أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الحليم عليان - خربشات منقوشة على النيل














المزيد.....


خربشات منقوشة على النيل


محمد عبد الحليم عليان
كاتب و مؤلف للقصة القصيرة

(Eng.mohamed Abdelhaleim Alyaan)


الحوار المتمدن-العدد: 6957 - 2021 / 7 / 13 - 21:04
المحور: الادب والفن
    


النيل رمز مصر حمل ماحمل من مشاكلها واوجاعها
لكنه ماء لايحفظ النقوش ولا الأسماء ،،،

* لم أكن وحدي في منطقتي الذي سلك ذلك الطريق
فالجميع حولي هكذا
المخدرات مصدر دخلهم و تجارتهم الرابحة في هذا الزمان
منذ الطفولة و أنا أرى حارتنا تعج بأشكال مختلفة
منهم من يأتي متسللا ليلا
و منهم من يأتي في وضح النهار
شباب و فتيات و رجال كبار
و لكل منهم مطلبه و كل مطالبهم متوفرة في حارتنا و ما حولها من حواري
بالمشاهدة عرفت التفرقة بين البودرة و البانجو و الاستروكس و الحشيش و بالطبع البرشام بأنواعه
بعدما سقط أبي في قبضة الشرطة تكفل المعلم الكبير بنفقاتنا أنا و أمي و إخوتي البنات و اضطررت للعمل معه في سني الصغير كناضورجي أتبصص قدوم الشرطة التي غالبا لا تأتي إلا عندما يغضبها أحد المعلمين أو يقصر في واجباته الدورية تجاههم فتجهز حملة تأديب و تفاجئنا بالنزول للحارة و القبض على بعض الباعة الصغار بما يحملونه من بضاعة المعلم كنوع من تذكيره أنهم يملكون رقبته و أنه لا فرار من طاعتهم و لا سبيل للتمرد عليهم
و غالبا بعد إرضائهم و تقديم المعلوم
تتبدل الأحراز و يفرج عن المقبوض عليهم
و في بعض الحالات يكون الضابط جديد
و لم يخضع للمعلمين بعد
فلا يستطيعوا إنقاذ صبيانهم من براثنه
و يدان بفعلته و يحكم عليه كوالدي بأحكام مختلفة
حسب نوع الحرز و كميته و طبيعة الضبطية
أو يكون المعلم غضب على صبيه و قرر تصفيته

بعد الحكم على أبي بشهر تقريبا زارنا المعلم الكبير
ليبلغنا بأن أبي إنتحر في السجن
و أن المعلم سيظل متكفلا بأمي و أختاي
و أنه سيظل يرعاني حتى يشتد عودي و أحل محل والدي
و رغم أن للمعلم ڤيلته الكبيرة في منطقة فاخرة بعيدة عن الحارة إلا أن شقته القديمة بالحارة كانت لا تزال موجودة
و إعتاد المعلم قضاء ليلة الخميس من كل أسبوع في منزلنا
كي لا تشعر أمي أو أي أخت من أختاي بغياب الأب
و كان في تلك الليلة يوكل إلي مراقبة الشارع طوال الليل مع باقي رجاله
حفاظا عليه من أي كمين للشرطة أو كمين من تاجر آخر بينه و بين المعلم ضغائن
فكثيرا ما كانت تنشب صراعات بين التجار و بعضهم و كنا نحن صبيانهم نتقاتل ليثبت كل فريق سيطرته و نفوذه الأكبر في المنطقة
و في صباح الجمعةيرحل المعلم عن منزلنا
تاركا وراءه خيرات كثيرة تكفينا باقي الأسبوع و تزيد
و كان دائما يمدح في طعام أمي و نظافته
كان أحيانا يستضيف في شقته بالحارة أثرياء خليجيين من عملاءه المميزين و يطلب من أمي و البنتين خدمتهم و إعداد الطعام لهم و توفير كل سبل الراحة و أحيانا أخرى يأخذهم عنده للڤيلا لتنظيفها و التنعم بخيراته هناك
كبرت مع الوقت و صرت أحد أذرع المعلم المقربين
و كان المعلم برغم قوته ذو قلب حنون
لا يستطيع رؤية سيدة من نساء الحارة حزينة أو تمر بأزمة إلا و تدخل و طلب مني او من أحد رجاله إستدعاءها إليه في شقته لتطييب خاطرها و حل مشكلتها و كلهن كان يخرجن على حال غير الذي كان وقت دخولهن عنده
كان حظ إخوتي البنات عثرا في زواجهن فقد تزوجت الأولى من أحد رجال المعلم و بعد الزواج بأسبوع نشبت مشاجرة كبيرة و كان المعلم يزورهما للمباركة فنزل زوج أختي مسرعا ليرى ما حدث فإذا بملثم لم نعلم هويته قط يغرز نصل حاد في صدره ممزقا قلبه ليسقط على الفور صريعا و تترمل أختي في أسبوع زفافها
و الثانية تزوجت بآخر و إذا به يختفي من المنطقة تماما بعد الزفاف بأيام و لا نعلم أين ذهب و لم يترك سوى صورة أرسلها لي على هاتفي لخروف ذو قرون ضخمة و كل من رأى الصورة سقط مغشيا عليه من الضحك و ظلت اختي هكذا معلقة
قرر المعلم تزويجى من فتاة جميلة اختارها هو لي
و هي ابنة احد مساعديه الكبار الذي يقضي عقوبته في السجن
و في ليلة الزفاف صمم المعلم أن يبقى معي بعد الزفاف ليقدم لي هدية العرس و كانت لفافة بها عدة أصناف مختلطة أمرني بإشعالها فورا حتى تكون ليلتي ملكية كليالي ألف ليلة و ليلة
شربتها و إذا بي أضحك بلا توقف و أمامي خيالات كثيرة و صوت صرخات و كأني أرى المعلم يحتضن عروستي و كأنهما معا على السرير إستفقت صباحا لاجدني نائما بجوارها متجردين من ملابسنا و بيننا منديل أبيض عليه بضع قطرات من الدماء فشعرت بالسعادة وأن الهلوسات التي كانت لم تمنعني من إنهاء ليلة الزفاف على أكمل وجه
و مرت الأيام بسعادة و كل يوم يقربني المعلم له أكثر و يرسلني لبعض التجار في محافظات أخرى و كان يهتم بزوجتي في غيابي و بجنينها الذي كان يقول عنه أن ابنك سيكون ابني كما كنت انت و أكثر و انكم جميعا في عيني
جرى المال في يدي و أغدق المعلم علينا بالكثير من الأموال و الهدايا
و تسلل إلي الشيطان و أغراني أن أشق طريقي الخاص و أصبح أنا أيضا معلم
لما لا أطلب من المعلم السماح لي بذلك فهو يعتبرني إبنه
في سهرة من سهراته بمنزلنا طلبت الحديث معه
و بحت له عما بداخلي من أحلام فإذا بقهقهات متتالية تتعالى بصوت يهز المنزل و فجأة تتوقف و يمسكني بقوة من رقبتي قائلا
أنت نسيت نفسك و لا إيه
معلم ايه اللي بتحلم تكونه
معلم ايه ده اللي مكسورة عينه
و عين أبوه قبليه و عين أمه و اخواته
و حماه و مراته انت يا بني خروف و هتفضل
طول عمرك خروف و كل يوم يعدي قرونك هتكبر اكتر اصحى يا ابني متخلنيش اغضب عليك
وقعت كلماته كالصاعقة علي و أظهرت علانية ما كنت ادعي تجاهله و أنكره لنفسي فغلى الدم في عروقي و بينما اسحب سكينا من جنبي لأغرزه بقلبه كان هو يضع سكينه على رقبتي و يسحبه فأضغط بكل قوة سكيني في صدره ليسيل دمي و دمه في نفس اللحظة و تتعالى صرخات زوجتي و بكاء إبني الصغير.



#محمد_عبد_الحليم_عليان (هاشتاغ)       Eng.mohamed_Abdelhaleim_Alyaan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- و يبقى الأثر
- زفاف أسطوري و جدران متصدعة
- صدمة و صرخة
- تأملات مع موسيقى شتراوس
- لقاء


المزيد.....




- مكتب نتنياهو يُعلن إرسال وفد إلى الدوحة نهاية الأسبوع لمناقش ...
- أم كلثوم.. هل كانت من أقوى الأصوات في تاريخ الغناء؟
- بعد نصف قرن على رحيلها.. سحر أم كلثوم لايزال حيا!
- -دوغ مان- يهيمن على شباك التذاكر وفيلم ميل غيبسون يتراجع
- وسط مزاعم بالعنصرية وانتقادها للثقافة الإسلامية.. كارلا صوفي ...
- الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته ...
- شائعات عن طرد كاني ويست وبيانكا سينسوري من حفل غرامي!
- آداب المجالس.. كيف استقبل الخلفاء العباسيون ضيوفهم؟
- هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر ...
- شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الحليم عليان - خربشات منقوشة على النيل