي بلد عربي آخر يعيش تحت وطأة النظم الاستبدادية واللاديمقراطية.
قل لي بالله عليك يا رجل, ماذا حققت لبنان من النزاع الأخير مع إسرائيل الذي ما يزال مستمراً, رغم قرار الأمم المتحدة. فرغم أن أسر جنديين إسرائيليين لا يمكن ولا يجوز أن يتسبب في حرب عدوانية مدمرة كالتي شنتها إسرائيل ضد لبنان, لكن ألم يكن حزب الله يعرف ابتداءً ردود فعل إسرائيل التي كانت تنتظر بفارغ الصبر سبباً تافهاً كالذي وقع لتصفية حساباتها مع حزب الله ولبنان من جهة وبعض حساباتها مع سوريا وإيران من جهة أخرى, خاصة وأن اسر جندي واحد في غزة تسبب قبل ذاك وما يزال في احتلال غزة ثانية وقتل وتشريد المزيد من البشر في فلسطين المحتلة واعتقال مجموعة من النواب والوزراء ورئيس مجل النواب بشكل عدواني صارخ على الشرعية الدولية. إن لبنان, ورغم المقاومة البطولية للإنسان اللبناني, ورغم خسارته ثلاثة عقود من البناء والتعمير وخسارة المئات من القتلى والجرحى والمعوقين ومليون مشرد, ما يزال لم يتقدم خطوة إلى الأمام في معالجة المشكلات القائمة, بل أن هناك تراجعاً واحتلالاً للأرض بعد هذه الحرب القائمة حتى الآن.
ألا تعبر هذه الحقيقة عما تحدثت به جيرتروود بيل في نشوتنا من كلمات النصر الجوفاء ونحن في حالة خراب ودمار, هل نقول الحقيقة عن موقف الشعب اللبناني المستباح من حزب الله, أم يحاول البعض الكثير من الصحفيين والسياسيين تأليه هذا الحزب باعتباره بطل المقاومة, في حين أن الناس تعتبره سبباً في الكارثة التي لحقت بلبنان أخيراً, سببا في النكسة الجديدة التي تحدث عنها السيد رئيس وزراء لبنان فؤاد السنيورة, وعيونه تغمرها الدموع. كم ازداد احترامي لهذا الرجل الإنسان والمقدام الذي لم يستح من سيل دموعه على شعبه ووطنه وكان جريئاً في تشخيص المشكلة وعقلانياً في قبول قرار غير عادل وغير متوزان صادر عن مجلس الأمن الدولي من أجل إنقاذ لبنان من دمار وموت إضافي.
ألا تتذكر الكلمات الجوفاء التي كان يتحدث بها صدام حسين, وهو قائد الجماعات القومية العربية المتخلفة حتى الآن, عن النصر في الحرب ضد إيران بين 1980-1988 وضد الكويت 1990-1991 وضد التحالف الدولي في نفس العام 1991 وفي الحرب الأخيرة التي أطلق عليها بأم المعارك 2003, في حين أنها كانت كلها انكسارات سياسية وعسكرية وموت ودمار؟ لقد فقد العراق ما يقرب من مليون إنسان وما يزيد عن عدة مئات المليارات من الدولارات الأمريكية. ألا تتذكر الملايين من العراقيات والعراقيين التي دخلت حزب البعث بالرغم منها وما جسدته هذه الظاهرة من سيادة ازدواج الشخصية العراقية, وخاصة العربية؟ هل كان هناك ثبات في مواقف العرب طيلة سنوات القرن العشرين ابتداءً من حرب 1948 حتى الوقت الحاضر؟
كان القوميون والمسلمون العرب المتطرفون يهتفون برمي إسرائيل بالحرب, ووقفوا ضد كل حل سلمي للقضية الفلسطينية, وهذا ليس ادعاءً ضدهم بل باعترافهم المسجل في أكثر من مصدر, وكانت إسرائيل سعيدة بهذه السياسة. إذ لم يُرم بالبحر سوى العرب! أصبحت مساحة أرض فلسطين, التي يطالب بها العرب, لتقوم عليها الدولة الفلسطينية الوطنية المستقلة, لا تزيد حالياً عن 22 % من مجموع مساحة أرض فلسطين قبل التقسيم, وعلينا أن لا ننسى بأن جزءاً كبيراً من هذه الأرض مليء اليوم بالمستوطنات الصهيونية. وإذا ما استمر الصراع والنزاع بالطريقة الراهنة, فسنبكي على ما تبقى من الأرض الفلسطينية التي بحوزة الفلسطينيين رغم كونها محتلة حتى الآن؟
إن السياسة يا دارس الفلسفة السوفييتية هي فن الممكنات, هي فن وعلم ودراية وخبرة في آن واحد, ولا يمكن أن نفرض رغباتنا دون أخذ الواقع وموازين القوى وقدراتنا الفعلية بنظر الاعتبار. يمكن للمرء أن يبدأ بأي نزاع, ولكنه لن يستطيع تحديد نهايته ونتائجه أو عواقبه؟ ولهذا كان الحديث عن أهمية وضرورة أن تكون السلطة, كل السلطة في لبنان بيد الحكومة, وأن يكون السلاح, كل السلاح, بيد الحكومة, وليس بأيدي قوى مقاومة أو ميليشيات مسلحة أياً كان الحزب الذي يمتلكها. وقرار الحرب والسلام يفترض أن لا يكون بيد فرد أو حزب بل بيد الدولة ومجلس النواب والحكومة لا غيرهم. وهذا ما يفترض أن يكون في لبنان أيضاً, وليس بيد حزب الله أو إيران أو سوريا أو أي طرف آخر. وستفرض نهاية هذه الحرب وقرارات الأمم المتحدة هذه النتيجة. كلنا يعرف بأن قرار مجلس الأمن الدولي غير متوازن وغير عادل ولصالح إسرائيل, وأجبر لبنان على قبوله بسبب واقع الحال وميزان القوى الراهن والرغبة في إيقاف ماكنة الحرب الإسرائيلية التي تدعمها الولايات المتحدة وبريطانيا والغرب بشكل عام عن تدمير كامل للبنان.
كم كنت أتمنى وأنت الأكاديمي أن تكون أكثر عقلانية وهدوءاً في حوارك معي بدلاً من اتهامي بالعقلانية المتهرئة, إذ لم أكن أبغي الإساءة لقوميتي العربية ولا لأي إنسان عربي ولا حتى لأي مهووس بالقومية العربية, بل كان همي تشخيص العلة لمعالجتها لصالح العرب, لصالح القومية التي انتمي إليها, وقبل فوات الأوان, وكنت أتمنى أن تساهم معي في ذلك, ولكنك كررت متعمداً, كما يبدو, إساءة فهمي واتهمتني بالشعوبية المبطنة والشيوعية والعقلانية المتهرئة. وعلى القارئة والقارئ أن يحكما في ما تكتب وأكتب!
والآن بعض الشيء عن العراق وما يجري فيه. ألا ترى صواب ما قالت به جيرتروود بيل عن كثرة من السياسيين العراقيين والناس الآخرين؟ هل العنف الجاري في العراق, وبغض النظر عن الأسباب والعوامل, هو تعبير عن احترام وفهم كثرة من الناس في العراق, كثرة من العرب في العراق, لقيمة الحياة وقيمة الإنسان, أم أنه التعبير الصارخ عن ممارسات ضد الإنسان وضد وجود الإنسان الحر.
مئات القتلى والجرحى يومياً على أيدي عراقيين وعرب ومسلمين. والسؤال لِمَ كل ذلك؟ هل هذه الأفعال الدنيئة هي التي يسميها البعض "مقاومة الاحتلال", أم أنها ضد الإنسان العراقي. هل أن مشاركة عشرات المجرمين بقتل العلماء والأساتذة والأطباء في بغداد تعبر عن حضارة أم أن المجتمع مسؤول عن كل ذلك, وخاصة النظام العربي الدكتاتوري السابق في بغداد الذي عمق ثقافة العنف والاستبداد والقتل؟ هل هذا اتهام للعرب, وأنا واحد منهم, أم أنها الحقيقة التي يفترض أن نواجهها ونكشف عن العيوب المتراكمة فينا عبر النظم السياسية والإيديولوجيات الشمولية التي عاش تحت وطأتها العراقيون قروناً طويلة.
كم كنت أود أن تترك السياسة يا دارس الفلسفة؟ إذ عندما كنت تبحث في الفلسفة كنت موفقاً أكثر وإلى حدود معقولة, ولكنك حالما خضت السياسة, كشفت عن الوجه الكالح للقوميين اليمينيين العرب الذين لا يرون في الأمة العربية إلا الخير والجمال والنقاوة وفي الغير الشر والقبح وعدم النقاوة, في حين أن نجد في كل قومية من يحمل الاثنين معاً, ومنها القومية العربية.
نحن العرب, كما يحلو لك أن أقول, وأنا واحد من هذه الأمة المبتلاة بالغلاة من المتفاخرين والمتبجحين بتراث الأمة وقيمها, ولا يعملون لحاضرها إلا اجترار ما كانت عليه الأمة في الماضي البعيد. الأمة الحية والمتحركة إلى الأمام يا سيد ميثم الجنابي لا تفتخر بتراثها القديم فحسب, بل يفترض أن تعمل لحاضرها وتعتز به. ولا يمكن لها أن تتقدم من دون أن تشخص عللها المختلفة, لكي تستطيع أن تعالجها وتندفع إلى أمام. أملي أن تساهم أنت أيضاً في الكشف عن الإشكاليات التي نعاني منها, نحن العرب, لنتجاوزها, وما شخصته جيرتروود بيل هو جزء من السمات الملازمة لشخصيتنا العربية حتى الوقت الحاضر, وخاصة للفئات الثلاث التي قصدتهم بنصها. ولكن يمكن الخلاص منها بصورة كبيرة, وعلينا أن نعمل من أجل ذلك.
هل كان الدكتور الراحل علي الوردي شعوبياً وعقلانياً تافهاً عندما شخص العلل الاجتماعية في الشخصية العراقية في سفره الرائع "لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث". كان الراحل العلامة الدكتور على الوردي مريضاً يعالج في إحدى المستشفيات في هنغاريا. قام الأخ الدكتور مهدي الحافظ بزيارته, وفي حديث بينهما سره الدكتور الوردي ولأول مرة, أنه مقتنع بفكر وأساليب التحليل لدى ماركس وأنه استخدم هذا الأسلوب كأحد الأدوات المهمة في التحليل الاجتماعي والسياسي في العراق, رغم أنه لم يتحدث عن ذلك قبل ذاك, فهل كان الدكتور علي الورد عقلانياً متهرئاً لأنه استخدم أداة تحليل عقلانية في الكشف عن الواقع بدون رحمة لا للإساءة لأحد, بل من أجل العمل على تغيير هذا الواقع.
أتمنى على الدكتور ميثم الجنابي أن يفكر طويلاً قبل أن يسجل ملاحظاته على أي مقال وهو المسؤول عن تدريس طلبة فلسفة, إذ أنها الوسيلة الأفضل لتجنب المطبات التي سقط فيها في مقالته المشار إليها. سأكتفي بهذا القدر وسأحاول تجنب خوض الحوار معه لاحقاً لأنه بعيد عن أن يخوض حواراً علمياً هادئاً وموضوعياً.
في 13/8/2006 كاظم حبيب






#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حذاري حذاري من نموذج حزب الله في العراق!
- حوار ما يزال مفتوحاً حول مضامين رسالتي إلى الشيوعيين العراقي ...
- المرأة العراقية وحقيقة أوضاعها في المجتمع الذكوري الإسلامي ا ...
- العرب والأحداث الجارية في المنطقة!
- هل في الوضع الأمني الراهن مجال للبحث في استراتيجية للتنمية ف ...
- ما هي أبعاد الجانب السياسي في خطة التنمية في إقليم كردستان ا ...
- المصارحة والشفافية والوعي بمصالحنا هي السبيل الوحيد لانتصارن ...
- هل من أساليب جديدة في عمل قوى الإسلام السياسي في كردستان الع ...
- الاستقرار وقوى الإسلام السياسي في إقليم كردستان العراق !
- هل من سبيل لإنجاح مشروع المصالحة الوطنية في العراق؟
- خسأ المجرمون وشيخهم, لن ينجحوا في تفجير حرب طائفية في العراق ...
- هل من جديد في أفكار المؤتمر القومي العربي وفي بيانه الموجه إ ...
- حوار فكري وسياسي مع الكاتب والناقد العراقي الأستاذ ياسين الن ...
- وداعاً أخي عوني!
- لنعمل معاً من أجل وقف استمرار جرائم الاعتداء والقتل ضد الصاب ...
- هل من جديد في مشروع المصالحة الوطنية؟
- ملاحظات حول ما نشر عن الصديق السيد جورج يوسف منصور
- رسالة مفتوحة إلى قيادة وأعضاء وأصدقاء الحزب الشيوعي العراقي
- إجابات الدكتور كاظم حبيب عن أسئلة صحيفة -رابورت كردستان
- رسالة جواب مفتوحة على رسالة الأستاذ محمد العبدلي المفتوحة


المزيد.....




- معالجات Qualcomm القادمة تحدث نقلة نوعية في عالم الحواسب
- ألمانيا تصنع سفن استطلاع عسكرية من جيل جديد
- المبادئ الغذائية الأساسية للمصابين بأمراض القلب والأوعية الد ...
- -كلنا أموات بعد 72 دقيقة-.. ضابط متقاعد ينصح بايدن بعدم التر ...
- نتنياهو يعطل اتفاقا مع حماس إرضاء لبن غفير وسموتريتش
- التحقيقات بمقتل الحاخام بالإمارات تستبعد تورط إيران
- كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - حوار مع الدكتور ميثم الجنابي حول رؤية مس بيل للعرب! 1 & 2