|
هل يمكن ان يكون النصر اللبناني حاسما
سعاد خيري
الحوار المتمدن-العدد: 1637 - 2006 / 8 / 9 - 10:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل يمكن تحقيق نصر حاسم للشعب اللبناني في هذه المرحلة التاريخية شهدت البشرية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى يومنا هذا العديد من الانتصارات النسبية والانتكاسات النسبية ومن خلالها اكتسبت المزيد من التجارب وقدمت الملايين من الضحايا . وكان من اعظم الانتصارات ما حققته حركة التحرر الوطني من انتصارات نسبية ما كان لها ان تكون حاسمة بالنظر لضعف العامل الذاتي والدور القيادي للحركة الثورية ومن اقسى الانتكاسات انهيار التجربة الاشتراكية الكبرى التي دامت سبعين عاما نتيجة ترهل الحركة الشيوعية وتخليها عن النهج الماركسي في تطوير الماركسية وفي مجابهة الصراع الطبقي على الصعيد العالمي والداخلي. مهد كل ذلك فضلا عن تطور الثورة العلمية التكنولوجية الى بلوغ الراسمالية مرحلة العولمة وتوسع احلام اقطابها الى الهيمنة على العالم، دون القضاء على تناقضاتها بل عمقت جميع تناقضاتها وازماتها واضافت اليها المزيد. ولتحقيق احلام الاقطاب الراسمالية وتناوبها وفقا لاحد قوانينها وهو التطور غير المتناظر لاقطابها حدث الكثير من الحروب المحلية والاقليمية واكثرها عمقا وتاثيرا سلبيا تقسيم فلسطين واقامة اسرائيل كقاعدة لبسط الهيمنة الامبريالية على اغنى بقاع العالم بالنفط واهم موقع استرايجي يشكل محورا لثلاث قارات في عام 1948. في حين كان اكثرها ايجابيا الحرب الفيتنامية التي عززت ثقة الشعوب بامكانية انتصارها على اقطاب العولمة الراسمالية الواحد بعد الاخر بما فيهم الامبريالية الامريكية . ومنذ تاسيس دولة اسرائيل وحتى يومنا هذا استخدمت الامبريالية العالمية اسرائيل لتحقيق مخططاتها في المنطقة بدءا بالعدوان الثلاثي على مصر لاحباط القرار المصري بتأميم قناة السويس مرورا بحروبها الستة وما انجزته من توسيع رقعة القاعدة الى تركيع الانظمة العربية وفي مقدمتها اكبر بلد عربي: النظام المصري من خلال اتفاقية كمب ديفيد وتحويله الى اداة لتمرير المشاريع الامبريالية ودور الوسيط لحل القضية الفلسطينية وفقا لمصالح اسرائيل . ولتغطية مواقفه الخيانية مكن من استعادة سيناء مقابل فتح الاراضي المصرية للنهب الاسرائيلي والامبريالي واقامة العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل وتقديم المثل للانظمة العربية الاخرى في اقامة العلاقات الدبلوماسية معها. واخذت الانظمة العربية التابعة تستر خياناتها وعجزها ببث مفاهيم الاحباط واليأس عبر مختلف الوسائل والاساليب بين الشعوب العربية مقرونة بمختلف اساليب ووسائل الارهاب والاستبداد فضلا عن وسائل واساليب التضليل الطائفي والتعصب الديني وتدريب وتمويل مختلف فرق الارهاب والافساد. في حين مهد النظام الدكتاتوري في العراق بالارهاب والحروب والتجويع لاحتلال العراق، في حين فشلت الامبريالية الامريكية حتى اليوم في تركيع الشعب اللبناني رغم كل التضحيات التي تكبدها خلال الحرب الاهلية التي اثارتها والحرب الاسرائلية ، التي دفعت الشعب اللبناني الى تكوين حركة مقاومة منظمة استطاعت ان تحرر معظم الاراضي اللبنانية من الاحتلال الاسرائيلي وان تسجل اول نصر عربي في عام 2000. لم تتراجع الامبريالية الامريكية عن تحقيق مخططاتها في الهيمنة على البلدان العربية كمنطلق للهيمنة على العالم. ولجأت احيانا الى تغيير مراكز تركيزها . ورغم تحقيق معظم اهدافها في الهيمنة على العراق وثرواته الا ان الشعب العراقي ولاسيما مقاومته الباسلة تكبدها المزيد من التضحيات والخسائر التي اثارت الشعب الامريكي فضلا عن فشلها في تحطيم وحدة الشعب العراقي واثارة الحرب الاهلية كمقدمة لتجزئة العراق وانهاء وجوده كدولة لها دورها في صنع الحضارة الانسانية كمقدمة لتحقيق مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي لم يبقي على أي من دوله وتحويله الى كانتونات قومية وطائفية متحاربة لاتستطيع العيش بدون الهيمنة الامريكية والقيادة الاسرائيلية. فكان لابد من حرف الانتباه الى الجبهة اللبنانية ودعم الهجوم الاسرائيلي بزخم عال وعنجهية كشفت عورات كل الانظمة العربية في انصياعها لتبرير الحرب . ولاول مرة في تاريخ اسرائيل تواجه هذا الصمود بل والمواجهة ، ولاول مرة في تاريخها تصل صواريخ المقاومة اللبنانية الى اعماقها وتكبدها الخسائر والتضحيات ولاول مرة تستمر المقاومة كل هذه المدة . ومن الجانب الاخر لاول مرة تواجه نظاما عربيا يقف ضد الارادة الامريكية ويرفض مشاريعها، بل ويرفض مقابلة وزيرة خارجيتها مدللة الانظمة العربية . وحتى الان فشلت جميع وسائل شق الوحدة الوطنية . حقا انه نصر عظيم للشعب اللبناني ومقاومته وحكومته، بل ونصر لجميع الشعوب العربية وتجربة رائدة لجميع شعوب العالم والبشرية عموما ولكنه نصر نسبي فالمقاومة اللبنانية رغم البسالة الرائعة والحكمة السياسية والعسكرية والاعلامية التي تميزت بها فانها تفتقر الى القيادة المسلحة بالاستراتيجية الثورية التي تربط بين الاهداف الوطنية والاهداف العالمية وبين الاهداف الانية والمستقبلية والى ضعف القيادة الثورية الوطنية والعالمية، من ناحية ولجوء الامبريالية الامريكية الى الوسائل السياسية مستغلة مجلس الامن والانظمة العربية فضلا عن قواعدها الاجتماعية في صفوف الشعب اللبناني من سياسيين اخرستهم الجرائم الفضيعة التي ارتكبتها القوات الاسرائيلية والدعم الامريكي لها، الى جانب مختلف اشكال الطائفية والتعصب الديني والمصالح الطبقية. وكلنا امل وثقة في ان تستطيع المقاومة معززة بوحدة الشعب اللبناني من وقف الحرب وتحرير جميع الاراضي اللبنانية من قوات الاحتلال الاسرائيلي وتحرير جميع السجناء اللبنانيين مقابل اطلاق سراح الجنديين الاسرائيليين. وهذا نصر كبير ورائع يستحق الشعب اللبناني ومقاومته على انجازه احترام وتقدير جميع الشعوب وعموم البشرية فضلا عن دعمه لاعادة ما دمرته الحرب ولأم جراح الجماهير المنكوبة ، ومع ذلك لايمكن ان يكون انتصارا نهائيا لان معركة الشعب اللبناني وجميع شعوب العالم من اجل التحرر من جميع اشكال الحروب والاستعباد معركة واحدة وحصيلة عدة انتصارات باهرة كنصر الشعب اللبناني ومقاومته، تكسب الشعوب وعموم البشرية المزيد من التجارب والوحدة، وتشكل بتراكمها سلم يرتقيه كل شعب والبشرية نحو التحرر الكامل. 8/8/2006
#سعاد_خيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسرحية الحرب الاهلية اداة لابادة العراقيين وترسيخ الاحتلال و
...
-
التجربة العراقية اغناء لتجارب الشعوب والبشرية في نضالها المع
...
-
الشعب اللبناني يقدم نقلة نوعية في العملية التاريخية لتحرير ا
...
-
معركة واحدة من فلسطين الى العراق مرورا بلبنان
-
الوطن الام يناديكم
-
التجربة الاولى في مجابهة العنجهية الامريكية والاسرائيلية في
...
-
قضية الجندي الاسرائيلي الاسير والاستقطاب الطبقي على الصعيد ا
...
-
نشوء الدينية والعلمانية والصراع بينهما
-
مصطلح اليسار السلمي اكثر قبولا من مصطلح الاشتراكية الديموقرا
...
-
ابادة العناصر الحيوية للشعب العراقي
-
مهرجان انسحاب قوات الاحتلال من السماوة بعد مهرجان الزرقاوي
-
الامبريالية الامريكية ومكافحة الشيوعية - ضياع اخر فرصة لطلب
...
-
تحية للمؤتمر الثالث لحركة الانصار العراقية
-
سجن غوانتنامو وسجون الامبريالية البريطانية في العراق
-
صرخ هدى يستصرخ ضمير البشرية ويدمي القلوب ويمزق الاكباد
-
مهرجان مقتل الزرقاوي لاخماد الغضب العراقي والعالمي على جرائم
...
-
رسالة حب وتقدير لكل امرأة عراقية
-
تطور الحركة الثورية العالمية لمواكبة متطلبات عصرنا
-
مليارا ن ونصف دولار مخصصات حماية فقط لبرلماني ووزراء العراق
-
تحية كفاحية للمقاومة الوطنية العراقية
المزيد.....
-
ترامب يأمر الجيش الأمريكي بتنفيذ ضربات جوية في الصومال
-
تظاهرات في مدن ألمانية ضد سياسة الهجرة المدعومة من البديل
-
نتنياهو: سنواصل العمل لتحقيق أهداف الحرب
-
شاهد.. نيران وحطام طائرة متناثر في الشوارع إثر الحادث الجوي
...
-
مصر.. اجتماع عربي لرفض تهجير الفلسطينيين
-
صحيفة: في الغرب يدركون أن بوتين يعرف نقطة ضعفهم
-
اختفاء معلومات وبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية من
...
-
السودان.. الجيش يعلن استعادة السيطرة على عدة مدن في ولاية ال
...
-
دانماركي يحرق مصحفا أمام السفارة التركية في كوبنهاغن (فيديو)
...
-
واشنطن: يجب إجراء انتخابات في أوكرانيا
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|