أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي البدري - صاحب القوة هو الذي يحدد ما هو الصواب














المزيد.....

صاحب القوة هو الذي يحدد ما هو الصواب


سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)


الحوار المتمدن-العدد: 6909 - 2021 / 5 / 25 - 11:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هذه المقولة قديمة وتعود إلى عهد الاغريق القدماء، وجاءت على لسان فيلسوف سوفسطائي بالذات، والوقائع تقول أنها مازالت هي قاعدة العلاقات الدولية الوحيدة.
آخر استخدام علني وواضح لهذه القاعدة كان في حرب احتلال الولايات المتحدة للعراق من أجل فرض الديمقراطية عليه.. ونجحت هذه الدولة في تدمير العراق واحتلاله، ومن ثم فرض الديمقراطية عليه بالفعل.
وها هي صناديق الاقتراع ومفوضية الانتخابات وبطاقات الناخبين (الأجمل من هوية الأحوال الشخصية، والتي يجب أن تُحدث معلوماتها في كل مرة انتخاب)، وأيضاً صار للعراق محكمة دستورية تراقب نزاهة الانتخابات، فلم الشكوى يا عراقيين؟
يقول العراقيون أن ثمن الديمقراطية كان باهظاً، حيث إننا لم نعد نشبه أنفسنا ولم يعد وطننا يشبهنا، وجزء كبير من أبناء جلدتنا لم يعودوا يشبهوننا!
هل يبدو هذا الكلام منطقياً أو يقارب الواقع، أم هو مجرد تنظيرات أدباء بطرين يعزلون أنفسهم في أبراجهم العاجية؟ بل هو كلام واقعي، وهذا ما اعترف به وأكده، أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي الجديد، في أول خطاب له، عقب توليه لمنصبه في حكومة جو بايدن، بتاريخ الرابع من مارس (آذار) الماضي، إذ لفت بلينكن الانتباه إلى كارثية التدخلات العسكرية الأميركية، في محاولة لنشر الديمقراطية، وما جرّته على العالم من أهوال لا تزال أصداؤها تتردد في أفغانستان والعراق، وحيثما تدخلت حكومات بلده السابقة، في حروبها ضد الإرهاب وفرض الديمقراطية.
ديمقراطية العراق وأفغانستان كانت رؤية صاحب القوة لما يراه من صواب (ادعاءً أو ظاهرياً على الأقل)، ولم تأتيا كنتيجة لتطور وعي وثقافة مجتمعيّ هذين البلدين، وإن كانتا حاجة سياسية وحضارية لكلا الشعبين.
طبعاً ليس من عيب في الديمقراطية، كآلية سلمية لتداول السلطة، ولكن العيب يأتي ممن يستغل ويستحوذ على الديمقراطية وآلياتها، من أجل فرض دكتاتوريته الخاصة بأدوات الديمقراطية.
هذا ما حصل في العراق على الأقل، حيث استغلت أحزاب الإسلام السياسي صناديق الاقتراع للوصول إلى السلطة، وبعد وصولها إلى مقدرات السلطة وامتيازاتها ومالها، بسطت نفوذها على أدوات الديمقراطية (قانون الانتخاب والمفوضية المنظمة له والمحكمة الاتحادية التي تمنح الشرعية وتفصل في الطعون المشككة في النتائج) و... (لزمناها وبعد ما ننطيها)!
ومن فاز في الانتخابات الأولى (بل هو المنتصر، في حالة العراق، وكما أثبتت لنا الوقائع) صار هو من يحدد ما هو الصواب. والصواب الذي رآه منتصر ((ديمقراطية)) العراق تمثل في سيطرته التامة على السلطة وخزينة الدولة وعائدات النفط وإنه (إنهم) الوحيد المؤهل لقيادة البلد، وإلى الأبد، وبانتخابات تجرى كل أربع سنوات ووفق القواعد المتعارف عليها. أي دكتاتورية بقواعد وأدوات ديمقراطية! أي الصواب الذي يراه صاحب القوة (السلطة).
وسواء كانت النتائج التي وصل إليها صواب صاحب القوة، في حالة ديمقراطية العراق، مقصودة أم لا، فإنها أوصلت العراق، وإضافة إلى حالة وأد التجربة الديمقراطية التي كانت محط أنظار وتمني العراقيين، إلى حالة خطف بلدهم سياسياً، وتدميره اقتصادياً؛ والأهم، وقبل كل هذا، تفتيت نسيجه الاجتماعي ووحدته الوطنية إلى هويات فرعية متناحرة ومتقاتلة، على أساس قومي أو ديني أو طائفي أو مذهبي أو مناطقي، بحسب ما تقتضي مصالح صاحب القوة (أحزاب السلطة) في كل دورة انتخابية، وما يراه مناسباً لها من صواب، وإلى حد أن العراق صار غريباً على أهله ولم يعودوا يتعرفون على أنفسهم فيه، ولم يعد يشبههم ويشبه طبيعتهم وفطرتهم، لأن منتج الصواب الجديد، حوله إلى بلد يشبهه وحده ويناسب مقاييسه وحدها ومقاييس ومصالح من يحركه من خارج الحدود.
وبالتالي فإن صوابك يا أمريكا يا صاحبة القوة، لم يكن سوى عمى قلب وبصيرة وحسابات وتخبط سياسي، لا يرتكبه حتى صبيان الحارات، في مؤامراتهم الصغيرة التافهة، التي تتبع خساراتهم في ألعابهم اليومية.
وما هي النتيجة التي أوصلك إليها صوابك يا أمريكا، وبم خرجت من كل جرائم وأخطاء قوتك التي ارتكبت بحق العراق وأهله؟ دكتاتورية جديدة وأشخاص مشوهون، وحالة مأساوية لا تدلل إلا على فداحة الوضع الكارثي الذي أوصلت العراق إليه، والمشكلة أن (صوابك الملعون هذا) لا يقودك لتصحيح هذا الوضع الكارثي، بل يدفعك لارتكاب المزيد من الجرائم بحق العراق وشعبه، حتى بعد اعترافك بخطئه.



#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حماس وقرار الحرب الفلسطيني
- طبقة سياسية هرمة
- الانتخابات العراقية والجهد المهدور
- صورة لعالم ما بعد الجائحة
- لو كنت فناناً
- وجه ألبير كامو اللئيم
- ساعة أمام المرآة يا عراقيين
- طرقة حذاء خروتشوف
- لا تختلي بجسدك... فأنت أقل من كلب
- النزول بصوت... كخدش ركبة
- النيازك تسقط لأسباب دراماتيكية
- الحب بلون أكبر
- طرف الدانتيل الأقرب للوقيعة
- الحياة لم يكن فيها جديداً
- نهرٌ ينتظر دخول الكادر
- أسباب العراق الطويلة... تتشبه بضفائر النساء
- الجانب الأيسر للقراصنة
- خرافات بحجمها الطبيعي
- مدخنة على قارعة البريد
- خارطة لتضاريس دم إمرأة


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي البدري - صاحب القوة هو الذي يحدد ما هو الصواب