أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز الخزرجي - حقيقة مشهودة أثناء الموتة الصغرى:















المزيد.....

حقيقة مشهودة أثناء الموتة الصغرى:


عزيز الخزرجي

الحوار المتمدن-العدد: 6940 - 2021 / 6 / 26 - 11:58
المحور: الادب والفن
    


ملاحظة: أخي الباحث إن كنت لا تعتقد بآلطاقة الغيبية أو (الروح) التي تحرك أجسامنا فأرجو أن لا تقرأ المقال مع الشكر للجميع خصوصا الأدمن على نشره للموضوع
بالأمس عدت إلى البيت متعباً منهكاً بعد إتمام المراجعة العادية للطبيب و فحص الدم و الذي أجريه مرتين في الأسبوع .. فقالت زوجتي: هلَّا بدّلت ثيابك و ارتحت قليلا ريثما نُعدّ الطعام؟ وبالفعل ذهبت إلى غرفتي و بدلت ثيابي و تمدّدت على سريري و اغمضت عيني! ولم أفتحها إلا على صوت المؤذن لصلاة العصر، فخرجت من الغرفة متوجهاً إلى المطبخ فوجدت زوجتي منهمكة في إعداد المائدة!
جلست قربها و سألتها : ماذا طبختي لنا اليوم يا حبيبة القلب؟
إلا أنها لم ترد! فعاودت السؤال ثانية و ثالثة و رابعة فتفاجئت كيف إنها لم ترد .... فكانت دهشتي أسبق من غضبي!
إذ أنها للمرة الأولى وعلى مدى أكثر من أربعين عاماً من حياتي الزوجية أخاطبها و لا تعيرني أيّ اهتمام!
التفت حولي .. فإذا بابني محمد يدخل المطبخ, فطلبت منه إحضار زجاجة ماء من الثلاجة؟ فكان جوابه مماثلا لجواب أمه! فازداد تعجبي من ذلك الشاب الدمث الذي يُضرب به المثل في الأدب وحسن الخلق و حتى الفكر و الفلسفة في زمن المسخ و القحط الفكري و إنعدام القلوب النظيفة!
فهممت بالخروج من المطبخ بعد ما أحسست بأن أختنق, فإذ بزوجتي تقول لأبني: اذهب و أيقظ أباك لتناول الغداء!؟
هنا بلغ مني الذهول و العجب مبلغا!
وبالفعل إتجه إبني إلى غرفتي ليوقظني, فصرخت فيه بعلوّ صوتي أنا هنا, فَلِمَ لا تراني و تذهب لغرفتي, لكنه لم يلتفت لي و مضى مسرعاً و تركني غارقاً في ذهولي!
وبعد دقيقة أو يزيد عاد و قد ارتسم الرعب على وجهه فقالت له أمهُ: ما بك .. هل أيقظت أباك؟
فتلعثم محمد قليلا ثمّ قال : حاولت إيقاظه مراراً و تكراراً لكنه لم يجب ! فازدادت دهشتي, ماذا يقول هذا الولد!
فدخلت زوجتي مسرعةً إلى الغرفة وخلفها الأولاد مذعورين فتبعتهم لأجدها تحاول إيقاظ شخص آخر في سريري يشبهني تماماً, ويلبس نفس ثيابي!
وما إن يأستْ من إيقاظه حتى بدأت عيناها تُغرورَق بالدموع و بدأ أولادي في البكاء و النحيب و مناداة ذلك الرجل الملقى على فراشي والتعلق بثيابه أملا في الرد أو النهوض.
وأنا لا أصدق ما جرى و يجري حولي!
يا إلهي ما الذي يحدث ؟! مَنْ هذا الرجل الذي هو نسخة مني ؟! لماذا لا يسمعني أحد ؟! لماذا لا يراني أحد ؟!
خرج ابني مسرعاً و إنضمت إبنتي آلاء لهم مع ميثم ليعود الجميع للبكاء والجميع يبكون بكاءا حارا، فذهبت إليهم محاولا لمسهم والحديث معهم وإفهامهم .. أني أمامهم و مازلت بجوارهم ولن أتركهم في غربتهم كما وعدتهم .. إلا أنه حِيل بيني و بين ما أردت!
فالتفت بعضهم لبعض محاولين إسماع صوتي ولكن دون جدوى!
قالت إبنتي: لنتصل بسيارة الإسعاف لنجدته ربما بسبب السكر أو حالة الدم التي عنده أو القلب!
ذهبوا لإعداد للجنازة وخرَّ إبني و زوجتي .. وأنا في ذهول تام وإحباط شديد من هول ذلك الكابوس المزعج الذي أحاول الاستيقاظ منه.
جاء المغسل و بدأ بتغسيل ذاك الجسد الملقى على فراشي بمساعدة أبنائي ولفه بالكفن و وضعه في التابوت.
وتوافد الأصدقاء الاجانب للبيت وهم يدعون لي بالرحمة ولهم بالصبر والسلوان.
ثم حملوا الجسد المسجى إلى المسجد ليصلُّوا عليه و الكل ورائي, فخرجت مسرعاً خلف الجنازة المتجهة إلى المسجد حيث اجتمع بعض الأصدقاء واصطفوا خلف الإمام ليصلوا علي.
ووسط ذلك الزحام الشديد وجدتني أخترق الصفوف بيسر وسهولة دون أن ألمس أحدا.
كبَّر الإمام التكبيرة الأولى وأنا أصرخ فيهم يا أهلي يا جيراني على مَنْ تصلون؟!
أنا معكم ولكن لا تشعرون!!!
أناديكم ولكن لا تسمعون!!!
بين أيديكم ولكن لا تبصرون!!!
فلما استيئست منهم تركتهم يصلون وتوجهت إلى ذلك الصندوق وكشفت الغطاء أنظر إلى ذلك النائم فيه .. وما إن كشفت عن وجهه حتى فتح عينيه ونظر إليَّ و قال: الآن انتهى دوري ،،، أنا إلى الفناء .. و أنت إلى البقاء!
ثم قال لازمتك ما يزيد عن 67 عاما واليوم مآلي إلى التراب و مآلك إلى الحساب!
ولم أشعر بنفسي إلا وأنا ملقى في التابوت فاقدا السيطرة على كل شئ, أطرافي لم تعد تستيجب لي. لم أعد أرى شيئاً, لم أعد أقوى على الحراك, أحاول الكلام فلا أستطيع.
فقط أسمع تكبيرات الإمام ...
ثم غمغمات المشيعين ....
ثم صوت التراب ينهال عليّ ....َ
ثم قرع النعال مبتعدة عنيّ ....
أدركت حينها أنها النهاية ....
ولربما البداية ....
بداية النهاية ....
هكذا بكل بساطة ودون مقدمات و فلسفات و كونيات تُطوى أعمارنا ؟
مازال لدي الكثير من المواعيد .. و الأفكار التي لا بد و أن أنير بها طريق التائهين في عالم لم يعد سوى بشرا يتقاتلون و يتحايلون على لقمة خبز و دولار ..
مازال لدي الكثير من الأشغال ...
مازال لدي الكثير من الديون التي لم أسددها ولم أوص بسدادها ...
أين نقالي ؟؟؟
أريد أن أوصي بفعل خير لطالما أجلته ...
أريد أن أنهى عن منكر لطالما رأيته ...
وشيئا فشيئا بدأت أختنق ...
ثم سمعتُ أصوات أقدام متجهة نحوي ...
يا ويلتى سيبدأ الحساب!
هذا ما كان يقال لي في الدنيا منذ الصغر ...
لا بد أنهما منكر ونكير في طريقهما إليَّ ...
لكني كنت متأملاً قدوم العليّ الأعلى الذي طالما عشقته و كتبت عنه وأنرت بها طريق العباد الضاليين...
وبقيت أصرخ في قبري ...
رب ارجعونِ ...
رب ارجعونِ ...
رب ارجعونِ ...
لعلي أعمل صالحا فيما تركت !!!
لكن لا أسمع صدى لدعائي سوى...
كلا ... كلا ... كلا ...
ولا زلت على هذه الحال حتي تدفق لمسامعي صوت رقيق يهمس في أذني : بابا, بابا, الغدا يا بابا ...
ففتحت عينيَّ لأجد إبنتي آلاء ألعالمة وفلذة كبدي مبتسمة كعادتها في وجهي وهي تقول : " يلا يا بابا قبل الأكل ما يبرد"
إحتضنتها بلهفة وقبّلت جبينها ثم تركتها تذهب ...
وجلست في فراشي برهة و أنا أشعر بدوار و بإرهاق شديد و أطرافي ترتعد وجسدي يتصبب عرقا ....
لأخاطب نفسي قائلا:
ها يا نفسُ قد عدتي ... فأريني أي صالحٍ ستعملين قبل أن يأتي يوم تسألين فيه الرجعى فلا يستجاب لكِ...
سارع بالخيرات بأعمال الصالحات [... فمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ]
(سورة لقمان 34]),
ختاماً أيها الناس : طهروا لقمتكم و حللوا رواتبكم الحرام و لا تعتدوا و لا تستغيبوا ولا تظلموا خصوصا عوائلكم و مقرّبيكم.
إنتبهوا لحقوق الناس فأنها خط أحمر .. فحتى الله تعالى لا يستطيع غفرانها لأنه عادل و لا يمكن تجاهل حقوق الآخرين فحتى الراتب الذي تأخذه من بيت المال فيه حقوق ملايين الناس فإنتبهوا.
ولا تنسوا كل يوم : (الأستغفار) مئات المرات مع الصلاة على آل الله آل محمد الطيبين الطاهرين.
ألعارف الحكيم عزيز حميد مجيد



#عزيز_الخزرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة مشهودة أثناء الموتة آلصّغرى:
- ألدكتور يوسف السعيدي رئيسا للوزراء
- ألمشكلة التكوينيّة للبشرية :
- صفحات كونية(9) ألمشكلة التكوينيّة للبشر :
- ألتّناغم مع الوجود
- لماذا (ترودو) يُشرّف قادة و رؤوساء و شيوخ و سادة العراق و ال ...
- صفحات كونيّة(8) ألعوامل ألمؤدّية لإنحراف الفكر
- حوارٌ مات قبل إتمامه!؟
- النهاية المؤسفة للعراق
- ملاحظات زائر أجنبي للعراق:
- ألجَّور ضاق ب5 مليار :
- كيف تقرأ .. لتكون مفكّراً و فيلسوفاً!؟
- كتاب(الصّديقة بنت الصّديق)!
- حذاراً .. أيها الكونيّ!
- حذاراً أيها الكونيّ!
- صفحات كونية (7) عوامل الرّكود الحضاريّ
- صفحات كونية(6) دور طبيعة الفكر في تقويم الخيال:
- ألطبابة الكونية أو أسفار الرّوح(5) كيف نستثمر الخيال؟
- قالوا و قلنا؛ و هل غير قولنا الحقّ؟
- كيف تعرف الحقّ؟


المزيد.....




- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز الخزرجي - حقيقة مشهودة أثناء الموتة الصغرى: