زاهر بولس
الحوار المتمدن-العدد: 6960 - 2021 / 7 / 16 - 00:22
المحور:
الادب والفن
(4)
في الماضي السحيق ارتبطت الذاكرة بحياة البشر وانتهت بمماتهم، إلّا ذاكرة الأرض التي احتفظت ببقايا العظام المتحجّرة، ولاحقًا الأدوات التي استعملها أجداد البشرية في أماكن تواجدهم، وفي خضم التطوّر تمّ التوثيق على الحجر وبالحجر، وبالألوان والرسومات على جدران المُغُر، ومن ثم على الورق بمحاذات الحجر، باللفائف والصحف والكتب واللوحات، مرورًا بالتوثيق الإلكتروني المسموع والمرئي ومنها إلى الرقمي المحوسب، ولا حدود للخيال وما سينجم عنه مستقبلًا، وهذه الأدوات التوثيقيّة تفسح مجالًا للجديد دومًا وتتعايش معه.
ومع كلّ ارتقاء بأدوات التعبير ترتقي أدوات التزوير، وأدوات الرقابة لحفظ التزوير، وتزداد أهميّة الحفريات في كافّة المستويات، والفترات، مما قبل العَظْمِي والحجري مرورًا بالرقمي إلى ما سيأتينا أو يأتي أجيالًا قادمة، من جديدٍ. نعم مؤكّد هنالك عِلْمٌ حاضر ربّما لم يُسَمَّ بعد، إنما مضمونه "علم الآثار الرقمي".
وتجدر الإشارة أن هنالك عامودًا فقريًا يمتد على مدى العصور، ألا وهو التوثيق الشفاهي شعرًا وموسيقا لتسهيل الحفظ، لنقل المعارف والتجارب، ولتسهيل التعاطي مع الحياة! تحوّل مع الوقت إلى سجلّات كتابيّة. إنّه يدمج في طيّاته المتعة، لرفع الثقافة وتمرير الوقت ونقل الخبرات والهيمنة على فكر المتلقّي، بالحق أو بالباطل!.
إن هذه الأمور التي ذُكرت تُولَد مُحاطة بأغشية من الإشكاليات، بأساسها أن مجرّد نقل ذاكرة تحمل الطابع الذاتي المرتبط حواسيًّا، من الدماغ إلى الحجر أو الورق أو حتّى اللسان، يجعل منها حقيقة، وإن كانت مزيّفة أو مزوّرة، وشتّان ما بينهما. فما بالكم حين نلتقيها بعد عصرٍ أو عصور؟!
(زاهر بولس/ يتبع)
#زاهر_بولس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟