أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علاء الدين عبد المولى - هواجس تحت النار 1 رسالة إلى الشاعر دومينيك دو فيليبان














المزيد.....

هواجس تحت النار 1 رسالة إلى الشاعر دومينيك دو فيليبان


محمد علاء الدين عبد المولى

الحوار المتمدن-العدد: 1634 - 2006 / 8 / 6 - 09:44
المحور: الادب والفن
    


رسالة من إلى الشاعر الفرنسي دومينيك دو فيليبان
نطالبكَ بالاستقالةِ من أجلِ الشعر
السيد الشاعر دومينيك دو فيليبان: إنها (الأرض الملتهبة)
تحية وبعد:
لا أتوجه إليك كرئيس وزراء لجمهورية فرنسا، جمهورية الحرية وعصر الأنوار وحقوق الإنسان، بل كشاعرٍ من شعراء فرنسا، من حيث أنك صديقٌ لعددٍ من المبدعين العرب، ومن حيث أنك تعتبر أن أرض لبنان العربي صديقةٌ لك، وأنك فضّلتَ أن تنشر في هذه الأرض الصديقة ديوانك المسمى (الأرض الملتهبة) وذلك ليصدر باللغة العربية حتى قبل أن تنشره بلغتك الأمّ الفرنسية، وشرحتَ ذلك بقولك أن "جذور هذا الكتاب تنغرسُ في أرض قريبة، في قلب تصدع يلهو فيه اليوم قدر العالم" أي أنك تعتبر الأرض العربيّة التي تحمل اسم لبنان مكاناً يلهو فيه قدَرُ العالم. وكما اعتبرتَ أن جذور هذا الديوان تنغرسُ هنا، اعتبرتَ أيضا أن ترجمةَ هذا الديوان إلى لغتنا العربية لا يعطي كتابك معنى آخر، بل تعتبر أن المعنى الأول، وليس الآخر لكتابك، يكمن هنا... وتتابع: " فهذه الكلمات جاءت من توقد اللهب، من عصف انهيار الهياكل، من تفسخ درب مشقوقة بين الأنقاض والحطام، من تشابك الفولاذ والإسمنت وركام الزجاج، من التزاوجِ الوحشي بين القوة والرعب. إذاً، هذه الصفحات من أجل أعراس أخرى."
من أجل كل ذلك أقول لك أيها الشاعر:
ها هي الأرض الملتهبة حقاً لا مجازاً ولا شعراً، واقعاً لا احتمالاً، هنا الآن تشتعلُ البربرية الإسرائيلية المعاصرة والممنهجةُ لتقتلَ عناصر الحياة من هواء وماء ونور ونبات، وقبل كل هذا وبعده: الإنسان، ها هي الأرضُ التي تعتدّ بصداقتها لك، تحترقُ وتتشقّقُ بين الأنقاض والحطام، ومن تشابكِ الفولاذ والاسمنت وركام الزجاج... كما تقول. ها هي اللحظة التي تستعاد فيها الأسئلة البديهية المتعلقة بحقّ البشر في الحياة الطبيعية، وتنفس الهواء ومراقبة الأزهار، والنوم بأمان والصلاة بعمق.
لقد قمتَ أيها الشاعر بزيارةِ هذه الأرض الملتهبة، ولا شَكّ رأيتَ صديقتك الأرض تقف على حافة الهاوية، بل تتدلّى منها نحو العمق البعيد والمرعب. ولا ندري إن كان الشاعر القابع خلف ثياب الديبلوماسية تحركت رؤيته العادلة في تلك اللحظة، ومن المفترض أن يكون الجواب نعم، لقد أطلّ الشاعر داخلك ليقول لك شيئاً ما، غير ما يقولُه السياسي الذي يتعاملُ مع الواقعِ من منظورِ المصلحة والعلاقات الموظفة في بنك الانتخابات والرهانات القريبة والزائلة...
ولأنني لا أطالبك بأن تكون شاعرا في منصب رئيس الوزراء، وألا تلقي قصائد في اجتماعاتك ولقاءات وزياراتك للمنطقة وسواها، ولكنني كشاعر أطالبك بأن تكون أميناً بينكَ وبين نفسكَ على انتمائكَ للفعل الشعري الذي يقتضي منك ألا تكون رئيس وزراء بل شاعرا فقط.
ولأنني أشعر من خلال مواقفك كرئيس وزراء بأنك تخون المعنى الحقيقي للشاعر، وتغضّ النظر عن الأرض التي تعطي كتابك معناه الأول، ولأنك أبصرت بعينيك كيف يتمّ التزاوج في أرضنا العربية، التي تحمل اسم لبنان، بين القوّة والرّعبِ...
لكل ذلك أطالبك بأن تتخلّى إمّا عن الشاعرِ، وإمّا عن رئيسِ الوزراء، ولأنني أعرف أن من المستحيل أن يستقيل شخصك الكريم من الشاعر، فإنني أرغب إليك أن تسجل موقفا تاريخيا ووجوديا ينسجم مع اسم الشاعر الذي تعرف أنه يتناقض بالمطلق معَ ما رأيته من أرض ملتهبة ووحشية ورعب ودمار، وأن تستقيل من منصب رئيس الوزراء وتعود للشاعر فيك حتى يقلّل من كمية الأسى والألم التي نشعر بها ونحن نراك سياسيا يناور ويجمّل مواقفه من أجل مصالحِه ورهاناته على حساب مصلحة الشاعر ورهاناته.
إن أرض لبنان أيها الشاعر ليست محرضا على اللغة الشعرية فقط، وليست ميداناً للمتعة واللذة فقط، وليست مكانا لتصفية حسابات السياسيين وزعماء العصابات الأنيقين، ولا أثرياء الطوائف والمذاهب... أرضُ لبنانَ أيضا وأيضاً وقفة أمام الضمير البشري المندثر، ضمير الغرب والحداثة البائسة التي تعجز نخبها الحاكمة وعسكرها عن اتخاذ رأي نبيل لإنقاذ ما تبقى من الأرض... أرض لبنان أيها الشاعرُ سؤال الإنسان البديهيّ عن معناه وجدواه ومستقبله وكرامته، سؤال الأطفال عن أبسط وأتفه الحقوق التي لو حرم من بعضها أطفالك في باريس لقلبت الدنيا عاليها سافلها. ولكن هنا أرضنا العربية حولها الغرب الحديث بقيادة الإمبراطورة أمريكا إلى أرخص مكان ينمكن أن يباع ويشترى في سوق الحروب... أرضنا أيها الشاعر الحديث بكائناتها الحية، مذبحٌ تنحر على أحجاره أجسادنا وتفزر فيه لحوم أطفالنا... هل رأيت الأجنة تنفزر من الأرحام؟؟؟ ما أنت قائل يا شاعرنا الحديث يا رئيس الوزراء الفرنسي؟؟؟ أتعجز عن أن تنطق بعبارة صريحة وواضحة فيها أمانة للشاعر؟ لماذا جئت إذاً؟ من أجل هدنة إنسانية؟ هل تعتقد أنك قمت بهذا بواجبك بشكل سريع وعابر؟؟؟ لبنان يا صديق الشعر والأرض العربية حقل اختبارٍ وجوديّ لم تنه بعد الآلة الحديثة القيام بمهامها التدميرية عليه... منذ عقود من الزمنِ ولبنان من رؤوس أغنام تذبح وتعلق على السلالم العالمية. وأنتم في حصنكم الحداثوي الغربي تقبعون وتتأملون...
لا نريد منك المعجزات... لأنك عجزت عما هو أقل من المعجزة، نريد منك فقط كشاعر أن تذوب حياء قليلاً من وقفتك المتصالحة مع انتهاز السياسي... لا تحول الشاعر إلى سمسار مواقف، ولا تذبح وردة الشاعر من أجل مستقبل ديبلوماسي...
أيها الشاعر الفرنسي، يا من تقول إنك صديقُ الأرض الملتهبة المحترقة، اخلعْ ثياب رئيس الوزراء وادخل من جديد في معنى الشاعر، وهذا من أجل التاريخ والقيم الجميلة المطلقة التي من الخيانة أن نتجاوزها ونقصيها بعيدا. كن قريبا من الحق، بعيدا عن تبرير الجحيم، لتعود الأعراس الأخرى لأرضنا العربية.
سورية – حمص – 22/7/2006



#محمد_علاء_الدين_عبد_المولى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أربعون الحصار 3
- أربعون الحصار 2
- 1أربعون الحصار
- صهيل كنعاني
- أشهد أني أموت
- أجنحة تطير ولا تطير
- نامت الأنثى / سافرت
- كيف تصبح شاعرا مشهورا في ستة أيام
- العرب والنموذج الأمريكي
- وليد معماري
- زفة بحرية
- غموض غير متععمد
- عن واقعية ماركيز وسحره
- الشاعر نزيه أبو عفش والبحث عن الجمال المفقود
- ياسمين على جبين ياسين الحاج صالح
- محاولة لتصحيح المعنى تحت المطر
- مفتاح آخر على باب سردابها
- الشاعر موحشاً
- رقصة على أرض موحشة
- من آناء الليل والنهار


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علاء الدين عبد المولى - هواجس تحت النار 1 رسالة إلى الشاعر دومينيك دو فيليبان