أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي حسين يوسف - حدود العقل














المزيد.....

حدود العقل


علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)


الحوار المتمدن-العدد: 6916 - 2021 / 6 / 2 - 10:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


للعقل حدود لا يمكن له أن يتجاوزها فهناك مسائل خارجة عن قدرته لا يمكنه البرهنة على وجودها أو عدمها ، وقد تبدو هذه النتيجة صادمة ومثبطة عند من يرون أن لا حدود للعقل لما يمتلكه من قدرات خارقة أثبت التاريخ البشري وجودها وتطورها .
وعلى أساس الجدل المتقدم كتب عمانؤيل كانت كتابه نقد العقل المحض ليناقش الآراء المتعارضة عند العقليين والتجربيين معا ، وبما أن موضوع الخلاف يرتد إلى الميتافيزيقيا أساسا فمسائلها هي الكاشفة أولا عن قدرات العقل فقد أوضح كانت أنه لا يمكن للميتافيزيقيا – مثلا- أن تكون بمصاف الرياضيات من ناحية القوة واليقين ، لأن طبيعة كل منهما مختلفة عن الأخرى فقضايا الميتافيزيقيا لا تشبه قضايا الرياضيات لأن أحكام الرياضيات تركيبية قبلية وهي تحصيل حاصل فهي بديهية وقطعية ولا تأتي بجديد غير معروف سابقا , فلا خلاف في 2+3=5 ولا حاجة للتجربة لإثبات تلك النتيجة .
كذلك لا تشبه مسائل الميتافيزيقيا أحكام علوم الطبيعة التي تأتي بنتيجة جديدة لا يعرفها العقل إلا بعد التجربة والتي أسماها كانت الأحكام التحليلية مثل الحكم بأن ذرة هيدروجين مع ذرتي أوكسجين يولدان ذرة ماء أو إن الحديد يتمدد بالحرارة , فهذه الأحكام لا نتوصل لها ما لم نقم بتجارب لإثباتها .
إذا ليس هناك مشكلة في اثبات هذين النوعين من الأحكام لبداهتهما لكن السؤال الملح : ما السبب الذي جعل القضايا الميتافيزيقية والغيبية لا تشبه هذين النوعين هذه الأحكام ولا تتمتع بقوتهما ؟.
ولطالما تمنى كانت أن تكون قضايا الميتافيزيقيا شبيهة بتلك الأحكام ، وبعد جولة تحليلية متعبة درس من خلالها كانت عمل العقل ليتعرف على آليات اشتغاله بوصفه هو الذي يفكر في هذه المسائل وهو الذي يولدها ويحكم بصحتها أو بعدم صحتها وجد أن العقل يتمتع بقدرة على انتاج مفاهيم محددة تساعده على تفسير العالم الخارجي وادراكه وتضفي على الأشياء صورها مثل المفاهيم الرياضية والطبيعية كمفهوم الزمان والمكان والوحدة والكثرة , لكنه لا يستطيع انتاج هذه المفاهيم بدون التجربة وعليه فإن هذه المفاهيم تمثل نتاج العقل والتجربة معا ، أما قضايا الميتافيزيقيا فلا تخضع للتجربة , فهي تسمو على التجربة مثل مفاهيم : الله والنفس والروح ودليل خروجها على التجربة وعدم خضوعها لها هو عدم القدرة على نفيها أو اثباتها لأن براهين نفيها تتمتع بالقوة نفسها التي تتمتع بها براهين اثباتها فيمكن أن ننفي أي واحدة منها ونثبته بالقوة نفسها , فهي قضايا متناقضة وخلافية , ومع ذلك فإن العقل يتصورها وينتجها ولا يستطيع أن يتخلص منها لذلك يجب الإبقاء عليها وحسم الجدل حولها بالإيمان بها لسبب بسيط وهو أن هذه المفاهيم تؤدي وظائف نفعية لنا إذ أن شوقا دفينا يدفعنا للمعرفة المطلقة وللتمسك بهذه المفاهيم لأسباب عملية وأخلاقية .
ومما تقدم يعني أن العقل هو الذي يطبع الأشياء الخارجية بطابعه وهنا نقترب مما ذهب إليه أصحاب مذهب ( الأنا وحدي ) .
وعليه فإنه من الخطأ أن نتصور بأن معرفتنا بالأشياء الخارجية تعكس حقيقة تلك الأشياء فمن المستحيل أن نعرف ( الشيء في ذاته ) فلا يمكن التوصل لذلك لأن طبيعة العقل نفسها غير مؤهلة لذلك , فكل ما نستطيع معرفته هو المظاهر الخارجية للأشياء ، وبذلك أصبحت مسألة حدود العقل رياضية بامتياز ؛ وقد برهنت تجارب كورت غودل على وجود هذه الحدود ؛ فالعقل لا يمكن أن يحيط بكل شيء ، ذلك لأن العقل هو نفسه هذا الكل ، فكيف بالجزء أن يحيط بالكل ! كما أنه لا يمكن للعقل أن يبرهن على نفسه ، لأنه لكي يبرهن على نفسه ، فإنه يحتاج إلى عقل فوقه له وسائل أقوى ؛ وإذا أردنا أن نبرهن على العقل الثاني نحتاج إلى عقل من فوقه ، وهكذا دواليك في تسلسل لا ينتهي ؛ وأما إذا سلكنا طريق البرهان على العقل بوسائل من رتبته ، فإننا نقع في الدور ؛ وبإيجاز ، وبحسب تعبير طه عبد الرحمن فإن للعقل حدوده لا يمكن أن تتجاوز وهي مبرهنة عليها رياضيا ببراهين طويلة ومعقدة وليست في متناول غير الرياضيين رغم أن البعض يحاول ذلك ولكن بلغة أخرى غير رياضية ، إما بلغة عقدية أو فقهية باعتبار أن العقل لا يصل إلى معرفة العالم الغيبي ، أو بلغة روحية أو صوفية باعتبار أن للعقل أطواره التي لا يمكن أن يتجاوزها ، أو بلغة فيزيائية أو طبيعية باعتبار أن العقل لا ينظر إلا في عالم الظواهر ؛ أما ما سوی هذا العالم الظاهر ، فهو غير قادر عليه ، لأنه يقع خارج حدوده .



#علي_حسين_يوسف (هاشتاغ)       Ali_Huseein_Yousif#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشاكسة بوصفها انعكاسا للصراع الطبقي
- براهين وجود الله بين الفلسفة والدين
- أدبيات كورونا
- تجربة يحيى السماوي من منظار آخر , قراءة في كتاب (مرافئُ فِي ...
- التحليل النفسي وأثره في دراسة الأدب
- اللسانيات والتحول الشامل
- القراءة من السياقية إلى العودة للتحليل النفسي
- الأبعاد التاريخية والسياسية للطائفية في العراق
- النحو العربي ولا واقعية المفاهيم
- رأيٌّ في نَشأةِ المُجتمعِ والدَولةِ واللغةِ
- اللغة والتفكير من الصوت الطبيعي إلى المفهوم المجرد
- شرط الفلسفة وضرورات التفلسف
- الناقد وشرط المعرفة بتاريخ الأدب ومذاهبه
- التفكير النقدي , ماهيته , أركانه , متطلباته
- الشرُّ الكامن فينا
- المثقف بين الشعور بالمسؤولية والتحديات
- أنا وكتبي
- العدالةُ هي الحلّ
- شاعريّةُ الأمل عند مريم حميد , ملاحظات أوليّة ونصوص
- الوجود ووحدة الوجود , أفكار أولية


المزيد.....




- ما الأضرار التي تسببها منتجات التنظيف؟ وهل يمكن استبدالها؟
- الاتحاد الدولي للصليب الأحمر -غاضب- و-مصدوم- إثر استشهاد 14 ...
- الأمن اللبناني يوقف مشتبها بهم في إطلاق صواريخ نحو إسرائيل
- واشنطن وبكين تتنافسان على بناء روبوتات بخصائص بشرية
- حماس توافق على مقترح مصري جديد لإطلاق سراح رهائن
- انتشال جثث 15 مسعفا قتلوا بقصف إسرائيلي في رفح.. والصليب الأ ...
- إعلام إسرائيلي: تل أبيب تشترط لإنهاء الحرب وتقدم مقترحا جديد ...
- 76 شهيدا في غزة بأول أيام العيد وحماس تدعو للتحرك لوقف العدو ...
- الاتحاد الدولي للصليب الأحمر -غاضب- إثر مقتل مسعفين في غزة
- قطع شجرة تاريخية في البيت الأبيض.. وترامب يكشف السبب


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي حسين يوسف - حدود العقل