أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد شيخو - اللامركزية قيمة ديمقراطية مشرقية















المزيد.....

اللامركزية قيمة ديمقراطية مشرقية


أحمد شيخو
كاتب وباحث سياسي

(Ahmed Shekho)


الحوار المتمدن-العدد: 6931 - 2021 / 6 / 17 - 00:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ظل فشل الدول القومية وأحزاب وقوى سلطاتها المختلفة من أقصى اليسار إلى اليمين ومن القوموين إلى الإسلاميين السياسيين وما بينهما، وفي ظل الأزمات والفوضى والإستبداد والإبادات والتغيير الديموغرافي والتطهير العرقي الذي تسببت به هذه النظم المفروضة على شعوبنا ودول المنطقة، بجدر بنا التسائل على سبب فرض هذه القيم السلطوية المطلقة الغريبة عن مجتمعاتنا وشعوبنا والمولدة للعقد وتعمق المشاكل والقضاي بدل حلها، ومدى عدائها لثقافة المنطقة وقيمها الحضارية والإنسانية وتراكمها التاريخي المعرفي.
لعل الكم الهائل من الأزمات والقضايا التي تواجدت مع بداية القرن العشرين وبشكل خاص مع النصف الثاني من القرن العشرين في المنطقة نتيجة ذهاب القوى المركزية في النظام الهيمنة العالمي(الحداثة الراسمالية) إلى فرض نظام الدول القومية بدل الأستعمار المباشر كمرحلة جديدة من الهيمنة عبر الاستعمار غير المباشر عبر أجهزة الدولة والسلطة المختلفة.
في ظل التحديات السياسية و الإدارية و الاقتصادية والأمنية وخصوصًا قضية مواجهة الإرهاب بمختلف تنظيماتها وكذلك لأهمية تحقيق الإنتماء الوطني للبلد لمختلف المكونات المجتمعية وتهيئة المجال أمام إسهام مختلف الشرائح والتكوينات في رفد البلدان وإدارتها بالطاقات والإمكانات لكل أبناء البلد، بالإضافة إلى تجاوز البيروقراطية المترهلة والمتضخمة، أدرك الكثير من المتابعين والشعوب وبعض الدول أن حل الكثير من القضايا والأزمات ممكن بالذهاب وكما فعلته الكثير من البلدان بتجاوز مفهوم الدولة المركزية الشديدة إلى أنظمة لامركزية ديمقراطية متناسبة مع ثقافتها وتكويناتها الأثنية واللغوية والدينية والجغرافية حققت عبرها الكثير من المكاسب الديمقراطية و الاقتصادية والأمنية لشعوبها وتمتين جبهتها الداخلية وتماسك مجتمعاتها أمام الإرهاب وتغلغله والتدخلات الخارجية والحفاظ على التنوع والتعدد المتأصل في بنية مجتمعاتها وبلدانها وكذلك الحفاظ على مختلف الهويات الأصلية المحلية في ظل هوية متكاملة جامعة وليس رفض أو إبادة أو طمس الهويات الأصلية المجتمعية.
لكن لو تقربنا أكثر من إدراك اللامركزية كقيمة وكمفهوم وإجراء تنفيذي للوصول إلى الديمقراطية المباشرة المجتمعية أو حتى الديمقراطية التمثيلية الليبرالية لوجدنا أنها قيمة إنسانية وأخلاقية مشرقية قبل أن تكون مصطلح في العلوم السياسية والإجتماعية الغربية ولم يُولد مفهوم اللامركزية ومعه التسامح في المنطقة من معطيات اجتماعية أو براغماتية وحسب، بل أولًا وأساسًا من الضمير الأنساني والقيم الأخلاقية في المنطقة وطبيعتها كونها تجسد في بعض أبعادها التسامح والتعدد لطبيعة الحياة وتدفه التاريخي الموجود.
في منطقتنا(الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) وحتى مع كل أغلب السلطات والدول من الأمبرطوريات والسلطنات والمملكات والأسر من أيام الثورة النيولوتية في الهلال الخصيب وكردستان بالمركز منها قبل 12000ق.م وصولًا لأيام السومريين، الهوريين، البابليين، الأشوريين، الميدين، البارسيين، الميتانين والحثيين والفراعنة والفينقيين أو الكنعانيين وصولًا للحضارة الإسلامية وغيرها. ورغم كل الحروب والصراعات الدموية ظلت اللامركزية الطريقة الفعلية المطبقة والقادرة على استمرار ضمان الحياة لكل أنواع الخصوصيات والمجتمعات والشعوب وكانت المناطق والجغرافيات والشعوب المختلفة تدير شؤونها الخاصة وحسب ثقافتها وتقاليدها بما هو أقرب إلى الكونفدراليات أو الفدراليات الديمقراطية وأحيانًا كثيرة بشكل إدرات ذاتية، وفي نفس الوقت كانت الطريقة المثلى لتقليل الأزمات وحتى الصدامات الجانبية الاستنزافية بنظر أغلب متزعمي السلطات والدول والجيوش حينها حيث كانت مجمل المناطق تدار فيها الحكم المحلي ضمن الدولة الكبرى من قبل أبناء ابناء كل مجتمع وجغرافية.

وكانت بلاد ميزوبوتاميا العليا والسفلى أي كردستان والمشرق العربي وصولًا لمصر من الأمثلة الحية على اللامركزية أو التعددية الدينية حتى عندما تم توحيد الألهة كان فعله إبراهيم و أخناتون كانوا مضطرين لأن يأخذوا بعين الاعتبار الثقافات والديانات الأخرى السائدة. فالاختلاف صفة كونية عامة بحكم التنوّع العالمي والإقليمي والوطني والذي هو سمة عامة تعيشها وتتعايش معها كل المجتمعات والدول. إذ كل مجتمع وكل أمة وكل دولة لها قيمها وعادتها وتقاليدها وثقافتها وأهدافها الخاصة بها، ما يجعل اللامركزية ليس مجرد حق لصاحبه بل واجب عليه أيضا لضمان التعايش السلمي والعيش المشترك والتفاعل الايجابي بين الناس، بما يتناسب ومبدأ النسبية وعدم وجود الأحادي والمطلق في كل ما هو أنساني واجتماعي وسياسي.


ارتبطت اللامركزية ومعانيها في الكثير من الأوقات بقيمة المساواة والعدالة والتسامح بشطريها السماوي والاجتماعي، التي عنت من ضمن ما عنت، الاعتراف بالآخر وقبول تنوعه واختلافه (سياسيًا، دينيًا،، فكريًا، ثقافيًا، حضاريًا). فمن أخناتون وحمورابي وزينون وكاوا الحداد إلى زرادشت و موسى والمسيح ومحمد، كانت المساواة بين البشر في السماء تتمدد إلى الأرض والواقع، وتعطي التسامح سمة القانون الرباني والمبدأ الأخلاقي الإلزامي. هذا أيضًا ما جعل اللامركزية ببعدها المسامح سمة شبه دائمة محرّكة لمعظم تاريخ المشرق والمنطقة.
والأديان التوحيدية في بداية انطلاقاتها كانت تسعى إلى إرساء مفهوم اللامركزية بخصوصية العدل والمساواة والتسامح وتعميمه عالميا. ورغم حقبات القمع والاستبداد والمحاولات المتكررة من الكثير من السلطويين الذين حاولوا استغلال الدين والمقدسات من إزالة اللامركزية واحترام حرية الخصوصيات وعيشها وإدارة أرضها ومجتمعاتها لكنها بقيت وإن بأشكال مختلفة وأحيانًا بشكل غير ظاهر أو بصيغة مذاهب وطرق .
ولعل من الامثلة التاريخية للديمقراطية و لللامركزية الحقة في الحضارة الإسلامية، هو دستور المدينة التاريخي الذي كتبه رسول الله عليه الصلاة والسلام، الذي حوى 52 بندًا منها 25 بند حول أمور المسلمين و27 مرتبطة بالعلاقات بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى، ولاسيما اليهود وحتى عبدة الأوثان. وقد دون هذا الدستور بشكل يسمح لأصحاب الأديان الأخرى بالعيش مع المسلمين بحرية، وأن يقيموا شعائرهم ويعيشوا خصوصياتهم ويديروا أمورهم، ومنها المالية ومناطقهم حسب رغبتهم ومن غير أن يتضايق أحد، وفي حالة الهجوم الخارجي على المدينة يتوحدون للدفاع عن المدينة وطرد الغزاة ويتساعدون في الإنفاق على الدفاع الجمعي. في ظل لامركزية اقتصادية وأمنية وحتى دبلوماسية وعقد الأحلاف التي لاتضر بالدولة والمدينة المنورة وحرية دينية وغيرها، وكلها واردة في بنود دستور ضمن نظام متكامل مرغوب ومقبول ومتفق من قبل الجميع.
لكن أكبر ضربة للامركزية، لهذه القيمة المشرقية العليا والإسلامية والإنسانية كانت بعد حرب الثلاثين السنة في أوربا وإقتراح أو الذهاب بإتجاه أن تكون لكل قومية أو اثنية دولة خاصة وكأن الحرية والديمقراطية والكرامة والرفاهية والحرية الدينية غير ممكنة من دون الدول القوموية وكأن المناطق مفصلة حسب الأمم والأثنيات ولا يوجد أختلاط وتداخل بين الشعوب والأمم، وبعد الحرب العالمية الاولى وصعود نجم الدولة القومية بشكل مفتعل ومخادع للمنطقة ولشعوبها وأساسًا هي كأحد أدواة فعالة في تثبيت الهيمنة العالمية ونهب مقدرات الشعوب والتحكم بها، ظهرت سلطات الدولة القوموية المختلفة التي أقتنعت زورًا وبهتانًا أن الدولة القومية مطلقة وهي الوحيدة المرجوة في كل التحركات وحتى أغلب حركات التحرر الوطنية، ولذلك تم الهجوم على اللامركزية أهم قيمة مشرقية إنسانية ومحاولة فرض المركزية الشديدة وخلق المواطنة النمطية كما حدث في تركيا بعد عام 1023 وفي إيران وأغلب دول المنطقة وحتى في الاتحاد السوفيتي والصين وباقي الدول وقبلها في أوربا .
لكن من أصر على جرمه ومطلقيته القومية أو السلطوية المركزية الشديدة وعاند ولم يجري التراجع والتصحيح والعودة إلى الديمقراطية واللامركزية في الوقت اللازم كما في دول المعسكر الشرقي والعديد من الدول أصبحوا في خبر كان أو أنهم يعيشون مع جبال من الأزمات والقضايا وفي حالة ضعف أمام الإرهاب والإنهيارات الإقتصادية والأزمات الإجتماعية وفي حالة حرب دائمة مع شعوبها كما تركيا، في حين أن من أدرك أهمية اللامركزية في مختلف مجالات الحياة للأم والشعوب والمجتمعات استطاع تجاوز الكثير من القضايا المعقدة والصعبة وبذلك جعلوا كل أبناء بلدانهم فعالين في عمليات البناء وبهوياتهم المختلفة والتي جرى ضمان حريتهم وعيشهم بدساتير اساسية ديمقراطية تحقق الأمن والاستقرار والسلام.



#أحمد_شيخو (هاشتاغ)       Ahmed_Shekho#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدويلات القومية.. أدوات للهيمنة العالمية
- التاريخ والثقافة في التحول الوطني الديمقراطي
- التهديد التركي.. أكبر تهديد للاستقرار والأمن والسلم
- تركيا والأمن القومي العربي
- تركيا قوة أجنبية واحتلالية من ليبيا حتى كردستان
- البعد الثقافي للشعب الكردي بين الإبادة والقيادة
- إشكالية الدولة القومية وثقافة المنطقة
- الصراع «العربي - الإسرائيلي» بين الهيمنة العالمية والديمقراط ...
- فلسفة الإبادة وقواها الدولية
- أردوغان والعثمانية الجديدة
- العلاقات الكردية العربية فى ميزان التاريخ
- السلام والاستقرار بين القوى السلطوية والدولتية والمجتمعية
- ماهية الدولة و السلطة التركية....المافيا وأردوغان نموذجاً لل ...
- إبادة العثمانية الجديدة للشعب الكردي وشعوب المنطقة وأهمية كس ...


المزيد.....




- محاكمة مؤسس ويكيليكس: أسانج ينهي الأزمة مع أمريكا بعد الإقرا ...
- عيد الغدير.. منشور نوري المالكي وتعليق مقتدى الصدر وتهنئة مح ...
- مصر.. تقرير رسمي يكشف ملابسات قتل طفل وقطع كفيه بأسيوط
- السعودية تقبض على سوري دخل بتأشيرة زيارة لانتحال صفة غير صحي ...
- القضاء الأمريكي يخلي سبيل أسانج -رجلا حرا-
- القضاء الأمريكي يعلن أسانج -رجلا حرا- بعد اتفاق الإقرار بالذ ...
- رئيس ناسا: الأمريكيون سيهبطون على القمر قبل الصينيين
- في حالة غريبة.. نمو شعر في حلق مدخّن شره!
- مادة غذائية تعزز صحة الدماغ والعين
- نصائح لمرضى القلب في الطقس الحار


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد شيخو - اللامركزية قيمة ديمقراطية مشرقية