أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سامى لبيب - لا أريد أن اكون إلهاً..أريد أن أعيش كإنسان فذاك أفضل جدا .















المزيد.....



لا أريد أن اكون إلهاً..أريد أن أعيش كإنسان فذاك أفضل جدا .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 6897 - 2021 / 5 / 13 - 22:46
المحور: كتابات ساخرة
    


- لا أريد أن اكون إلهاً - الجزء الأول .
- خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (94) .

أيقظتني زوجتي فى ساعة مبكرة من صباح أمس لتقدم لي قهوتي المعتادة عند إستقبال مشهدي الأول من الصباح , لتفاجئني بخبر مدهش وسار حسب قولها لأسألها ماهو وأنا أكاد أفتح عيوني لتقول : بالأمس نشر الإعلام المرئي والمقروء خبر بمنح فرصة أن يكون الإنسان إله عن طريق مركبة فضائية تخترق حاجز الزمان والمكان مع منح من يقع عليه الإختيار options لكل خصائص وصفات وقدرات الإله , لتكمل لذا تقدمت بطلب بإسمك لتكون إله ولك أن تتصور حظك الرائع , فأنت الفائز فى هذا السحب الذي ضم عدة مليارات من البشر .
صعقت من هذا الخبر وغرابته فلم أتمالك نفسي لأشعل سيجارة ثانية ولأقول لها لماذا تقدمتي بطلب دون إستشارتي فقالت : أردت أن أفاجئك فهل أنت مستاء من هذا العرض , وهل لا تأمل أن تكون إله فهل يسيئك هذا ؟! فأى إنسان يتمني أن يكون ملاك , فمابالك لو كان إله له كل العظمة والتبجيل والقدرة .
مازلت فى حالة من الدهشة الهائلة لأشعل سيجارتي الثالثة لأفكر مليا بصوت مسموع وأقول وما المانع من خوض هذه المغامرة المدهشة , فلماذا لا أجرب حياة الآلهة لتسارع زوجتي وتقول حسنا سأجهز شنطتك لهذه الرحلة التى ستقلع مساء اليوم لأسألها شنطة إيه , قالت بيجامة وملابس داخلية فهل تظن أنك ستكون بلبوس في السماء .. أبتسم وأطلب منها أن تضع بعض علب السجائر فليس مضمون أن أجد سجائر هناك .
بالفعل إنطلق المكوك الفضائي فى ميعاده مخترقاً حاجز الضوء والزمان والمكان لأجد نفسي في نقطة خارج الزمن والوجود فيبدو أن المركبة الفضائية هبطت قبل الوجود فلا وجود لكون ولا أجرام ولا لملائكة لأكون منفرداً وحيداً .

المشهد الأول : لا أريد أن أعيش وحيداً .
إنتابتني حالة من الوحشة الشديدة فأنا مُنفردا فى لا وجود وأشياء , فأنا والفراغ لأجد نفسي أحيا حالة من الصمت والسكون التام والملل الرهيب .. لأشعر بقبح هكذا وجود فقد صرت مسخاً بلا هوية ولا ملامح ولا مكان ولا تاريخ , فأنا فاقد الإحساس لعدم وجود أشياء ووجود لأري نفسي صفحة بيضاء خالية من أى ذكري وذكريات فأنا لا أمتلك أى ذاكرة بحكم وجودي مع الفراغ , كما أفتقد تماماً القدرة على التفكير فليس هناك وجود وأشياء لتطلق ملكات الذهن فى التفكير والخلق والتصميم والإبداع .
أحسست بوحشة وجودي كإله وسط هذا السكون والفراغ والصمت الرهيب لأحس وأفهم معانات الآلهة لأندم علي إقدامي علي تجربة أن أكون إله وأدرك تعاسة فكرة الإله الوحيد فى الفراغ .
ألمح بند فى كراسة المواصفات أن الإله يكون متفرداً منفرداً لا يكون له زوجة ولا حبيبة ولا ولد ..لا يكون له صديق ولا ونيس يحاكيه ويسامره فلن يكون هناك أحد فى مقامه ليجالسه ..سيكون الآمر الناهي فقط ولن يُسمح لأحد أن يكون له صديقاً أو حبيباً يتشاور معه فهكذا الآلهة سرمدية أزلية قبل كل الوجود ليست فى حاجة لأحد ولا يدنو من مقامها أحد .
ألمح شرح تفسيري فى كراسة العقد يفسر أن الإله يجب أن يعيش وحيداً , فيستقى مثالاً من الميثولوجيا الدينية التى تعلن أن الإله كائن قبل الكل .. أزلي أبدى وهذا يعنى أنه كان وحيداً منفردا ً منذ الأزل بلا صاحب ولا ونيس ولا خادم يؤنس وحدته .. فحتى الملائكة والشياطين والعفاريت لم تكن متواجدة معه منذ الأزل , فلو تواجدت فهذا يعنى أنها ليست مخلوقة وتنافسه فى الألوهية .!
يااااه أن اكون إلهاً وحيداً منعزلاً لا أتحدث مع أحد ولا أتواصل مع أحد .. أعيش وحيداً مع ذاتى بلا ونيس ولا رفيق ولا حبيبة ولا قضية , فبئس وبؤس هذه الحياة حيث الوحدة والفراغ فلن أجد من أحكى معه يشاركنى الحياة بكل ألوانها , فكيف أعيش الحياة فى تلك العزلة الشديدة إنه الموت بعينه .. لا أريد أن أكون إلهاً .
بالفعل يكون الإنسان بضعفه وهوانه أفضل من فكرة إلهه التي منحها كل العظمة والتبجيل , فهو يحس ويفرح ويحزن ويعيش الحياة بكل آلامها وفرحها من خلال هذا التفاعل الجميل والثرى مع الآخر .. أن نجد من ينافسنا ويؤلمنا أفضل كثيراً أن نعيش فى الفراغ بلا أحد , بل من يصيبنا بالألم ويتناحر معنا سيعطي معنى لوجودنا وسيمنحنا متعة الحياة بألوانها المختلفة حيث نحس بقيمة الحياة موضع التنافس .. لا أعرف العيش الحياة منفرداً وحيداً مغترباً .. لا أعرف العيش فى فراغ وعدم بلا حبيب ولا ونيس .. أنه الموت بعينه .

المشهد الثاني : أنا والخلق ونرجسيتي .
فى ظل حالة المسخ والتيه والفراغ الذي يعتريني أستعير ملكات ذهني على الأرض بحثاً عن حل يخرجني من حالة الصمت والسكون والملل الذي يغمرني فأقرر أن أخلق الملائكة أولا ليس لمساعدتى بل لأستمتع بوجود موجودات غيري ولكن نرجسيتي وعبادتي لذاتي جعلني أبرمجهم على أن يعبدونني ويسبحون بمجدي ليل نهار لمئات المليارات من السنين رغما عن أنوفهم .
أصابني الملل والإحساس بنفاق ورياء الملائكة ولكن لهم عذرهم فأنا خلقتهم مبرمجين هكذا بلا إرادة , لذا فكرت أن أخلق الإنسان الذي منحته الحرية والإرادة لأطلب منه أن يعبدني ويسبحني طوال حياته ولكن لن أترك الأمور لمزاجه وحريته بلا قهر , فله أن لا يعبدني ولا يسبحني ولا يمجدني ولكني سأنفخه وأعده بعذاب أبدي لا نهائي في جحيمي التي برمجتها لتستوعب البشر طالبة المزيد .. أراجع نفسي وأحس بقبح المشهد فنرجسيتي هي الباعثة لفكرة خلق الملائكة والإنسان !

المشهد الثالث : أنا والكرسي والعرش .
فكرت فى الخلق ولكن قبلها قررت أن أصنع كرسي وعرش فكيف أكون إله بدون عرش وكرسي ولكني أحسست فى داخلي بسخافة أن أصنع عرش يحمله ثمانية من الملائكة الأشداء الحفاة سوي أنني إستعرت هذا المشهد من معرفتي للغيب , فالبشر هكذا يصنعون لملوكهم وسلاطينهم عروش وكراسي لينسجم هذا مع نرجسيتي ولكني مازلت أقف مستغربا من هذا المشهد , فالمُفترض أني إله لا أحتاج لكرسي للجلوس ولا عرش ولا لتلك المشاهد البشرية , علاوة على أن عملية حمل الملائكة لعرشي مشهد شديد السذاجة فهذا يعني أنني والعرش معرضون للجاذبية لتحمل الملائكة العرش لتحوله دون السقوط لأحس أنني عاجز أمام قوانين الطبيعة , كما أني إستعرت مشهد بشري من الغيب فداء إحساسي بالعظمة لأستخف بهذا المشهد الغبي , فالعظمة لمن عندما اكون أنا والفراغ !!

المشهد الرابع : أنا خلقت لأتسلي .
تأتي فكرتي للخلق ليست بغية بث الحياة ولكن لإيجاد موجودات أتسلي بحراكها ورصدها وأفرض مشيئتي وإرادتي عليها راغباً أن يكونوا مبرمجين رغماً عن أنوفهم فلا تسقط حبة تمر إلا بإذني كذا تكون شعور رؤوس البشر مُحصاة ولا مانع من رصد عدد القمل فى كل رأس !
لا اعرف لماذ خلقت فى لحظة ما وليس قبلها ولا بعدها فهذا يعني أنني واقع تحت تأثير ظروف فرضت لحظة الخلق ولكن للأسف لا أعلمها فأنا صرت مبرمج وفق القوانين الطبيعية , كما لا أعرف حتى الآن كيف تم الخلق من العدم فلا وجود لعدم كما أن المادة لا تخلق ولا تستحدث ولا تفني للعدم .

المشهد الخامس : معرفتي الصماء .. لا أريد أن أكون أرشيف .
حسب options الإله فستتحقق ألوهيتي بأن أكون عارفاً ملما ًبكل شئ سواء ما كان وما سيكون .. سأمتلك كل المعرفة فلن يوجد شئ سينقصني ولن تُخفى عنى شاردة ولا واردة , سأدرك ما هو قادم لأراه يتحقق أمامى كما أعلمه .. لأكون فى حالة من التشبع المعرفى بلا معني ولا جدوي فلا يكون هناك سؤال لا أدركه ..أو فكرة لم أكتشفها ..أو معلومة تائهة غير مُدركة.. سأعلم ما فى الكتب والصحيفة قبل أن أقرأها , سأُدرك الحدث بكل تفاصيله قبل وقوعه , ولن يوجد شئ جديد أود معرفته لأن كل الأشياء مَعلومة ومُدركة .. سأعلم عدد البيض فى بطن كل سمكة لكل تريلونيات الأسماك فى المحيط , كذا عدد القمل والبراغيت فى العالم وأيها ذكر وأيها أنثي بل ميعاد نكاح كل حيوان وحشرة .
تأملت هذه الميزة فوجدتها ليست بذات معنى بل تنال منى أكثر ما تضيف .. أحسست انني فى هذه الحالة سأكون بمثابة أرشيف أو c.d كبير مُخزن عليه المعلومات بشكل هائل بلا أى معنى ولا جدوي , فما قيمة أن أعرف عدد البيض فى بطن كل سمكة فهل ستكون وظيفتي أن أراجع عدد البيض وأراها تتطابق مع معرفتى ؟!.. ما معنى أن أشاهد أفلامي القديمة مرة ثانية أمام عيوني وأنا مُدرك كل القصة والسيناريو والأحداث والكادرات فأجدها كما أعرفها لم يختل فيها شيئا ولم يعتريها التغيير.!.. ما شأنى بعدد البيض فى بطن سمكة أو ذبابة فهل أحصر ممتلكاتي أم أدخل إمتحان يطالبني بإلإجابة على هذه الأسئلة التافهة ! .. ما هذا ؟! .. هل أسعى ان أكون أرشيف ؟!.. وهل هذه الحالة من اللامعنى والإستاتيكية الشديدة جديرة بالحياة ؟!
نجد متعتنا فى الحياة فى كشف الغموض والتغلب على مساحات جهلنا .. تتحقق حيويتنا بفضولنا المعرفي والبحث فى المجهول عن أجوبة لأسئلتنا الحائرة المفيدة لتتحقق السعادة فى إزاحة الغموض والحيرة عن شئ نجهله لنستمر فى الغد بالبحث ثانية عن سؤال جديد يبحث عن إجابة .. سعادتنا فى خلق الإثارة .. أن نعيش كالنهر لا يجرى فيه الماء مرتين حاملاً دوماً فى سريانه الجديد ... أما أن نجد أنفسنا ليس لدينا سؤال فكل شئ معلوم لا يقبل الإستفهام , فكل ماهو قادم نعرفه كأنه أمامنا بلا اى تغيير أو تعديل فهذا هو الجمود بعينه بل ستتم الأمور قهرا ورغماً عن كل الأنوف .. أن نجد الحياة بهذه الحتمية والصرامة , فكل شئ يسير على قضبانه بدون تغيير ولا تبديل ولا جهل لنكون أمام الموت بعينه .
الإنسان يحاول أمتلاك المعرفة والعلم ليست بغية أن يزين بها دماغه , كما لا يفيده أن يحصل على معلومة ليست لها قيمة , فالمعرفة تأتى من الحاجة لها وليس لمجرد إكتناز المعلومات كأرشيف بل يكون الهدف تطوير الحياة إلى الأفضل والأحسن ليسعى إليها .. فبالعلم والمعرفة وتراكمهما ينتقل الأنسان من حالة البدائية إلى الحضارة والتقدم وخطوة نحو حياة أفضل أكثر سعادة .. ولكن وضعيتى كإله فى غير حاجة للتطور والتقدم , فحسب كراسة المواصفات المرفقة بالعقد أن الإله كامل لا يتغير ولا يتبدل , فالتطور والتقدم تعنى صفة نقص لا تتوافق مع الإله , أذن ما أهمية العلم الإلهي .؟!.. يبقى العلم والمعرفة الإلهية مجرد قرص مدمج يحوى معلومات غير فاعلة أو متفاعلة ولا قادرة على إضافة شئ بل هي بلا أى جدوي .!
من هنا أرى أن حياتى كإنسان ببحثي الدؤوب نحو المعرفة أفضل حالاً .. أن أعيش الحياة بكل جديدها وحيويتها وصراعها وغموضها وأسئلتها ومفاجآتها لهو شئ رائع ..أن أمتلك كل يوم شئ جديد أضيفه لحياتى فأتبدل من حال إلى حال وأتحرك وأصعد السلم لأتعثر حيناً وأخفق حينا فليس من مشكلة ليبقى هناك فعل حركة وحيوية بدلا عن هذا الموت والسكون .. أن أتعلم من الطبيعة قوانينها ولا أجلس أعد بيض السمك .. بئس الحياة من غير رغبة وشغف وصراع وحركة وغاية .. عذرا لا أريد أن أعيش كالآلهة .. أريد أن أعيش كإنسان .

المشهد السادس : لا أريد أن أكون راصداً مترصداً سادياً .
من مواصفات الألوهية أن أكون راصداً للبشر أرقب حركاتهم وسكناتهم عن طريق جيش من الملائكة لتسجل كل شاردة وواردة عن هذا المراهق الذي يُقبل بنت الجيران وذاك الذي يسرق رغيف خبز وتلك التى تسير فى الشارع بلا غطاء للرأس , وذاك الصبي الذي يكذب على أبوه مدعياً أنه لا يشرب السجائر ,وذاك الشيخ الذى يساعد المحتاج , لتسجل ملائكتي كل هذا التهافت فى مدونة تكون شاهدة عليهم يوم القيامة .
أرى فى بنود العقد صياغة جديدة سطرها اللاهوتيون فى أن أتولى بنفسى عملية مراقبة مليارات البشر ليس لعدم ثقتى فى الملائكة ولكن لأن عدم المراقبة والرصد ستقوض من صفة العَارف المُلم بكل شئ , فمعنى تولى الملائكة فعل المراقبة والرصد يعنى جهلى بما تم تدوينه فتكون المعرفة فى حوذة الملائكة .
حسنا سأتولى أنا عملية الرصد بالرغم انها مُرهقة وسخيفة وسأتحقق من أن كل فعل إنساني تم حسب ما هو مدون فى مدونتي التى سجلت فيها كل واردة وشاردة لمليارات البشر قبل الوجود لأجدهم يحققون ما فى معرفتي المسبقة فلن يجرؤ أحد ان يخطو خطوة واحدة خارج ما رسمته وقدرته له ليحقق مشيئتي وقدرى ومعرفتي المطلقة أن تُمس أو تُنتهك .. سأتولى عملية الحساب والعقاب الذى أعلم مسبقاً مصير كل إنسان قبل أن يلقح أبوه أمه لأتأكد أن معرفتي لم تختل لأسلمه بيدى لباب الجحيم أو الجنه .. ولكنى أندهش من شئ فى هذه المنظومة فلماذا الرصد والتدوين والمراجعة طالما أنني اعرف القرار النهائي بالجنه أو الجحيم مُسبقاً فلما هذه الجلبة , فهل أنا مُكلف بهذا وهل يراقبني ويحاسبني ويجادلني أحد .!
تتحرك الصور أمامي لتري ثوار شباب التحرير فى الميدان المقابل لكرسي العرش وهم يعلنون غضبهم على أحكامي وأقداري ليصرخون ويقولون كيف نُحاكم ونأخذ عقوبات لا محدودة على أفعال تمت فى مدة محدودة من الزمن فأى عدل هذا ؟! .. هل نحن إخترنا إيماننا وديننا والبيئة التى نشأنا فيها والظروف التى أحاطت بنا ؟!.. هل إستخدمنا عقول غير العقول التى وهبتنا أنت إياها أليست هى صنيعتك .؟!
أجد أنه يتجاوزون الحدود فأوصى بجهنم مخصوص لشرذمة المشاغبين تلك وأقول لهم : هل تظنون أنكم تتعاملون مع أنظمة الحكم وأجهزة أمن الدولة فى بلادكم فهى بائسة أما أنا فإله جبار , هل تتصورون أنني أسمح بالحرية والديمقراطية وكل هذا الهراء , أنا الإله المتكبر الذى سيذيقكم العذاب والنار المتقدة فى بحيرة النار والكبريت مع جرعات من الزقوم والرصاص دون أن يحاسبني أحد .
أفيق من هذا المشهد وأعاتب نفسى علي ما قلته , فما هذا الذي أفعله من ديكتاتورية وصلف , فالمُفترض أنى خلقت هؤلاء البشر ومنحتهم عقولاً أدرك ما هى حدودها بل وضعتهم فى بيئة شكلت إيمانهم وأديانهم وثقافتهم وسلوكهم ليخطوا خطوطهم فى الحياة , والغريب أننى أعلم مصيرهم قبل ان يكون لهم وجود , فلما هذه الجلبة وكيف أكون عادلاً بمحاسبة الإنسان بعقوبة غير محدودة على أفعال محدودة زمنياً !!... ما هى هذه القسوة والغطرسة التي تعتريني فأنا منحت إبنى على الأرض كل الحب والعطاء والأمان والدفء مذ كان طفلاً فلم أمارس عليه دور الوصاية والقهر فتركته يعيش الحياة فلم اقف راصداً مترصداً لكل سلوكه بل ترفقت به وإحتضنته وقدرت ظروفه .. يااااه كم وظيفة الإله هذه قاسية مُجحفة ومُتكبرة بلا مبرر .. لا .. لا أريد أن أكون راصداً مترصداً قاسياً سادياً .. لا أريد ان اكون ديكتاتورياً نرجسياً .. لا أريد أن أكون إله فإنسانيتي المترفقة أفضل جداً .

المشهد السابع : أنا والمجد والإمتلاك والغِني .
وأنا جالس على العرش أجد الملائكة تمجدني مرنمين على الدوام : المجد والملك لك يارب مالك السموات والأرض , لأستاء من تكرارهم الرتيب وأقول كيف تحمل الله القديم كل هذا الملل والنفاق .. كما جاء فى ذهني تأمل : ماذا تعني الملكية والغني وأنا لوحدي وحيدا متفردا لا ينافسني أحد ومن هنا لست مقتنعا بقول مالك السموات والأرض , فالملكية تعني الإشهار عندما يكون هناك منافسين لأتذكر قصة هذا المخبول الذى وجد نفسه وحيداً فى الأرض ليجري صارخا : كل هذه الأراضي والمزارع والجبال ملكي !
أنظر فى بنود عقد الألوهية لأرى المميزات فأجد بند ينبئنى أننى سأكون كاملاً غنياً عظيماً بلا حاجة ولا نقص فكل الأمور ستكون فى حيازتى ولن ينقصنى أى شئ فهكذا هى الآلهة .. يُفترض أنها ميزة عظيمة أن أكون هكذا , لأرتشف قهوتى الثانية وأشعل سيجارتي وأعزم على التوقيع بالموافقة على هذا البند .. وفيما أنا أَهُم على التوقيع قفز فى ذهني خربشة عقلي الذى لا يهدأ وقلت : ما معنى أن اكون غنياً وأمتلك كل هذا الوجود ولا يوجد أحد أمامى يمتلك شيئا؟! .. ما قيمة الغنى وما معنى أن أكون عظيما فى الإطلاق ولا يوجد أحد ينافسني فى العظمة أو ينال منها كيف أحس بماهية الغنى والعظمة دون وجود صفة مغايرة تؤكد حضورها ؟!.. ما معنى ان أحظى على أى صفة وحالة كاملة مكتملة فى إنعدام من ينافسني عليها لأثبت أحقيتي بها ,فأنا كيان وحيد متفرد بلا شريك ؟!! .. سأكون مالكاً بلا معنى وعظيماً بلا دلالة , هذا شبيه عندما خُلق آدم متفرداً على الأرض لوحده فلن يتبادر إلى ذهنه أى مفهوم أو إحساس بالملكية أو الغنى أو العظمة .
ملكيتي للوجود كإله لن يجعلنى تحت الحاجة أيضاً فأنا كامل لا أنتظر إمتلاك شئ وإلا أُصيب كمالي بالخلل فأنا أستطيع أن ألغى هذا الوجود فهكذا جاء فى مواصفات عقد الألوهية ولأسأل ذاتى ما معنى أن أخلق شئ وأنا فى غير حاجة له وما معنى ان انفرد بالمُلك والمِلكية والغِنى فى عدم وجود ملوك ومَالكين وأغنياء مثلى لكى أدرك وأعنى وأحس بأننى مالك وغنى من وجودهم الخالى من الغنى والملكية والعظمة .. ما معنى صفة وحالة بدون أن يكون نقيضها موجودا ً .؟!
الغنى بلا حدود الذي لا ينتظر الزيادة أو النقصان أى لا أنتظر حالة أخرى من الغنى ولكن ما معنى أن أكون غير مُنتظر لمرحلة أخرى من الغنى فهذا يعنى السكون ولا يعطى معنى للغنى فتُنزع الحركة من الحياة .. لن نحس بالغنى أو الملكية إلا بوجود الضد المتمثل فى الفقر وعدم الإمتلاك .. لن ندرك الملكية والغنى إلا فى حركة متصاعدة له ليتكون إحساسنا من خلال رغباتنا بأن نزداد ثراء للإنتقال لوضعية أعلى أو نجاهد حتى لا ننزل لمرتبة أدنى وهذا ما يعطى معنى وقيمة للحياة لكن أن أظل على حالة واحدة كاملة منفرداً متفرداً ممتلئا ًبها فلن يكون للحياة أى معنى أو قيمة .!
أريد اعيش الحياة مناضلاً متصارعاً أحس بقيمة الشئ من حركتي ونضالي .. من نجاحي وفشلي .. لا أريد أن أكون إلها فإنسانيتى جميلة من هذا الصراع فأنا أستمتع بالحياة فى ديناميكيتها و صراع الألم والحاجة .

المشهد الثامن : أريد أعيش اللذة والألم معاً .
ألوهيتي لا تشعر بالألم ولا اللذة ف options الإله أنه لا يقع تحت تأثير حالة شعورية , فحسب مصوغات فكرة الألوهية فأنا خارج نطاق أى إحساس باللذة والألم فأي إحساس سينال من ألوهيتي ويدفعني نحو البشرية .. ولكن كيف أعيش الوجود بلا لون ولا طعم ولا إحساس .. كيف أعيش حياة بلا حركة تنعدم فيها المشاعر والرغبات والأمنيات .
تذكرت حياتي كإنسان لأجد أني أعيش الحياة فى صراع بين اللذة والألم ساعياً نحو تحقيق اللذة والحاجة والسلام مجاهداً لتجنب دوائر الألم لتتحقق الحياة من هكذا صراع بين ضدين لا ينفصما فى وحدة جدلية .. فمُخطئ من يتصور بأن الحياة يمكن أن تكون لذة فقط بلا ألم أو ألم بلا لذة أو حياة بلا لذة وألم فهذا هو الهراء بعينه كوضعية الجنه والجحيم فى الميثولوجيات الدينية فنحن ببساطة لن نعرف قيمة الإحساس باللذة بدون أن نذوق الألم فلن يورد علينا إدراك ماهية اللذة دون أن يكون الألم حاضرا فالألم هو الذى يُعَرِف اللذة ويَجعل لها وعي .
متعة الحياة عندما نقترب من اللذة بعد ألم فيكون للطعام معنى بعد جوع وللماء قيمة بعد ظمأ وللراحة لذة بعد شقاء , فمن رحم الألم تأتى اللذة ومن قلب اللذة يُخلق الألم وما حياتنا إلا ممارسة لهذه الجدلية فلو تمتعنا باللذة فقط فسنبحث بحثا دؤوباً عن الألم ليجعل للذة قيمة ومعنى .. من الصعوبة بمكان أن أطيق هكذا حياة بلا إحساس .. لا أريد أن أكون إلهاً فإنسانيتي رائعة تحس وتسعد وتألم .

المشهد التاسع : لا أريد أن أكون مُتحيزاً .
يَروي الملاك فنتوش أن الإله القديم كان مُتحيزاً داعماً لشعب وعرق عن آخر , متحيزاً للمؤمنين ضد الكفار , متحيزاً للأخيار ضد الأشرار رغم أنه قلما ما كان يحقق إنحيازه , فإنحيازه بلا جدوي فى الغالب , لتطالبني كراسة المواصفات بأن أكون مًتحيزا لأري أن هذا لا يليق بآلهة , فالإله النزيه الحكيم العادل لا يجب أن ينحاز لأحد فهذا إنتقاص من قيمته وألوهيته كما يعني أنه خاضع للعواطف والإنفعالات وهذا ما تتنزه عنه الألوهية , فالقاضي على الأرض لا يكون منفعلاً متحيزاً ضد أحد ولا يحمل مشاعر وضغينة لأحد فما بالك بإله .. لن أكون مُتحيزاً أبدأ .

المشهد التاسع : لا أريد أن أكون سادياً .
سكرتيري الملاك فنتوش همس في أذني قائلا : نحن نشوى بشر الآن فى الفرن الإلهي بالجحيم فهل تريد المشاهدة ؟ من باب الفضول إستجبت لعرضه لنتوجه إلى شرفة مطلة علي الجحيم لأري بشر يتألم ويصرخ من الألم والعذاب ليشير الملاك لزبانية جهنم بزيادة الحطب والنيران حتي تحترق جلودهم مجدداً لأسأله ما جُرم هولاء البشر ؟ ومن أمر بهذا ؟ ليقول أنهم أخطأوا وإنصرفوا عن العبادة والصلاة والصوم لك ليرتكبوا المعاصي , والآمر بهذا هو الإله القديم الذي سبقك .. أشتطت غيظاً وأسفاً وألما من هذا المشهد وطالبت بإيقاف هذه المجزرة والمهزلة لحين البت فى هذه القضية

المشهد العاشر : لا أحب ولا أكره ولن أكون إله محبة .
يهمس الملاك فنتوش فى أذني بأن فصيل من المؤمنين بي على الأرض يصفونني بالله محبة فما رأيك ؟ أقول : بالرغم أن صفة الله محبة جميلة أفضل كثيرا من رب الجنود ورب الإنتقام ورب الحرب والرب الضار , فأنا لأجد حالة الحب فى داخلي فهو إنفعال ومشاعر إنسانية لا تليق بالآلهة , فالإله لا يحب ولا يكره حتي لا يقع تحت تأثير ومؤثرات الأحداث والإنفعالات فهذا لا يليق , كما تعني أن صفة المحبة صفة مُستحدثة بينما صفاتي مطلقة فكيف تكون موجودة فى داخلي قبل الوجود! , أما من يصرحون بأنهم يحبون الله فهم فى وهم كبير فكيف تتولد المشاعر بين طبيعيتين مختلفين بلا تواصل .. كيف يحبونني وهم لا يعرفون طبيعتي وماهيتي وكينونتي وبلا تواصل بيني وبينهم..إنهم فى وهم كبير ويجب توعيتهم فالإله لا يحب ولا يكره بالرغم أن صفة المحبة جميلة.

المشهد الحادي عشر : اريد أن أكون متفاعلاً .
أن أكون إلهاً فهذا يعنى ألا أتفاعل مع أى حدث ومشهد فى الحياة فلا أبدى غضباً أو ضيقاً أو حباً أوشوقاً فلن تكون لى أي مشاعر حسب ما ورد فى كراسة المواصفات فهذا ينتقص من ألوهيتي ويجعلني تحت الحاجة فلا أتأثر بالفعل لأمارس دور رد الفعل بالرغم أن الآلهة فى الميثولوجيات الدينية كانت تغضب وتثور وتنتقم وترضى وتستمتع برائحة القرابين المشوية وتمارس رد الفعل , فياله من حظ بائس أن يُنتزع حقي في أن أتفاعل مع الحدث لأصير كتلة باردة صماء لا يعتريها الإحساس .!
أرفض أن ينتزع حقى فى الإحساس بمعنى وجمال الحياة و تفاعلى معها .. فى أن أحب .. أثور .. أغضب .. أحنو ..أفرح .. أحزن .. أأمل .. أقلق .... أريد أحس بدفء المشاعر وسخونتها تسرى فى أوصالي .. أريد أن أستمتع بالجمال والفن وألعن القبح ..أريد أن أعزف الموسيقى وأرسم لوحاتي وأستمتع بها ولكن الآلهة حسب كراسة الشروط لا تستمتع بالموسيقى والفن فإستمتاعها يعنى إنبهارها وبشريتها .. فبؤس وبِئس هكذا حال ..لا أريد أن اكون إلهاً لا يعنى ولا يتفاعل .. أريد أن أعيش كإنسان فذاك أفضل جدا .

المشهد الثاني عشر : متعة الحياة فى الدهشة وأنا أفتقد الدهشة بألوهيتي .
تعودت فى حياتي على الأرض أن أندهش لأستمتع بتلك اللحظة , فمتعة الحياة هى أن نتحلى بالدهشة والسؤال .. أن تتولد الإثارة من الغموض الذى يحيط بنا .. أن نتلمس ونتوسم مشهد جديد بالحياة يجعل لها معنى , فالدهشة تعني شئ جديد غريب ومكتشف .. الدهشة تعني تفاعلي مع الحياة لأتوقف أمام لحظات جديدة غير مألوفة تحمل التعجب والحيوية والتدفق .. فعندما لا تعترينا الدهشة فنحن بالفعل نعيش أجواء الرتابة القاتلة.. فى حياتي الجديدة كإله وجدت أني أفتقد الإحساس بالدهشة والإكتشاف فكل الأمور فى المعرفة والرصد والحسبان والرتابة لأفتقد حيوية الحياة وتدفقها والتعاطي مع غرابتها التي كانت تشكل متعة خاصة .. لا أريد أن أكون إله لا يندهش .. أريد أن أكون إنسان يندهش ويتعجب ملئ بالحيوية .

المشهد الثالث عشر : أريد أن أحلم .. فلو بطلت أحلم سأموت .
أجمل مافى الأنسان أنه يحلم وأثمن شئ فى الوجود أن نمتلك الحلم , فلا يوجد معنى للحياة بدون حلم ...الحلم هو الحياة .. والحياة هى الصراع من أجل الحلم ..الحلم هو الطموح والأمل فى الحياة وللحياة , فعندما نتوقف عن الحِلم فإعلم جيدا أننا توقفنا عن الحياة وعلينا أن نجهز أكفاننا .
تداعبنا دائماً الأحلام منذ طفولتنا المبكرة وحتى شيخوختنا وكلما حققنا حلم إنطلقت أحلام جديدة متجددة تقفز أمامنا تجعل لحياتنا كل المعنى , وتتدرج أحلامنا من أحلام قد يراها البعض هامشية وبسيطة إلى أحلام تعانق السماء ... الحِلم هو التفاؤل والأمل فى الحياة بعيون جميلة ... الحلم هو الذى يعبر بنا قسوة الحياة وصرامة الوجود المادى ...الحلم هو ألواننا الجميلة التى نرسمها لغد جميل .
نحن نمارس ونعيش الحياة من أجل الحِلم فهو إثبات وجودنا وأننا قادرين على الفعل ولسنا كائنات بيولوجية مهمشة .. متعة الحياة أننا نتأرجح بين تحقيق وإنكسار وصعود وتوالد الأحلام .
ولكن حسب كراسة المواصفات فإن الإله لا يحلم ويأتى تفسير هذا البند مرفقاً فى العقد بأن الإله لا يحلم ليس لكونه لا ينام بل لأن كل الأشياء متحققة ومعنى أن يحلم أنه يأمل ويتمنى ويناضل من أجل تحقيق الحلم وهذا غير وارد فكل الأشياء متحققة .. الإله ليس لديه طموح ما ويفتقد تماما لمعنى الأمل والشغف .. الإله لا يبنى أحلام فلا يحس بمتعة تحقيقها ولا تتكسر أحلامه فيشعر بالأسف .
وضعية الإله هذه ستجعلني أفقد الحلم بل ستجعلني قاسياً أنزع الحلم من عقول البشر فى الجنه والجحيم التى أعددتها لهم فبكمال المتعة والعذاب وبحكم صيرورتها اللانهائية فى العالم الأخروي فلا أمل فى متعة إضافية أو مغايرة للمُنعمين ولا أمل للمُعذبين فى أن يُفك أسرهم أو تخفف وطأة عذابهم ليعيشوا كماكينات منزوعة الإحساس تمارس المتعة والعذاب .!!
عذراً أنا لا أطيق أن أعيش حياة إله بدون حلم ...ولا أطيق الجنة المزعومة فهي الموت بعينه فأفضل أن أعيش فى عالمي الترابي بحلم صغير يكبر وينمو وينكسر ويتجدد عن حياة إلهية منزوعة الحلم .

المشهد الرابع عشر : إشكاليات الإله .
يشير الملاك فنتوش سكرتيري الخاص إلى بعض الإشكاليات التي يرددها الملحدون واللادينيون عن صفات و options الألوهية فأطلب منه طرح بعضها ليقول هم يرون تناقض بين صفة العدل المطلق والرحمة والمغفرة المطلقة , فالعدل المطلق لن يمرر أى هفوة بدون عقاب , والرحمة والمغفرة المطلقة ستبدد أى عدل وعقاب مهما كان كبيراً ,فصفة المطلق فى كلتاهما لا تحقق وجود الصفة الأخري , كذا يرون أن هناك إشكالية بين القدرة المطلقة والعلم والمعرفة المطلقة , فالقدرة المطلقة ستحقق قدرة الإله عن فعل أى شئ دون أن يحوله شي , بينما المعرفة المطلقة ستبدد القدرة الإلهية المطلقة فالإله مُجبر على تحقيق معرفته المسبقة لتحوله عن أي قدرة مغايرة مخالفة لعلمه .. فماذا أنت فاعل أيها الإله ؟! أحسست بحرج الإشكاليات وما تستدعية من تناقضات لأعلن أن الحل لديّ فى المشهد الخامس عشر .

المشهد الخامس عشر : ثورة إلهية للتصحيح .
أصابني الضجر الشديد من كوني إله وأحسست بضيق شديد فأنا لا أصنع شيئا منذ بداية الخلق سوي التلصص على البشر وفرض إرادتي عليهم لينفذوا سلوك يتفق مع علمي وإرادتي المطلقة علاوة على كوني وحيدا صامتا بلا حبيبة ولا صديق ولا زميل .. فما هذا أتكون حياتى كإنسان أفضل من أعيش حياة كإله .. تكون الحياة بألمها ولذتها .. بنجاحها وسقوطها .. بأحلامها وإخفاقها .. بتوترها وهدوءها .. بصعودها وهبوطها .. بنضالها وإنكسارها .. بمعرفتها وجهلها أفضل من حالة الجمود والرتابة فهذا هو الموت الحقيقى .
لا معنى للحياة بمفردة واحدة وقطب واحد حتى ولو كان عظيماً .. لا قيمة لوجود بدون صراع يمنح الألوان والثراء .. صراع يعطى المعنى والقيمة للأشياء .. لا توجد هناك حياة بلون واحد لا تهب التنوع فهنا لن تكون باهتة بل مميتة .. هكذا كانت رؤيتى الفنتازية المعايشة لفكرة الله وفى داخل كل واحد منكم سيكون هناك رفض لأن تكون إلهاً فمن سيرى انه لا يريد أن يكون عنصريا منحازا نابذا لجنس ما أو جماعة ما أو نوع ما .. سنرفض هذا لأننا تجاوزنا الآلهة وسنأمل أن نعيش كبشر فذاك أفضل جدا .
وجدت نفسى أمزق العقد وأصرخ " لا أريد أن أكون إلها " لبنتابني إحساس براحة وسعادة غامرة تسرى فى أوصالي , فأنا مازلت إنسان فبؤس حياة الآلهة , ولكني قررت أن أعلن ثورة إلهية قبل الرحيل والرجوع لإنسانيتي :
- قررت أن تكون مفردة الإله بمعنى الكلمة , فالإله غني وكامل لا يخضع للحاجة والإحتياج لألغي فكرة طلب العبادة والتسبيح لذاتي .
- بحكم أني مدير لهذا الكون الهائل الذي يحتوي على 200 مليار مجرة وكل مجرة تحتوي على 250 مليار نجم ومثلهم من أجرام وكواكب , فمن هنا فأنا لست تافها لأترك إدراة هذا الكون الهائل الرائع لأعتني برصد إنسان بائس يعيش علي حبة رمل في تلك الصحراء الكونية الشاسعة .. لن أطلب منه العبادة والصلاة فأنا من العظمة والكمال والغني أن لا أتدني لهذا المستوي من التفاهة , فليعيش حياته بعيدا عن مراقبتي ورصدي , بعيدا عن عدلي ورحمتي ,بعيدا عن قدرتي ومعرفني المطلقة , علاوة أن الأمور تسير رغم أنف الإنسان فبئس فكرة أنني حددت مصيره قبل خلق الكون , لذا قصة المعرفة المطلقة والترتيب الإلهي بائسة وهزلية فلن أسمح بأضحوكة الثواب والعقاب والجنه والجحيم , فلأعتني أنا بإدارة الكون والمهام الجسيمة من تصادم مجرات وإنفجار نجوم , وعليه سألغي فكرة الجنه والنار والخلود ولنري ماذا يفعل المؤمنين بي هل سيستمرون في عبادتي التي أنا فى غير حاجة إليها أم سينصرفون عني فلن يضيعوا دقيقة من وقتهم فى العبادة طالما إنتفي الخلود والجنه والنار أى العصا والجزرة .. عالعموم لا يهم إذا كانوا سيعبدونني أم لا فأنا غني وكامل غير محتاج وقد تخلصت من نرجسيتي وغطرستي وتكبري .

المشهد الأخير :من وراء فكرة الله والعبادة والجنه والجحيم .
إتصلت بزوجتى لأطمئن على حالها وحال أولادي لتنبئني بخبر تراه سيئاً لأسارع بالسؤال عن ماذا حل بهم لتقول : إحنا كويسين ولكن رجال وعلماء الدين والشيوخ والكهنه علاوة على السياسيين قرروا نزع الألوهية منك وعودنك للأرض بعد أن وصل لعلمهم ما تعتزم أن تفعله فى إلغاء العبادة والخلود والجنه والجحيم .
سارعت بقولي : أنا فهمت الآن لماذا رجال الدين والسياسة قرروا عزلي ومن إخترع قصة العبادة والخضوع والجنه والجحبم والخلود بل من إخترع قصة الإله .. عالعموم عزلي هذا هو أفضل خبر سمعته منذ أن توليت هذا المنصب الإلهي القمئ الذي مسخ إنسانيتي , فأنا لا أريد أن أكون إلها بل أكون إنساناً فهذا أفضل جدا .. أنا عائد مع اقرب مركبة فضائية فقد كانت تجربة مريرة ,

دمتم بخير .
"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " شعار ماركسي رائع لإنسانية قادمة فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع بينما الإله لم يقل ذلك .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات وتفنيد وخربشة عقل على جدران الخرافة والوهم
- الحالة الإيمانية تُخرب وتُدمرعقولنا وإنسانيتنا
- الرأسمالية تُخرب وتنتهك إنسانيتنا .
- تكوين الإسلام - إقتباسات القرآن من الشعر الجاهلي
- تهافت التهافت-خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم
- إما تؤمنون بالقرآن والكتاب المقدس أو تكفرون بهما
- ثقافة قميئة تجلب القرف والإنحطاط
- الثقافة البغبغائية - لماذا نحن متخلفون
- تكوين الإسلام-إقتباسات محمد من الصابئية والمندائية
- فوقوا بقي من هذه الغيبوبة والغفلة
- تكوين الإسلام - إقتباس الإسلام من التلمود
- تكوين الإسلام - إقتباسات إسلامية من الزرادشتية
- تأملات فى الإنسان والحياة بدون زيف أو تحايل .
- ثقافة التلصص ودس الأنوف والقهر-لماذا نحن متخلفون
- خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم .
- الإيمان بالغيبيات والخرافة جذر التخلف الرئيسى
- تأملات فى فكرة الإله والأديان والإنسان
- دهاليز الجنس .
- بماذا تُفسر ؟
- البحث فى جذور التخلف - لماذا نحن متخلفون


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سامى لبيب - لا أريد أن اكون إلهاً..أريد أن أعيش كإنسان فذاك أفضل جدا .