|
واثق الجلبي في المجموعتين القصصيتين (الاغتيال الازرق ولحاء الطباشير) .. لغة المسامير الحادة
واثق الجلبي
الحوار المتمدن-العدد: 6915 - 2021 / 6 / 1 - 14:40
المحور:
الادب والفن
قراءة / جمعة عبد الله يتميز الاديب (واثق الجلبي) بعدة مواهب أدبية متنوعة (صحفي. شاعر. قاص. روائي. اعلامي. كاتب مقالات) وفي ناحية فن القص والسرد، يملك اسلوبية متميزة. أو ظاهرة تشق طريقها بكل اقتدار في عالم السرد المتطور، في فن تداعيات السرد الحرة. لا يتقيد في فن القص السائد والمألوف، فهو متغير في التعاطي والطرح، في الصياغة الفنية واللغوية، يحاول تجنيس اصناف متعددة من أصناف الادب ويدخلها في فن القص (الشعر / النثر. اصناف التداعيات الدرامية المتنوعة الاخرى) يجنسها بجنسية واحدة في اللغة الحبكة والحدث السردي. اما من ناحية الصياغة الفنية، فهو يعتمد على نصوص أدبية من القصص القصيرة وانه يجزئ المشهد السردي العام، يقطعه الى اجزاء من القصص القصيرة. ويجعل النص يملك تداعيات حرة يقودها السارد العليم، الذي يقود دفة السرد الى ضفافه المرسومة. أما من ناحية الرؤية الفكرية فتكون العمود الفقري للبنية الروائية وحكايته، يتوغل فيها في اعماق الواقع، ويكشف تداعياته وتجلياته، بلغة حادة كأنها لغة المسامير المدببة والجارحة. ويتناول في هذه المجموعة القصصية،. التي تتعرض الى ازمة الانسان المعاصر وتداعياته المتشظية في انفجاراتها الحادة، التي تقود الانسان العراقي الى الانكسار والاحباط والانهزام من خلال تناول الثالوث القائم، الذي يكون شكل ومحور البنية الاجتماعية والسياسية للمجتمع، وهي (الاسطورة. الدين. الواقع الاجتماعي السائد) بالمصارحة والمكاشفة الحادة بالطرح الجريء في الجدل. من خلال عمق الوعي وتصوراته الفكرية التي يملكها من عمق المشاعر التي تلاحق مجريات الامور الملتهبة على سطح الواقع، وابراز صورتها بالتصوير الحسي والفكري، ليضرب جدار الواقع السميك الذي يقود الانسان العراقي الى الارتباك والفوضى. ويجاول يكشف متاهاته المجنونة والسريالية. ويتوغل في هذا الجدار الصلب لكي يضربه باللغة الحادة أو لغة المسامير. طالما الواقع يحرث في الزوابع المتغطرسة بصلافتها، ولا تعير أهمية للقيمة الانسانية، في معاناتها وشقائها وحزنها. تتعامل مع الانسان العراقي كبضاعة رخيصة أو منتهية الصلاحيات. ومن سوء الزمن والقدر الذي يحرث في تعميق أزمة الانسان العراقي الجديد، هو دخول الى حلبة الصراع القائم، صنف سياسي هجين ومتغطرس بالنفاق والزيف والخداع. هذا الصنف السياسي يمثل اقذر انواع السياسات القائمة، وهي سياسة المعمم.. يتناوله في نصوص السرد على شكل الأقصوصات القصيرة جداً (لكل مجموعة قصصية متكونة من نصوص سردية قصيرة) وايضاً يتعرض الى مسألة في غاية الاهمية هي مسألة الالهة وتوابعها. كأن آلهتنا مثل آلهة الاغريق، يتفرجون على شقاء ومعاناة البشر، ولا يقدمون يد العون والمساندة، بل تتركه يسبح في برك من الازمات ولا يستطيع الخروج منها. حتى تكون حياته مشبعة بالمعاناة. كأن الانسان هائم في صحراء قاحلة تذر عليه الرمال الحارقة، ولا يعرف اتجاهات الصحراء وبوصلاتها، كل ما يشاهده سراب. يتغاوى وينادي عليه. ان الاديب (واثق الجلبي) يحاول ان يضع التوازن في المعادلة. عنف الواقع في مفرداته، مقابل عنف اللغة في مفرداتها:
1 - المجموعة القصصية. الاغتيال الازرق: نصوص قصيرة تتكون من 50 نصاً:
يقدم رويته الفكرية من خلال لغة السرد المركب (النثر / الشعر) برؤية السارد العليم في تجليات الرؤية الفكرية، التي تكشف مفردات الواقع الخفية والظاهرة، ويغوص في اعماقها يكشف معانيها ومغزاها الدال. في الاشياء الظاهرة وخلفياتها العميقة، التي تنظر الى السماء والشمس والانسان بعين عوراء، وتشير الى القمر بالأصابع المبتورة. لكي يكون المكان عبارة عن ظلام داكن. يتحرك الانسان في داخله بالمتاهة المجنونة، لكي يجر اذيال الخيبة والهوان الى حد الاختناق والمحاصرة. والالهة تتفرج على مخلوقاتها، حتى تكون هذه المخلوقات مصابة بالاغتيال الازرق، بشكل ناعم وصمت خافت. والزمن في بلاد سومر الجديد، عبارة عن نكسات متوالية. تدخل في ثقوب الروح. ويصبح كل شيء يطارده كغنيمة سهلة. حتى الصغير لا يجد ثمن رغيف الخبز. وعندما يلعلع الرصاص يرقص الموت في الطرقات. في استباحة على ضفاف ومرأى من آدم وعشتار والرسل والانبياء. يتفرجون على فاجعة الانسان العراقي. في فرح سريالي مجنون (كانت خطواته الاولى باتجاه الحذر...... لم يستطع إقناع نفسه بما ستؤول اليه الامور.. سقط من جيبه معول... تراكضت الأصابع نحو نجيع أحمق.. رأى نفسه قنينة دواء من ارخص ما يكون.. نظر الى الوراء وهو يتصفح بيانات الانبياء) النص رقم 6. تدور الاسئلة حوله ولا تترك له مجال للهرب. يحمل اثقالها المنتحرة بالسؤال (العذاب الذي قضاه في حرائقه لم يشبهه ثلج آخر... فكر في ان يجعل ناره برداً فلم تتح له الفرصة... أراد أن يخنق نفسه بدخان سيكارته لكنه فشل مرة أخرى.... لم يتح له قلقه أن ينشغل بقلق آخر.. أكل نفسه دهوراً واردفها بكلمات كانت أحمق ما نطق بحياته الاسفنجية... أشترك إلهان في جسده فلم ينهض عقله المنتوء... كفر بكل شيء) النص رقم 8. و(جاء الى هذا العالم القذر وهو يلوك نفسه مراراً على بؤس هذا القاع.... كانت مداركه معطلة فأشتعل الرأس بمعاقبة الجوارح) نص رقم 18. و(جاء الى هنا.. ممتداً بين كل رجوع قبضة من دم لم يستوف حقوقه من الطعنات... كانت خطواته مستمرة في التخاذل الطروب..... ويداه مخفوق احلام وكوابيس مرتبة حسب الابجدية الغامضة) نص رقم 43، وسقط في القاع المظلم.
2 - المجموعة القصصية. لحاء الطباشير: تتكون من 51 نصاً.
يسقط في كأس الاحزان المليء، ويحاول ان يلملم بعضه، لكن زفة الريح الرعناء بالتوحش تمنعه من ذلك. ينتكس في اعماقه، خوفاً من كوابيس تداهمه على حين غرة. وتجبره على يلوك احجية الموت (بعد أن ضرسته الخطوب واعتراك الليالي.... جلس يستنطق افواه الدماء والدموع... لم تلبث إنسانيته في إنائها المكسور واحتوت وجهه أسراب طيور مهاجرة.. كان انشغاله ساعة رمل وفنجان هوس ومصباح وحبوب بكلمات متوفية) النص رقم 11. ويحاول ان ينتشل نفسه من سراب الواقع، فلم يجد سوى رزايا الواقع تتربص به (كان غرقه جزء منه فانتشله صوت أخرس.... صار هشيماً تذروه المنون.. فانتشر راية الموت لا تمر بقبضة مكان إلا حولته زمناً بلا وقت.. وثق بئره فلم يظمأ فانحاز الى كهوف الانامل المبثوثة كالرحى في عاصفة النواعير عند مسارب الرحيل) نص رقم 19. كره عيشه منزوياً بما يقدمه افكار الجوع. تتدثر على لوعته، وان قلبه محموماً بالرحيل (وقف على جثته طويلاً.. بكى عليها.. لطم نخلة الجوع..... ورمى على جثته الطين..... قلص مشافره وركب بغلة النهار.... لم يرغب بالاستواء فعالجته الرمية... ظل يشق صدره ويخيط ماله حتى لم يؤويه زورق..... بلغت به ذروة البكاء ما لم يبلغه موسى بموعد الجبل) نص رقم 36. فأنكفأ بلوعته بأنه سيغادر هذا الواقع محموماً في قلبه ألف غصة.هذه رحلة آدم في بلاد سومر الجديد، الذي احتله عالم مغلف بالخداع والزيف، لكي يعلو على كل الاشياء.
#واثق_الجلبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السرد المكثف في رواية -يوسف لا يعرف الحب-
-
برعوثا .. حكيم بابل ..أول من كتب التاريخ
-
واثق الجلبي يحاور محمد البغدادي شعرا
-
فقيه الطين ورواية السرد عند واثق الجلبي
-
رواية (فقيه الطين) للأديب واثق الجلبي .. اسلوب لغوي متميز وص
...
-
الاسطورة والدين والتراث .. في رواية (فقيه الطين) للكاتب واثق
...
-
المضامين اللسانية واجتياز لغة القصة .. واثق الجلبي .. اختصار
...
-
رواية كل أنواع الحلي لا تفيد الموتى .. محاكاة الواقع بسلطة ا
...
-
فقيه الطين .. تحت مواشير العدم والوجود في المخفي وفي المعلن
-
فقيه الطين ورحلة البحث عن الخلود
-
انثيالات فلسفية في رواية -فقيه الطين-
-
ابداع متجدد
-
رواية ( كل انواع الحلي لا تفيد الموتى ) تسلط الضوء على المطب
...
-
عويل آدمي معلن يخرق متون العفة في اوقات الاندحار
-
رواية ( يوسف لا يعرف الحب ) للكاتب واثق الجلبي .. قميص يرفض
...
-
واثق الجلبي .. حفريات معرفية - - متوارية
-
حمامة .. ولكنها غراب
-
اجيال الرفض
-
خارج الزمن
-
لا تزعجوا الفيس
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|