أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمودي عبد محسن - قصة الحجل (كه و) والنرجس














المزيد.....


قصة الحجل (كه و) والنرجس


حمودي عبد محسن

الحوار المتمدن-العدد: 6919 - 2021 / 6 / 5 - 20:43
المحور: الادب والفن
    


بعد أن كان الظلام وكانت العواصف والرياح كان هناك في ديار الغربة العجيبة في العجب جبل شامخ عظيم مسحور، منيع أخرس صامت في دهور، يحتضن أشجار الزمرد الخضراء وينابيع ماء حلوة عذبة لا تقبل التدنيس ولا قذار، وتشرق عليه الشمس وتغرب فيه، وتصافحه النجوم اللامعات في ليلة قمراء. هذا الجبل لقب بجبل الأرواح لأن العشق فيه نقاء ومباح وله ألغاز وأسرار.
ذات ربيع قامت زهرة من ساقها الوحيد الأخضر الرطيب، بيضاء حسناء، وهي ساكنة الجبل كموطنها الأصيل دون براح، ترنو بأعينها إلى عاشق ولهان التي تقاطر منها الندى كل صباح، وحين يلبسها ثوب الظلام، وينضحها القطر كأنه درر بيضاء سقطت من السماء. تلك كانت زهرة النرجس كعروس شمس المغرورة بجمالها الفتان.
مضت الأيام تسير دون جراح، دون غرام جماح حتى حل الربيع، وحل الهوى في قلبها، واستحكمها العشق حين سمعت غناء الحجل (كه و) في روضتها ذات ألوان، فهذا الحجل (كه و) بمنقاره الضارب للحمرة يضرب جناح بجناح، ويطلق صوتا كالصفير ثم يغرغر في حلقه، ويمشي بتقارب خطاه حول النرجس، ويفصح بصوته:
ـ كه و، كه و، كه و.
ثم يجري مختفيا تحت الشجيرات خجولا بعد أن يتنشق عطرها الفواح الذي تباهت به، وأغرته بانبهار، ثم يظهر من جديد بارتياح مغلوبا بالهوى المثار. أليس النرجس تريح القرائح، وتستضيء قلب الناظر؟
وراح يرقص رقصته المشهورة التي تسمى رقصة الحجل، إذ كانت مشيته مقيدة، فهو يرفع رجلا ويتريث على رجل أخرى، ويقفز في الهواء فارشا جناحيه، ويدور حول النرجس بتبختر في الفتنة لفرحه، فكان يتقدم خطوة، ويرفع رجلا ثم يقفز على الأخرى بانتشاء، وكانت هذه الرقصة اجمل رقصات الحب.
كان ينساب مثل إنسياح الماء للحبيب
مثل شمس حمراء حين تجنح للمغيب
مثل قضيب رطيب خضله بلل عجيب
أو أنه هو يسيح كأنه في رمل كثيب
كان هذا أول عشق في جبل الأرواح، وكان هو الخيار والاختيار، وصار الحجل (كه و) لا يتوارى عن الانظار، وقد شاع خبره في كل مكان كالشمس ذات أنوار تخطف الأبصار.
ثم مضى ربيع وجاء ربيع، وكانت غمام سوداء وجلجلة آثام، فكابد النرجس نار الفراق حين اختفى الحجل (كه و) دون اخطار، فانبرت عيونها تبكي ندى اشتياق غداة هذا الفراق، وكانت تلك لوعة القلب السانح في ربيع قاهر، والنرجس العاشقة واقفة في مسكنها تشكو جبل الأرواح:
ـ أيا جبل الأرواح أرسل من الرياح رسولا للحجل (كه و) وابلغه أن النرجس في اشتياق، يكابدها الحرمان من اللقاء.
ذات ربيع جاءها الغراب المعروف باللؤم كأنه من الأشباح، وهو يحكي ما سمعه، ونعب بصوته الغليظ:
ـ العشق في جبل الأرواح مباح
دون ستر وشاح بعد السماح
أخافها بنعيقه، وخافت منه أن يفسد عطرها الفواح، فاستغربت، وذهلت جزعا، وتلبست بثوب الشحوب بعد النظر كأن نار إحراق تنازعها في اشتعال، وكان في نعيقه تفريق وتغريب وكما يوصف بما تمثل به:
ـ احذر من غراب!
فجأة هاج جبل الأرواح وغضب، فاطلق الرياح التي راحت تصيح في صياح:
ـ العشق وقار يا غراب، يا أرعن طماح، وعزه في الفؤاد. لا تتلاعب في رمحك الجراح.
رفرف الغراب مقهورا مهزوما، وطار بعيدا متواريا عن الأنطار، فهو من طيور اللئام، من جنس غدفان. حينئذ هدأ جبل الأرواح، وهدأت الرياح، وبان الحجل (كه و) في ضوء الصباح، وساد عشق جماح.

2021-06-02



#حمودي_عبد_محسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغياب في الحب الإلهي
- الثورة الأمثى
- القيثارة السومرية
- فلسفة الزمن في لوحات وقصائد روناك عزيز
- لمحة حول العقائدي
- مأثرة الحزب الشيوعي العراقي
- أنثى المعنى
- فصل من رواية (مندا والسوسنة البيضاء) في قيد الكتابة
- لا لتجويع شعب كردستان
- رقصات على حافات الومض
- صورة مرعبة
- ابكوا على الكتاب وأهله
- الأمير الأعور (ميري كوره) فصل من رواية ( حب في ظلال طاووس م ...
- حكايات من أرباخا
- مئة رواية ورواية
- من دايتون إلى العدوان على الكعبة
- فكر ماركس اليوم الحلقة الثانية
- فكر ماركس اليوم
- الولي الصالح في بعشيقة
- اللسان الصوفي


المزيد.....




- وصف مصر: كنز نابليون العلمي الذي كشف أسرار الفراعنة
- سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون ...
- العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه ...
- إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025 ...
- بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
- ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم ...
- سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو ...
- معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمودي عبد محسن - قصة الحجل (كه و) والنرجس