أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الصعود الحضاري للمجتمعات القديمة بين فاعل القيم مفعولية الفرد القائد ح2














المزيد.....


الصعود الحضاري للمجتمعات القديمة بين فاعل القيم مفعولية الفرد القائد ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6925 - 2021 / 6 / 11 - 03:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الحضارة إذا ليست صدفة تاريخية ممكن أن يكتشفها شخص ما أو هي ليست أنجاز فردي يصنعه الفعل الخاص بقدر ما هي معادلات واقعية وشروط وعمق في الذات التي تحيا، الذات القادرة في كل مرة أن تقوم من كبوتها لتعانق الوجود، هذه الحقيقية لا يفهمها البعض ولا يريد أن يجعلها جزء من الرؤية الكونية بالرغم من أنها فعلا جزء من ذلك ولا يمكن أن تنمو الحضارة في غير مكانها الطبيعي، أما ما يعرف اليوم بالنهوض الحضاري العابر لأشتراطاتنا الثلاث فهي حضارة مادية تعتمد أساسا على فعل جمعي متعدد الروافد ومتعدد الهويات لكنها تفتقد للروح الباعثة للمثل والقيم النبيلة، نستطيع أن نقول أنها حضارة القوة وليس حضارة الإنسان بمعناه المتكامل الحي الذي يرتقي بوجوده لأجل الكمال الإنساني، حضارة أستهلاك سريع وحركة تمتد وتتمدد في كل الأتجاهات لكنها لا تتجه نحو العمق، حضارة السطح الساخن الذي يصهر وينصهر دون أن نسيطر عليه في لحظة الذوبان المادي.
إنها حضارة من نوع أخر بلا هوية وإن كانت كونية وإن كانت خارج نطاق الجغرافية والتاريخ لذا لا يمكننا أن نفهمها على أنها حضارة مجتمع خاص، هذا بالطبع ليس عيبا فيها ولكن ما يؤخذ عليها أحاديتها العنفية وشكلها المتوحش الذي لا يتوافق مع مفهوم الحضارة معرفيا ولا فلسفيا، يمكننا أن نصنفها على أنها نشاط حضاري متعاظم بالفعل والقوة لكن دون طعم ولا نكهة خاصة، وهذا ما يفقدها القدرة على البقاء قهي سريعة التحولات وسريعة في تبدلاتها وتغيراتها الكلية والتفصيلية مما لا يتيح لها إمكانية التغلغل في الضمير البشري بشكل طبيعي حتى تنتج ميلا طبيعيا نحو أسس الحضارة بمفهومها الفاعل الراسخ.
الحضارة الإنسانية عندما تكون وعي وتجلي الوعي في الواقع يمكنها تغيير معادلات الواقع عكس ما لو كانت تيار جارف يكتسح كل شيء أمامه بقوة الدفع الذي يمتلكها، النشاط الحضاري المعاش الان على مستوى عام هو تيار قوي لا يقاوم لكنه فاقد التأثير على الوعي بل وحتى متعارض معه، فهو يقودنا إلى المجهول المعلوم لدينا من خلال فرض واقعه هو لا واقع الواقع ولا تجليات الوعي الإنساني، فكل ما يطرحه هو نتاج لقوة ونتاج العاصفة التي يثيرها التيار المادي بقوته المتجاوزة حدود الخلق النوعي الجمعي، نشاط حضاري يجري بأتجاه واحد ويقاد من مركز تحكم شديد القدرة على التأثير في غياب التفاعل البيني الأجتماعي في مستوياته المتعددة.
قد يرى البعض في هذا التحليل حكم قاسي جدا مع ما أنجزته الحضارة البشرية اليوم من قواعد ونظريات أرست فيها جزء مهم من الحلم الإنساني الذي سعت له الحضارات القديمة وفشلت في تحقيقه، أقول بالرغم من الكثير من الحضارات السابقة لم تنجح في إرساء قواعد ثابته لتعزيز الوجود الإنساني في الواقع هذا الامر ليس عيبا فيها وإنما يتعلق بكون الإنسان في جزء من تكوينه الذاتي هادم للقيم النبيلة وهازم للروح المثالية، حتى في داخل صناع الحضارة هناك وجود لهم مؤثر يمكن أن ينفجر ويتفجر في أي لحظة ليشكل تيار معاكس يطيح بركائز مهمة داخل بنيان الحضارة البشرية، من خلال التنازع والحروب والسعي للاستقواء على المجتمع وإبدال الأسس الجمعية التي بنت الحضارة بمفردات بديلة ذاتية وأحيانا قردية مفرطة بأنانيها، فتتكسر شواطئ وحدود الحضارة متى ما أستفحل وجودها، النشاط الحضاري اليوم واضح تماما فيه هذا الخلل بالرغم من المنجز الذي يشير له البعض، فالحرب مفتوحة على عدة جبهات وبأشكال وأطوار أكثر أثرا وإيذاء منها في الحروب التقليدية، فهناك حروب المصالح وحروب النفوذ وحروب التدخل وحروب الانا المتضخمة عند بعض الشعوب التي لم ولن تنسى ماضيها القبيح لكنها تعيده بشكل مجمل ومسلفن بماكياج ملون مبهر، إن لم المجتمع الكوني هذه الحقيقة سيردي نفسه قتيلا في مواجهة منظره وعلى الأفق لأنه عادة ما ينسى التجربة ويكرر نفس الخطأ القاتل.
فليس نفينا مفهوم الحضارة عن ما يشهده العالم اليوم من تطور وتسارع في الحركة الجمعية وبناء عالم مترابط جعل من الجغرافية مجرد ظاهرة لا تمنع من أن تجتازها حركة الوجود، هو أنتقاص من المنجز البشري بقدر ما هو أضافة وصف مخصوص لوصف عام مشوش، النشاط الحضاري الذي نشهده يمكن أن يكون أساس لحضارة إذا روعي في ضبط حركتها الجوانب الأخلاقية والمعرفية المثالية وضبط حركة التسارع كي لا تفلت نحو اللا قدرة على التحكم، وهذا الأمر بنظري مستبعد الأن طالما أن القوة ووهم تفوقها المطلق هو من يتحكم بالعقل القائد الموجه للحركة، ولكن ذلك لا يمنعنا أن نقف في وجه هذه الحركة وإن سحقتنا تحت عجلاتها الضخمة على الأقل نخفف من سرعة أندفاعها الجنوني نحو اللا هدف سوى أنتصار معادلات القوة ومعادلات التفوق الفردي داخل مجتمع لا يصنع بالفردية بقدر ما يتبلور بعمل جمعي متكامل ومتعدد التوجهات.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصعود الحضاري للمجتمعات القديمة بين فاعل القيم مفعولية الفر ...
- طبيعة الطرح الموضوعي في القرآن الكريم
- معادلة الوجود والعدم كما يفهمها النص القرآني.
- وهم القوة
- محنة
- فرات
- ماذا افعل؟....
- الخطة الأقتصادية... أداة نهوض وبناء حقيقي
- صوفيات 2
- لماذا التنمية الأقتصادية؟.
- الصيام شهر أم أيام معدودة
- خلق آدم بين مشهدية سفر التكوين ورواية القرآن. ح3
- خلق آدم بين مشهدية سفر التكوين ورواية القرآن. ح2
- خلق آدم بين مشهدية سفر التكوين ورواية القرآن. ح1
- ناري الحائرة
- الأصلاح الديني طريق إعادة العقيدة المسيحية لمضمون رسالة السي ...
- الأصلاح الديني طريق إعادة العقيدة المسيحية لمضمون رسالة السي ...
- المسيح والناموس القديم
- خربشات قلم
- المسيح من الولادة للرسالة


المزيد.....




- وزير خارجية أمريكا يفسر رغبة ترامب في شراء غرينلاند: -ليست م ...
- مصر.. هل ستحل الاكتشافات الجديدة وعودة الحفر بحقل ظهر أزمة ا ...
- استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين، واقتحامات لمدن ...
- تونس: احتجاز 11 روسيا بشبهة -أنشطة إرهابية- بعد العثور بحوزت ...
- سوريا: الشرع يتعهد بإصدار إعلان دستوري للمرحلة الانتقالية وع ...
- المغرب.. كشف تفاصيل ضبط خلية -الاشقاء-
- الجيش الأمريكي يعلن استهداف -أحد كبار قيادات- تنظيم تابع لـ- ...
- مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تعيين دوغ بورغوم وزيرا للداخلية
- مباحثات إيرانية قطرية حول اتفاق وقف إطلاق النار بغزة ولبنان ...
- ترامب يعلق على تقارير سحب القوات الأمريكية من سوريا


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الصعود الحضاري للمجتمعات القديمة بين فاعل القيم مفعولية الفرد القائد ح2