أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - في تفوّق الديمقراطية العربية














المزيد.....

في تفوّق الديمقراطية العربية


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 6923 - 2021 / 6 / 9 - 09:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



من عاداتنا الثقافية أن نتباهى بخصوصية النظم السياسية لدينا وننسبها إلى مجالنا القومي حتى إن لم تكن تتعلّق بالمسألة القومية. هكذا شهد التاريخ لدينا تسميات «المملكة العربية» و«الإمارات العربية» و«الجمهورية العربية» و«الاشتراكية العربية». لكن، يا تُرى، هل إنه من باب الإغفال أن أحداً من أنظمة منطقتنا لم يتباهَ حتى الآن بقيامه على «الديمقراطية العربية»؟ فهذا تقصير خطير نودّ أن نشرع في التعويض عنه في هذا المقال، ويُسعدنا أن نبشّر القارئات والقرّاء بأن «الديمقراطية العربية» حيّة تُرزق، مرفوعة الرأس في عالم باتت فيه الديمقراطية مهدّدة.
والحال أننا نكتب هذه الأسطر صباح الثلاثاء والأخبار القادمة من البيرو تشير، بعد فرز 94 بالمئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية، إلى أن المرشّح اليساري يتقدّم على المرشحّة اليمينية بهامش 0.1 بالمئة، أي 25.000 صوت لا أكثر. وبالطبع، فجرياً على عادة بات سلوك دونالد ترامب إثر خسارته في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الخريف الماضي أبرز مثال عنها، أخذت المرشّحة اليمينية تشكّك في سلامة العملية الانتخابية تطبيقاً للقاعدة التي تقول «إن فوزي مشروع دائماً، أما فوز خصمي فدائماً مغشوش».
وما قيمة هذه الديمقراطية التي تسمح لمن يتفوّق بعشرات آلاف الأصوات من أصل ملايين أن يحكم بلداً؟ هذا ولم يكن ما حصل في الولايات المتحدة في العام الماضي مختلفاً، إذ إن نظام المجمع الانتخابي الأمريكي يقرّر هوية الناخبين الرئاسيين في بعض الولايات بفوارق مماثلة للفارق في البيرو، أي بعشرات الآلاف من الأصوات. فهل يجوز لمن لم يفز سوى بمثل ذاك الفارق أن ينفرد في تقرير مصير بلاده؟ إنها لديمقراطية فاسدة حقاً، لا تسمح بتحقيق شرعية شعبية حقيقية بما يوفّر شروط الاستقرار السياسي ويتيح للحكام أن يحكموا بلا منازع.


وننتهز هذه الفرصة كي نحذّر شعب تونس من مضيّه على درب تقليد الديمقراطية الغربية، بحيث لم يتقدّم رئيس الجمهورية الحالي على منافسه الثاني في ترتيب عدد الأصوات في أولى دورتيّ الانتخابات الرئاسية التي جرت في عام 2019 سوى بأقل من مئة ألف صوت، وهو تفوّق هزيل حتى ولو حاز الرئيس في الدورة الثانية على ما يناهز 73 بالمئة من الأصوات. وتكفي مقارنة هذه الشرعية الديمقراطية الهزيلة بتلك العظيمة التي حقّقها زين العابدين بن علي في آخر انتخاب له قبل الثورة المشؤومة، التي كانت في حقيقتها مؤامرة خارجية على غرار كافة الثورات الشعبية في منطقتنا. فقد فاز بن علي بما يناهز 90 بالمئة من الأصوات في الدورة الأولى سنة 2009، موفّراً على الشعب التونسي مشقّة تضييع الوقت بالتوجّه إلى صناديق الاقتراع مرّة ثانية.
ولا بدّ من الإشارة أيضاً إلى عيوب الديمقراطية لدى جارتنا الإيرانية، وإن كانت متقدمة عن الديمقراطية الغربية ومقلّديها: ففي إيران، يفسح النظام الانتخابي المجال أمام نتائج يمكن التشكيك في طبيعة الشرعية التي تمنحها للفائز، على غرار ما سبق عرضه، إذ إنه نظام يقوم على جعل الشعب يختار بين المرشّحين الذين يرضى بهم النظام السياسي ويستبعد الآخرين من السباق الانتخابي بما قد يؤدّي إلى فوز الفائز بهامش هزيل، بل حتى بصوت واحد. هكذا فمن أصل 592 شخصاً تقدّموا بتسجيل أنفسهم كمرشّحين، قرّر مجلس صيانة الدستور أن سبعة رجال مؤهلون للترشّح بناء على شروط دستورية تتضّمن الوفاء لمبدأ «ولاية الفقيه» ولشخص «المرشد الأعلى». وطبعاً، فإن هذا الأخير منوط بشخصه مدى الحياة إهداء الشعب الإيراني إلى الصراط المستقيم، وهو معصوم من الخطأ شأنه في ذلك شأن بابا الكنيسة الكاثوليكية.
هذا ومن حسن حظّ منطقتنا، التي يحسدنا العالم أجمع على استقرارها السياسي وسلاسة الحياة السياسية فيها ولياقتها، أننا نتّبع منذ عقود عديدة ذلك النموذج من الديمقراطية الذي انتهجه بن علي في تونس، وهو نموذج بالغ التفوّق، وإن كان تواضع القائمين عليه، وليس الإغفال في الحقيقة، قد حال حتى الآن دون افتخارهم به كما ينبغي، ودون إطلاق تسمية «الديمقراطية العربية» عليه مع أنها مستحقة، وأي استحقاق! فإن الرئيس عبد الفتّاح السيسي فاز بالانتخابات الرئاسية المصرية في عام 2018 بحصوله على 97 بالمئة دفعة واحدة. وها أن ذلك القدوة الآخر في الديمقراطية العربية، الرئيس السوري بشّار الأسد، ابن أبيه القدوة بامتياز، قد أدهش العالم بحصوله على 95 بالمئة من الأصوات في نهاية الشهر الماضي، بعد أن كان بعض المتشائمين (أو كانوا من المتفائلين؟) يتصوّرون أنه قد لا يحصل سوى على 90 بالمئة هذه المرّة، لكنّ الشعب السوري أبى إلا أن يبدي إجماعه على الرئيس الحبيب المفدّى.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آفاق النضال الفلسطيني في ضوء المستجدات
- في الاستراتيجية وتشريح «النصر الإلهي»
- استراتيجية بنيامين نتنياهو وكيفية التصدي لها
- كيف يُهزَم وجه القوّة في زهرة المدائن؟
- جورج إبراهيم عبد الله وحسن دياب ومرض القضاء في وطن دريفوس
- الانتخابات الفلسطينية والنفاق الديمقراطي
- تحية لنائبة الكونغرس بيتي ماكولوم
- «الأخبار» تهاجم موقف حسن نصر الله!
- كيف تكون المناهضة التقدمية للإمبريالية
- الأردن بين الأساطير الانقلابية والحقائق الثورية
- في أسطورة الصين «الممانِعة»
- وهْم قبطان يُنقذ سفينة لبنان من الغرق
- تركيا عدواً رئيسياً: وسواس المحور الرجعي العربي
- مناورات ساخنة بين طهران وواشنطن
- أسياد الحرب لا يستسيغون السلام
- لطيفة آل مكتوم وتعنيف النساء
- «استراتيجية التوتّر» في السودان
- لِمَ يكون السلاح النووي حكراً لإسرائيل؟
- «المقاومة العشائرية» وتحرير فلسطين في عام 2041
- طيّارة السيسي وطائرة الرئيس المكسيكي


المزيد.....




- ترامب يختار سناتور أوهايو جي دي فانس لمنصب نائب الرئيس في ال ...
- ترامب يحصل على أصوات كافية ليصبح مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة ...
- زفاف أمباني -الحدث الأكبر على الكوكب- ونهاية مؤثرة لمحاكمة ب ...
- كيف تفاعل السوريون مع رابع انتخابات برلمانية تشهدها البلاد م ...
- -جثث مقطعة ومحترقة ملقاة على الأرض-: نحو 80 قتيلاً فلسطينياً ...
- بطولتان مثيرتان للطائرات الورقية وركوب الأمواج في ساليناس بج ...
- جاؤوا لحضور مباراة كأس أمم أوروبا فكان الموت بانتظارهم.. مقت ...
- محاولة اغتيال ترامب.. هل بمقدور أمريكا تجنب العنف السياسي؟
- عقوبات أوروبية على -مستوطنين متطرفين- وكيانات إسرائيلية
- أرمينيا.. انطلاق مناورات -إيغل بارتنر 2024- بالشراكة مع الول ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - في تفوّق الديمقراطية العربية