أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي مزهر - أسئلة














المزيد.....

أسئلة


علي مزهر

الحوار المتمدن-العدد: 482 - 2003 / 5 / 9 - 04:46
المحور: الادب والفن
    


 

"نريد وقتاً متسعاً للصلاة والحزن، ووقتاً إضافياً لفرحتنا بالنجاة"
هدى طه

هل سيتركوننا نموت مثل كل البشر، بحادث سير، بتحطم طائرة، أو انحراف قطار عن مساره، بسكتة قلبية أو دماغيّة؟ هل سيتركوننا نموت حبّاً، أو سطواً،أو سُكراً، أو فرحاً في ملعب لكرة القدم مثلاً؟ أم سيدفنوننا مرة ثانية في مقابر جماعية؟ هل من بلاغة للغة من لغات الأرض، تفوق بلاغة كيس البلاستيك التي تحمله أمٌ ثكلى في يدها لما تبقّى من ملابس ابنها الذي أعدم في مقتبل العمر، لأنه انتفض، وقال لا؟ وهل من فصاحة أقوى من فصاحة العظام المعروقة الشاهدة على تحالف السفلة مع القتلة على قتل العزّل منّا وتغييبهم كأنهم كائنات بلا جذور؟ هل من نصاعة تفوق نصاعة بياض الأكفان أو الغازات الكيماوية في الدلالة على موتنا المجاني والجماعي على مرأى ومسمع العالم كلّه؟ العالم الغارق في توازنات القوى وحسابات الربح والخسارة؟

هل سيتركوننا نموت مثل باقي البشر، بعد أن ندرك أرذل العمر أو يدركنا، أم أنهم سيلقون بنا في العوالم السفلية، والأقبية، حيث لا شمس ولا هواء؟ ( عندما كنت أبيع الكتب القديمة في شارع المتنبي، جاءني ضابط أمن من وزارة الإعلام يسألني عن حيازتي وبيعي لكتب ممنوعة وعن مصادر كتبي، ولقد حذّرني بتهذيب شديد وبرودة أعصاب يُحسد عليها، بأنه سوف يرسلني إلى ما وراء الشمس إذا تجرأتُ وتداولتها بيعاً أو شراء- وقد كنت تعاملتُ بها سراً، جهلاً ومعرفةً، لتدبير العيش ولطول قائمة الكتب الممنوعة التي يصعب حفظها).

 هل سيتركوننا مرّة لمصائرنا؟ هل سيدركون أنّ أقدم آلامنا قد نضجت، وآن لها أن تثمر( وعذرا لريلكة)؟ هل سيرون إلى وطننا، كطفل بحاجة إلى رعاية ووصاية وعناية لأنه لم يبلغ سنّ النضج بعد؟ ألا تكفي سبعة آلاف عام لكي يبلغ العراق سنّ النضج ويدير شؤونه بنفسه؟ منذ أن استباح المغول بغداد، وأغرقوها بالدماء، وصبغوا دجلة بالحبر، ونحن لم نحكم أنفسنا، ونخرج من احتلال بغيره، فهل كانت سنوات عبد الكريم قاسم هي السنوات العراقية الوحيدة، الذي حكم فيها العراق، عراقيٌ مخلصٌ لشعبه ولتربته؟ فهل سيتركوننا جميعهم، قتلتنا، وجلاّدينا ومسانديهم وأبواقهم، والذين كانوا يتفرجون علينا بصمت ونحن نموت على أيديهم، هل سيتركوننا ندير شؤوننا مثل باقي البشر، نموت ونعيش مثل باقي البشر؟

هل سيتركوننا، نعيش مثل باقي البشر، نذهب إلى العمل في الصباح ونعود في المساء، إلى بيوتنا، بدون أن نرتعب حين نسمع رنين الجرس؟ أو طرقة على الباب؟ هل سيتركوننا، نلملم جروحنا، ونتعرّف على موتانا، ونقيم لهم مجالس عزاء، لم نقمها، وندفنهم في قبور تليق بهم؟ هل سيتركوننا وشأننا، لنستعيد طعم الفرح ونتعرف ثانية على الضحك ونحب الحياة ونقدّسها؟ أم سيجعلون من بلادنا ساحات لحروب جديدة، وحزازات جديدة، وانقسامات جديدة؟ هل سيتركون بلادنا ، أرض الشرائع الأولى، والقوانين الأولى، لكي تستعيد شرائعها وقوانينها، لنرى العدالة ثانية، لنرى ميزانها وحكمتها في محاكمة جلاّدينا وقتلتنا، واستتباب فصول حياتنا، بعد ما صار السلب والنهب وانعدام القانون والقتل العشوائي بدون محاكمة هو قانون حياتنا السابقة؟  هل سيتركون للضحايا فرصة عدم التشبه بجلاّديها، أم سيقتلون الغفران، ويشوّهون حزن الضحية وألمها؟ هل سنستعيد مفردات مثل الترف والبحبوحة والعيش الرغيد والازدهار والبناء والتقدّم؟ هل سندفع استحقاقات غيرنا ونسدد ثمن مشاكلهم السياسية والنفسية والاقتصادية والدينية؟ هل نهرق دمائنا مجدداً، على مذبح ثوريتهم وأحلامهم ومخاوفهم؟
هل من إله يحقق لنا معجزة أن نحكم أنفسنا بأنفسنا، بدون تدخّل في شؤوننا، خاصّة من قبل أولئك الذين كانوا يدعمون قاتلنا وجلاّدنا ويصمّون آذانهم ويغمضون عيونهم عن آلامنا وموتنا المجاني، في "السلم" وفي الحرب وأثناء سنوات الحصار؟ وإذا لم يدلّنا هذا الإله الجميل، هل نستدلُّ بأنفسنا على حكمنا لأنفسنا؟ أم أن الاستقلال خرافة والحلم بهما سذاجة وعمى سياسي؟
علي مزهر
 ‏الأربعاء‏، 07‏ أيار‏، 2003
www.alimizher.info



#علي_مزهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا وحق التضحية بالآخر: من الهنود الحمر إلى العراق
- شعرية السياسة الأمريكية


المزيد.....




- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي مزهر - أسئلة