|
خبيران أوربيان في السلاح : إطلاق صواريخ حزب الله من الأماكن المأهولة أمر مستحيل تقنيا
نزار نيوف
الحوار المتمدن-العدد: 1633 - 2006 / 8 / 5 - 11:12
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
هل أطلق " حزب الله " فعلا صواريخه من أماكن مأهولة ، سواء في قانا أو غيرها ، وتسبب بالتالي في مقتل المدنيين اللبنانيين بالقصف الجوي الإسرائيلي الذي استهدف منصات الإطلاق !؟ هذا ما ادعته إسرائيل ، ومعها " سفيرها " في الأمم المتحدة جون بولتون الذي يعمل في أوقات فراغه سفيرا لبلده ـ الولايات المتحدة! أن تدعي إسرائيل ذلك ، ومعها الولايات المتحدة ، فذلك من طبيعة الأشياء . فالجريمة التي حصلت في "قانا" تحتاج إلى " تبرير" .. أقله أمام الرأي العام العالمي . هذا على الرغم من أن ما حصل في قانا هو ما يحصل يوميا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان ، وبالذريعة نفسها ، مع فارق واحد : القتل في " قانا" كان قتلا بالجملة ، فيما القتل الآخر بـ " المفرق" أو بـ " القطاعي " كما يقول أشقاؤنا المصريون ! في الواقع ، المشكلة ليست فيما ادعاه قادة إسرائيل و " سفيرهم " في الأمم المتحدة . فهذا من طبيعة الأشياء كما قلنا . المشكلة هي في قطاع واسع من الكتاب والمثقفين والصحفيين العرب ، وعلى رأسهم " الليبراليون الجدد" ( على وزن " المحافظون الجدد " !) الذين راحوا يرددون التبرير الإسرائيلي ببغائيا ، لا لشيء إلا لأنهم يكرهون حزب الله أو حسن نصر الله أو الشيعة أو الفكر الديني الإسلامي عموما ، أو كل هؤلاء جميعا ؛ فقرأنا عشرات المقالات لليبراليين العرب الجدد بدا الأمر منها كما لو أنهم شهود عيان على " جرائم " حزب الله في إطلاق صواريخه "من أماكن آهلة بالسكان" . وبعضهم تستشف من مقالاته أنه يعيش في جنوب لبنان وليس في فرنسا أو بريطانيا أو الولايات أو كندا ! ذلك على الرغم من أن تقريرHuman Rights Watchالأميركية ، وهي المنظمة الدولية ـ المرجعية في شؤون التحقيق بجرائم انتهاك حقوق الإنسان وجرائم الحرب ، وقد قامت بتحقيق ميداني على الأرض ، أكد على أنه ما من دليل واحد يشير إلى أن مقاتلي حزب الله أطلقوا صواريخهم من البناء الذي وقعت فيه مذبحة قانا الثانية ، وهي بالمناسبة المذبحة الجماعية رقم 71 في تاريخ الدولة العبرية ! وذهب تقرير هيومان رايتس ووتش الصادر يوم أمس (1) إلى أبعد من ذلك في التفصيل حين أشار إلى أن جميع حالات القصف الإسرائيلي التي ذهب ضحيتها مدنيون لبنانيون ، والتي حققت فيها المنظمة حتى الآن منذ اندلاع المواجهة ، تؤكد أنه " ما من دليل أبدا يدل على وجود نشاط عسكري لحزب الله داخل أو في جوار هذه المناطق ، سواء قبل الاستهداف الإسرائيلي أو خلاله " . وأكدت المنظمة في تقرير من خمسين صفحة حمل عنوان " الضربات القاتلة : هجمات إسرائيل العشوائية ضد المدنيين اللبنانيين " ، والذي حقق في 20 حالة استهداف موثقة حتى الآن بما فيها مذبحة قانا ، أن " نمط الهجمات (الإسرائيلية ) يدل على لامبالاة قواتها المسلحة لأرواح المدنيين اللبنانيين. إن أبحاثنا تشير إلى أن الزعم الإسرائيلي بأن مقاتلي حزب الله يختبئون بين المدنيين لا يقوم بشرح، ناهيك عن تبرير، أسلوب القتال الإسرائيلي العشوائي". وقال مدير المنظمة كينيث روث " إن الصورة التي تسوقها إسرائيل لهذا الاحتماء ( المزعوم لمقاتلي حزب الله وسط المدنيين) على أنه السبب وراء حجم الخسائر المدنية الطائلة غير صحيحة. لا توجد أي علاقة بين مواقع مقاتلي ومعدات حزب الله والقتلى المدنيين في أي من حالات الخسائر المدنية التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش، وذلك لانعدام وجود حزب الله( في المناطق التي قصفتها إسرائيل )" . وأكد التقرير على أنه " لم يتم العثور في أي من الأماكن المدنية المستهدفة التي حققت فيها المنظمة على أي بقايا عتاد عسكري أو أي جثة لمقاتل من حزب الله " . وفيما يتعلق بالملابس العسكرية التي تميز المقاتلين ، قال كينيث روث " إن التحقيقات المصورة أثبتت أن مقاتلي حزب الله يرتدون زيا عسكريا مميزا . وحين ينهون أعمالهم القتالية ويذهبون لاستراحة أو إجازات لزيارة أهاليهم أو للقيام بأعمل يومية غير عسكرية فإنهم يرتدون زيا مدنيا كما يفعل أي عسكري في جيش نظامي محترف " . وأوضح التقرير أن " فشل إسرائيل في التمييز بين المدنيين والمقاتلين لايمكن تعريفه كخطأ . كما لا يجوز إلقاء اللوم بشأنه على عاتق ممارسات خاطئة مزعومة من قبل حزب الله . وفي بعض الحالات تشكل تلك الهجمات (الإسرائيلية) جرائم حرب ". تقرير هيومان رايتس ووتش لم يكن بالإمكان أن يخرج إلا على هذا النحو . ليس لأنها منظمة نزيهة فقط ، ولا لأنها المنظمة الدولية الأكثر احترافا ومهنية وخبرة في مجال التحقيق بجرائم الحرب والتعذيب فقط ، بل لأن الأسلحة الصاروخية التي يستخدمها حزب الله، والتي تدعي إسرائيل أنها تطلق من بين المدنيين ، لا يمكن من الناحية التقنية أن تستخدم من أماكن مأهولة ! هذا الكلام ليس لنا ، بل لاثنين من أشهر خبراء السلاح في أوربا : جان باسكال زاندارز ، الخبير البلجيكي الذي يعمل مستشارا لدى المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم ، والضابط الإرلندي السابق توم كلونان ، الذي يعمل محللا عسكريا لدى كل من منظمة العفو الدولية و صحيفة Irish Times ، والذي عمل محققا في العراق ويوغسلافيا السابقة ، ويعمل الآن محققا في لبنان . جان باسكال زاندارز ، الذي طرحنا عليه سؤالا يتعلق بادعاء إسرائيل أن حزب الله يستخدم مناطق مأهولة لإطلاق الصواريخ ، قال : " إن المعلومات المتوفرة لنا حول أنواع الأسلحة الصاروخية التي يستخدمها حزب الله ، وحول منصات إطلاقها ، تشير إلى أنه من غير الممكن استخدامها من مناطق مأهولة أو مغلقة " . وأضاف زاندارز " إن جميع الأسلحة الصاروخية المستخدمة حتى الآن من قبل حزب الله ، وفق ما ذكرته التقارير الميدانية ، بما فيها الإسرائيلية ، تحتاج إلى أماكن مفتوحة كليا . وحتى بافتراض استخدامها من شوارع وأزقة في مناطق مأهولة ، فإنها تحتاج لفترة من الوقت لإخفائها أو نقلها من المكان أكثر بكثير من الوقت الذي تحتاجه القوى الجوية الإسرائيلية لقصفها . وتتضح هذه الصورة بشكل أكبر إذا علمنا أن طائرات الإستطلاع الإسرائيلية موجودة في السماء على مدى أربع وعشرين ساعة كاملة ، وتستطيع التصوير وإعطاء إحداثيات الهدف والأمر لسلاح الجو بتدميره خلال فترة تتراوح ما بين دقيقتين إلى ثلاث على الأكثر . أما نقل أصغر منصة إطلاق صواريخ يستخدمها حزب الله ، أي تلك التي تحتاج إلى طاقم من شخصين فقط ، فإنها تحتاج ما بين 20 إلى 30 دقيقة على الأقل لنقلها وإخفائها . وعلى العموم ، لم تستطع السلطات العسكرية الإسرائيلية حتى الآن تقديم إي إثبات مصور يشير إلى استهداف منصة موجودة بين المدنيين المستهدفين " . أما توم كلونان فأكد ما قاله زاندرز ، وذهب إلى أبعد من ذلك في التفصيل التقني . وذلك بحكم كونه ضابطا سابقا متخصصا في شؤون أسلحة المدفعية والأسلحة ذات الدفع الصاروخي . وقال كلونان " إن جميع الصواريخ التي يستخدمها حزب الله ذات انفجار خلفي مثل جميع الأسلحة الصاروخية الأخرى ، سواء أكانت فردية أم ثقيلة . وهذا النوع من الأسلحة لا يمكن إطلاقها إلا من أماكن مفتوحة . وأضاف كلونان " إن طاقم منصة إطلاق الصواريخ سيقتل على الفور ، وربما سينفجر الصاروخ قبل إطلاقه ، إذا تم الإطلاق من مكان مغلق كمنزل أو مسجد أو مدرسة كما تدعي إسرائيل" . وفصّل كلونان " إن معظم الصواريخ التي يستخدمها حزب الله ، وبشكل خاص المتوسطة والبعيدة المدى ، محمولة على شاحنات أو آليات ذات دفع رباعي يديرها طاقم لا يقل عن ثلاثة أو أربعة أشخاص. وهذه المنصات لا يمكن إخفاؤها بسرعة في قرية صغيرة مثل قانا ، كما أنه لايمكن إخفاء شاحنة تطلق الصواريخ بسهولة في منزل كالذي قصفه سلاح الجو الإسرائيلي في هذه القرية " . وقال كلونان " إن طائرات الاستطلاع التي تستخدمها إسرائيل من طراز MK تستطيع أن تحدد هدفا بوضوح مطلق لا تزيد مساحته عن 50 سنتيمترا مربعا ، فيما تستطيع الصواريخ التي يستخدمها سلاح الجو أن تصيب بدقة متناهية هدفا في مساحة لا تتجاوز 50 مترا مربعا ، أي أصغر من مساحة منزل صغير ، وبنسبة خطأ لا تتجاوز خمسة أمتار . كما ويمكن لطائرات الاستطلاع هذه أن تعرف محتويات منزل تتراوح سماكة جدرانه 30 سم من الاسمنت المسلح ، ومحتويات سيارة مغلقة تتراوح سماكة جدران هيكلها بين 15 ـ 20 سم من المعدن . فهي تعمل بطريقة جهاز الرنين المغناطيسي المستخدم في التصوير الطبي . ولذلك فإنه يمكن القول بثقة مطلقة إن جميع الأهداف المدنية التي استهدفها سلاح الجو الإسرائيلي كانت مقصودة تماما . وهو ما أكد عليه خبراء هيومان رايتس ووتش أيضا" . وقال كلونان " بإمكان قادة الجيش الإسرائيلي أن يتلاعبوا بعقول الناس العاديين ، وحتى بعض الصحفيين غير المؤهلين فنيا أو أخلاقيا ، حين يتعلق الأمر بادعاءاتهم حول استخدام حزب الله أماكن مأهولة لإطلاق الصواريخ ، ولكن لا يستطيعون القيام بذلك مع خبراء السلاح . وعليهم بالتالي أن يقدموا تبريرات تقنية يقبلها العقل وليس الناس العاديون أو الغوغاء أو الصحفيون غير المؤهلين مهنيا وأخلاقيا ". مع كتابة الفقرة الأخيرة من هذا التقرير ، كانت شبكات التلفزيون العالمية تنقل وقائع المجزرة رقم 71 في تاريخ الدولة العبرية ، وهي المجزرة التي وقعت قبل ساعة من الآن في البقاع اللبناني ، والتي راح ضحيتها حتى الآن 30 قتيلا وأكثر من 11 جريحا جميعهم مزارعون لبنانيون وأكراد سوريون وصف العميد درويش حبيقة ، مسؤول الدفاع المدني ، أشلاءهم بأنها " كبّة مدقوقة " حسب التعبير اللبناني الشعبي . أما ذنبهم الوحيد فهو أنهم كانو يشحنون " قذائف كاتيوشا " مصنعة من البطاطا والخس والفجل والبصل الأخضر إلى أسواق الهال في بيروت وزحلة وبعلبك ! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)ـ النص الكامل لتقرير هيومان رايتس ووتش : http://hrw.org/reports/2006/lebanon0806/ (2)ـ للإطلاع تقرير تقني كتبه توم كلونان لاحقا حول الأسلحة الصاروخية لحزب الله ، راجع الرابط التالي :
#نزار_نيوف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تقرير أميركي مصور يثبت استخدام إسرائيل الأسلحة الكيميائية وا
...
-
سلوى .. أمي التي رحلت
-
الفوتومونتاج الخلاعي : آخر ابتكارات دمشق في محاربة معارضيها
-
الديغوليون الفرنسيون وظاهرة ال -Ramization -السورية
-
كافتيريات يامن حسين .. الوطنية !
-
ست سنوات على رحيله : حافظ الأسد الحيّ فينا ومعنا !
-
فقيد - الجزيرة - الكبير !!
-
ثورة سمير قصير المغدورة والتيرميدور اللبناني !
-
النص الكامل لتقرير الرقيب نضال معلوف رئيس مخفر - سيريا نيوز
...
-
قانون - الحسبة البعثية - في سوريا : محامون سوريون يتقمصون ال
...
-
أدلّة علمية جديدة تثبت إمكانية حلْب التيس !
-
علويّون مرّيخيون، وتاريخ حَيْزَبوني !ملاحظات برسم طريف العيس
...
-
مشروع قرار في اليونيسكو لوضع النظام السوري على قائمة المحميا
...
-
دمه لنا .. ودمه عليهم!..فليتوقف كل طعن بميشيل كيلو وكل نقد ل
...
-
توضيح خاص بشأن اجتماعي المزعوم مع عبد الحليم خدام !
-
كي لا تتحول المعارضة إلى مزبلة لنفايات النظام ، وكي لا تصدر
...
-
أربعة وجوه لدمشق : عبد العزيز الخير ، ديتليف ميليس،عبد الكري
...
-
صفحات مجهولة من سجلات الدم والفساد في سجن المزة
-
كيماويات شهود علي الكيماوي !
-
إلى أي مدى يمكن أن يكون نشر تجربة الاعتقال أمرا مفيدا قبل سق
...
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|