أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - لو لم يكن للعباسيين الا هذه لكانوا أعلى منكم مكانة وسؤددا














المزيد.....

لو لم يكن للعباسيين الا هذه لكانوا أعلى منكم مكانة وسؤددا


زكي رضا

الحوار المتمدن-العدد: 6929 - 2021 / 6 / 15 - 02:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كتب ياقوت الحموي وهو يصف بغداد، بأنّها جنّة الأرض، ومدينة السلام، وقُبّة الإسلام، ومجمع الرافدين، وغرّة البلاد، وعين العراق، ودار الخلافة، ومجمع المحاسن والطيبات، ومعدن الطرائف واللطائف، وبها أرباب الغايات في كلّ فن، وآحاد الدهر من كل نوع (1).

دار الخلافة وعاصمة الدنيا هذه تعتبر من أعظم المدن التي بنيت ومُصِّرت بالعراق بعد واسط الحجّاج وبصرة عتبة بن غزوان وكوفة سعد بن أبي وقّاص وسُرّ من رأى المعتصم العبّاسي، دار الخلافة هذه هي بغداد المنصور " فحل بني العبّاس هيبة وشجاعة ورأيا وحزما ودهاء وجبروتا" (2). لقد بناها المنصور لتكون عاصمة ملكه وحاضرة العالم، ودامت كعاصمة للدنيا وحاضرة للعالم لما يزيد عن خمسة قرون، ولرخاء العيش فيها وإعتزاز اهلها بها " قد تصوّر كل منهم في معتقده وخلده، أنّ الوجود كلّه يصغر بالإضافة لبلده، فهم لا يستكرمون في معمور البسيطة مثوى غير مثواهم، كأنّهم لا يعتقدون أنّ لله بلادا أو عبادا سواهم" (3). ولو راجعنا الرسالة البغدادية ووصف ابو حيّان لها والذي ينسب لبغداد لعيشه فيها طويلا، فسنرى أنفسنا في رحلة عبر التاريخ لمدينة فيها أصحاب مذاهب دينية وشعراء ماجنون ومدارس وحلقات علم وصناعات كصناعة الورق والزجاج والصابون وغيرها، مدينة ترجمت فيها كتب العلم والطب والفلسفة، مدينة لاتنام حيث السميريات والقوارب تجوب دجلة ليل نهار، مدينة الاساطير والف ليلة وليلة، مدينة المآذن، مدينة الجواري والغناء، مدينة المناظرات العلمية والمطاردات الشعرية، بغداد السحر.

مدينة كهذه علينا نحن أبنائها أن نفتخر بها ونعمل جاهدين على كتابة تاريخها من جديد، علينا العمل على بناءها لتستعيد جزء من هيبتها ورونقها الذي فقدته منذ أن سقطت بيد المغول، علينا أن ندرس حياة من بناها لنتعرّف عن اسباب إنتخابه لها عاصمة لملكه دون مناطق أخرى من العراق. ابا جعفر المنصور لم يبني مدينة كما المدن الأخرى، بل بنى مدينة اصبحت عاصمة لأمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، مدينة أصبحت كعبة للتجار والصنّاع والحرفيين ورجال العلم والأدب والطب والصيدلة والكيمياء. لم يستطع أحد بعد العباسيين أن يمنح بغداد عظمتها كما هم مطلقا، منذ السيطرة والهيمنة المغولية حتى السيطرة والهيمنة الطائفية اليوم. ولم يجرؤ أحد على النيل من باني بغداد الأزل لليوم، الّا مجاميع من الرعاع الجهلة الذين تدفعهم جهات سياسية وميليشياوية من أجل إحياء صراعا طائفي جديد، وكأن شعبنا وبلدنا لم يتذوقا مرارة الصراع الطائفي الذي لازالت جراحاته طرية.

أيها الرعاع المتخلفون ومن يقودنكم أنّ هارون الرشيد المهمل شارعه اليوم وحفيد ابي جعفر المنصور العباسي الذي تريدون تحطيم تمثاله، قال وهو يخاطب غمامة "إمطري حيث شئت فأنّ خراجك عائد إلينا"، وهذه الجملة لوحدها كافية في أن نجعل له ولابي جعفر المنصور تمثال في كل مدينة، وهي كافية لأن يكون ابي جعفر المنصور وأحفاده أعلى منكم مكانة وعزّة وكرامة وسؤددا. فمن تلك الغيمة كانت تجبى الاموال لبغداد السلام، وتلك الغيمة كانت عنوان لقوة الدولة وعظمتها، وتلك الغيمة كانت بوصلة تهدي طلاب العلم الى مدارس بغداد، وتلك الغيمة كانت عمارة وسدود وقناطر ومجاري أنهار.

في عهد من يدفعونكم من الطائفيين اليوم لهدم تمثال باني بغداد، فأنّهم يخاطبون من خلالكم غيوم العراق باللغة الفارسية طالبين منها أن تمطر في طهران الفقيه لتزداد خيرا، وليشتروا منهم ما يقيمون به أودكم، وما تصدّره لكم تلك الغيوم من مواد مخدرة وذل وإمتهان للكرامة..

يقول أحد الشعراء وكأنّه يرى الرعاع اليوم وهم يريدون هدم تمثال المنصور وخراب بغداد:

سقيا لبغداد ورعيا لها ولا سقى صوب الحيا أهلها
يا عجبا من سفل مثلهم كيف أبيحوا جنّة مثلها (4)

ويبدو أنّ المقدسي كان يرى بغداد اليوم من خلال البلّورة المسحورة وهو يقول عنها "وهي في كل يوم الى ورا، واخشى ان تعود كسامرا، مع كثرة الفساد، والجهل والفسق، وجور السلطان" (5)

ووصفها في العصر الحديث الشاعر معروف الرصافي قائلا :


أفي المروءة أن يعتزّ جاهلها وأن اكون بها في قبضة الهون
وأن يعيش بها العضروط ذا شمم وأن أسام بعيشي جدع عرنيني

نعم أيها الرصافي فبغداد اليوم تعيش عهد العضاريط، ويا ويل بغداد من عهدهم.


(1) معجم البلدان 1/ 685 لياقوت الحموي
(2) فوات الوفيات 1/ 279 لأبن شاكر و تاريخ الخلفاء ص 259 للسيوطي
(3) رحلة ابن جبير ص 174
(4) معجم البلدان 1/ 692 لياقوت الحموي
(5) احسن التقاسيم ص 120 للمقدسي



#زكي_رضا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حينما باع التجّار سيف ذو الفقار
- المفوضيّة غير المستقلة للإنتخابات تكذب كعادتها
- لتخرس طهران الفقيه وميليشياتها
- السيد روحاني.. بلادكم اكبر ثقب أسود إبتلع العراق
- هل العراق بحاجة الى ليلة سكاكين طويلة ..؟
- فشلت وستفشل محاولات مكافحة الشيوعية بالعراق
- ليتعلّم المؤمنون بالعراق محاربة الفساد من فرنسا
- العراق .. سمفونية الموت!!
- الإنتخابات ثقافة لايمتلكها الشارع العراقي
- حينما صمتت البرنو
- مقتدى الصدر يحرّض الغوغاء على القتل العلني
- الصدريّون .. طاعة عبودية ذُلْ
- ما العمل ..؟
- سائرون تبدأ تجارة الإنتخابات من النبي محمّد
- مقتدى الصدر .. انا الدولة!!
- ثلثين بلاسخارت عالخال
- هل نجحت إنتفاضة اكتوبر في تحقيق أهدافها ..؟
- الفاشيّة الدينية المشوّهة .. العراق مثالا
- السلطة كانت هدف الإمام الحسين ولتكن هدف دعاة الإصلاح
- الكاظمي وتراث بهجت العطية


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - لو لم يكن للعباسيين الا هذه لكانوا أعلى منكم مكانة وسؤددا