|
أقراص فياجرا أم صواريخ كاتيوشا !
محمد فُتوح
الحوار المتمدن-العدد: 6976 - 2021 / 8 / 2 - 09:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أقراص فياجرا أم صواريخ كاتيوشا ! ربط الفحولة الجنسية بالمقاومة المسلحة لحزب الله ---------------------------------------------------- فى كل الظروف ، التى تمر بها الأوطان ، والتى تدفع شدة وطأتها ، البعض إلى زعزعة قناعاتهم ، أو تغييرها بالكامل ، فإننى فى موقفى ضد قيام ، وتشكيل ، الأحزاب الدينية ، لا يتغير ، أو يضعف. وهذا ليس جموداً فكرياً ، أو تعصباً قصير النظر ، من جانبى ، أو استهانة بأحداث الوطن الجسيمة التى تتشارك فيها الأحزاب الدينية بشكل أو بآخر. ولكنه موقف مؤسس ، من قراءاتى ، عن المآسى التى تسببت فيها الأحزاب الدينية فى كل مكان ، وفى عصور متباينة . وأيضاً من معاصرتى فى مجتماتنا العربية الإسلامية، لخطط الحركات التى تُسيس الأيادن ، وما تبعها من سفك دماء أو إشعال التعصب، والفتن الطائفية بين الأديان ، وبين المذاهب المختلفة المنشقة من الدين الواحد. وقد تابعت مختلف ردود الأفعال التى واكبت " مقاومة " حزب الله ، والتى فى أغلبها ، جاء مؤيداً ، ومادحاً ، وشاكراً ، لصمودها أمام الآلة العسكرية الإسرائيلية . وكيف أن هذا الصمود ، قد وضع رأس إسرائيل فى الحضيض ، ورفع رأس العرب ، وأثبت بزهو أن كرامتهم مازالت بخير ، وأن عصر البطولات ، والزعامات المسلحة ، لم يصبح بعد من ذكريات الماضى ، وكيف أن حسن نصر الله ، كان الضوء الذى اخترق الظلام العربى ، والكبرياء الذى أحرج التراخى العربى. كنت ومازالت ، وكما كتبت ، أؤمن أن النظرة العقلانية لمصلحة لبنان ، على المدى القصير والطويل ، ألا يخرب هذا البلد كما يحدث ، وألا يكون السلاح الوحيد المدافع عن الشعب اللبنانى ، هو سلاح حزب الله. أعرف أن منطق السياسة ، هو فن الممكن ، والتكتيك ، ولعبة التحالفات المؤقتة ، ومبدأ " اللى تغلب به العب به ". لكننى أعترض على هذا المفهوم. كم من الضحايا ، وكم من الأَضرار، شهدتها الشعوب ، بسبب التكتيكات التى لا مبدأ لها ، والتحالفات المؤقتة ، التى تتستر لإخفاء العجز أو الكذب ، أو النوايا غير الوطنية. حتى وإن وافقت على التمييع السياسى ، واستسهال الأمور بالتحالفات التكتيكية المؤقتة ، مع أى قوى سياسية ، فأننى أعترض على إدراج الأحزاب الدينية ، ضمن هذه القوى المتحالف معها. لقد ثبت بالفعل ، أن التحالف مع التيارات ، أو الأحزاب الدينية ، يفيد اختراقها للعقول ويمكنها أكثر من هيمنة أفكارها ، حتى على الحركات السياسية التى كانت قبلاً، تستنكر بشدة قيام أى تيار سياسى دينى ، وتمهد للعلمانية ، وفصل الدين عن الدولة، وعدم " تديين " ، الصراعات السياسية ، وعدم خلط ورقة الدين المتوارثة ، ضمن أوراق الحياة المدينة التى يختارها البشر بإرادتهم. وهذا ما يحدث بالفعل ، مع حزب الله ، منذ تأسيسه فى بداية الثمانينات ، وهو ما يعد انتصاراً للمرجعيات الدينية ، التى أخذت الشكل الوحيد " للصمود العربى " ضد إسرائيل ( المكروهة من أنصار الدين وأنصار العلمانية معاً ). ومن أكثر الأشياء التى استفزتنى ، حين تم تتويج حسن نصر الله ، قائداً للحزب عام 1992 ، أن البعض كتب قائلاً : " حسن نصر الله رمز الفحولة العربية " و " حسن نصر الله ، رجل فى زمن الخصيان " و " حسن نصر الله وعصر جديد من أجيال الفحولة " و " حزب الله يعلم العرب معنى فحولة الرجال ". إنها تعبيرات أيضاً تثير الإشمئزاز ، وتؤكد بيت الداء فى المجتمعات العربية ، وهو " سرطان الجنس " ، الذى يأكل خلايا عقولنا ، ويدمر الرؤية الإنسانية ، المتكاملة الأبعاد. ما هذا الربط بين مقاومة حزب الله ، وحسن نصر الله ، بالفحولة ؟ وكيف يصف البعض ، الذين ليسوا من حزب الله ، ولو يشتركوا معه فى مواجهة إسرائيل ، بـــ " الخصيان " ؟ وما هذا الترادف بين الحركة السياسية ، و المقاومة العسكرية المسلحة المؤسسة على الدين ، وبين الفحولة الجنسية ؟! إننى كرجل ، بقراءة مثل هذه العبارات ،شعرت بمدى التخلف الإنسانى ، وتضخم الذكورية الجنسية ، فى مجتمعاتنا ، وكم نحن مسجونون فى مصيدة " الأداء الميكانيكى الجسدى " ، ومغروزون فى وَحْل " التفكير الجنسى الغرائزى " ، وأن المشوار مازال طويلاً ، أمام الرجال العرب ( وأيضاً النساء ) ، لكى ترتفع قيمة الرجل العربى ، والرجل عامة ، عن مجرد القدرة الجنسية على جسد المرأة. ترادف رخيص ، وغير حضارى وغير إنسانى. هل كان حزب الله ، يلقى على إسرائيل صواريخ كاتيوشا ، أم أقراص فياجرا !؟؟؟. وهل تبعاً لهؤلاء البعض ، يتغير التعبير الذى يطلقونه على حزب الله ، من " انتصار المقاومة " ، إلى " انتصاب المقاومة " ؟ . وهل حينمت نقرأ تعبير " قذف صواريخى من حزب الله " ، يتوه خيالنا فى نوع أخر من القذف . وهل لا نرى الأرض المتعارك عليها ، إلا معادلاً " لأجساد النساء ، ومن هنا نفهم سر المقولة البغيضة الموروثة " الأرض عِرض " . تعيب مجتمعاتنا ، على العالم النفسى ، سيجموند فرويد ، التحليل الجنسى للتاريخ . لكننا نفعل مثله ، تماما ، ويتضح ذلك عندما لا نرى الا بعدا واحدا ، هو الفحولة الجنسية لحزب الله ، الذى يرتسم فى خيالنا ، بما أسميه " العنترية الدينية المسلحة ؟. عندما أرى مظاهر التخريب والدمار ، وصور القتلى والنازحين والجرحى فى بيروت ، تلك المدينة العاشقة للحياة ، وأنا لا أكاد أصدق ، أنها المدينة نفسها التى زرتها فى يوليو 2005 ، أى قبل عام بالضبط من حرب تموز عام 2006 ، والتى بدأها حزب الله ، بدخول المقاتلات الحدود اللبنانية الاسرائيلية ، لمبادلة الأسرى . أسماها حزب الله ، عملية " الوعد الصادق " ، لسحق حزب الله . وبالطبع ردت اسرائيل ، وعاشت لبنان ، حرب ال 33 يوما ، شاهدة على الضحايا ، والجرحى ، والقتلى ، والتدمير . أشعر بأسى مكتوم ، وحزن محبوس ، كيف فى يوم وليلة ، دخلت بيروت حزام التدمير الشامل ، والتخريب ، وضرب كل مرافقها الحيوية ، دخان ، دم ، قذائف ، صواريخ ، مدفعيات ، غارات ، هذه أصبحت الكلمات المرادفة الدالة على بيروت . ولست متحاملاً حين أوجه الإتهام إلى حزب الله ، الذى لديه تعريف غريب ، إرهابى ، لمعنى " الصمود " ، الذى يكرره على مسامعنا ، وينفذه الجناح العسكرى ، الجهادى . أنا أفهم " الصمود " ، أن يحمى أرض لبنان ، وشعب لبنان ، ومرافق لبنان ، وحق لبنان فى الأمان ، والاستقرار وتقرير حاضره ومستقبله . ولكن أن يكون " الصمود " ، فى عرف حزب الله وحسن نصر الله ، هو تخريب بلد ، وقتل كل مظاهر الحياة من بشر ومرافق ، والتوعد بالمزيد من ضرب إسرائيل ، على حساب دولة المفروض أنها ذات سيادة هى التى تقرر مصيرها ، وليس حزب الله. وينكشف الوجه الحقيقى القبيح لحزب الله ، أولاً ، ساهم فى فقدان مصداقية القضية الفلسطينية ، بعد أن حولها إلى مجرد حرب دينية ، وبذلك خسر كل الدول الغريبة التى كانت تتعاطف مع الحق العربى الفلسطينى وتدعم المقاومة ، وترى مصداقية كفاحها المشروع . وبذلك تم له المراد الذى يخطط له ، وهو " الانفراد " بالتعامل مع القضية حسب هواه ومصالحه ومرجعيته الدينية. ثانياً ، جاءت نتيجة " الانفراد " حسب خطة حزب الله ، أول ما جاءت بتخريب دولة بكاملها ، خسرت فى أيام ، أيام نصف مليار دولار . ثالثاً ، تسبب التطرف الذى يتصف به حزب الله ، وعنتريته ، فى قتل مدنيين لبنانيين شباباً ونساء وأطفالاً ، أكثر مما يسببه الجيش الإسرائيلى. كل لحظة ، يموت اناس ، فى حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، أفراد أبرياء من أجمل الشعوب العربية ، شعب شقيق ، يتحكم فى مصيره ، " جهاد الصمود " على طريقة حزب الله ، التى لا تحتوى الا على سيناريوهات المذابح ، والقصف ، والتدمير المتعمد الممنهج بخطط متناهية البراعة والتدبير . ما يؤسفنى من متابعة ما يحدث فى لبنان ، أن الغالبية من المحللين السياسيين والصحفيين والشخصيات السياسية ، ما زالت تدعو الأمم المتحدة ، والمجتمع الدولى ، للتدخل لانقاذ لبنان . ألم نستفد من الدروس الماضية المشابهة ؟ . ألا نصحو من النوم ، وندرك أن أن " الأمم المتحدة " ، هى " الولايات المتحدة " ، وأن ما يسمونه بضمير المجتمع الدولى ، ليس إلا أوامر وقرارات ومصالح الولايات المتحدة ؟؟. بل إننى أعتقد أن " الأمم المتحدة ، طرف أساسى ، فى تعثر وفشل ، عملية السلام . يقول حسن نصر الله ، لا نريد دعماً من أحد ، ونحن نقول له : " لا أحد يريد أن يدعمك ، فمنْ أشعل النيران عليه أن يطفئها ، اطمئن يا نصر الله ، اطمئن ، لا أحد ، لا دولة ، لديها الوعى السياسى ، تريد أن تدعم حزباً يلصق اسمه باسم الله ، حتى يفعل ما يشاء ، ويقتل منْ يقف فى طريق نواياه الشريرة ، سواء بالعمد أو بالخطأ ". ثم ماذا يعنى تعبير " حزب الله " ؟. هل طلب الله ، من حسن نصر الله ، فى المنام أن ينشىء حزباً باسمه ؟ . ها جاءك الوحى يا شيخ حسن ، بأن تحول المنطقة إلى بحور من الدم وأن تخرب وأن تدمر ، وأن تكون شغلتك استمرار مقاومة إسرائيل والكفاح المسلح ضدها ، عن طريق العنترية الدينية المصفحة ؟ . هل يا شيخ حسن ، شاهدت فى الحلم ، رؤيا ، تأمرك بحماية فلسطين ولبنان ، عن طريق القضاء على فلسطين ولبنان ؟. ومن أين يا شيخ حسن لك ، بكل هذه الأسلحة المدمرة والصواريخ والقذائف والتمويل ، الذى لا ينضب له معين ؟. هل تنزل عليك من السماء ؟ . كلمتى الأخيرة هى أسف وحزن ومرارة . أسف على الزج باسم الله ، فى حروب همجية وقرصنة برية وبحرية وجوية . وحزن على وردة جميلة فى وطننا العربى ، الجزء المتفتح منه " اسمها " بيروت " . و " مرارة " لأن هذه هى أولى حلقات مسلسل الأحزاب والتيارات والقوى والمنظمات ، ذات المرجعية الدينية ، فى خداع سياسى ، لن ييأس ، وصولاً إلى " تخريب المنطقة والجلوس على تلها " ، ثم ينتقلون من منطقة إلى أخرى ، حتى يتم اكتمال حلقات المخطط الإرهابى الدينى ، تحت اسم الحماية والصمود ، ومقاومة الشياطين المحتلين والكفرة ، وأيضاً غير الكفرة. ---------------------------------------------------- من كتاب أمركة العالم .. أسلمة العالم منْ الضحية ؟؟ عام 2007 ------------------------------------------------------------------
#محمد_فُتوح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غيبوبة لكل مواطن
-
أمركة العالم .. أسلمة العالم .. منْ الضحية ؟
-
مجمع الفقه الإسلامى و - زواج الفريند -
-
عقول ذكورية فى أثواب نسائية
-
- مختل - عقليا .. - محتل عقليا - نقطة واحدة فرق لكنها بحجم
...
-
تحطيم الفاصل التعسفي المضلل بين -الخاص- و -العام-
المزيد.....
-
الملكة رانيا والأمير الحسين يهنئان ملك الأردن بعيد ميلاده
-
بعد سجنه في -معسكر بوكا-.. ماذا نعلم عن أحمد الشرع الذي أصبح
...
-
الجولة الثالثة.. بدء إطلاق سراح الرهائن في غزة و110 أسرى فلس
...
-
من هي أغام بيرغر الرهينة التي أطلقت سراحها حماس الخميس؟
-
هواية رونالدو وشركائه.. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
-
سقطتا في النهر.. قتلى في اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية قر
...
-
مراسم تسليم الرهينة الإسرائيلية آغام بيرغر للصليب الأحمر في
...
-
-كلاب و100 ضابط من أوروبا على حدود مصر-.. الإعلام العبري يكش
...
-
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يصل إلى دمشق في أول
...
-
دقائق قبل الكارثة.. رجل يكشف آخر رسالة من زوجته قبل حادثة مط
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|