الفخ الدولي المنصوب للبنان والمنطقة

رلى الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 1639 - 2006 / 8 / 11 - 02:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بقدر ما تحزنني بعض الأصوات الإعلامية المأجورة أو المضللة في عالمنا العربي والتي تردد كالببغاوات مقولات الخارجية الأمريكية ودعاوى إسرائيل مسببة شق الصف العربي بدلا من تجميعه وتوحيده في وجه العدو الحقيقي إسرائيل، بقدر ما تسعدني قراءة بعض المقالات والأبحاث التي يقوم بها صحفيون وأكاديميون مستقلون في الغرب وإسرائيل حول أوضاعنا التي يرونها بحياد وموضوعية وشمولية أكبر مما يراها بعض الصحفيين العرب مع الأسف الشديد!!!

بالأمس اطلعت على مقالة لجوناثان كوك وهو صحفي بريطاني مستقل مقره الناصرة، وله عدد من المؤلفات ويكتب في عدد من الصحف العالمية المرموقة ووسائل الإعلام العربية الصادرة باللغة الانجليزية، وعلى وشك إصدار كتاب هام عن التمييز العنصري داخل الدولة الديموقراطية المزعومة : اسرائيل!!!

المقالة عنوانها: "اللعبة الاسرائيلية- الامريكية القاتلة في الامم المتحدة" وسأقوم هنا باقتباس بعض الأفكار مما ورد في تلك المقالة الهامة، وأدعو كل المهتمين بمعرفة الحقيقة إلى زيارة موقع الصحفي جوناثان كوك http://www.jkcook.net
والاطلاع على المقالة كاملة وعلى مقالاته الأخرى التي لا تقل أهمية، خاصة في قضايا الصراعات الطائفية ولعبة الدين والدم في الشرق الأوسط الجديد!!

يقول كوك:" إن كان هنالك من أوهام متبقية في أذهان البعض حول حقيقة الأسباب التي دفعت إسرائيل إلى شن حربها على لبنان وجوهر أهداف تلك الحرب، فإن مشروع القرار الدولي الذي استصدرته الولايات المتحدة حول لبنان قد بددها كلها"!!!!

"تلك الوثيقة المنحازة كليا إلى جانب واحد تمت صياغتها بمشاركة إسرائيلية فاعلة حسب اعتراف الصحافة العبرية ذاتها، حيث ساهم في صياغتها إلى جانب الفريق الفرنسي والأمريكي مندوب خاص عن الخارجية الإسرائيلية ومستشار إيهود أولمرت الشخصي إلى جوار جون بولتون أحد رجالات إسرائيل أيضا"!!!

ويعتبر كوك أن الهدف الحقيقي من الحرب هو "جر إيران إلى المعركة"، وسيحدث ذلك بعد رفض حزب الله بنود القرار وانتهاز إسرائيل أي عمل ثأري من طرفه على العمليات الإسرائيلية " الدفاعية"-كما يسميها المجتمع الدولي- للادعاء بان إيران تقف خلف ذلك العمل ومن ثم يتحول خط العمليات الدفاعية إلى طهران!!!

"لماذا طهران؟! لأن رئيسها يدعو إلى إزالة إسرائيل من الخارطة"!!!

"وحسب الكاتب "عالوف بن" من صحيفة الهارتس الإسرائيلية فإن السبب الوحيد الذي يمنع إسرائيل من القفز فرحا بهذا القرار الذي يوفر لها الغطاء المطلوب لتحقيق هدفها الحقيقي هو خوفها من تأثير ذلك الفرح على باقي الدول في مجلس الأمن مما قد ينبهها ويدفعها إلى تغيير بعض الكلمات والعبارات في القرار وإفساد الطبخة على إسرائيل، ولهذا فقط تم تأجيل الاحتفالات إلى حين صدور القرار رسميا من مجلس الأمن"!!!!!

"لذلك، وفي خطة محبوكة، تتشابه مع خططها في المفاوضات مع العرب، قامت إسرائيل بتقديم قائمة من المطالب لإجراء تعديلات على مشروع القرار، سيتم بالطبع الموافقة عليها من قبل مجلس الأمن لتنتهي المسألة إلى قبول إسرائيل القرار ورفضه من لبنان وحزب الله تحديدا، لأن المطروح على لبنان لا يمكن قبوله أو الموافقة عليه فهو إعادة احتلال للجنوب اللبناني بقوات دولية تحل محل إسرائيل في خفر الحدود، وتتلقى ضربات حزب الله بدلا من إسرائيل، هذا من جهة، من جهة ثانية، فإن القرار يعطي لاسرائيل الحق في مواصلة ضرباتها الدفاعية المزعومة ضد لبنان وحزب الله، ونظرة واحدة إلى ما يحدث في قطاع غزة الان تعطي مؤشرا حول طبيعة تلك الضربات التي تعتبرها إسرائيل دفاعية"!!!

"معنى ذلك أن القرار لا يوقف إطلاق النار، بل يوقف الضربات العدوانية، ولا يحرر الجنوب بل يأتي باحتلال بديل يساعد إسرائيل في مهمتها التي فشلت في إنجازها وحيدة، ولأن حزب الله سيرفض ذلك القرار، فإن لبنان وحزب الله سيظهران أمام العالم بمظهر المعتدي الأثيم ، في حين تظهر إسرائيل بمظهر الحمل الوديع المرن الراغب في التفاوض وإنهاء الحرب أمام الذئب اللبناني الراغب في استمرار الحرب"!!

"سيؤدي ذلك إلى إسقاط حزب الله سياسيا ودبلوماسيا"، وتتقدم إسرائيل خطوة أخرى إلى الأمام – سنشهدها خلال الأسبوع القادم في الإعلام الإسرائيلي والأمريكي والعالمي حسب توقعات جوناثان كوك، مع أنها بدأت منذ بداية هذه الحرب في الإعلام العربي الرسمي والموالي- لتتهم إيران بأنها من يقف مباشرة خلف تلك الحرب، ومن ثم فإن مشروعية التحول ضد إيران تكون قد تأسست بناء على ذلك!!

ويدلل كوك على فرضيته تلك بتصريحات السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة دان غيللرمان لمحطة CNN والتي اعتبر فيها ضرب حزب الله لتل أبيب إن تم ردا على ضرب إسرائيل لبيروت، "فعل حرب" لا يمكن أن يصدر إلا بقرار إيراني!!

ويؤيد فرضية كوك تلك ما نشرته صحيفة الهارتس الإسرائيلية يوم الاثنين الماضي من أن أولمرت قد اجتمع بخمسين ممثلا عن الحكومات العالمية المختلفة مبلغا إياهم بالدور المطلوب منهم أمام الإعلام الخارجي وهو التحول من اتهام حزب الله إلى اتهام إيران باعتبارها المحرك الرئيسي خلف تلك الحرب، وما حزب الله سوى وكيل لها، والذي دعا فيه أولئك الناطقين الرسميين إلى استخدام الخطاب العاطفي للتأثير في المشاعر وإثارتها ضد إيران!!!

"في الوقت ذاته فإن ضرب الضواحي المسيحية في لبنان، والاستمرار في حرب التطهير العرقي ضد شيعة لبنان ستؤدي – حسب ما تتأمل أميركا وإسرائيل- إلى تأليب اللبنانيين على حزب الله المدافع الوحيد عن لبنان، وتمهيد الساحة أمام حرب طائفية داخلية على غرار ما زرعته إسرائيل بين فتح وحماس في فلسطين"!!

خلاصة القول- وهو ما يعيه كوك وكل الإعلاميين المستقلين في تفكيرهم بعيدا عن الدعاية الأمريكية المدعمة من الحكومات المحلية العربية- أن الشروط المستحيلة الواردة في مشروع القرار المجحف تفرض على حزب الله الاستسلام دون مقابل في حين أنه في واقع الأمر منتصر عسكريا على الأرض، وتسعى إلى تكتيف يد حزب الله عن طريق الدبلوماسية والسياسة بقرار دولي، وهو ما عجز المشروع الأمريكي- الإسرائيلي حتى الآن عن تحقيقه حتى اللحظة، حيث ينص أحد البنود على إيقاف حزب الله عملياته كافة ضد إسرائيل ، ونزع سلاحه، دون وجود بند واحد يضمن حقيقة وقف إطلاق النار من جانب إسرائيل، وفي ظل استمرار وجود القوات الإسرائيلية على الأرض اللبنانية الممتدة حتى الليطاني، في انتظار وصول القوات الأممية التي قد تصل وقد لا تصل وقد تتأخر في الوصول، وعندها فإن إسرائيل يمكنها الانفراد بلبنان وحزب الله بعد أن نزع الاخير سلاحه تحت أي ذريعة وما أسهل الذرائع لدى إسرائيل، ونظرة واحدة لما ترتكبه إسرائيل يوميا في فلسطين يمكن أن تكون مفيدة في استقراء المستقبل الذي ينتظر لبنان وحزب الله إن وافقا على تلك الشروط !!!!

وحتى إن وصلت تلك القوات، فإن أي إطلاق نار من قبل حزب الله لن يكون عندها ضد إسرائيل بل ضد قوات أممية، وهو ما يعني شن حرب على العالم!!!

هذا الفخ يعيه حزب الله وتعيه الحكومة اللبنانية التي طلبت من جانبها بنودا سبعة، هي أقل القليل الممكن، الذي وعد وزراء الخارجية العرب بدعمه في واشنطن!!

الأيام القادمة ستظهر حقيقة نوايا النظم العربية التي إن لم تنجح في تغيير بنود القرار الأممي المطبوخ بين إسرائيل والولايات المتحدة سقطت سقوطا مدويا في الشارع ما عاد ينقذها منه أي ادعاءات بمحبة لبنان ومساعدته، كما ستظهر حقيقة بعض الأبواق الإعلامية التي تروج لأهداف أولمرت بالقضاء على إيران لتنفرد إسرائيل بالمنطقة تماما بعد أن تنهي كل حركات المقاومة الوطنية والإسلامية، وبعد أن تقضي على كل النظم القوية في الإقليم التي لن يكون أولها العراق أو آخرها سوريا وإيران !!!

#رلى_الحروب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات