حازم العظمة
الحوار المتمدن-العدد: 1635 - 2006 / 8 / 7 - 10:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هكذا بدا جنود الإحتياط في الصور التي نقلتهم من كفر جلعاد ، أو من سواها في شعاب الشمال ... ، هكذا نقلتهم إلى ذاكرتنا و ذاكرة الإسرائيليين كاميرات الرؤية الليلية و الكاميرات تحت الحمراء ، فيما بدت أنها رحلة كشفية ، رحلة مسير ليلي من تلك التي تعودوا عليها و أحبوها حين كانوا فتية ، و تلاميذاً : حقيبة الظهر و المَطرة التي يختض بها الماء في كل خطوة و عند كل فشخة ، فوق أخدود أو من على الصخور الواطئة . .
إلا أن ثمة ما يختلف قليلاً ، البنادق الثقيلة ، الخوذ مموهة بالأسود ، القاذفات العريضة مجهزة بالمناظيرالليلية ، الجعبات الثقيلة في الخصر
انظروا كم جميل كل شيء هنا ، كأننا حقاً في مسير ليلي ... ، نزهة ليلية ربما بعدها ، يومان ، أو أكثر ثم نعود ، مكللين بالغار ...
القمر الشاحب و نجوم الجبال ، و الهواء الذي يصل الآن من البحر ، أريد أن تبدو ضاحكين مستبشرين قال المخرج و هو يعد المشهد و الزوايا و يضع اللمسات الفنية ، الأغصان فوق الخوذات ، اللطخات بالأسود للتمويه على الخدود و الجباه
كل هذا من أجل المعركة نعم ، ولكن الصورة ينبغي أن تبدو جميلة أيضاً ، ربما تراك فتاتك الليلة على التلفاز ، ربما يراك أحفادك ، بعد سنين طويلة ، ستبدو وسيماً بالأخضر ، سيتباهون أحفادك : هذا جدنا حين كان شاباً ، ذاهباً لقتال الكنعانيين ، جدنا طردهم بعيدا .. عن أرض إسرائيل ...
هكذا بدوا ، من كاميرات الرؤية الليلية.. ، فيما يتضاحكون ، و يتبادلون الضرب بالأكف و التربيت على الأكتاف و إشعال اللفافات ... ، ثمة عناق الرجال للرجال ، بحركات خشنة و صخب من ذلك الذي للأشداء و للرفاق حقاً ...
أصدقاء قدامى و رفاق في المدرسة و في الثكنات ، لم يلتقي بعضهم بعضاً منذ ذاك ، و ثمة تلك الأناشيد و الأغاني التي تذكربأورشليم .. ، و داوود ، و ثمة الأناشيد الحزينة التي عن المحرقة و عن و عد الرب ، أناشيد لأرض إسرائيل التي وعد بها ، أرض الحليب و العسل ...
في الصباح الجنود إنتقلوا إلى ذاكرتنا ، بقيت صورهم هناك ، في ذاكرتنا ، لم تعد ثمة من أناشيد ، و لا من مسير ليلي ، و لا نجوم ِجبالٍ ، ما من قمر شاحب و لا ابتسامات ، الهواء كان مفعماً بدخان القذائف و رائحة الموت
#حازم_العظمة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟