أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الهلالي - الفيلسوف نيتشه: ما هي السعادة؟














المزيد.....

الفيلسوف نيتشه: ما هي السعادة؟


محمد الهلالي
(Mohamed El Hilali)


الحوار المتمدن-العدد: 6907 - 2021 / 5 / 23 - 17:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا تحتل مسألة السعادة مكانة مركزية في فكر الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه (1844-1900). ولا تحضر في فكر هذا الفيلسوف بكيفية منظمة كما نجد ذلك في فلسفة أرسطو وسبينوزا على سبيل المثال.
يتصورُ نيتشه السعادة، في مرحلة أولى، من خلال النفي والنقد. ويتم ذلك عبر مواجهته للتصورات التقليدية حول السعادة. فهو يتساءل عن مدى وجاهة ومشروعية ثلاث أطروحات في هذا المجال وهي:
1. السعادة هي الغاية السامية للوجود الإنساني.
2. السعادة قيمة أخلاقية في ذاتها وتنتج بالضرورة عن تصرف عاقل وفاضل.
3. السعادة مفهوم معياري يمكن تعريفه موضوعيا.
إن نقد نيتشه للجانب الغائي والأخلاقي والمعياري للسعادة هو مثال عن تصوره للفلسفة بصفة عامة. فهو يتصور الفلسفة كنشاط نقدي. ووظيفة النقد عنده هي "سبر أغوار الطاقة والإبداع". وهو أيضا الكشف عن "فراغ الماهيات" والأحكام المسبقة في الفلسفة، والبداهة الخاطئة للكوجيطو، والاعتقاد بوجود تعارض بين القيم، واحتقار الفلاسفة للجسد، وهو احتقار يكشف الشيء الكثير عنهم.
ومن جهة أخرى، اهتم نيتشه بتفاؤل الأنوار، وبالخصوص اهتم باليقين الذي رسخه كتاب ديكارت "الخطاب في المنهج"، ذلك اليقين الذي يرى أن نور العقل يسمح بتوفير شروط تحقق السعادة في هذا العالم. وسيتمم نيتشه في كتابه "Généalogie de la morale" هذا العمل بمساءلة الأفكار القبلية التي يقوم عليها الاعتقاد في العلم وفي الحقيقة. (ترجم حسن قبيسي هذا الكتاب تحت عنوان "أصل الأخلاق وفصلها"، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، 1981، وترجمه فتحي المسكيني تحت عنوان "في جينيالوجيا الأخلاق، دار سيناترا، 2010).
إن موقف الشك الذي تبناه نيتشه تّجاه فلسفة السعادة يجعله ينتمي لتراث آخر مختلف عن فلسفة السعادة، وهو تراث حديث: أي التيار الذي ينتمي إليه بليز باسكال (1623-1662)، وكانط (1724-1804) على سبيل المثال.
يلتحق نيتشه بباسكال وكانط من خلال ما عبر عنه من ريبة واحتقار للسعادة التي فُهِمَت على أنها تحقيق سامٍ للوجود الانساني. يرى باسكال (الذي يعتبره نيتشه مجسدا للمعارض الكامل) أن السعادة هي تلهية تصلح للتباهي يلجأ إليها الإنسان بسبب وضعه البئيس.
أما كانط فقد طرد السعادة من مجال التفكير الأخلاقي (في كتابه "Fondements de la métaphysique des mœurs"، ترجم عبد الغفار مكاوي هذا الكتاب تحت عنوان "تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق") لأنها تصور ملتبس وحسي ونسبي وذاتي.
لكن نيتشه يبتعد مع ذلك عن هذين الفيلسوفين (أي باسكال وكانط) باعتماده على حجج خاصة به يستعملها ضد فلسفة السعادة. ويتميز عنهما كذلك بكونه قدم تعريفا إيجابيا للسعادة. فالتقديرات الإيجابية لنيتشه تجاه السعادة، والتي تزخرف أعماله كلها، تحتل مكانة هامة بحيث لا يمكن اعتبارها هامشية، ولا تصنيفها ضمن الحِكم التي لا ترتبط بصميم فلسفته.
يوضح كتاباه "الفجر" و"نقيض المسيح" مبدأين أساسيين للسعادة وهما:
أولا: تصدر السعادة عن قوانين فردية بالأساس، فالسعادة هي التعبير عن الاستقلال الذاتي للفرد (يقول نيتشه في كتابه الفجر: "تصدر السعادة الفردية وفق قوانين خاصة يجهلها الجميع"، 108). وهذا يعني وجود عدد هائل من التعابير عن السعادة بقدر عدد الأفراد الموجودين (يقول نيتشه في كتابه الفجر: "لكي يجد كل فرد السعادة، ينبغي أن يجد تعبيره عن الحياة الذي يسمح له بتحقيق سعادته في حدها الأقصى"، 345).
ثانيا: السعادة هي التعبير الفردي الخاص عن فرضية نيتشه التي مفادها أن الواقع في كليته هو إرادة القوة، أي أن الإنسان هو سعادة نفسه. وبتعبير آخر، فالسعادة هي إرادة قوة الإنسان لتحيق وجوده وقوته. (يقول نيتشه في كتابه "نقيض المسيح": "ما هي السعادة؟ إنها الإحساس بتنامي القوة، والاحساس بمقاومة تم التغلب عليها"، 2).

- المرجع:

- Isabelle Wienand, dictionnaire Nietzsche, sous la --dir--ection de Dorian Astor, Robert Laffont, 2017

هامش:
للتفكير في مواضيع ذات الصلة:

https://www.facebook.com/hilaliphilo



#محمد_الهلالي (هاشتاغ)       Mohamed_El_Hilali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جون بول سارتر: -تأملات في المسألة اليهودية- كتاب يُحلل مُعاد ...
- كارل ماركس: حول المسألة اليهودية
- رسالة رولان بارت إلى المخرج والكاتب السينمائي أنطونيوني حول ...
- مصطفى الحسناوي: بين سبينوزا وبوكوفسكي
- مارسيل خليفة مغربي: محمد أزمي حسني
- مجلة الحرية تحميل
- حوار مع خديجة رياضي حول وضعية الحركات الاجتماعية بالمغرب أجر ...
- مِنَ العلمانية وإسْلام الحُكام إلى الإسْلام المُقاوم (قراءةٌ ...
- نقدُ الصّهيونية وتمْييزِها عنْ اليَهوديّة (حوارٌ ما بين أبرا ...
- هل يوجد حب بدون تضحية؟ (الحب من منظور الفلاسفة)
- عُقدَةُ النّقص وَدوْرُها في مُواجَهَة صُعوبات الحَياة
- ما مكانة مكيافيللي في سياسة الدولة المغربية؟
- السلطة في حياتنا اليومية: من يحكمنا؟
- المقاطعة الاقتصادية: السلاح الجديد في الصراع الطبقي
- صدور العدد 3 من مجلة الحرية (المغرب)
- التحليل النفسي والعلاج النفسي: الموضوع والمنهج والنتائج
- علاقة الفلسفة بالصحافة: الفلسفة صحافة راديكالية
- لِمَاذا اسْتولى الأشخاصُ الرّديؤون عَلى السّلطة؟ حوارٌ مع ال ...
- المدرسة اليابانية في عصر العولمة ريوكو تسونيوشي ترجم النص إل ...
- هل ينبغي تدريس الفلسفة لتلاميذ البكالوريا المهنية؟


المزيد.....




- إغلاق المخابز يفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، ومقتل وإصابة أل ...
- هل يهدد التعاون العسكري التركي مع سوريا أمن إسرائيل؟
- مسؤول إسرائيلي: مصر توسع أرصفة الموانئ ومدارج المطارات بسينا ...
- وزارة الطاقة السورية: انقطاع الكهرباء عن كافة أنحاء سوريا
- زاخاروفا تذكر كيشيناو بواجبات الدبلوماسيين الروس في كيشيناو ...
- إعلام: الولايات المتحدة تدرس فرض عقوبات صارمة على السفن التي ...
- الولايات المتحدة.. والدة زعيم عصابة خطيرة تنفجر غضبا على الص ...
- وفاة مدير سابق في شركة -بلومبرغ- وأفراد من أسرته الثرية في ج ...
- لافروف يبحث آفاق التسوية الأوكرانية مع وانغ يي
- البيت الأبيض: ترامب يشارك شخصيا في عملية حل النزاع الأوكراني ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الهلالي - الفيلسوف نيتشه: ما هي السعادة؟