جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 6929 - 2021 / 6 / 15 - 21:13
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
كان المعذّب عاملا وديا هادئا موضع الثقة لا يمكن استفزازه بسهولة - محبوبا و شغولا في آن واحد و لكن المشكلة كالعادة لم تكن رئيس المصنع بل المشرف العدائي على العمال الذي كان من الصعب العمل معه - كان ينتقد دائما باسلوب شرس و سخرية و يطلب من العمال العمل بسرعة اكثر و ينعتهم بزمرة كسلة غبية - كان صارما يضغط عليهم و يحدد مواعيد قصيرة لانهاء الواجبات و كان العمل تحت اشرافه ببساطة كالجهنم و كان المعذب يستيقظ كل يوم و هو يخاف من الذهاب الى العمل و يشكو من احلام كابوسية الى ان بدأت صحته تتدهور.
سمع رئيس المصنع عن مشاكل العمال مع المشرف لذا دعاه الى مكتبه و طلب منه ان يغير اسلوبه العدائي تجاه العمال و قال له بانه يريده ان يحترمهم و يقدر ولائهم للمصنع - انكر المشرف بداية بانه قاس على العمال و وعد رئيس المصنع ان يحسن اسلوبه و لكنه و سرعان ما غادر مكتب الرئيس عاد الى اسلوبه العدائي الشرس لذا قرر رئيس المصنع ان ينقله الى شعبة اخرى.
لم يسمع المعذب عن نية رئيس المصنع بابعاد المشرف و عندما وجده يستمر بنفس الاسلوب العدائي السابق قرر الثأ ر منه و التخلص منه الى الابد - لم يذهب الى العمل في الوقت المحدد في اليوم التالي ليأسه و همس في نفسه: اذا لا يقوم رئيس المصنع بابعاده فانه يقوم بنفسه بازالته - وضع الفأس في شنطته و ذهب الى المصنع مصمما - حالما راه المشرف شتمه و قال له: ها يا غبي لماذا تأخرت هل تعلم كم الساعة الان - فتح الشنطة دون ان يرد عليه و ضربه بالفأس على رأسه.
اعتقد المعذب عندما رأى المشرف يقع على الارض بانه فقد حياته - ذهب الى البيت و اقفل الباب و اشعل سيجارة المنتصر - حس بان حملا ثقيلا ازيل من اكتافه و هو يتمتع بسحب الدخان الى داخله ليقذف به الى الخارج مع كل همومه - ماذا يعوضه عن سنوات عذابه مع المشرف حتى اذا ابعده الرئيس – نعم هذا هو السؤال: ماذا يعوض عن عذاب المعذبين في كل مكان حتى اذا تم ابعاد الظالم.
جلس على درج البيت بانتظار دق الجرس و وصول الشرطة للقبض عليه - لم يكن خائفا بل كان هادئا - حس بنسمة القناعة و السرور تصل اليه من فتحة الشباك.
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟