|
هل سينجح المالكي في مهمته ؟
هرمز كوهاري
الحوار المتمدن-العدد: 1638 - 2006 / 8 / 10 - 03:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قطعا كل الديمقراطيين في العراق وخارجه يتمنون للمالكي النجاح ، ولا أقصد لشخص المالكي مع إحترامنا لشخصه ، لأن كل مهتم بمصلحة الشعب يهمه برنامج وفكر السياسي أكثر من شخصيته ، ولكن هناك شيئ آخر هو مدى جدية ذلك السياسي في طرحه وإخلاصه وقدرته في تنفيذ برنامجه ، وإن ذلك البرنامج لم يكن للدعاية والاعلان ، كما تعرفت شعوب المنطقة أكثر من غيرها على النماذج المتاجرة بشعارات خيالية أو أكثر من طاقتها ، ونرجوا ألا يكون المالكي من النموذج الاخير .
وأهم ما تقدم به المالكي ثلاث نقاط أساسية ، وهي النقاط التي يريدها الشعب من كل سياسي يتولى المسؤولية ، وهي القضاء على الارهاب والقضاء على الفساد الاداري والمالي وثالثا الإنشاء والاعمار ، الاهم قبل المهم . وليس معنى هذا أن يهمل بقية الاهداف ، كتوفير الحاجات الاساسية كالماء والغذاء والدواء والوقود والكهرباء والعمل للعاطلين وتوفير الحريات الحقيقية للافراد ، وبعبارة أوضح تفعيل المنهج الديمقراطي للدولة العراقية .
ولنأتي على أولى المشاكل ،التي يعاني منها أكثر من غيرها والتي لم يتمكن أي مسؤول عراقي تولى المسؤولية من إنجازها وهي: القضاء على الارهاب بكل أنواعه وأساليبه ، مشكلة المشاكل ، ويمكن أن نقسمه الى نوعين أولا الارهاب الذي يهدف الى كل ما يمت بصلة للعراق من البشر والحجر ، بهدف إفشال المشروع الامريكي العراقي ، أو العراق الديمقراطي ، وهذه العناصر لا يمكن التفاوض معها بأي حال من الاحوال ، فهو مشروع إرهاب وتدمير ليس إلا ، وتلتقي أو تتعاون معها أيتام صدام الذين يحلمون بعودة تلك الايام . والقسم الثاني من الارهاب هو العنف الطائفي والقتل على الهوية ، هو المشكلة الاخرى والعقدة المستعصية أو أريد لها أن تكون كذلك . سواء من قادتها أو من الجيران الشرقيين والغربيين ، وإدراكا من غالبية الشعب العراقي أن هؤلاء الجيران قطعا لايريدون خيرا للعراق ولا لشعب العراق ، وإنما خدمة لمصالحهم الانانية ،ومن المؤسف أن يقع بعض الساسة في مصيدتهم ،و خطط الجيران هي بدافع المصالح الشخصية الانانية الضيقة من تولي الزعامات وملء خزائنهم وعلى حساب دماء ودموع الابرياء .
وأقول هذه المشكلة مستعصية لأن قادة سياسيون من الوزراء ومن أعضاء في البرلمان العراقي ومن يتحكمون في الخارطة السياسية العراقية هم مسؤولون عن هذه المليشيات ، بل كان وصولهم الى هذه المواقع وبهذا الزخم بفضل تلك المليشيات وأعني بذلك كتلة الائتلاف الشيعية التي رشحت السيد المالكي الى تولي هذا المنصب ! ليكون أمينا على أهداف الكتلة ومنها إبقاء المليشيات !! وقادتهم هم سماحة الحكيم والعامري والصدر ، إضافة الى حزبه حزب الدعوة الاسلامية . وبالتالي بإمكان قادة تلك المليشيات بسحب البساط من تحت أقدام المالكي أي الثقة عنه إذا ما حاول تفكيكها عملا وليس قولا !.
وأمام السيد المالكي طريقة واحدة مثلى، وهي إقناع قادتها بحل تلك المليشيات ،ولكن لا يبدو أنهم مقتنعون بذلك ، بدلالة أنه لم يصدر من أي من قادتهم المذكورين أي تجاوب بالرغم من مرور ما يقارب ثلاثة أشهر من إطلاق دعوته ، بل بالعكس زادت في فعالياتها في القتل الطائفي ، ملقية التهمة على القتلة المجهولين !! والطريقة الثانية ، وهي خطرة ،وقد تؤدي الى نتائج عكسية ، وهي إستعمال القوة بما فيها القوات الامريكية ،مما يؤدي الى تقوية المليشيات المتقابلة أي السنية من جهة ومن الجهة الثانية قد تكسب مزيدا من التأييد الشعبي ، بداعي طرد " المحتل " هذا بالإضافة الى تأجيج الصراع من قبل الجارة الشرقية تحت شعار طرد الامريكان أصدقاء إسرائيل ! وتمدها بالمال والسلاح والخبرة وربما المرتزقة بإسم المجاهدين . وهناك رأي آخر وهي دمجها بالقوات المسلحة العراقية من الجيش والشرطة ، والمشكلة هنا تزداد تعقيدا ، وهي أن ولاءها يبقى لقادتها وليس للدولة ، لأنها قوة مسيسة أصلا . مما يساعدها على القيام بالعنف تحت غطاء الشرعية الحكومية ، ويكون خطرها أكثر من السابق .
إذن لماذا يركز المالكي على حل المليشيات ، مع علمه بهذه الصعوبات التي تواجهه ، هل هي للدعاية والاعلان ؟، برأي ليست الدعوة كذلك بل لكسب تأييد شعبي لخطته ، وإذا ما كسب ما يكفيه من التأييد الشعبي يولد ضغطا على قادتها للاقتناع بأنها تكسب المعركة السياسية بدون المليشيات المسلحة بالسلاح ، بل بالمليشيات المسلحة بأفكار التعاون والتآلف ووخدة الشعب والتوجه الى مكافحة الارهاب التكفيري والصدامي ، للمباشرة بالإعمار وتقديم أفضل الخدمات للشعب ، والخروج من النفق المظلم ، نفق الصراع الطائفي الذي لا تسلم من شروره أية طائفة أو فئة من أقصى الشمال ألى أقصى الجنوب وكذلك تشمل كافة مناطق العراق ولم يخرج أحد منتصرا بل يكون الخاسر الوحيد هو الشعب العراقي وهم جزءا منه .
والتأكيد على المليشيات لا يعني التقليل من مكافحة الارهاب التكفيري ، لأن الارهاب التكفيري معروف للجميع ، والكل يجب أن يسعى الى مكافحته إما قولا أو عملا سواء من قبل القوات المسلحة أو من الافراد العزل عن طريق الاخبار عن كل مايشك أو يشير الى إرهابي أو أوكارهم . ومن الجهة الثانية ، فإن حل مشكلة المليشيات المسلحة تكون الحكومة قد عزلت عناصر الارهاب التكفيري والصدامي عن العنف الطائفي ، مما يسهل ضربها والقضاء عليها .
كل ما ينطبق على المليشيات الشيعية ينطبق على المليشيات السنية مع إختلاف الاهداف من جهة وإتفاقهم من الجهة الاخرى ، فالمحرضون والممولون غيرهم والاهداف غير تلك الاهداف ، ويتفقون أن كل المليشيات الشيعية والسنية تخدم مصالح الغير ومصالحهم الشخصية الانانية الضيقةن حبا بالزعامات والجاه وملء الخزائن وعلى حساب دماء ودموع الشعب العراقي بحجة الدفاع عن الطائفة أو القومية ، دون أن يحمل أي من قادة هذه المليشيات " فرمانا" من الطائفة أ و من القومية ، وإنما هم فرضوا أنفسهم على تلك الطوائف بشعاراتهم الجوفاء بعيدة عن مصالح الشعب التي هي الديمقراطية والعيش برفاهية وأمان.
إذن المسؤولية التاريخية والانسانية تقع على عاتق أؤلئك القادة ، قادة المليشيات بما فيها المرجعيات الصامتة والناطقة من كلتا الطائفتين . ولم يصدر لحد تاريخه مايشير الى نية اولئك القادة بالتخلي عن مليشياتهم ولا من المرجعيات كلاما صريحا بنزع سلاح المليشيات والعودة الى أعمالهم المدنية تاركين التخلف الطائفي خلفهم ، هذا إذا كانوا مخيرين، بل لا أحد يقتنع بهذا ، بل أُسسوا اصلا ليكونوا مسيرين ومنفذين متطلبات ومصالح الغير ..!
,وبقي على السيد نوري المالكي أن يفصح عن الطريقة التي سيتبعها ، وبخلافه قد يكون ، لاسمح الله ، خراب الدولة على أيدي المليشيات كما نجد في لبنان ، حيث أصبحت الدولة تابعة لهم لا تابعين لها.ويتحكمون بمصيرها في السلم والحرب !.
#هرمز_كوهاري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المقامرون بحياة الشعوب ..!
-
المليشيات الطائفية .. لصالح من تعمل ..؟
-
ماذا لو تكرر السيناريو في العراق ..؟
-
المصالحة ..يجب أن ترافقها : المصارحة والمكاشفة ..
-
وأخيرا، قالوها صراحة ..!
-
الدولة الحديثة بين العلمانية والدين والمجتمع
-
في مجلس نواب : القوميات والطوائف والعشائر ..!
-
مقترحات بتعديل الدستور العراقي
-
بل يفهمون ..ويحرّفون..!
-
يباركون سفك دماء الابرياء .. بإسم المقاومة الوطنية ..!!
-
إقتراح بفتح حوارا حول ، تنازع الهويات ..!
-
فتّشوا عنهم بين أتباعكم ..!
-
من حق الشعب أن يعرف ،..!!
-
العظمة في التعمير وليست في التدمير ..!!
-
وهكذا أضيئت مدن العراق ، كما أضيئت شوارع بكين !!!
-
تحية إجلال وإكبار لشهداء الطبقة العاملة
-
الاول من مايس ، عيد العمال العالمي وعيد الانسانيةجمعاء ..!!
-
هل وصلنا وإلا بعد ...!!
-
بين الكرادة والمربعة مسافة طويلة ..!!
-
قادة الائتلاف : الائتلاف أولا .... والعراق آخرا !!!
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|