|
الجزء الثاني من مقال : موقفي ككوزموبوليتي من حرب الليكود وحماس
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 6917 - 2021 / 6 / 3 - 17:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يطلق المختصون في علم السياسة والاجتماع : صفة اليمين على كل حركة تتمسك بما ورثته من قيم ومعايير وقواعد في تنظيم الشأن العام ، وترفض مناقشتها وتغييرها ، وتزيد على ذلك بأن تجعل منها مرجعية تحكم من خلالها على صحة الجديد في الفكر وفي الظواهر الاجتماعية . فهي ذات نظرة ثابتة الى ماورثته لا تتغير حتى وهي ترى طوفان الحياة يجرفه كأثر لم يعد صالحاً للاستعمال : انه مثالها الطاهر الذي لم تدنسه الحركة ولا السكون ، ولم يمسه بشر ولا جان . أما الجديد من النظريات الفكرية والظواهر الاجتماعية فهو من أفعال الشيطان التي يجب تجنبها ، والتي ورد التحذير منها بالقول : اياكم ومحدثات الأمور ، فان كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) . وتعد شعوب الشرق الأوسط : اشد شعوب الارض رفضاً للتغيير وتهيباً منه ، لانغراس المعايير الموروثة في اعماق وعيها كأثر ديني مقدس : يجب التمسك بدلالة مفرداته القاموسية ، ولا يجوز حمل معانيه على المجاز اللغوي وعلى التأويل : بالبحث عن مستوىً ثان لدلالته . فالنص هو إمامها لا العقل : تأخذ به وترفض حقائق الواقع الجديدة لمخالفتها له ( للنص الديني ) . واذا بحثت عن جذور حركات اليمين السياسية التي اطلقوا عليها تلطيفاً : الليبرالية الجديدة ، والتي افتتحها في امريكا الرئيس : ريگن ، وتلاه : ترمب ، وافتتحتها في بريطانيا المرأة الحديدية : تاتشر : تجدها تتغذى في اهم أطروحاتها ومفاهيمها على ما افرزته حروب الطوائف الدينية في مفتتح عصر الإصلاح الديني ، كحرب الثلاثين عاماً مثلاً . فاليمين في السياسة حركة ذات مرجعية دينية ، توظف الدين في السياسة ، وترفض بشدة ان تنصاع لحقائق الواقع ، بل هي وجدت اصلاً لنقض هذه الحقائق ، والتقيد بما ذكره النص . وقد ذكر النص التوراتي بأن " يهوة " اله اليهود كما ورد اسمه في التوراة : قد منح ارض فلسطين لليهود ، وبعد مرور زمن طويل على هذه " الهدية " : يتقيد الليكود وهو اليمين السياسي الاسرائيلي : بمضمونها ، رغم حقيقة ان اليهود اجبروا على مغادرتها مراراً : من قبل البابليين والآشوريين والرومان ، وانتقلت ملكيتها - بعد شتاتهم - لمختلف الفاتحين : من المصريين الى الفرس الى أيدي اليونان بعد فتح الاسكندر المقدوني لارض فارس والمشرق ، ثم انتقلت ملكيتها الى الرومان ثم استولى عليها العرب المسلمون بعد ان فتحوها . ولهذا يرتكب اليمين السياسي في مختلف الامم : أنواع المجازر بدم بارد ، شاعراً بالرضا ، لأن كتابه المقدس أمره بذلك ، ولا يراوده الشك في ان ما اقدم عليه جريمة بحق الانسان : في عصر حقوق الانسان . تحث التوراة اليهود على اجراء تطهير عرقي لجميع سكان فلسطين ، ومصادرة ممتلكاتهم وسبي نساءهم . وسورة التوبة في القرآن ، ومنها آية السيف تحث على هذا التطهير العرقي . وقد سلك المسلمون طريق التطهير العرقي مرة ، والنفي تارة اخرى ليهود المدينة : بني قينقاع وبني النضير وبني قريضة ، وحتى لبعض الشعراء والهجائين و( المنافقين ) من قبائل العرب . ولهذا لا يجد السياسي الذي يريد الالتحام بحقائق عصره والخروج على منطق العنف الذي توصي به الكتب الدينية : سنداً تأويلياً ، لا عند حاخامات اليهود ولا عند فقهاء الاسلام يساعده على تخطي عقبة : الارض التاريخية المقدسة ، فمن غير تأويل دلالة مفهومي : الارض المقدسة والأرض التاريخية ، يصعب على السياسي اجراء مصالحة تاريخية على ارض فلسطين بين اليهود والنصارى والمسلمين . اذ تتطلب هذه المصالحة اعادة قراءة للنصوص الدينية : متحررة من منهج قراءة الحاخام والفقيه والقس التي تأخذ بظاهر النص الديني في تفسيره له . ولهذا تجد اطروحات احزاب اليمين كحماس في غزة والليكود في اسرائيل : تنطلق من مفهومي الارض التاريخية والأرض المقدسة لأهميتهما في تحشيد الناس ، خاصة اذا ما تم توظيفهما في العمل السياسي كحق الاهي مقدس يجب التضحية في سبيل استعادته ، ولا يوجد من يفكر بتخطيهما : ففي التخطي وحده يمكن العثور على حل انساني لهذه المأساة التي صنعتها هرولة الرأسمال العالمي وتنافسه في البحث عن مستعمرات توفر : المواد الخام لصناعاته ، والأسواق لسلعه وبضائعه ، وبالتالي الأرباح المجزية . في هذه الجذور التاريخية لمرجعياتهم السياسية والفكرية وجد اليمين ما يبرر له الاستخدام المفرط للعنف . ولو عزلنا حروب الاسرائيلين مع العرب في 1967 و 1973 ، وركزنا على حروب اليمين الاسرائيلي مع اليمين الفلسطيني لاكتشفنا تصاعد استخدام العنف : من الحجارة الفلسطينية ، التي يرد عليها اليمين السياسي الاسرائيلي بقنابل الدخان والرصاص المطاطي في الانتفاضة الاولى تسعينيات القرن المنصرم ، الى حروب غارات جوية وصواريخ وهدم بيوت وعمارات وضحايا من المدنيين بإعداد كبيرة . وحتى لو استخدم الطرفان في حروبهما البشعة هذه : أسلحة اكثر تطوراً وادق إصابة وإعداداً اكثر من الضحايا : فأن أياً منهما لن يتمكن ابداً من امتلاك قدرة تحقيق ما دعتهما اليه كتبهما الدينية من تحقيق تصفية عرقية ومجازر بشرية بالآخر ...
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
موقفي ككوزموبوليتي من حرب : الليكود وحماس ( 1 )
-
6 من 7 من مقالنا : السياسة والحب
-
5 من 7 من مقالنا : السياسة والحب
-
مع من سأعيد ، مع السنة أم مع الشيعة
-
السياسة والحب : 3 و 4 من 7
-
السياسة والحب 1 و 2 من 7
-
شهيد أم قتيل
-
بعد ان تجاوزت الإصابات الملايين
-
الأمن والتفجيرات
-
لماذا تفضلون العيش في عالم التخلف ؟
-
السودان : من مقولات - الترابي - الجهادية الى مفاهيم الحكومة
...
-
رحلة حرة في ذاكرة العراق التاريخية القريبة
-
كيف نجا الأدب بشقيه الشعري والسردي من مجازر الردات السياثقاف
...
-
الوحوش
-
اطردوا اشباح الماضي
-
دولة الإمارات العربية المتحدة / ملاحظات أولية
-
عن استراتيجية بث الذعر والخوف
-
( 2 ) الجلوس على عرش : شجرة عيد الميلاد
-
الجلوس على عرش - شجرة عيد الميلاد - ( 1 )
-
حركة التحرر الكردي : ثورات لا تنقطع ( 2 من 2 )
المزيد.....
-
??مباشر: عشرات الآلاف يفرون من معارك الشجاعية قبل أسبوع من د
...
-
الكشف عن عوامل خطر الإصابة بـ-كوفيد طويل الأمد-
-
محادثات أممية ودولية غير مسبوقة مع طالبان تثير انتقادات جماع
...
-
ثلاثة أعشاب طبيعية لتعزيز قوة الدماغ
-
ديمقراطيون بارزون يستبعدون استبدال بايدن وسط دعوات لانسحابه
...
-
كوريا الشمالية تطلق صاروخين باليستيين
-
-العمالقة- تصد هجوما حوثيا في الحديدة وسقوط 5 قتلى و16 جريحا
...
-
ميليشيا عراقية تهدد باستهداف أنبوب النفط المتجه إلى الأردن
-
رفع مستوى التأهب في قواعد أميركية عدة في أوروبا
-
الجيش الأميركي يدمر 3 زوارق مسيرة للحوثي في البحر الأحمر
المزيد.....
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
المزيد.....
|