|
كينونة الحجر
سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي
(Saoud Salem)
الحوار المتمدن-العدد: 6892 - 2021 / 5 / 8 - 23:18
المحور:
الادب والفن
مثل حجر ضائع يسقط في الفراغ اللانهائي، يظل يعوم بلا هدف في الفضاء الكوني، تفصلنه عن العالم مسافات خرافية. ويتيه في الطريق ثم يسقط كنيزك في بقعة ما على سطح البسيطة، ويجد نفسه وسط أكوام وجبال من الأشياء. أشياء من كل نوع ومن كل مادة ومن كل حجم ووزن ولون، أشياء تمتص وجوده، وتتركه في النهاية مجرد مخلوق رمادي اللون يمارس حرية التحرك في زنزانته ويدور حول نفسه ليل نهار دون أن يتوقف. وهمية تلك المسافات الأسطورية الفاصلة بيننا وبين الأشياء. وهمية تلك الأزمنة الفاصلة بين الموت والحياة. ولكن للإنسان قدرة غريبة على إحتضان الوهم وعشقه، وتقديم حياته قربانا له. يغرق في الأشياء، يتيه فيها ويغيب، حتى لا يعود يراها، وتختفي من تحت بصره تضيع، وتتبخر. فالأشياء تزاحمنا، وتصطدم بنا ولا تترك فراغا بيننا وبينها، تشوش علينا وجودنا وتلتصق بجلودنا. بعض الأشياء تختفي لحظات الصفاء وراء أشياء أخرى، آلاف المسطحات من الحديد والخشب والاسمنت والفولاذ والنحاس والصخب. لماذا هذا الكم الهائل من الأشياء التي تسرق حياتنا، تمتص رحيقها من عظامنا. لماذا تسرق حياتنا، تحرقها، وتحيلها عرقا كريها يبلل ملابسنا منذ شروق الشمس حتى مغيبها. والفعل كف أن يكون جوهر الإنسان ومنبع الارتواء، أصبح يفوح برائحة النتانة، رائحة البقايا، رائحة القسوة في أعماقنا، رائحة الرواسب الإنسانية، رائحة الأوراق المالية. وتصيرالأشياء وهما، نعبده، نحرق له البخور ونعيش من أجله، ونفتت حياتنا إلى ذرات صغيرة نذبحها كل يوم عندما يرن جرس المنبه قربانا له، نصدقه، نحبه، نموت من اجله، والوهم يكبر كما كل الأشياء، وحين تصير الأشياء وهما، تتبخر وتتلاشى من تحت بصرنا. ونفقد القدرة على تخيل الأشياء في ذاتها، فتزداد المسافة كبرا، تتمدد وتصير صحارى ثلجية قاحلة، ومغاور مليئة بالشوك والعطش وصرخات الغيلان الجائعة، يصير الواقع حلما وسرابا، وتصبح الأشياء في ذاتها وهما مستحيل التحقق
#سعود_سالم (هاشتاغ)
Saoud_Salem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سفينة السيد نوح
-
الدين داء أم دواء ؟
-
الثورة .. هي الحل
-
الله والفيلسوف
-
القاتل والمقتول
-
عشتار وموت الله
-
الإسلام والإغتيال السياسي
-
التضحية بتموز
-
عشتار تحت الأرض
-
عن البداوة والحضارة
-
القديسة العاهرة
-
المهرج والساعة
-
رأس فارغة للبيع
-
عشتار
-
فرانكنشتاين
-
لولبية العبث
-
صخرة سيزيف
-
الشيوعية الأناركية
-
لماذا خلق الله آدم يوم الجمعة ؟
-
الله والفرن
المزيد.....
-
العراق ينعى المخرج محمـد شكــري جميــل
-
لماذا قد يتطلب فيلم السيرة الذاتية لمايكل جاكسون إعادة التصو
...
-
مهرجان -سورفا- في بلغاريا: احتفالات تقليدية تجمع بين الثقافة
...
-
الأردن.. عرض فيلم -ضخم- عن الجزائر أثار ضجة كبيرة ومنعت السل
...
-
محمد شكري جميل.. أيقونة السينما العراقية يرحل تاركا إرثا خال
...
-
إخلاء سبيل المخرج المصري عمر زهران في قضية خيانة
-
صيحات استهجان ضد وزيرة الثقافة في مهرجان يوتيبوري السينمائي
...
-
جائزة الكتاب العربي تحكّم الأعمال المشاركة بدورتها الثانية
-
للكلاب فقط.. عرض سينمائي يستضيف عشرات الحيوانات على مقاعد حم
...
-
أغنية روسية تدفع البرلمان الأوروبي للتحرك!
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|