كوسلا ابشن
الحوار المتمدن-العدد: 6965 - 2021 / 7 / 21 - 20:44
المحور:
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
"لا أرى في هذا الوجود إلا الحرية, وكل ما سواها باطل" محمد ع. الكريم الخطابي
يخلد الامازيع ذكرى عظيمة في تاريخ الريف المعاصر, وهي إنتصار بندقية حركة التحرر الوطني بالريف على الجيش الإستعماري الإسباني في معركة أنوال في يوليو 1921, بالقرب من قرية أنوال بالريف, وكانت نتائجها كارثية على الاسبان, تسببت في أزمة سياسية في اسبانيا (أدت الى انقلاب بريمو دي ريفيرا سبتمبر 1923, على النظام الملكي), وعرفت عند الإسبان بكارثة أنوال.
بعد الإنتصار الساحق بمعركة ذهار أوباران فيي يونيو 1921, وهرب ما تبقى من الأحياء الاسبان, أصدر الجنرال برينغير أوامره للجنرال سلفستر بعدم التقدم إلى أنوال, إلا أن الغرور والإزدراء جعلا الجنرال الإسباني سيلفستر يستهين بقدرات القتالية لمثوار حركة التحرر الوطني في الريف, و ضن أنه سيدخل الحرب ليحقق نصرا عسكريا كاسحا و ينهي المقاومة بإستسلام قيادتها بدون شروط, لكن عنجهيته إصتدمت بجدار المقاومة, التي سحقت جيش الاستعمار الإسباني وكانت أشر هزيمة عرفها تاريخ الحروب الاستعمارية.
كان لإنتصار حركة التحرر الوطني بالريف بقيادة محمد عبد الكريم الخطابي, رغم قلة المقاومين وبالأسلحة البسيطة مقابل جيش إستعماري منظم وبأسلحة متطورة, نتائج مهمة للثوار, مما آستولو عليه من معدات الحرب الغير العادلة ضد الريف, منها 200 مدفع, وأزيد من 20000 بندقية, ومقادير لا تحصى من القذائف وملايين الخراطيش وسيارات وشاحنات, ومواد تموينية كثيرة, وأدوية, وبالإضافة إلى المعدات العسكرية تم أسر 700 أسير وفقد الإسبان 15000 جندي ما بين قتيل وجريح, ومقتل الجنرال سلفستير والكولونيل موراليس. وقد تتبع ثوار الريف ما تبقى من فلول الجيش الإسباني, وألحق به عدة هزائم في عدة مواقع ومناطق مثل: دريوش وجبل العروي وسلوان فأوصله حتى عقر داره بمليلية. وبعد ذلك أصدر عبد الكريم أمره بالتوقف وعدم الدخول إلى مليلية.
كان لإنتصار حركة التحرر الوطني بالريف في معركة أنوال صدى عالمي إنقسم بين المؤيد و معارض, بين التضامن الشعبي الواسع مع حركة التحرر الريفية, حتى داخل الدول الاستعمارية, طالبوا بحرية الشعب الامازيغي بالريف وأحقيته في الاستقلال و تقرير المصير, ففي إسبانيا نفسها طالبت القوى المحبة للسلام إنسحاب الجيش الاسباني من الريف, وعلى هذا أصدر الجنرال بريمو دي ريفيرا أمرا بحضر الحزب الشيوعي و تخوين كل من يتعاطف مع الريف لإسكات خصوم الحرب الغير العادلة ضد الريف. و في فرنسا شكل المعارضون لحرب الريف حركة تضامنية دولية, وفي مؤتمر البلدان "الاسلامية" المنعقد في القاهرة أنذاك, إقترح المؤتمرين أن يتولى محمد عبد الكريم خلافة المسلمين ((( لكن الخلافة لم تكن أبدا من أهداف محمد ع. الكريم الخطابي)))وعلى المستوى العالمي, أصبحت الخطط التكتيكية الحربية للخطابي ملهمة لزعماء حركات التحرر العالمية في كفاحها ضد الانظمة الاستعمارية في العالم. أما معارضي الانتصار فهم القوى الاستعمارية و زبنائهم في المستعمرات, فمن الطبيعي والمنظقي أن يكونوا ضد إنتصارات حركات التحرر العالمية عامة, و حركة التحرر في الريف خاصة.
معركة أنوال الخالدة كان لها تدعيات سياسية, بالإعلان التاريخي عن نشأة نظام سياسي جديد في الريف, وهو تأسيس جمهورية الريف التي تم الإعلان عنها في سبتمبر 1921, بقيادة محمد عبد الكريم الخطابي, و بموجبها وجه رئيس الجمهوية خطابا الى عصبة الأمم جاء فيه:" نحن, حكومة جمهورية دولة الريف, المعلنة في يوليو 1921, نعلن ونبلغ القوى المشاركة في مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906, أن التوجهات التي تحكمت في هذه الاتفاقية لا يمكن تحقيقها, وكما بين التاريخ, وارتباطا بالخطئ الأولي بأن بلدنا يشكل جزءا من المغرب. جغرافيا, بلدنا جزء من القارة الإفريقية, ولكنه مختلف, فقد شكل من الناحية الإثنية عرقا مستقلا عن باقي الأعراق الإفريقية,... كما أن لغتنا مختلفة عن باقي اللغات, سواء المغربية, الإفريقية أو لغات أخرى.
فنحن الريفيون لسنا مغاربة بالقدر الذي يعتبر فيه الانجليز أنفسهم مختلفين عن الهولنديين... سعينا المطلق للاستقلال ورغبتنا في إجراء اتصالات مع باقي أمم العالم, ومن خلال هذا الإعلان ندعو جميع الأشخاص من مختلف مناطق العالم ومن مختلف الدول القدوم لاكتشاف المناطق المجهولة, عبر علماء وجيولوجيين وكيمياويين ومهندسين لأهداف تجارية وليس لأهداف حربية.
ندافع عن مناطقنا ضد غزو القوات الإسبانية التي تحاربنا تحت ذريعة اتفاقية الجزيرة الخضراء, ... ونحن بصدد تحقيق الحرية الاقتصادية بدون تمييز في جمهوريتنا. وعليه, فنحن نعين ممثلا تجاريا للتنمية الخاص بالموارد التي تزخر بها بلادنا لجذب رجال الأعمال من جميع الأمم بشكل يتمس بالتنظيم والسلام والازدهار".
كان لإعلان الجمهورية صدى طيب على الصعيد العالمي, بتأثيرها على شعوب الحركات التحررية في كفاحها ضد الاستعمار أنذاك, وخصوصا تأثيرها الكبير على شعوب البلدان "الاسلامية" وعموم بلدان حركة التحرر الوطني في العالم, التي آشادت بحركة التحرر الوطني في الريف وبأسلوبها التكتيكي العسكري ( حرب العصابات), الذي أصبح نموذج في حروب حركة التحرر الوطني في العالم.
أحرار الريف بفكرهم و سواعدهم و معنوياتهم المرتفعة بأنهم قتالون من أجل قضية عادلة, دفاعا عن أرضهم وأرزاقهم و ذويهم, رغم قلتهم بالمقارنة مع الجيش الاستعماري والأسلحة البسيطة التي كانت في حوزتهم, ورغم غياب الدعم الدولي, فقد صنعوا ملحمة أنوال, التي أذهلت العالم و نالت إعجاب قادة حركات التحرر العالمي أمثال هوشي منه و ماو وغيفارا. إذا كان تـأثير أنوال ترك بصماته في الحروب التحررية ضد الانظمة الاستعمارية, فلا شك أن إستمرارية تأثير الملحمة على الأجيال ما بعد أنوال شكل العزة الريفية و قوة ثورة جيش التحرير الريفي بمكتبه بأيت ناظور الذي قاتل الجيشين الاستعماريين الفرنس-الاسباني, كما كانت إستمرارية أنوال حافز في إنتفاضة العزة والكرامة 1958-1959.
في عصرنا المهزوم, فرغم بعض التحركات والانتفاضات السلمية, مثل إنتفاضة 1984 وأحداث 1990 و إحتجاجات 2011, وإنتفاضة 2016-2017, قمعت كلها بالحديد والنار, ولم تصمد أمام جبروت النظام الكولونيالي, لأن الآلة القمعية وأداة القتل لا تواجه بالشعارات السلمية, والتاريخ شاهد عن ملحمة أنوال, فكل ما يؤخذ بالقوة, يسترجع بالقوة. الانسحاب الاستعماري من المستعمرات لا يحدث الا بقوة الثورة التحررية.
النظام العلوي, نظام إستعمار إستطاني, أخطر على ما كان عليه الاستعمار الاسباني, هذا الاخير كان هدفه استنزاف خيرات الريف بكل الوسائل. أما الكولونيالية العلوية فتهدف إستراتيجيتها الى هدفين مرتبطين, تحويل المنطقة من هويتها الامازيغية الى الهوية العروبية و إستغلال ثروات المنطقة بحرية التعريب أو بالوسائل القمعية واللاقانونية (القانون الدولي) في أركاع الأهالي لسياسة الطاغية.
كانت ملحمة أنوال نقطة التحول في تاريخ الريف المعاصر, أيقضت الشعور القومي الامازيغي والعزة الريفية, بعد قرون من إنهيار المشروع القومي الأمازيغي التحرري على يد النزعة القبلية المصمودية الاسلامية. وقدمت درس للأهالي بأن الإرادة لا تقهر كيفما كانت قوة وجبروت الاستعمار وترسانته العسكرية.
الأوضاع المزرية التي يمر بها الريف حاليا هي نتيجة طبيعية لسياسة الإستعمار الإستطاني القائمة على الثالوث القاتل والمدمر للذات الريفية, أولا: التمييز العرقي وإستنزاف خيرات الريف, و ثانيا: نشر اديولوجية المخزن, المسخ الهوياتي والظلامية واللامبالاة, و ثالثا: السياسة الآمنية (الاستبداد).
إن إعادة الاعتبار لملحمة أنوال ولشهداء حرب التحرير, يكمن في المضي في درب الشهداء, و الكفاح المنظم لتحقيق أمال الشعب و رغبة الشهداء, التي أعلنها الرئيس الراحل محمد ع. الكريم الخطابي " أردت أن أجعل من الريف بلد مستقل كامل السيادة".
الريف الذي ضحى من أجله احرار العزة الريفية بدمائهم الطاهرة. و من أجل ترابه المقدس على ثوار الريف الحقيقيين اليوم, أن يدركوا أنه ليس بتحسين الاوضاع الاجتماعية وحدها تدرك الحرية والكرامة الانسية, وإنما تقاس بإستقلالية المصير, وعليه أن يدركوا أن لا بديل لهم عن الثورة التحررية, الوسيلة الحتمية للإستقلالية و التحرر من الاستعمار الاستطاني و الاضطهاد القومي والاجتماعي وبعملية التحرر الثوري فقط تحقق الكرامة والمساواة الاجتماعية و إحترام الحريات, و يتم بناء دولة مستقلة كامل السيادة, كما أرادها الشهداء الريف الذين قدموا دمائهم الزكية من أجل تأسيسها.
كوسلا ابشن
"لا أرى في هذا الوجود إلا الحرية, وكل ما سواها باطل" محمد ع. الكريم الخطابي
يخلد الامازيع ذكرى عظيمة في تاريخ الريف المعاصر, وهي إنتصار بندقية حركة التحرر الوطني بالريف على الجيش الإستعماري الإسباني في معركة أنوال في يوليو 1921, بالقرب من قرية أنوال بالريف, وكانت نتائجها كارثية على الاسبان, تسببت في أزمة سياسية في اسبانيا (أدت الى انقلاب بريمو دي ريفيرا سبتمبر 1923, على النظام الملكي), وعرفت عند الإسبان بكارثة أنوال.
بعد الإنتصار الساحق بمعركة ذهار أوباران فيي يونيو 1921, وهرب ما تبقى من الأحياء الاسبان, أصدر الجنرال برينغير أوامره للجنرال سلفستر بعدم التقدم إلى أنوال, إلا أن الغرور والإزدراء جعلا الجنرال الإسباني سيلفستر يستهين بقدرات القتالية لمثوار حركة التحرر الوطني في الريف, و ضن أنه سيدخل الحرب ليحقق نصرا عسكريا كاسحا و ينهي المقاومة بإستسلام قيادتها بدون شروط, لكن عنجهيته إصتدمت بجدار المقاومة, التي سحقت جيش الاستعمار الإسباني وكانت أشر هزيمة عرفها تاريخ الحروب الاستعمارية.
كان لإنتصار حركة التحرر الوطني بالريف بقيادة محمد عبد الكريم الخطابي, رغم قلة المقاومين وبالأسلحة البسيطة مقابل جيش إستعماري منظم وبأسلحة متطورة, نتائج مهمة للثوار, مما آستولو عليه من معدات الحرب الغير العادلة ضد الريف, منها 200 مدفع, وأزيد من 20000 بندقية, ومقادير لا تحصى من القذائف وملايين الخراطيش وسيارات وشاحنات, ومواد تموينية كثيرة, وأدوية, وبالإضافة إلى المعدات العسكرية تم أسر 700 أسير وفقد الإسبان 15000 جندي ما بين قتيل وجريح, ومقتل الجنرال سلفستير والكولونيل موراليس. وقد تتبع ثوار الريف ما تبقى من فلول الجيش الإسباني, وألحق به عدة هزائم في عدة مواقع ومناطق مثل: دريوش وجبل العروي وسلوان فأوصله حتى عقر داره بمليلية. وبعد ذلك أصدر عبد الكريم أمره بالتوقف وعدم الدخول إلى مليلية.
كان لإنتصار حركة التحرر الوطني بالريف في معركة أنوال صدى عالمي إنقسم بين المؤيد و معارض, بين التضامن الشعبي الواسع مع حركة التحرر الريفية, حتى داخل الدول الاستعمارية, طالبوا بحرية الشعب الامازيغي بالريف وأحقيته في الاستقلال و تقرير المصير, ففي إسبانيا نفسها طالبت القوى المحبة للسلام إنسحاب الجيش الاسباني من الريف, وعلى هذا أصدر الجنرال بريمو دي ريفيرا أمرا بحضر الحزب الشيوعي و تخوين كل من يتعاطف مع الريف لإسكات خصوم الحرب الغير العادلة ضد الريف. و في فرنسا شكل المعارضون لحرب الريف حركة تضامنية دولية, وفي مؤتمر البلدان "الاسلامية" المنعقد في القاهرة أنذاك, إقترح المؤتمرين أن يتولى محمد عبد الكريم خلافة المسلمين ((( لكن الخلافة لم تكن أبدا من أهداف محمد ع. الكريم الخطابي)))وعلى المستوى العالمي, أصبحت الخطط التكتيكية الحربية للخطابي ملهمة لزعماء حركات التحرر العالمية في كفاحها ضد الانظمة الاستعمارية في العالم. أما معارضي الانتصار فهم القوى الاستعمارية و زبنائهم في المستعمرات, فمن الطبيعي والمنظقي أن يكونوا ضد إنتصارات حركات التحرر العالمية عامة, و حركة التحرر في الريف خاصة.
معركة أنوال الخالدة كان لها تدعيات سياسية, بالإعلان التاريخي عن نشأة نظام سياسي جديد في الريف, وهو تأسيس جمهورية الريف التي تم الإعلان عنها في سبتمبر 1921, بقيادة محمد عبد الكريم الخطابي, و بموجبها وجه رئيس الجمهوية خطابا الى عصبة الأمم جاء فيه:" نحن, حكومة جمهورية دولة الريف, المعلنة في يوليو 1921, نعلن ونبلغ القوى المشاركة في مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906, أن التوجهات التي تحكمت في هذه الاتفاقية لا يمكن تحقيقها, وكما بين التاريخ, وارتباطا بالخطئ الأولي بأن بلدنا يشكل جزءا من المغرب. جغرافيا, بلدنا جزء من القارة الإفريقية, ولكنه مختلف, فقد شكل من الناحية الإثنية عرقا مستقلا عن باقي الأعراق الإفريقية,... كما أن لغتنا مختلفة عن باقي اللغات, سواء المغربية, الإفريقية أو لغات أخرى.
فنحن الريفيون لسنا مغاربة بالقدر الذي يعتبر فيه الانجليز أنفسهم مختلفين عن الهولنديين... سعينا المطلق للاستقلال ورغبتنا في إجراء اتصالات مع باقي أمم العالم, ومن خلال هذا الإعلان ندعو جميع الأشخاص من مختلف مناطق العالم ومن مختلف الدول القدوم لاكتشاف المناطق المجهولة, عبر علماء وجيولوجيين وكيمياويين ومهندسين لأهداف تجارية وليس لأهداف حربية.
ندافع عن مناطقنا ضد غزو القوات الإسبانية التي تحاربنا تحت ذريعة اتفاقية الجزيرة الخضراء, ... ونحن بصدد تحقيق الحرية الاقتصادية بدون تمييز في جمهوريتنا. وعليه, فنحن نعين ممثلا تجاريا للتنمية الخاص بالموارد التي تزخر بها بلادنا لجذب رجال الأعمال من جميع الأمم بشكل يتمس بالتنظيم والسلام والازدهار".
كان لإعلان الجمهورية صدى طيب على الصعيد العالمي, بتأثيرها على شعوب الحركات التحررية في كفاحها ضد الاستعمار أنذاك, وخصوصا تأثيرها الكبير على شعوب البلدان "الاسلامية" وعموم بلدان حركة التحرر الوطني في العالم, التي آشادت بحركة التحرر الوطني في الريف وبأسلوبها التكتيكي العسكري ( حرب العصابات), الذي أصبح نموذج في حروب حركة التحرر الوطني في العالم.
أحرار الريف بفكرهم و سواعدهم و معنوياتهم المرتفعة بأنهم قتالون من أجل قضية عادلة, دفاعا عن أرضهم وأرزاقهم و ذويهم, رغم قلتهم بالمقارنة مع الجيش الاستعماري والأسلحة البسيطة التي كانت في حوزتهم, ورغم غياب الدعم الدولي, فقد صنعوا ملحمة أنوال, التي أذهلت العالم و نالت إعجاب قادة حركات التحرر العالمي أمثال هوشي منه و ماو وغيفارا. إذا كان تـأثير أنوال ترك بصماته في الحروب التحررية ضد الانظمة الاستعمارية, فلا شك أن إستمرارية تأثير الملحمة على الأجيال ما بعد أنوال شكل العزة الريفية و قوة ثورة جيش التحرير الريفي بمكتبه بأيت ناظور الذي قاتل الجيشين الاستعماريين الفرنس-الاسباني, كما كانت إستمرارية أنوال حافز في إنتفاضة العزة والكرامة 1958-1959.
في عصرنا المهزوم, فرغم بعض التحركات والانتفاضات السلمية, مثل إنتفاضة 1984 وأحداث 1990 و إحتجاجات 2011, وإنتفاضة 2016-2017, قمعت كلها بالحديد والنار, ولم تصمد أمام جبروت النظام الكولونيالي, لأن الآلة القمعية وأداة القتل لا تواجه بالشعارات السلمية, والتاريخ شاهد عن ملحمة أنوال, فكل ما يؤخذ بالقوة, يسترجع بالقوة. الانسحاب الاستعماري من المستعمرات لا يحدث الا بقوة الثورة التحررية.
النظام العلوي, نظام إستعمار إستطاني, أخطر على ما كان عليه الاستعمار الاسباني, هذا الاخير كان هدفه استنزاف خيرات الريف بكل الوسائل. أما الكولونيالية العلوية فتهدف إستراتيجيتها الى هدفين مرتبطين, تحويل المنطقة من هويتها الامازيغية الى الهوية العروبية و إستغلال ثروات المنطقة بحرية التعريب أو بالوسائل القمعية واللاقانونية (القانون الدولي) في أركاع الأهالي لسياسة الطاغية.
كانت ملحمة أنوال نقطة التحول في تاريخ الريف المعاصر, أيقضت الشعور القومي الامازيغي والعزة الريفية, بعد قرون من إنهيار المشروع القومي الأمازيغي التحرري على يد النزعة القبلية المصمودية الاسلامية. وقدمت درس للأهالي بأن الإرادة لا تقهر كيفما كانت قوة وجبروت الاستعمار وترسانته العسكرية.
الأوضاع المزرية التي يمر بها الريف حاليا هي نتيجة طبيعية لسياسة الإستعمار الإستطاني القائمة على الثالوث القاتل والمدمر للذات الريفية, أولا: التمييز العرقي وإستنزاف خيرات الريف, و ثانيا: نشر اديولوجية المخزن, المسخ الهوياتي والظلامية واللامبالاة, و ثالثا: السياسة الآمنية (الاستبداد).
إن إعادة الاعتبار لملحمة أنوال ولشهداء حرب التحرير, يكمن في المضي في درب الشهداء, و الكفاح المنظم لتحقيق أمال الشعب و رغبة الشهداء, التي أعلنها الرئيس الراحل محمد ع. الكريم الخطابي " أردت أن أجعل من الريف بلد مستقل كامل السيادة".
الريف الذي ضحى من أجله احرار العزة الريفية بدمائهم الطاهرة. و من أجل ترابه المقدس على ثوار الريف الحقيقيين اليوم, أن يدركوا أنه ليس بتحسين الاوضاع الاجتماعية وحدها تدرك الحرية والكرامة الانسية, وإنما تقاس بإستقلالية المصير, وعليه أن يدركوا أن لا بديل لهم عن الثورة التحررية, الوسيلة الحتمية للإستقلالية و التحرر من الاستعمار الاستطاني و الاضطهاد القومي والاجتماعي وبعملية التحرر الثوري فقط تحقق الكرامة والمساواة الاجتماعية و إحترام الحريات, و يتم بناء دولة مستقلة كامل السيادة, كما أرادها الشهداء الريف الذين قدموا دمائهم الزكية من أجل تأسيسها.
#كوسلا_ابشن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟